قال د. حسام عقل -رئيس المكتب السياسي لحزب البديل الحضاري-: لا شك أن صدور مثل هذا الميثاق هو دليل على ما وصلت إليه القوى الثورية من النضج من ناحية، ومن استشعار الخطر الحقيقي من ناحية أخرى، وفي تقديري أن صدوره في هذا التوقيت الذي تعاني فيه الموجة الثورية الثالثة انكسارات من شأنه أن يعطيها قوة دفع، وأن يصل بفرقاء المسار الثوري إلى مساحة توافق وطني؛ أظن أنها مناسبة وكافية في الوضع الحالي، للوصول إلى مرحلة الاصطفاف، ولعل من أهم ما تضمنه بنود هذا الميثاق من وجهة نظري؛ هي الدعوة إلى الكف عن المنابزات والحملات الإعلامية المتبادلة بين القوى، وخصوصا بين التيار الإسلامي وحركة السادس من إبريل. يضيف -في تصريحات ل"الحرية والعدالة"-: وبقراءة أدبيات هذا الميثاق يتضح تماما أنها تجاوزت تماما معظم أخطاء المرحلة الماضية واستوعبت الدرس بوضوح، وفهمت أن الدولة العميقة لم تُحقق هذه المكتسبات التآمرية على الأرض نتيجة لفرط قوتها أو اشتمالها على السند الشعبي؛ وإنما لنجاحها في شق الصف وتعميق الفجوة بين التيارين الكبيرين في المسار الثوري؛ الإسلامي والليبرالي، وفي تقديري فهذا الميثاق ومن قبله بيان القاهرة ووثيقة بروكسل إنما يمهدون الطريق لأن يكون للموجة الثورية الثالثة عقل مفكر؛ يرسم لها المسار ويحدد لها بالخيال السياسي الناضج ملامح المرحلة القادمة ما بعد سقوط الانقلاب. وردا حول ما إذا كان المجتمع ما زال في طور يسمح له بقبول ميثاق أخلاق، أم أنه تعدي ذلك من فرط تشرذمه وتوزعه يقول "عقل": أظن أنه أمر مهم؛ يكفل في تقديري سقفا أدبيا معنويا لحركة فرقاء الثورة؛ وهذا السقف سيكون شديد النفع؛ لقدرته على الحد من الخلافات وتوحيد المسار والأهداف، والوصول إلى مربع الخيار الديمقراطي بكلفة أقل. ولكن ألم يكن إغفال الوثيقة لبنود تتحدث عن القصاص والتطهير والذي ينادي بها ثوار يشاركون في مسيرات وتظاهرات يومية منذ عام تقريبا، أليس هذا الإغفال يعبر عن خطاب ضعف أو به شيء من مدخل تقليل شأن الذات الثورية المتحركة بالفعل؛ يجيب "عقل" مشيرا إلى أن: مثل تلك البيانات من المؤكد أنه سبقتها العديد من المشاورات بين القوى، وأتصور باطلاعي على المشهد السياسي، أن فكرة القصاص أو العدالة الانتقالية محل انعقاد إجماع بين كل القوى الثورية، ولا توجد قوى أو فصيل ثوري ينادي أبدا بالتفريط في دماء المتظاهرين أو العدول عن فكرة القصاص، بل العكس هو الصحيح، فمن شدة الاتفاق حولها يعد إدراجها في المواثيق نوع من العبث؛ لأنه مما عُلم من المسار الثوري بالضرورة. وكيف نحقق للقواعد التي ترفض الانقلاب وتضحي من أجل إسقاطه منذ عام تقريبا؛ كيف نضمن أن نحقق لها قدرا من التسامح مع القوى العلمانية والليبرالية التي ساندت الانقلاب وأيدته في البداية. يجيب "عقل": لا بد هنا من تأكيد أن من يأتي متأخرا خير من ألا يأتي، ومن يدشن هنا لمسار سياسي جديد يراهن على صحوة ضمير حقيقية من قبل القوى الليبرالية واليسارية أو على الأقل شريحة كبيرة منهما، وأري أن هذا ليس رهانا فاشلا؛ لأن مرور الوقت كان في مصلحة انفضاض التحالف من خضم الانقلاب العسكري، بل وبدت إشارات ندم واعتراف وشبه اعتذار من قبل حركة السادس من إبريل وغيرها من الحركات، وكلام "أحمد ماهر" -القيادي في حركة 6 إبريل- في هذا شديد الوضوح، وبالتالي لسنا في مجال جلد الذات أو في عقد محاكمات بينية، نحن نريد أن ننصب محاكمة واحدة لقادة الانقلاب، ومن جانبي أتصور أن من شارك في 30 يونيو ثم تبين خطأه بعد شهر أو عدة أشهر وعاد إلى الصف الثوري، فإن تحويله إلى كائن منبوذ ليس عملا ثوريا، ولا يدعم صورة المستقبل، وهنا يجب التفرقة بين صنفين، فالنفي والاستبعاد يكون لمن باشر جريمة أو ساعد عليها بالتحريض مثلا، وفيما عدا تلك المساحة الجنائية فكل من أخطأ في الاجتهاد السياسي فباب الأوبة مفتوح له على مصراعيه.