بثت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" – مشاهد جديدة لمراسم تسليم المحتجزين الإسرائيليين في ساحة فلسطين وسط مدينة غزة في ثالث عملية تبادل مع جيش الاحتلال خلال الهدنة المؤقتة. وأكد محللون سياسيون وعسكريون أن صفقة تبادل الأسرى تظهر أن المقاومة الفلسطينية هي المتحكمة في الإيقاع، رغم الحرب المدمرة التي تشنها دولة الاحتلال على قطاع غزة منذ حوالي شهرين، وهو ما يعني أن المقاومة حققت أهدافها من عملية "طوفان الأقصى"، بينما فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه.
وقال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، إن كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"- أرسلت رسائل بالجملة من وراء تسليم المحتجزين الإسرائيليين في ساحة فلسطين وسط مدينة غزة. وأوضح الدويري -في تحليله لقناة الجزيرة- أن كتائب القسام اختارت هذا المكان بمنتهى الذكاء لترسل رسائل مفادها أنها لا تزال تملك إرادتها وحرية اتخاذ القرار، كما أنها متماسكة على صعيد إدارة المعركة وكذلك تماسك قواتها. وأضاف أن القسام سلمت المحتجزين الإسرائيليين في غزة بعرض عسكري وبأسلحتها في منطقة كانت قد وصلتها دبابات جيش الاحتلال -خلال الحرب الحالية- أكثر من 3 مرات ثم أجبرت على التراجع، مشددا على أن الأخيرة تستطيع الاختراق ولكن لا تستطيع السيطرة. وأشار إلى أن الخطوة رد عملي على خطابات حكومة الاحتلال بالقضاء على حماس، وكذلك رد على زيارة رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي الذي كان قد زار قطاع غزة خلال الهجوم البري.
وفي السياق ذاته قال محلل عسكري إسرائيلي إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "فقأت عين إسرائيل" بمشهد تسليمها أسرى إلى الصليب الأحمر من قلب مدينة غزة مساء الأحد، في استعراض قوة مفاجئ من قبل المقاومة. وكتب المحلل العسكري بموقع "والا" الإخباري الإسرائيلي أمير بوحبوط أن "لقطات وزعتها حماس تظهر إطلاق سراح المختطفين قرب نصب المقاومة في المدينة، تثير تساؤلات عن مستوى السيطرة الإسرائيلية على المنطقة ومستوى الالتزام بمواصلة العملية". وأضاف بوحبوط في مقاله "إصبع في عين إسرائيل: الفيديو الذي كشف المالك الحقيقي"، أن المشاهد التي بثتها كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحماس، أثارت سخط الإسرائيليين، ونسفت رواية جيشهم في الأيام الأخيرة بأنه سيطر على مدينة غزة وقضى على مقاتلي الحركة فيها، حيث بدت المنطقة مناقضة تماما لروايته، إذ خرج مقاتلو القسّام بعتادهم العسكري الكامل، وبدوا مسيطرين تماما على المكان. بدوره قال الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات، الدكتور لقاء مكي، إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حددت هدفها في إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، في حين أن دولة الاحتلال قالت إن هدفها من وراء الحرب على غزة هو "تدمير حماس بشكل كامل"، مؤكدا أن ما جري خلال صفقة تبادل الأسرى يثبت أن المقاومة الفلسطينية تبدأ في تحقيق أهدافها، بخلاف الاحتلال الذي لم يفعل ذلك ولا يبدو أنه سيفعل ذلك. وأضاف مكي، في تصريحات للجزيرة أنه على ضوء ما حدث في صفقة التبادل، فإن "الإيقاع ما زال بيد حماس"، مضيفا أن دولة الاحتلال ما كانت لتقبل بالهدنة مع المقاومة الفلسطينية لو لم تكن مرغمة عليها، لأنها لا تستطيع تحرير محتجزيها في غزة كما وعدت الإسرائيليين بذلك. من جانبه رأى الأكاديمي والباحث في العلوم السياسية، الدكتور إبراهيم ربايعة أن من يضبط الإيقاع حاليا هو الصور التي تظهر على شاشات التلفزيون التي تبين أن المقاومة في غزة هي من تتحكم في مكان وموعد تسليم الأسرى. وأكد ربايعة، في تصريحات للجزيرة، أن المقاومة أظهرت أن يدها هي العليا، حيث إن المحتجزين يوجدون في كل مكان بما في ذلك المناطق التي استعرض فيها جيش الاحتلال قوته وقال إنه يسيطر عليها.