أيام دامية يعيشها سكان قطاع غزة المحاصر، فمنذ 96 يوما من الحرب، دمر الاحتلال أحياء سكنية على رؤوس ساكنيها، وأزال مئات العائلات من السجل المدني، كل ذلك والشعوب العربية وحكوماتها وأنظمتها ما بين متواطئ متعاون مع الاحتلال محاصر لأهل غزة، وما بين صامت ومرتجف من عدو صهيوني يتجرع المذلة على يد المقاومة. وبلغت حصيلة الشهداء والجرحى جراء القصف الإسرائيلي وسط قطاع غزة خلال الساعات ال24 الماضية 58 شهيدا، وعشرات الجرحى. ويتواصل العدوان الإسرائيلي الجوي والبري والبحري على القطاع، مخلِّفا مزيداً من الشهداء والجرحى في صفوف المواطنين ودمار كبير في المنازل والبنايات والشقق السكنية والممتلكات والبنية التحتية. وقصفت طائرات حربية إسرائيلية منزلاً في مخيم دير البلح وسط القطاع، ما أدى إلى وقوع شهداء وجرحى نقلوا إلى مستشفى شهداء الأقصى. وقصفت مدفعية الاحتلال الإسرائيلي بشكل عنيف ومكثف المناطق الشرقيةوالجنوبية لمدينة خان يونس جنوب القطاع، وسقط عشرات الشهداء والجرحى غالبيتهم من النازحين من مدينة غزة، وشمال القطاع. كما قصفت مدفعية الاحتلال مخيمي البريج والمغازي وسط القطاع، ما أدى إلى استشهاد عشرين مواطنا على الأقل، غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن. وأطلقت الزوارق الحربية الإسرائيلية عشرات القذائف الصاروخية صوب منازل المواطنين في منطقة الواحة والسودانية وأطراف مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة وقبالة بحر وسط وجنوب القطاع، ما أدى إلى وقوع عشرات الجرحى. وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سرق الاحتلال جثامين أكثر من 100 شهيد، ثم سلمها وهي مجهولة الهوية ومُشوَّهة عبر معبر كرم أبو سالم للدفن، ولم يحدد أسماء هؤلاء الشهداء ولا مكان قتلهم. وبعد معاينة هذه الجثامين تبين أن "ملامح الشهداء مُتغيرة بشكل كبير في إشارة واضحة إلى سرقة الاحتلال أعضاء حيوية من أجساد هؤلاء الشهداء، وأن تأخير تسليمها يأتي في هذا السياق" بحسب بيان المكتب الحكومي. قال البيان: إن "الاحتلال كرر هذه الجريمة أكثر من مرة، حيث قام سابقا بنبش قبور في جباليا شمال قطاع غزة، وسرق بعض جثامين الشهداء منها، إضافة إلى أنه لا يزال يحتجز لديه العشرات من جثامين الشهداء من قطاع غزة". وزارة الصحة في غزة أعلنت توقف الخط الطبي الأخير لخدمات الأطفال في القطاع، بعد توقف الخدمات الطبية بمستشفيي الرنتيسي والنصر في غزة. وأوضحت أن توقف مستشفيات غزة وشمال القطاع يحمل الموت لآلاف الجرحى، لا سيما في الأقسام الحساسة، نتيجة عدم توافر الوقود. وتقول منظمة الصحة العالمية: إن " 30% ممن فقدوا أرواحهم في غزة ماتوا بمناطق جنوب القطاع، التي طلبت إسرائيل من الفلسطينيين اللجوء إليها، في حين أعلن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي أن 50% من المساكن في غزة دُمِّرت في شهر واحد". كما تشير أرقام حكومية في غزة إلى تضرُّر أكثر من 290 ألف وحدة سكنية من جراء الحرب على غزة، منها أكثر من 65 ألف وحدة دمرت كليا. أما في ما يتعلق بالنازحين من مناطق شمال ووسط غزة إلى الجنوب، فبلغ أكثر من 1.9 مليون نازح