التفاف على توصيات الأمم المتحدة .. السيسي يصدّق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا 22 عملية أمنية ضد "داعش" طوال الشهر الماضي    إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب    أبوريدة: متفائل بمنتخب مصر فى أمم أفريقيا والوقت لا يسمح بوديات بعد نيجيريا    نقابة الموسيقيين تنفى إقامة عزاء للمطرب الراحل إسماعيل الليثى    غضب واسع بعد إعلان فرقة إسرائيلية إقامة حفلات لأم كلثوم.. والأسرة تتحرك قانونيا    وزير الإسكان: بدء التسجيل عبر منصة "مصر العقارية" لطرح 25 ألف وحدة سكنية    فرصة مميزة للمعلمين 2025.. التقديم الآن علي اعتماد المراكز التدريبية لدى الأكاديمية المهنية    المستشار بنداري: أشكر وسائل الإعلام على صدق تغطية انتخابات نواب 2025    واشنطن تدعو لتحرك دولي عاجل لوقف إمدادات السلاح لقوات الدعم السريع    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة اقتحامات وعمليات نسف في الضفة الغربية وقطاع غزة    عماد الدين حسين: إقبال كبير في دوائر المرشحين البارزين    الإنتاج الحربي يلتقي أسوان في الجولة ال 12 بدوري المحترفين    بتروجت: اتفاق ثلاثي مع الزمالك وحمدان لانتقاله في يناير ولكن.. وحقيقة عرض الأهلي    انطلاق معسكر فيفا لحكام الدوري الممتاز بمشروع الهدف 15 نوفمبر    سحب منخفضة ومتوسطة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025    أمطار تضرب الإسكندرية بالتزامن مع بدء نوة المكنسة (صور)    انفجار ضخم يهز منطقة كاجيتهانة في إسطنبول التركية    قرارات جديدة بشأن مصرع وإصابة 7 في حادث منشأة القناطر    مرور الإسكندرية يواصل حملاته لضبط المخالفات بجميع أنحاء المحافظة    قفزة في سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 الآن في السودان ببداية تعاملات الخميس 13 نوفمبر 2025    وزير المالية السابق: 2026 سيكون عام شعور المواطن باستقرار الأسعار والانخفاض التدريجي    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    بالصور.. علي العربي يتألق على السجادة الحمراء لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي    خالد النبوي.. فنان يروي الحكاية بصدق الإبداع ودفء الإنسان    الولايات المتحدة تنهي رسميا سك عملة السنت بعد أكثر من قرنين من التداول    يقضي على ذاكرتك.. أهم أضرار استخدام الشاشات لفترات طويلة    عقار تجريبي جديد من نوفارتيس يُظهر فعالية واعدة ضد الملاريا    طريقة عمل فتة الحمص بالزبادي والثوم، أكلة شامية سهلة وسريعة    أسعار السمك البلطي والكابوريا والجمبري بالأسواق اليوم الخميس 13 نوفمبر 3035    ممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي: مصر لا تحتاج لتحريك سعر الوقود لمدة عام    إذا قالت صدقت.. كيف تتمسك مصر بملفات أمنها القومي وحماية استقرار المنطقة؟.. من سرت والجفرة خط أحمر إلى إفشال محاولات تفكيك السودان وتهجير أهالي غزة .. دور القاهرة حاسم في ضبط التوازنات الإقليمية    تعرف على ملاعب يورو 2028 بعد إعلان اللجنة المنظمة رسميا    ترامب يحمل «جين تاتشر» وكيندي استخدم مرتبة صلبة.. عادات نوم غريبة لرؤساء أمريكا    التصريح بدفن جثمان الزوجة المقتولة على يد زوجها فى المنوفية    حادث مرورى بنفق قناة السويس بالإسكندرية وعودة الحركة المرورية    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    إسرائيل تُفرج عن 4 أسرى فلسطينيين من غزة بعد عامين    دوامٌ مسائي لرؤساء القرى بالوادي الجديد لتسريع إنجاز معاملات المواطنين    "حقوق المنصورة "تنظم يومًا بيئيًا للابتكار الطلابي والتوعية بمفاهيم الاستدامة وترشيد الاستهلاك    محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية الجديد سيقضي على مشكلة «تشابه الأسماء»    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    «ده مش سوبر مان».. مجدي عبد الغني: زيزو لا يستحق مليون دولار    ليلى علوي: مهرجان القاهرة السينمائي يحتل مكانة كبيرة في حياتي    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    شريف عامر: قانون الإجراءات الجنائية الجديد أحد أهم القوانين على مستوى العالم    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    محافظ أسيوط يحضر برنامج تدريب الأخصائيين على التعامل مع التنمر    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ألغام المستقبل".. تقرير يوثق تدمير 73 مدرسة واستخدام 49 لأغراض عسكرية بسيناء

نشرت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان تقريرا بعنوان "ألغام المستقبل" يوثق جرائم حرب محتملة، تورطت فيها قوات أمن الانقلاب وتنظيم داعش خلال عقد من النزاع المسلح في شمال سيناء، تسببت في تقويض حق جيل كامل من الطلاب في التعليم.
