في صمت مصري رسمي مخيب للآمال، يشاهد السيسي ونظامه الخائر حرب الإبادة الجماعية لملايين الفلسطينيين، بلا تحرك، أو ردع أو إبداء استياء، يشير إلى أن هناك خيانة من قبل نظام السيسي أو تفاهمات سرية، ببين القاهرة وتل أبيب. إذ تمارس إسرائيل أقصى درجات العدوان والقهر والقصف الإجرامي المُهندس، ضد سكان غزة، واضعة خرائط للقطاع تسير نحو إفراغ القطاع من سكانه، بلا توقف أو انصياع للمطالبات الدبلوماسية أو النداءات الإعلامية من قبل مصر أو أية أطراف دولية أو إقليمية، وهوما يتوافق مع استراتيجية السيسي لبيع سيناء للإسرائيليين ، لحل أزماتهم وإخلاء الكيان المحتل من الفلسطينيين، سواء وفق مخططات صفقة القرن أو وفق مخططات الصهاينة المغتصبين إيلاند وهرتزل وغيرهم، أو وفق السيناريو الإنساني الذي يطمح إليه السيسي، والذي يبدو فيه السيسي مضطرا لاستيعاب ملايين الفلسطينيين، بذريعة إنسانية، مقابل إغراءات مالية من أوروبا وأمريكا وإسقاط ديون، أو عبر مخططات استثمارية سوداء، سبق وأن عرضتها المخابرات المصرية على زياد النخالة في نوفمبر من العام الماضي، بالسماح لملايين الفلسطينيين من دخول سيناء وإقامة فنادق لهم وشركات سياحية والتمتع بالمرور حتى القاهرة بلا تفتيش سوى مرتين فقط عند المعبر وعند المطار، على عكس ما يجري حاليا من التفتيش المكثف على الحواجز الأمنية وغيرها، وحرية الحركة في سيناء ، وهو ما رفضته الجهاد الإسلامي وباقي حركات المقاومة كافة. مرارة النزوح وخيانة السيسي أمس الأربعاء، كشف مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في تقرير ، أن معظم النازحين في رفح ينامون في العراء، بسبب نقص الخيام، رغم أن الأممالمتحدة تمكنت من توزيع بضع مئات منها، وفق ما ذكرته وكالة رويترز. وكان عشرات الآلاف من النازحين الفلسطينيين قد تكدسوا في منطقة رفح على حدود قطاع غزة مع مصر، هربا من العدوان الإسرائيلي، على الرغم من مخاوفهم من أنهم لن يكونوا في مأمن هناك أيضا. إذ يصل المدنيون إلى المنطقة بعد أوامر إخلاء أصدرها جيش الاحتلال الإسرائيلي، شملت مناطق داخل وحول مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان متواصل منذ شهرين، تسبب في استشهاد وإصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين. فيما كان مئات الآلاف من الفلسطينيين قد فروا بالفعل من شمال غزة إلى الجنوب، بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر منذ شهرين، ومع أحدث موجات النزوح الجماعي يتزايد تكدس الفلسطينيين بالقرب من الحدود المصرية، في منطقة يقول جيش الاحتلال الإسرائيلي إنها آمنة. ووفق نازحين إلى رفح، من خان يونس، فإن إسرائيل تدفعهم نحو رفح ثم تهاجم المكان. ويقول جيش الاحتلال الإسرائيلي: إنه "يطلب من المدنيين مسبقا إخلاء المناطق التي يعتزم تنفيذ عمليات فيها، وذلك باستخدام الرسائل الهاتفية والبيانات والمنشورات على الإنترنت". ينما تقول الأممالمتحدة: إن "نحو 80% من سكان غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، فروا من منازلهم أثناء الحرب، وإن كثيرين منهم انتقلوا مرات تحت وطأة القصف الجوي". تقديرات هآرتس لتهجير سكان غزة إلى ذلك ، قدرت صحيفة هارتس الإسرئيلية، أن القصف العنيف الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي على منازل المدنيين في غزة، والتهجير الإجباري الذي يفرضه على السكان للتوجه إلى الجنوب، يزيد من احتمالية أن يعبر اللاجئون الفلسطينيون الحدود مع مصر. مشيرة إلى أن كثير من الدلائل من جنوب القطاع تلفت إلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين باتجاه مدينة رفح، وإنشاء مدن خيام بالقرب من الحدود المصرية. صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، قالت الأربعاء 6 ديسمبر: إن "الخوف يكمن في أن يزداد تدفق اللاجئين، بحيث تضطر مصر إلى السماح لهم بعبور حدودها، أو أن يعبر اللاجئون الحدود رغم معارضة الحكومة المصرية". في الجزء الجنوبي من قطاع غزة يعيش مئات الآلاف من اللاجئين الذين قدموا من الشمال الذي يتعرض لقصف مكثف، والعديد منهم من مدينة غزة، وهُجّر بعضهم بالفعل من مناطق مختلفة عدة مرات، ولم يعد أمامهم الآن أي منطقة آمنة يفرون إليها. كان الاحتلال الإسرائيلي قد قصف يوم الإثنين الماضي عشرات الأهداف في خان يونس ورفح، بالإضافة إلى دير البلح وسط قطاع غزة، حيث قُصف مبنى سكني تقطنه عدة عائلات، وشوهدت عشرات الجثث في مقاطع فيديو من مكان الحادث. تقول الفرق الطبية في المدينة: إن "القصف أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 45 شخصا وإصابة العشرات، بعضهم في حالة حرجة، وفي خان يونس أيضا تحدثت مصادر طبية عن سقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى، جراء الهجمات الإسرائيلية في مختلف أنحاء المدينة". بدورها، قالت وزارة الإعلام التابعة لحركة حماس: إنه "منذ استئناف القتال مطلع الأسبوع، استشهد 1248 فلسطينيا في هجمات على منازل سكنية، وإن الكثير منهم لا يزالون عالقين تحت الأنقاض". من جانبهما، قال خبيران في قوانين الحرب: إنهما "لم يلحظا أي تغييرات تُذكر في الطريقة التي تدير بها إسرائيل حربها في غزة في الأيام الأخيرة، رغم تحذيرات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بضرورة بذل جهود أكبر لمنع إلحاق الضرر بالمدنيين". يرجع ذلك أساسا إلى أن التحذيرات التي تنشرها قوات الاحتلال للمواطنين لإخلاء المناطق الخطرة لا جدوى منها، لأنه بالنظر إلى أبعاد الهجوم لا وجود لمكان آمن فعليا في غزة. وبهذا يكتمل مخطط التهجير عبر فرض واقعه المعاش، بقصف مهندس يدفع نحو الحدود، ليقيم الفلسطينيين بكثافة في خيام على طول الحدود المصرية الفلسطينية، مع تنفيذ ضربات دقيقة على تلك التجمعات، ينزحون بشكل عفوي نجو داخل سيناء، وهو ما سيجري تأجيله إلى ما بعد انتهاء مسرحية انتخاب السيسي في 12 ديسمبر الجاري.