يفتقرن إلى الماء والطعام والدواء، وما جرى هو نزوح داخلي إلى مراكز الإيواء أو نحو منازل الأقارب والأصدقاء. أما في الجانب الصحي، فقد أخرج الاحتلال عن الخدمة 23 مستشفى و53 مركزا صحيا، واستهدف 142 مؤسسة صحية بشكل جزئي، ودمر 104 سيارات إسعاف بشكل كامل. كما دمر 92 مدرسة وجامعة بشكل كلي، العدد الأكبر من المدارس يتبع "الأونروا"، وكانت تؤوي نازحين، حيث يقيم 730 ألف نازح في 151 منشأة تابعة. ودمر الاحتلال 285 مدرسة وجامعة بشكل جزئي، وألحق القصف دمارا ب 126 مقرا حكوميا. ولم تنجُ دور العبادة من القصف الإسرائيلي، حيث دمر الاحتلال 115 مسجدا بشكل كلي، و200 مسجد بشكل جزئي، كما دمر 3 كنائس، واستهدف الاحتلال الغذاء أيضا، حيث أدى القصف الإسرائيلي إلى تدمير 40 مخبزا. قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، الخميس: إن "الجيش الإسرائيلي ارتكب خلال 3 أيام 6 مجازر من خلال إرغام المدنيين على النزوح من منازلهم إلى مناطق أخرى زعم أنها آمنة في مدينة رفح جنوب القطاع، ثم قام بقصفها ما أسفر عن سقوط 31 شهيدا". وذكر المكتب في بيان، أن "جيش الاحتلال الإسرائيلي كرر جريمة إرغام المدنيين تحت تهديد السلاح والقتل على النزوح من بيوتهم الآمنة وأحيائهم السكنية إلى مناطق أخرى زعم أنها آمنة، ولكنه قام بقصفها وارتكب مجازر بحقهم أكثر من 48 مرة في محافظات قطاع غزة". وأضاف: "كان آخر ذلك ارتكاب 6 مجازر في محافظة رفح جنوب قطاع غزة راح ضحيتها 31 شهيدا في ثلاثة أيام فقط". وأردف المكتب: "ستبقى حرب الإبادة الجماعية التي يشهدها المدنيون والأطفال والنساء في قطاع غزة وصمة عار على جبين الإنسانية والبشرية، وعلى جبين كل دول العالم التي كانت تشاهد هذه الجرائم دون أن تحرك ساكنا، ودون أن توقف حرب الإبادة غير الأخلاقية". وطالب المكتب "كل دول العالم الحر والمجتمع الدولي بوقف حرب الإبادة الجماعية الشاملة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين والأطفال والنساء في قطاع غزة". ويلقي جيش الاحتلال الإسرائيلي منشورات على سكان المناطق التي يريد خروج السكان منها ويحدد لهم مناطق أخرى للتوجه إليها بزعم أنها آمنة. وسبق أن طالب الجيش الإسرائيلي سكان مدينة غزة وشمال القطاع بالتوجه من شمال وادي غزة إلى المناطق الواقعة في جنوبه والتي تشمل المنطقة الوسطى ومدن دير البلح وخان يونس ورفح بزعم أنها آمنة لكنه يستهدفها. وكانت القائمة بأعمال مدير مكتب الإعلام والتواصل بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بمدينة غزة، إيناس حمدان، قالت في تصريح سابق للأناضول: إن "ما يقارب من 90 بالمئة من سكان قطاع غزة نازحون". ومنذ 7 أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلفت حتى الأربعاء 22 ألفا و313 قتيلا، و57 ألفا و296 جريحا، معظمهم من الأطفال والنساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأممالمتحدة. استشهد عشرات الفلسطينيين، وأُصيب آخرون، في قصف صاروخي ومدفعي وإطلاق نار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في مناطق مختلفة من قطاع غزة، في اليوم السادس والتسعين للعدوان على غزة.