«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ألغام المستقبل".. تقرير يوثق تدمير 73 مدرسة واستخدام 49 لأغراض عسكرية بسيناء

نشرت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان تقريرا بعنوان "ألغام المستقبل" يوثق جرائم حرب محتملة، تورطت فيها قوات أمن الانقلاب وتنظيم داعش خلال عقد من النزاع المسلح في شمال سيناء، تسببت في تقويض حق جيل كامل من الطلاب في التعليم.
ويقدم التقرير أدلة دامغة تثبت قيام سلطات الانقلاب بتدمير 73 مدرسة، واستخدام 49 مدرسة لأغراض عسكرية، من بينها 10 مدارس لا تزال تعمل كقواعد عسكرية للجيش.
ونشرت المؤسسة مع التقرير، خريطة تفاعلية تتضمن مواقع دقيقة ل 135 منشأة تعليمية منتهكة مدعمة بصور حصرية من الأرض، تمثل قاعدة بيانات مفتوحة المصدر للصحفيين والباحثين وصناع القرار.
وقال التقرير، "في نهاية عام 2013 احتدمت العمليات العسكرية بين القوات الحكومية المصرية، وخاصة الجيش، وبين عناصر مسلحة متطرفة أعلنت لاحقا – في 2014 – مُوالاتها لتنظيم "داعش" وتسمية نفسها باسم "ولاية سيناء". قدمت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان منذ نشأتها تقارير دامغة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وقواعد الحرب التي ارتكبت من طرفي المعركة. لكن أحد الأنماط الخطيرة للانتهاكات التي لم تنل الحظ الكافي من التغطية كانت الانتهاكات المتعلقة بالحق في التعليم. يسعى هذا التقرير إلى جبر ذلك النقص المعلوماتي خاصة وأنه يصدر في عام 2024 بعد أن تم القضاء بشكل كبير على تنظيم "ولاية سيناء" وبعد تصريحات متعددة لمسؤولين مصريين، على رأسهم عبد الفتاح السيسي، عن عودة الحياة إلى طبيعتها في شمال سيناء".

انتهاكات منهجية
ووثق التقرير أن النزاع المسلح على مدار عشر سنوات قد تسبب في تدهور كبير في حصول أطفال وطلاب شمال سيناء على حقهم في التعليم، وفي حفظ حقوق المعلمين والمعلمات والإداريين والإداريات. حيث قامت أطراف المعركة بالاعتداء المنهجي على المدارس والأبنية التعليمية بما يخالف الضمانات الواردة في القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والمواثيق والعهود الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، التي وقّعت وصدّقت عليها الدولة المصرية، والتي تحمي جميعها الأبنية التعليمية وعملية التعليم وأطرافها حتى في أوقات الطوارئ والنزاعات المسلحة.
وأوضحت الأدلة التي جمعتها المؤسسة أن تلك الانتهاكات مثلت منهجية ولم تكن مجرد حالات فردية. حيث ارتبكت عناصر "ولاية سيناء" والقوات الحكومية المصرية تلك الانتهاكات المنهجية للحق في التعليم بدرجات متفاوتة في خمسة مدن في شمال سيناء، تغطي مساحة جغرافية واسعة، هي رفح، والشيخ زويد، والعريش وبئر العبد والحسنة، وعلى فترات زمنية متصلة لعدة سنوات. تنشر المؤسسة خريطة تفاعلية تمثل قاعدة بيانات مكملة لهذا التقرير وتعرض مساحة أكبر من الأدلة على الانتهاكات، التي طالت 135 منشأة تعليمية. تتضمن الخريطة إحداثيات دقيقة للمدارس ومواد مصورة حصرية لعشرات المدارس في مدن محافظة شمال سيناء، كمصدر مفتوح، يعبر عن واقع حقيقي متاح للمسئولين الحكوميين، وكذلك للباحثين والصّحفيين.

انتهاكات خطيرة
وأضاف التقرير أن من بين تلك الانتهاكات المنهجية وأكثرها شيوعا التي يوثقها التقرير، تورط قوات "إنفاذ القانون" المصرية، المشتركة من الجيش والشرطة، وبخاصة الجيش، في تدمير عددٍ كبير من المدارس، دون توفير بديل حقيقي لتلاميذ تلك المدارس، كما تورطت قوات الجيش والشرطة، في استهداف بعض المدارس في عمليات القصف المدفعي والجوي. وقد وثقت المؤسسة تدمير 73 مدرسة في مدن شمال سيناء خلال الفترة التي يغطيها التقرير.
