حذر خبراء التربية من عودة الضرب إلى المدارس بحجة إعادة هيبة المعلمين، مؤكدين أن المعلمين فقدوا هيبتهم بسبب انتشار الدروس الخصوصية والمحاولات التي يبذلونها من أجل جذب أكبرعدد من الطلاب لتعاطي هذه الدروس. وقال الخبراء: إن "الضرب لن يحقق نتيجة في ظل انهيار المنظومة التعليمية في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي، حيث تعاني المدارس من كثافة الفصول وتراجع عوامل الجودة وتدني مستوى المباني والبنية التحتية بجانب العجز الكبير في أعداد المعلمين". كانت آمال عبد الحميد، عضو مجلس نواب السيسي قد طالبت بإعادة النظر في آليات عودة هيبة المعلم داخل المدارس لأداء رسالته، وذلك بمنحه صلاحيات أوسع في التأديب والعقاب، ومنها الضرب بالعصا. وزعمت أنه لا بد من الجزاء والعقاب، معقبة: "كلنا ضربنا بخيزران ، وتعرضنا لهذا الأسلوب من التربية وسلوكنا سليم، ولا بد من وضع قوانين وضوابط للمدرسين". هذا المقترح الانقلابي تسبب في حالة غضب وثورة من أولياء الأمور ضد عودة الضرب في المدارس وشهدت جروبات أولياء الأمور على مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الرفض لعودة الضرب، محذرين من أنه يؤدي إلى أزمات نفسية للطلاب ويخلق لديهم حالة من الكراهية للدراسة. العصا والفلكة من جانبها قالت أميرة يونس ولية أمر : "إحنا مش بنضرب ولادنا والحمد الله الكل يشهد بسلوكهم وأدبهم ويأتي نواب برلمان السيسي يطالبون به لهيبة المدرس". وتساءلت، هي الهيبة عايزة عقد وضرب ورجوع إلى الخلف، مشيرة إلى أن الضرب تسبب في الماضي في الكثير من العقد النفسية، وجعل الطلاب يكرهون التعليم بسبب العصا والفلكة والإهانة وتركوا المدارس . أمراض نفسية وانتقد الدكتور نبيل القط استشاري الطب النفسي، مقترح عودة العصا كأسلوب عقاب في المدارس بحجة تدهور سلوكيات الطلاب، مؤكدا أن "اللي عندهم مرض نفسي غير قابل للعلاج بيكونوا قد تعرضوا للضرب وهم صغار". وقال القط في تصريحات صحفية: إن "الكثير من المدرسين في الماضي كانوا يمارسون العنف ضد الطالب، لإجباره على أخذ دروس خصوصية في السناتر، مطالبا بتشكيل لجنة لدراسة المشاكل الموجودة في المدارس للوصول لحل". وأضاف: "تشكيل اللجنة عشان نوصل لحلول مش نأخد حلول من العصور القديمة لازم نشتغل صح، لافتا إلى أن مصر منعت العقاب البدني سنة 1998، والمطالبة بعودة الضرب بالعصا عودة للوراء ولا يمكن أخذ النموذج التعليمي الأمريكي كنموذج ينطبق على التعليم المصري". اتجاهات سلبية وأعرب الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، عن رفضه بشكل قاطع لمقترح برلمان السيسي الذي يتضمن عودة تطبيق الضرب بالمدارس من جديد، محذرا من أن ذلك سيترتب عليه اتجاهات سلبية عند الطفل تجاه المدرس والمدرسة وتجاه المنظومة التعليمية بشكل عام، مما يجعله ينفر منها. وقال شوفي في تصريحات صحفية : "هناك لائحة انضباط مدرسي جديدة، استخدمت لفظ «إجراء علاجي» في حالة أخطأ الطفل، حيث إنه من