ويقدم التقرير أدلة دامغة تثبت قيام سلطات الانقلاب بتدمير 73 مدرسة، واستخدام 49 مدرسة لأغراض عسكرية، من بينها 10 مدارس لا تزال تعمل كقواعد عسكرية للجيش.
ونشرت المؤسسة مع التقرير، خريطة تفاعلية تتضمن مواقع دقيقة ل 135 منشأة تعليمية منتهكة مدعمة بصور حصرية من الأرض، تمثل قاعدة بيانات مفتوحة المصدر للصحفيين والباحثين وصناع القرار.
وقال التقرير، "في نهاية عام 2013 احتدمت العمليات العسكرية بين القوات الحكومية المصرية، وخاصة الجيش، وبين عناصر مسلحة متطرفة أعلنت لاحقا – في 2014 – مُوالاتها لتنظيم "داعش" وتسمية نفسها باسم "ولاية سيناء". قدمت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان منذ نشأتها تقارير دامغة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وقواعد الحرب التي ارتكبت من طرفي المعركة. لكن أحد الأنماط الخطيرة للانتهاكات التي لم تنل الحظ الكافي من التغطية كانت الانتهاكات المتعلقة بالحق في التعليم. يسعى هذا التقرير إلى جبر ذلك النقص المعلوماتي خاصة وأنه يصدر في عام 2024 بعد أن تم القضاء بشكل كبير على تنظيم "ولاية سيناء" وبعد تصريحات متعددة لمسؤولين مصريين، على رأسهم عبد الفتاح السيسي، عن عودة الحياة إلى طبيعتها في شمال سيناء".

انتهاكات منهجية
ووثق التقرير أن النزاع المسلح على مدار عشر سنوات قد تسبب في تدهور كبير في حصول أطفال وطلاب شمال سيناء على حقهم في التعليم، وفي حفظ حقوق المعلمين والمعلمات والإداريين والإداريات. حيث قامت أطراف المعركة بالاعتداء المنهجي على المدارس والأبنية التعليمية بما يخالف الضمانات الواردة في القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والمواثيق والعهود الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، التي وقّعت وصدّقت عليها الدولة المصرية، والتي تحمي جميعها الأبنية التعليمية وعملية التعليم وأطرافها حتى في أوقات الطوارئ والنزاعات المسلحة.
وأوضحت الأدلة التي جمعتها المؤسسة أن تلك الانتهاكات مثلت منهجية ولم تكن مجرد حالات فردية. حيث ارتبكت عناصر "ولاية سيناء" والقوات الحكومية المصرية تلك الانتهاكات المنهجية للحق في التعليم بدرجات متفاوتة في خمسة مدن في شمال سيناء، تغطي مساحة جغرافية واسعة، هي رفح، والشيخ زويد، والعريش وبئر العبد والحسنة، وعلى فترات زمنية متصلة لعدة سنوات. تنشر المؤسسة خريطة تفاعلية تمثل قاعدة بيانات مكملة لهذا التقرير وتعرض مساحة أكبر من الأدلة على الانتهاكات، التي طالت 135 منشأة تعليمية. تتضمن الخريطة إحداثيات دقيقة للمدارس ومواد مصورة حصرية لعشرات المدارس في مدن محافظة شمال سيناء، كمصدر مفتوح، يعبر عن واقع حقيقي متاح للمسئولين الحكوميين، وكذلك للباحثين والصّحفيين.

انتهاكات خطيرة
وأضاف التقرير أن من بين تلك الانتهاكات المنهجية وأكثرها شيوعا التي يوثقها التقرير، تورط قوات "إنفاذ القانون" المصرية، المشتركة من الجيش والشرطة، وبخاصة الجيش، في تدمير عددٍ كبير من المدارس، دون توفير بديل حقيقي لتلاميذ تلك المدارس، كما تورطت قوات الجيش والشرطة، في استهداف بعض المدارس في عمليات القصف المدفعي والجوي. وقد وثقت المؤسسة تدمير 73 مدرسة في مدن شمال سيناء خلال الفترة التي يغطيها التقرير.