وفي بعض الأحيان حينما قامت قوات الجيش بتهجير الأهالي قسريا في بعض القرى لكن أبقت على المدارس فيها مغلقة دون هدمها، ولكن أيضا دون توفير بديل مناسب لطلاب تلك المدارس المغلقة. وقد وثقت المؤسسة إغلاق 7 مدارس في مدن شمال سيناء لمدد زمنية مختلفة خلال الفترة التي يغطيها التقرير.
وأوضح التقرير أن قوات الجيش والشرطة تورطت أيضا في استخدام المدارس لأغراض عسكرية؛ مثل التمركز فيها كَنِقاط تفتيش ومراقبة، وتحويلها إلى مخيمات ومعسكرات للإمداد والتموين، أو كمرْتكزات عسكرية في العمليات. في بعض الحالات تم إخلاء تلك المدارس من الطلاب وتوقفت فيها العملية التعليمية، لكن في أحيان أخرى كان الانتهاك أكثر خطورة حينما استخدمت قوات الجيش بعض المدارس برغم بقاء الطلاب والمعلمين فيها، مما عرضهم للخطر الجسيم. وقد وثقت المؤسسة استخدام 49مدرسة لأغراض عسكرية في مدن شمال سيناء لمدد زمنية طويلة مختلفة، خلال الفترة التي يغطيها التقرير، بعضها ما يزال مستخدما ك ثكنات عسكرية حتى وقت نشر التقرير.
وفي الإطار ذاته، تورط تنظيم "ولاية سيناء" أيضًا بشكل منهجي متكرر في استخدام بعض المدارس في أنشطة عسكرية، تبدأ من المراقبة حتى التفخيخ والتدمير. كما قاموا بالاعتداءات المختلفة على الطلاب والطالبات والمعلمات. كما تورطت عناصر التنظيم في سرقة ممتلكات المدارس من مبالغ نقدية وأجهزة كمبيوتر وغير ذلك من المقتنيات. حيث وثقت المؤسسة قيام التنظيم بتدمير 4 مدارس، إضافة إلى استخدام مدرستين لأغراض عسكرية، حيث احتلتها عناصر تنظيم داعش لفترات زمنية أكثر من دقائق أو ساعات قليلة، وذلك تحسبا لاستهدافهم الجوي بواسطة الجيش.
ويشرح هذا التقرير كل نوع من أنواع الانتهاكات تلك، ووصفها القانوني في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي (المنطبق في حالة الحرب)، ويورد لها الكثير من الأدلة ودراسات الحالة التي جمعها فريق المؤسسة البحثي.

انتهاكات غير مباشرة ومؤثرة
وأشار التقرير إلى أنه، بالإضافة للانتهاكات المباشرة للحق في التعليم، فإن ثمة انتهاكات حقوقية أخرى في شمال سيناء لم تستهدف العملية التعليمية وعناصرها من طلاب ومعلمين بشكل مباشر، لكنها أثرت في الحق في التعليم تأثيرا مشهودا وخطيرا. من أهم تلك الانتهاكات: القيود الشديدة والتعسفية على حرية حركة الأفراد والمركبات التي فرضتها القوات الحكومية المصرية طوال سنوات الحرب بشكل متزايد، وبخاصة منذ نهاية 2017 مع بدأ ما أطلقت عليها السلطات "العملية الشاملة".
وقد أثرت تلك القيود التعسفية، المصحوبة بحظر مسائي للتجوال امتد لسنوات، على قدرة الأهالي على إيصال أطفالهم للمدارس، وكذلك قدرة المعلمين والمعلمات على الحركة بأمان. كما اشتملت على قطع حركة النقل بين شمال سيناء وباقي المحافظات في بر مصر مما أدى لتخلف طلاب الجامعات المدرجين في صفوف الدراسة الجامعية خارج سيناء عن دراستهم لأشهر.
ولفت التقرير إلى أنه، مع بدء العملية العسكرية "سيناء 2018″، قررت وزارة التربية والتعليم تأجيل الدراسة في جميع مدارس شمال سيناء لأجل غير مسمى، وفقًا لمصادر صحفية محلية. على إثر هذه العملية، تم إلغاء الفصل الدراسي الثاني بالكامل لجميع مراحل النقل والشهادة الإعدادية في مدارس شمال سيناء، وقررت مديرية التربية والتعليم بالمحافظة إلغاء الامتحانات لتلك المراحل، على أن تحتسب درجات الفصل الدراسي الأول كدرجات اعتبارية للفصل الدراسي الثاني، بحسب بيان رسمي للمديرية في أبريل 2018.