المحتمل أن يكون لديه مشكلة نفسية أو فرط حركة أو غير ذلك من المشكلات، فيسعى المدرس في هذه الحالة لحل تلك المشكلات". وحذر من أن الضرب يضعف الثقة النفسية، ويدمر الطفل من الناحية الوجدانية، وسيجعل الجزء العقلي للطالب مشوشا بشكل كامل، مشيرا إلى أن هناك أساليب أخرى لعقاب الطفل، مجدية بشكل أقوى من عقوبة الضرب، مثل حرمانه من رحلة مدرسية أو شيء يحبه حتى يعود للالتزام ثانية. وكشف شوقي، أن مقترح عودة الضرب في المدارس كوسيلة لعقاب الطلاب وتقويم سلوكهم، وكوسيلة لاستعادة المعلم لهيبته، مرفوض من المنظور التربوي والنفسي لعدة أسباب أولها التأثيرات السلبية النفسية للضرب على الطالب مثل فقدان الثقة بالنفس لدى الطالب، وانخفاض تقديره لذاته، واهتزاز ثقته في الآخرين. وأوضح أن المعلم يمثل القدوة بالنسبة للطالب، وبالتالي فإن مجرد مسك المعلم العصا للتلويح بعقاب الطالب يجعل الطالب يقلده، وبالتالي يمسك العصا ويهدد بها اشقائه الأصغر منه وزملائه، والضرب يولد العنف لدى الطالب ويجعل لديه اتجاهات تتسم بالعداء تجاه الأخرين والمجتمع. الانضباط المدرسي وأضاف شوقي أن استخدام الضرب في الصفوف الأولى من التعليم قد يولد لدى الطفل اتجاهات سلبية نحو التعليم، كما قد يولد لديه صعوبات تعلم قد تؤدي إلى تسربه الدراسي، أما استخدامه مع الطلاب في الثانوية فقد يعرض المعلم للعنف والاعتداء من جانب الطالب، ومن الصعب تحديد مستوى المخالفة التي تستحق الضرب عليها، وتلك التي لا تستحق، كما من الصعب على المعلم الذي يستخدم الضرب التحكم في نفسه أثناء توقيع تلك العقوبة، وبالتالي قد يؤذي الطالب جسديا. ولفت إلى أن لائحة الانضباط المدرسي استبعدت تماما استخدام لفظ العقاب، فما بالنا بالضرب، وهي تتضمن إجراءات فعالة تربويا لعلاج السلوك المخالف، كما يمكن تقليل المخالفات التي يقوم بها الطلاب إلى أقل حد ممكن من خلال تحويل المدرسة إلى بيئة جاذبة للطلاب. وقال شوقي: إن "بعض المخالفات التي يقوم بها الطلاب لا يجدي معها استخدام العقاب، خاصة عندما ترجع تلك المخالفات إلى قصور في النواحي الفسيولوجية والعصبية لديهم مثل فرط النشاط، وبالتالي الأولى هنا معالجة هذه المشكلة لدى الطالب فسيولوجيا وعصبيا، كما قد ترجع بعض المخالفات التي يقوم بها الطالب إلى أسباب خارجة عن إرادته فمثلا عدم أدائه الواجبات قد لا يرجع إلى كسله بل يرجع إلى عوامل مثل مرضه، وبالتالي لا بد من التعرف على تلك الأسباب قبل توقيع أي عقاب والتعامل معها. وأشار إلى أن العقاب يتضمن أساليب أكثر جدوى من الضرب، من أهمها حرمان الطفل من الأشياء المحببة له مثل عدم القيام بنشاط محبب لديه أو حرمانه من رحلة، أو عقابه المعنوي من خلال خصم درجات منه أو لومه وتوبيخه، مؤكدا أن استعادة المعلم هيبته يمكن تحقيقها من خلال تمكنه من مادته العلمية، وتأهيله تربويا ونفسيا، ومنحه سلطات أكبر في التعامل مع الطلاب، وحمايته وتحصينه من أي تجاوزات عليه سواء من الطلاب أو أولياء أمورهم.