وفي بعض الأحيان حينما قامت قوات الجيش بتهجير الأهالي قسريا في بعض القرى لكن أبقت على المدارس فيها مغلقة دون هدمها، ولكن أيضا دون توفير بديل مناسب لطلاب تلك المدارس المغلقة. وقد وثقت المؤسسة إغلاق 7 مدارس في مدن شمال سيناء لمدد زمنية مختلفة خلال الفترة التي يغطيها التقرير.
وأوضح التقرير أن قوات الجيش والشرطة تورطت أيضا في استخدام المدارس لأغراض عسكرية؛ مثل التمركز فيها كَنِقاط تفتيش ومراقبة، وتحويلها إلى مخيمات ومعسكرات للإمداد والتموين، أو كمرْتكزات عسكرية في العمليات. في بعض الحالات تم إخلاء تلك المدارس من الطلاب وتوقفت فيها العملية التعليمية، لكن في أحيان أخرى كان الانتهاك أكثر خطورة حينما استخدمت قوات الجيش بعض المدارس برغم بقاء الطلاب والمعلمين فيها، مما عرضهم للخطر الجسيم. وقد وثقت المؤسسة استخدام 49مدرسة لأغراض عسكرية في مدن شمال سيناء لمدد زمنية طويلة مختلفة، خلال الفترة التي يغطيها التقرير، بعضها ما يزال مستخدما ك ثكنات عسكرية حتى وقت نشر التقرير.
وفي الإطار ذاته، تورط تنظيم "ولاية سيناء" أيضًا بشكل منهجي متكرر في استخدام بعض المدارس في أنشطة عسكرية، تبدأ من المراقبة حتى التفخيخ والتدمير. كما قاموا بالاعتداءات المختلفة على الطلاب والطالبات والمعلمات. كما تورطت عناصر التنظيم في سرقة ممتلكات المدارس من مبالغ نقدية وأجهزة كمبيوتر وغير ذلك من المقتنيات. حيث وثقت المؤسسة قيام التنظيم بتدمير 4 مدارس، إضافة إلى استخدام مدرستين لأغراض عسكرية، حيث احتلتها عناصر تنظيم داعش لفترات زمنية أكثر من دقائق أو ساعات قليلة، وذلك تحسبا لاستهدافهم الجوي بواسطة الجيش.
ويشرح هذا التقرير كل نوع من أنواع الانتهاكات تلك، ووصفها القانوني في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي (المنطبق في حالة الحرب)، ويورد لها الكثير من الأدلة ودراسات الحالة التي جمعها فريق المؤسسة البحثي.

انتهاكات غير مباشرة ومؤثرة
وأشار التقرير إلى أنه، بالإضافة للانتهاكات المباشرة للحق في التعليم، فإن ثمة انتهاكات حقوقية أخرى في شمال سيناء لم تستهدف العملية التعليمية وعناصرها من طلاب ومعلمين بشكل مباشر، لكنها أثرت في الحق في التعليم تأثيرا مشهودا وخطيرا. من أهم تلك الانتهاكات: القيود الشديدة والتعسفية على حرية حركة الأفراد والمركبات التي فرضتها القوات الحكومية المصرية طوال سنوات الحرب بشكل متزايد، وبخاصة منذ نهاية 2017 مع بدأ ما أطلقت عليها السلطات "العملية الشاملة".
وقد أثرت تلك القيود التعسفية، المصحوبة بحظر مسائي للتجوال امتد لسنوات، على قدرة الأهالي على إيصال أطفالهم للمدارس، وكذلك قدرة المعلمين والمعلمات على الحركة بأمان. كما اشتملت على قطع حركة النقل بين شمال سيناء وباقي المحافظات في بر مصر مما أدى لتخلف طلاب الجامعات المدرجين في صفوف الدراسة الجامعية خارج سيناء عن دراستهم لأشهر.
ولفت التقرير إلى أنه، مع بدء العملية العسكرية "سيناء 2018″، قررت وزارة التربية والتعليم تأجيل الدراسة في جميع مدارس شمال سيناء لأجل غير مسمى، وفقًا لمصادر صحفية محلية. على إثر هذه العملية، تم إلغاء الفصل الدراسي الثاني بالكامل لجميع مراحل النقل والشهادة الإعدادية في مدارس شمال سيناء، وقررت مديرية التربية والتعليم بالمحافظة إلغاء الامتحانات لتلك المراحل، على أن تحتسب درجات الفصل الدراسي الأول كدرجات اعتبارية للفصل الدراسي الثاني، بحسب بيان رسمي للمديرية في أبريل 2018.