وتابع التقرير:" انتهاك جسيم آخر أثر على الحق في التعليم، هو السماح لمجموعات القبائل المساندة للجيش بتجنيد الأطفال دون ال 18 عامًا في النزاع المسلح، سواءً في مهام قتالية أم لوجستية. تصاعدت تلك الظاهرة منذ عام 2020 وحتى عام 2023، وقد وثقت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان ذلك الانتهاك الخطير في تقرير مفصل نشر في أغسطس 2023. قامت الحكومة الأمريكية بتاريخ 15 سبتمبر 2023 بإدراج الحكومة المصرية لأول مرة في قائمة الحكومات التي تستخدم الجنود الأطفال في العمليات العسكرية في التقرير السنوي للاتجار بالبشر الصادر عن الحكومة الأمريكية، وهو ما يعد خطوة هامة نحو توثيق ومحاسبة الانتهاكات التي تقع في شمال سيناء منذ سنوات بلا رادع. وقالت الحكومة الأمريكية في الفصل الخاص بمصر في التقرير إنه "خلال الفترة التي يغطيها التقرير، أصدرت منظمة غير حكومية تقريرا إن الحكومة (المصرية) نسقت وقامت بعمليات مشتركة مع مليشيا في شبه جزيرة سيناء والتي قامت – زعما – بتجنيد واستخدام الأطفال، بما يشمل انخراط بعضهم في شن الهجمات مباشرة".

تدهور أحوال التعليم
ونوه التقرير بأن مشكلة التعليم في شمال سيناء، رغم خصوصية وفداحة الانتهاكات والهجمات ضد الحق في التعليم، لا يمكن أن ينظر إليها في معزل عن تدهور أحوال التعليم في مصر عمومًا. فعلى مستوى الإنفاق على التعليم، استمرت حكومة السيسي في تجاهل النص الدستوري الملزم بتخصيص 6% من إجمالي الناتج القومي للإنفاق على التعليم (4% للتعليم ما قبل الجامعي، و2% للتعليم الجامعي)، على أن تتصاعد هذه النسبة تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، مع بداية العام المالي 2016-2017، بحسب النص الدستوري.
وتبلغ مخصصات قطاع التعليم نحو 230 مليار جنيه فقط، تمثل نحو 2% فقط من الناتج المحلي المتوقع للعام المالي 2023/ 2024 (11.8 تريليون جنيه)، بما يعني أن مخصصات التعليم تمثل فقط ثلث النسبة المنصوص عليها في الدستور. وكان عبد الفتاح السيسي قد صرّح بوضوحٍ غير مسبوق يوم الأربعاء 14 يونيو 2023 بخصوص ميزانية التعليم والصحة، بأن الميزانيات المطلوبة للإنفاق على الصحة والتعليم وفق الاستحقاق الدستوري غير متاحة "الأرقام المطلوبة مش موجودة يا جماعة، ولازم كلنا نبقى موجودين على أرض الواقع". وهو ما دعا المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى المطالبة في تعليقها على هذا التصريح بتحويل اعتراف السيسي إلى بداية للحل ومحاسبة من تجاهل المواجهة، والتعهد بالالتزام التدريجي بالنسب الدستورية.
وأردف التقرير:" جاءت تصريحات السيسي المؤكدة على أن الحكومة لا تلتزم بالحد الأدنى الدستوري للإنفاق العام على التعليم والصحة، بعد يومين فقط من تأكيد وزير المالية عكس ذلك أمام مجلس النواب. حيث وقف وزير المالية محمد معيط في المجلس يوم الإثنين 12 أبريل 2023 ليؤكد كعادته السنوية أن الحكومة ملتزمة بالنسب الدستورية الدنيا للتعليم والصحة: "نحن ملتزمون بنسب الاستحقاقات الدستورية، وتم مراعاة عدم الازدواج في حساب النفقات. الموازنة العامة للدولة لا تستوفي فقط المعايير المحلية، وإنما المعايير الدولية في إعداد الموازنات". وفي اليوم اللاحق لخطاب الوزير تحت القبة، صوّت البرلمان بالموافقة على الموازنة العامة المقدمة إليه، رغم مخالفتها للدستور المعمول به الصادر عام 2014. وبعد أعوام طوال من التفاف الحكومة حول مسؤوليتها الدستورية تجاه قطاع التعليم، من الضروري إعادة النظر في السياسات المالية الحكومية وأولويات الإنفاق وخصوصية الأقاليم التي تعرضت للتهميش التاريخي مثل شمال سيناء".

