أمام الكم المهول من الضحايا البشرية 10 آلاف شهيد وأضعافهم من الجرحى والمصابين، وعوضا عن الدمار الواسع الكبير الذي طال الأبنية والشوارع والبنية التحتية لقطاع غزة. وقفت بعض الأنظمة العربية المطبعة في حرج كبير؛ فبعدما كانت تدعي أن التطبيع سيكون حلا للفلسطينيين، وسيكون حماية لهم من الانتهاكات المستقبلية، أصبح في الحقيقة دعما وقبولا مباشرا لهذا العدوان والانتهاك. وفي ضوء ذلك، استدعت الحكومة الأردنية، الأربعاء، 1نوفمبر سفيرها لدى تل أبيب فورا، تعبيرا عن موقف الأردن الرافض للحرب الصهيونية على قطاع غزة، بحسب وكالة الأنباء الأردنية. وقالت وكالة "بترا" إن "وزير الخارجية، أيمن الصفدي، أبلغ الخارجية الإسرائيلية، بعدم إعادة سفيرها إلى المملكة، الذي كان قد غادر المملكة سابقا بعد موجة من الاحتجاجات من الغاضبين الأردنيين والذين أحاطوا سفارة الاحتلال في عمان وقنصليتها. واتهمت الخارجية الأردنية إسرائيل بقتل الأبرياء، والتسبب بكارثة إنسانية غير مسبوقة، وتحمل احتمالات خطرة لتوسعها، ما سيهدد أمن المنطقة كلها والأمن والسلم الدوليين. ووجدت الدول المطبعة نفسها في موقف بالغ الحرج، في ظل فشلها في إيجاد مبرر لتقاربها مع إسرائيل، أمام الرأي العام في بلدانها، على الرغم من المطالبات باتخاذ خطوات جادة لوقف هذا العدوان. وكان الأردن اكتفى بإلغاء قمة رباعية كانت ستجمع الملك عبد الله الثاني بالرؤساء الأمريكي والفلسطيني وعبدالفتاح السيسي في عمّان (18 أكتوبر 2023)، بعد الهجوم المروع على مستشفى المعمداني بغزة، والذي أسفر عن مجزرة كبيرة راح ضحيتها نحو 500 شهيدا. ولم يصل إلى في الأردن في السابق رغم بعض التوترات إلى قطع العلاقات على الرغم من مطالبات وتصويت مجلس النواب الأردني، وكان أبرز الأزمات عام 1997، حينما هدد الملك الحسين بإلغاء المعاهدة مع إسرائيل إذا لم تقدم الترياق للسم الذي حاول عناصر من الموساد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل به، قبل أن يقدم الترياق لاحقا إلى عمان. سحب السفير في مصر ومنذ بدء العلاقات بين مصر وإسرائيل عام 1979، سحبت القاهرة سفيرها من تل أبيب عدة مرات؛ ففي أثناء حكم المخلوع حسني مبارك، عام 1982 تدهورت العلاقات بين الجانبين بسبب الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وظلت السفارة المصرية في تل أبيب بدون سفير حتى العام 1986. وفي العام 2000، غاب السفير المصري عن تل أبيب لمدة 5 سنوات، بسبب أحداث المسجد الأقصى والانتفاضة الثانية، ومرة ثالثة في أثناء حكم الرئيس محمد مرسي عام 2012؛ احتجاجا على شن إسرائيل غارات جوية واسعة على قطاع غزة، وعاد بعدها بثلاث سنوات بظل الحكم العسكري بزعامة السفيه عبدالفتاح السيسي. بعد ثورة 25 يناير في مصر، قتلت إسرائيل جنودا مصريين على الحدود بين البلدين في أغسطس 2011، ليقتحم متظاهرون مبنى السفارة الإسرائيلية في 9 سبتمبر 2011، ويجبروا الدبلوماسيين على المغادرة. وفي سبتمبر 2015، عاد الدبلوماسيون الصهاينة للعمل من السفارة الإسرائيلية في القاهرة بعد تعيين القاهرة سفيرا لها في تل أبيب قبلها بعدة شهور. الموقف التركي وإسلاميا، وسبقت تركيا بسحب سفيرها في الحرب الأخيرة طوفان الأقصى عقب تصعيد الرئيس أردوغان من نبرة خطابه ضد إسرائيل بسبب هجماتها على غزة. واستدعت تل أبيب سفيرتها في أنقرة لدواع أمنية، قبل أن يعلن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، السبت 28 أكتوبر، أنه أعطى تعليمات بعودة ممثليه الدبلوماسيين في تركيا إلى إسرائيل، احتجاجاً على تصريحات أردوغان. وأكدت مصادر دبلوماسية تركية أن الدبلوماسيين الإسرائيلين في البلاد قد غادروا البلاد بالفعل قبل تصريحات كوهين، وفي المذكرة التي أرسلوها إلى الخارجية التركية يوم 18 أكتوبر الجاري، ذكروا أنه في ضوء التطورات الأخيرة، سيغادر الدبلوماسيون في السفارة تركيا بدءا من 19 أكتوبر لدواع أمنية دون التطرق إلى تصريحات أردوغان أو شيء من هذا القبيل. وتاريخيا، وفي 1980 أغلقت تركيا قنصليتها في القدس، وخفض مستوى تمثيلها في تل أبيب إلى أدنى مستوى بعد ضم دولة الاحتلال للقدس الشرقية إلى أراضيها، ولم تعد إلا في عام 1989 بعد تصويت تركيا ضد حظر تمثيل دولة الاحتلال في الأممالمتحدة. وفي عام 2010 هاجم الاحتلال أسطول الحرية "مافي مرمرة" الذي كان يحمل مساعدات إنسانية، بغرض كسر الحصار المفروض على غزة، ما أدى إلى استشهاد 10 مواطنين أتراك وجرح العشرات، واستدعت تركيا سفيرها من تل أبيب، وطالبت دولة الاحتلال بالاعتذار فورا عن الهجوم، ودفع تعويضات لعائلات ضحاياه، ورفع الحصار المفروض على غزة، ثم خفضت تركيا علاقاتها إلى المستوى الأدنى، وخفضت التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى القائم بالأعمال، وعلقت جميع الاتفاقات العسكرية. وفي 2013 اعتذر رئيس دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو -في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان بخصوص قتلى ومصابي أسطول الحرية "مافي مرمرة"، وقبل الرئيس أردوغان الاعتذار باسم الشعب التركي. وفي 2018 طردت تركيا سفير دولة الاحتلال احتجاجا على العنف الذي يواجهه سكان غزة أثناء مسيرات العودة، وتل أبيب ترد بالمثل.