وتابع التقرير:" انتهاك جسيم آخر أثر على الحق في التعليم، هو السماح لمجموعات القبائل المساندة للجيش بتجنيد الأطفال دون ال 18 عامًا في النزاع المسلح، سواءً في مهام قتالية أم لوجستية. تصاعدت تلك الظاهرة منذ عام 2020 وحتى عام 2023، وقد وثقت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان ذلك الانتهاك الخطير في تقرير مفصل نشر في أغسطس 2023. قامت الحكومة الأمريكية بتاريخ 15 سبتمبر 2023 بإدراج الحكومة المصرية لأول مرة في قائمة الحكومات التي تستخدم الجنود الأطفال في العمليات العسكرية في التقرير السنوي للاتجار بالبشر الصادر عن الحكومة الأمريكية، وهو ما يعد خطوة هامة نحو توثيق ومحاسبة الانتهاكات التي تقع في شمال سيناء منذ سنوات بلا رادع. وقالت الحكومة الأمريكية في الفصل الخاص بمصر في التقرير إنه "خلال الفترة التي يغطيها التقرير، أصدرت منظمة غير حكومية تقريرا إن الحكومة (المصرية) نسقت وقامت بعمليات مشتركة مع مليشيا في شبه جزيرة سيناء والتي قامت – زعما – بتجنيد واستخدام الأطفال، بما يشمل انخراط بعضهم في شن الهجمات مباشرة".

تدهور أحوال التعليم
ونوه التقرير بأن مشكلة التعليم في شمال سيناء، رغم خصوصية وفداحة الانتهاكات والهجمات ضد الحق في التعليم، لا يمكن أن ينظر إليها في معزل عن تدهور أحوال التعليم في مصر عمومًا. فعلى مستوى الإنفاق على التعليم، استمرت حكومة السيسي في تجاهل النص الدستوري الملزم بتخصيص 6% من إجمالي الناتج القومي للإنفاق على التعليم (4% للتعليم ما قبل الجامعي، و2% للتعليم الجامعي)، على أن تتصاعد هذه النسبة تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، مع بداية العام المالي 2016-2017، بحسب النص الدستوري.
وتبلغ مخصصات قطاع التعليم نحو 230 مليار جنيه فقط، تمثل نحو 2% فقط من الناتج المحلي المتوقع للعام المالي 2023/ 2024 (11.8 تريليون جنيه)، بما يعني أن مخصصات التعليم تمثل فقط ثلث النسبة المنصوص عليها في الدستور. وكان عبد الفتاح السيسي قد صرّح بوضوحٍ غير مسبوق يوم الأربعاء 14 يونيو 2023 بخصوص ميزانية التعليم والصحة، بأن الميزانيات المطلوبة للإنفاق على الصحة والتعليم وفق الاستحقاق الدستوري غير متاحة "الأرقام المطلوبة مش موجودة يا جماعة، ولازم كلنا نبقى موجودين على أرض الواقع". وهو ما دعا المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى المطالبة في تعليقها على هذا التصريح بتحويل اعتراف السيسي إلى بداية للحل ومحاسبة من تجاهل المواجهة، والتعهد بالالتزام التدريجي بالنسب الدستورية.
وأردف التقرير:" جاءت تصريحات السيسي المؤكدة على أن الحكومة لا تلتزم بالحد الأدنى الدستوري للإنفاق العام على التعليم والصحة، بعد يومين فقط من تأكيد وزير المالية عكس ذلك أمام مجلس النواب. حيث وقف وزير المالية محمد معيط في المجلس يوم الإثنين 12 أبريل 2023 ليؤكد كعادته السنوية أن الحكومة ملتزمة بالنسب الدستورية الدنيا للتعليم والصحة: "نحن ملتزمون بنسب الاستحقاقات الدستورية، وتم مراعاة عدم الازدواج في حساب النفقات. الموازنة العامة للدولة لا تستوفي فقط المعايير المحلية، وإنما المعايير الدولية في إعداد الموازنات". وفي اليوم اللاحق لخطاب الوزير تحت القبة، صوّت البرلمان بالموافقة على الموازنة العامة المقدمة إليه، رغم مخالفتها للدستور المعمول به الصادر عام 2014. وبعد أعوام طوال من التفاف الحكومة حول مسؤوليتها الدستورية تجاه قطاع التعليم، من الضروري إعادة النظر في السياسات المالية الحكومية وأولويات الإنفاق وخصوصية الأقاليم التي تعرضت للتهميش التاريخي مثل شمال سيناء".

