لا تدهش ، فقد تساءلت بينى وبين نفسى إن كان حمدين صباحى يستطيع أن يحقق لنفسه الفوز على منافسه الوحيد عبد الفتاح السيسي فى انتخابات رئاسة الجمهورية – مهما كان للبعض عليها من تحفظات .. ؟ وهذا التساؤل ليس من فراغ ، فأنا أعرف أن صباحى يملك الموهبة السياسية التى لا تقصر به عن مواصلة حملته ، فهو بخبرة السنين ومواقفه الكثيرة فى سلم المعارضة أصبح أكثر مرانا وتمرسا فى العمل الحزبي والسياسي .. ولا يعد ما أقوله تأييدا لصباحى ، .. ولا هو معارضة له .. كما أننى لست بذلك معارضا للسيسي .. ولا مؤيدا له .. بل ظنى .. وبعض الظن لا إثم فيه .. أنه قد لا يجلس على كرسى المزين الدوار .. لعلة من العلل .. وليس ذلك تمنيا .. فالمنى أن يجلس .. ونرى ماذا هو فاعل فيما حدث لمصر والمصريين من فوضى .. وإذهاق الأنفس البريئة .. وإراقة الدماء .. وهل هو بستطيع .. بل هل يملك الشجاعة بتقديم جميع المتورطين فى تلك الحجازر والاغتيالات إلى محاكمة عادلة .. لا يشارك فيها القضاء المسيس .. ؟!
هل يستطيع أن يتقدم هو بنفسه بشجاعة الجندي إلى محاسبة النفس .. ويتحمل مهما كانت النتائج المحاكمة.. السياسية .. ومواجهة الاتهامات الجنائية .. ؟ هل يستطيع أن يحاسب المتورطين من هنا وهاك أيا من كانوا .. محاسبة قانونية .. وأخذ القصاص العادل للقتلى والجرحى دون تمييز .. فالكل مصريون .. فالمصريون شعب واحد .. ونسيج واحد .. فأنا كما يقولون من حزب الكنبة الذين خبروا لعبة الانتخابات المصرية منذ كنت صبيا غرا قبل ثورة يوليو 1952م .. فالبلطجة كانت .. كما تمارس اليوم فى المدن والقرى والكفور .. إلا أن مصر لم تشهد فى أى عصر هذا الكم الهائل من جثث القتلى .. قتل على الهوية .. والحرقى .. وإلقاء فى المزابل .. وتمثيل بالجثث مما تأباه النفس السوية .. وقتلى لا تجد إلا ظهور عربات الكارو .. تلقى دون مراعاة حرمة .. ناهيك عن الجرحى آلافا مضاعفة ..
لقد بدأت فعليا اجراءت الانتخابات الرئاسة بالمخالفة لخارطة المستقبل التى أعلنت من قبل .. فقد تعجلوا أن يبدؤها أولا ..!
نعم .. قاطع الكثيرون .. وأحجموا عن المشاركة فى مارسون الترشح لرئاسة الجمهورية هذه المرة لأسباب .. بعضها ظاهر .. وأهمها كما يقولون .. شعبية المشير السيسي .. وبعضها بحجة رفع الشرعية عن حكومة الانقلاب .. إلا حمدين صباحى .. فقد قبلت أوراق ترشحة كما قبلت أوراق منافسه .. فهو المنافس الوحيد .. !
أما أنه يستطيع أن يهزم منافسه .. فلا يستطيع أحد أن يتكهن بذلك .. وبخاصة أن مؤسسات الدولة كلها تعمل لصالح السيسي .. أقولها دون مواربة .. فلم نر مرشحا يذهب الناس إليه .. ولا يذهب هو إليهم .. إلا محمد على .. والمشير السيسي .. فى حين صباحى يخطب فى الناس .. بذات الأسلوب المتكرر .. فلا جديد عنده .. فقط قراءة جديدة لفقرات من خطابات عبد الناصر بلغة صباحى .. فقد ظن أن عبارة: زيادة الإنتاج .. والعدالة فى التوزيع .. التى كان يرددها عبد الناصر فى معنى الاشتراكية والتى ضمنها ميثاقه الفاشل .. ظن صباحي أنها .. باسبور العبور .. فى الوقت الذى يعمل خصمة على كسب ود .. صنيعة مبارك .. من الحزب الوطني .. ورجال الأعمال .. !
هل غفل صباحى أن هذا لا يتحقق أبدا فى ظل احتكارات.. رجال الأعمال .. والاقتصاد المصري المتهالك .. ناهيك عن سياسة الحكومة المؤقتة .. التى تتلمس دوما خطى الحزب الوطني المنحل .. والعقلية التنظيرية المتهافتة لنظام عبد الناصر الكارثي ..وأسلوب منافسه ..الذى يغازل النساء ويسترضيهم .. ويخطب ود رجال الأعمال .. ناهيم عن رجال مبارك والحزب الوطني المنحل .. !
ويبدو أنه قد وضعت فى جيبه مختارة .. جماعة الفن .. وعصابة المثقفين من اليساريين واللبراليين .. وكل لون من ألوانهم .. ( معدتش تفرق) .. فقد شابت رؤوسهم .. ولم يتغير عليهم شيئ .. المهم أن تضرب الديموقراطية فى مقتل ما دامت ضد مصالحهم .. تحت مزاعم أن المصريين ليسوا مستعدين ولا مؤلين لذلك .. نفس الإسطوانة المشروخة .. التى تعزفها قوى الحكم الدكتاتوري فى كل زمان ومكان .. دائما الشعب المصري .. متخلف عن شعوب الأرض .. ومطلوب منه أن ينظر إلى ما تحت قدمية .. ويشعر بالدنية أمام شعوب العالم المتقدم .. !
هذا .. ولو فرض أن هناك فرصة لفوزه .. فليعلم الجميع أن من أداروا الأزمة باقتدار .. لن يسمحوا بتكرار سيناريو مرسى .. فليس لصباحى ظهيرا .. فقد تفتت القوى الثورية الشبابية .. ولم يعد لها حضور فى المشهد العام .. فقد استطاعت الثورة المضادة .. بخطتها فى إزالة آثار ثورة يناير أن تقضى على التيار الإسلامي بالقتل والاعتقالات والتهم والمحاكمات الهزلية .. مع انها – ورغم نصر أكتوبر 1973م - لم تستطع حتى الآن القضاء على آثار هزيمة 5 يونيو 1967م .. واستطاعت أن تضرب حركة 6 إبريل وتعتقل وتسجن قيادتها الميدانية .. بل عملت فى ضرب شباب حركة تمرد صنيعتهم حتى انشقت .. والطريق سائر فى التخلص من صباحي وغيره ممن شاركوا فى ثورة يناير .. فإن كان ذلك توزيع أدوار .. فيكون هو كما قالوا يلعب دور الكومبارس فى مسرحية انتخابات الرئاسة .. وسواء كان فاعلا رئيسا او كومبارس .. فلا يظن أحد ان من يدير الأزمة يمكن أن يكرر ما سبق من أخطاء .. ناهيك أن الدولة العميقة مازالت تنفذ سياستها التى كانت سائدة من قبل .. فقد رأينا كيف ضرب حسنى مبارك من تجرأ وترشح ضده فى انتخابات 2005م .. فسجن الدكتور أيمن نور .. وحرق مبنى حزب الوفد فوق رأس الدكتور نعمان جمعة .. ! ( والله غالب على أمره ) عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.