معالجة شكلية وقاصرة
وأضاف التقرير أنه رغم التهميش التاريخي الذي تعرضت له شمال سيناء حكوميا، فإن الحكومة لم تقدم برامج وخطط واضحة فيما يتعلق بتوفير الخدمات التعليمية، خاصة في سنوات ما بعد الحرب. بل على العكس، عكست التصريحات الحكومية في إجمالها خططا قاصرة، ومحاولات حثيثة لإخفاء الواقع المتردي. وعلى سبيل المثال، نقلت وسائل الإعلام المحلية في أكتوبر 2021، في مطلع العام الدراسي الجديد، عن حمزة رضوان، وكيل وزارة التربية والتعليم في شمال سيناء، قوله إن "جميع المدارس بالمحافظة تعمل بشكل كامل اليوم" في أول أيام الدراسة، كما زعم التقرير الصحفي مستندا إلى بيانات حكومية إن الدراسة قد انتظمت في شمال سيناء و"لم تشهد أي مشكلات أو معوقات"، حيث أكد وكيل وزارة التربية والتعليم أن إجمالي 11,165 طالبا في المراحل الابتدائية، والإعدادية، والثانوية، قد انتظموا في الدراسة في 449 مدرسة. وفي العام التالي، في أكتوبر 2022، صرح رضوان بأن عدد الطلاب قد بلغ نحو 120 ألفا في المراحل الدراسية المختلفة، وأن عدد المدارس بلغ 652 مدرسة، بما يعني زيادة أعداد المدارس العاملة في شمال سيناء بمقدار 203 مدرسة، مقارنة بالعام السابق، وذلك رغم إن أكثر من 130 مدرسة في شمال سيناء كانت خارج نطاق العمل بحسب الأدلة التي جمعها التقرير، مما يعني أن التصريحات الرسمية تنافي الواقع.
جدير بالذكر أن الأرقام الحكومية المعلنة عن عدد المدارس الموجودة فعليا في شمال سيناء تنطوي على قدر من المبالغة، حيث رصدت المؤسسة عدد من المدارس تذكرها البيانات الحكومية المنشورة على أنها مدارس منفصلة في حين أن الواقع وأبحاث المؤسسة تثبت أن هذه المدارس موجودة داخل نفس المبنى التعليمي وأن هذه التصريحات تهدف على الأرجح إلى تجميل الواقع. مثال على ذلك مدرسة الفاروق عمر في رفح، وهي مدرسة عبارة عن مبنى واحد من ثلاث طوابق، تذكرها البيانات الرسمية في وزارة التربية والتعليم على أنها مدرستين: مدرسة الفاروق عمر للتعليم الأساسي ومدرسة الفاروق عمر الثانوية.
وأكمل التقرير:"يتضح من تلك التصريحات الوردية والمتضاربة، إنه في سنوات الحرب الخفية في شمال سيناء وما بعدها، اعتمدت السلطات المصرية على الوسائل التعبوية الدعائية. وعوضا عن المكاشفة وإعلان الحقيقة والبدء في برامج جادة في معالجة أزمة التعليم في مدن شمال سيناء اعتمدت الدولة مقاربة تجميلية، سهّلت السلطات – نظرياً – مجموعة من الإجراءات التي كانت في الأغلب الأعم صورية، لم تساهم في الحفاظ على التحصيل التعليمي لتلاميذ المدارس. وعلى سبيل المثال قامت المحافظة بإلحاق الأطفال في المناطق التي تعرضت للتهجير القسري بمدارس بديلة، وأعلنت تخفيف إجراءات عقد الاختبارات بالسماح للطلاب بأدائها في أية مدرسة أخرى داخل شمال سيناء عوضًا عن المدارس التي تعطلت الدراسة فيها".
وواصل التقرير:"للتظاهر بنجاح هذه السياسة، كان الحرص الأكبر من قبل سلطات الدولة على إعلان أرقام لا تعكس الواقع، كأعداد الطلاب الذين اجتازوا اختباراتهم في مدارس بديلة، وذلك عوضا عن تعويض الأطفال فعلياً عما فاتهم من دروس. فكانت النتيجة هو استمرار النجاح الشكلي وانتقال أعداد غير قليلة من التلاميذ للصفوف الدراسية اللاحقة، بينما يقول عنهم آباؤهم ومعلموهم أنهم لا يجيدون القراءة ولا الكتابة، إذ أن الاختبارات كانت شكلية فقط. فإذا وضعنا في اعتبارنا، إلى جانب ذلك، زيادة التسرب والخروج النهائي من التعليم، خصوصًا بين الفتيات، علمنا كم هو منذر بالخطر مستقبل أطفال سيناء وشبابها، وكم هي مقلقة أحوال التعليم في المدى المنظور من مستقبل شمال سيناء".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.