معالجة شكلية وقاصرة
وأضاف التقرير أنه رغم التهميش التاريخي الذي تعرضت له شمال سيناء حكوميا، فإن الحكومة لم تقدم برامج وخطط واضحة فيما يتعلق بتوفير الخدمات التعليمية، خاصة في سنوات ما بعد الحرب. بل على العكس، عكست التصريحات الحكومية في إجمالها خططا قاصرة، ومحاولات حثيثة لإخفاء الواقع المتردي. وعلى سبيل المثال، نقلت وسائل الإعلام المحلية في أكتوبر 2021، في مطلع العام الدراسي الجديد، عن حمزة رضوان، وكيل وزارة التربية والتعليم في شمال سيناء، قوله إن "جميع المدارس بالمحافظة تعمل بشكل كامل اليوم" في أول أيام الدراسة، كما زعم التقرير الصحفي مستندا إلى بيانات حكومية إن الدراسة قد انتظمت في شمال سيناء و"لم تشهد أي مشكلات أو معوقات"، حيث أكد وكيل وزارة التربية والتعليم أن إجمالي 11,165 طالبا في المراحل الابتدائية، والإعدادية، والثانوية، قد انتظموا في الدراسة في 449 مدرسة. وفي العام التالي، في أكتوبر 2022، صرح رضوان بأن عدد الطلاب قد بلغ نحو 120 ألفا في المراحل الدراسية المختلفة، وأن عدد المدارس بلغ 652 مدرسة، بما يعني زيادة أعداد المدارس العاملة في شمال سيناء بمقدار 203 مدرسة، مقارنة بالعام السابق، وذلك رغم إن أكثر من 130 مدرسة في شمال سيناء كانت خارج نطاق العمل بحسب الأدلة التي جمعها التقرير، مما يعني أن التصريحات الرسمية تنافي الواقع.
جدير بالذكر أن الأرقام الحكومية المعلنة عن عدد المدارس الموجودة فعليا في شمال سيناء تنطوي على قدر من المبالغة، حيث رصدت المؤسسة عدد من المدارس تذكرها البيانات الحكومية المنشورة على أنها مدارس منفصلة في حين أن الواقع وأبحاث المؤسسة تثبت أن هذه المدارس موجودة داخل نفس المبنى التعليمي وأن هذه التصريحات تهدف على الأرجح إلى تجميل الواقع. مثال على ذلك مدرسة الفاروق عمر في رفح، وهي مدرسة عبارة عن مبنى واحد من ثلاث طوابق، تذكرها البيانات الرسمية في وزارة التربية والتعليم على أنها مدرستين: مدرسة الفاروق عمر للتعليم الأساسي ومدرسة الفاروق عمر الثانوية.
وأكمل التقرير:"يتضح من تلك التصريحات الوردية والمتضاربة، إنه في سنوات الحرب الخفية في شمال سيناء وما بعدها، اعتمدت السلطات المصرية على الوسائل التعبوية الدعائية. وعوضا عن المكاشفة وإعلان الحقيقة والبدء في برامج جادة في معالجة أزمة التعليم في مدن شمال سيناء اعتمدت الدولة مقاربة تجميلية، سهّلت السلطات – نظرياً – مجموعة من الإجراءات التي كانت في الأغلب الأعم صورية، لم تساهم في الحفاظ على التحصيل التعليمي لتلاميذ المدارس. وعلى سبيل المثال قامت المحافظة بإلحاق الأطفال في المناطق التي تعرضت للتهجير القسري بمدارس بديلة، وأعلنت تخفيف إجراءات عقد الاختبارات بالسماح للطلاب بأدائها في أية مدرسة أخرى داخل شمال سيناء عوضًا عن المدارس التي تعطلت الدراسة فيها".
وواصل التقرير:"للتظاهر بنجاح هذه السياسة، كان الحرص الأكبر من قبل سلطات الدولة على إعلان أرقام لا تعكس الواقع، كأعداد الطلاب الذين اجتازوا اختباراتهم في مدارس بديلة، وذلك عوضا عن تعويض الأطفال فعلياً عما فاتهم من دروس. فكانت النتيجة هو استمرار النجاح الشكلي وانتقال أعداد غير قليلة من التلاميذ للصفوف الدراسية اللاحقة، بينما يقول عنهم آباؤهم ومعلموهم أنهم لا يجيدون القراءة ولا الكتابة، إذ أن الاختبارات كانت شكلية فقط. فإذا وضعنا في اعتبارنا، إلى جانب ذلك، زيادة التسرب والخروج النهائي من التعليم، خصوصًا بين الفتيات، علمنا كم هو منذر بالخطر مستقبل أطفال سيناء وشبابها، وكم هي مقلقة أحوال التعليم في المدى المنظور من مستقبل شمال سيناء".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.