تعاني سوق السيارات من حالة ركود غير مسبوقة بسبب التضخم والارتفاع الجنوني في الأسعار وتراجع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار، وهو ما تسبب في توقف نشاط وحركة السوق، وأدى إلى تراجع حركة بيع وشراء السيارات. وكشفت الأرقام الثابتة لمبيعات السيارات حتى شهر مايو 2023 مقارنة بالسنة الفائتة حجم التراجع المتنامي الذي يواجهه سوق السيارات، وطبقا لآخر الإحصائيات الصادرة عن مجلس معلومات سوق السيارات، فإن مبيعات السيارات الملاكي تراجعت بنسبة 73% مقارنة بالعام الماضي، ومبيعات الأجرة بنسبة 21.877 وحدة، مقارنة ب 80.275 وحدة في أول خمسة أشهر من 2022 ومبيعات الأتوبيسات أيضا تراجعت بنسبة 55.5 % مسجلة 3.346 مركبة، مقابل 7.521 % في نفس الفترة من 2022 وأدى ذلك إلى الضغط كذلك على سوق السيارات المستعملة التي ارتفعت أسعارها بشكل قياسي. وأكدت أحدث البيانات الواردة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تراجعا حادا في واردات مصر من السيارات، على النحو التالي: تراجعت قيمة واردات السيارات خلال أول 4 أشهر من العام الجاري بنسبة 56 بالمئة، مسجلة 531 مليونا و445 ألف دولار مقارنة بمليار و208 ملايين و49 ألف دولار في الفترة المماثلة من العام الماضي. وتراجعت قيمة واردات المركبات المستخدمة في الأغراض الخاصة بنسبة 84 بالمئة مسجلة نحو 2 مليون و850 ألف دولار، وتراجعت قيمة واردات السيارات التجارية الخاصة بنقل البضائع، بنسبة 69 % مسجلة 63 مليونا و929 ألف دولار.
الدولار من جانبه أكد منتصر زيتون عضو شعبة السيارات بالغرفة التجارية، أن الركود في سوق السيارات تراجع بنسبة محدودة منذ شهر، مشيرا إلى ارتفاع نسبة شراء السيارات أواخر يوليو، وأن السوق شهدت انتعاشة محدودة مع زيادة الطلب. وأرجع "زيتون" في تصريحات صحفية هذه الانتعاشة إلى أن بعض من كانوا ينتظرون تراجع الأسعار استسلموا للأمر الواقع في ظل استمرار الزيادة إلى أن قرروا الشراء بالأسعار المرتفعة الحالية، لأن الأسعار لن تنخفض مع التراجع المستمر في قيمة الجنيه أمام الدولار . وأوضح أن استمرار ركود سوق السيارات يرجع إلى خروج مليارات الدولارات على هيئة أموال ساخنة بشكل مفاجئ وارتفاع سعر الدولار وتراجع قيمة الجنيه أمامه، وتوقف العملية الاستيرادية، وأصبحت السيارة الواحدة تتحمل عبئا مثل ثلاثين سيارة، مما يجبر الوكيل على رفع السعر ليغطي تكلفة التشغيل. واقترح "زيتون" عددا من الحلول لمواجهة الركود وارتفاع الأسعار على هيئة إجراءات، لتعود الحركة الطبيعية لسوق السيارات إلى وضعها الطبيعي. أولا : ضرورة وجود عمليات استيرادية كاملة حتى نصنع . ثانيا : فتح السوق على مصراعيه للوكيل والسوق الموازية، حتى يقوم بالاستيراد بحرية والأولوية للتجميع. ثالثا: السماح بزيادة المنافسة، مما يؤدي إلى تراجع الأسعار بالتوازي مع التجميع والسير في خطوات التصنيع . رابعا: توفير رصيد دولاري فائض عن السلع الأساسية، ليغطي العملية الاستيرادية الخاصة بالسيارات.
الاستيراد وقال دكتور مهندس علاء الدين السبع عضو الشعبة السيارات بالغرفة التجارية: إن "سوق السيارات مرتبك للغاية ويشهد نقصا بالمعروض، لصعوبة الإجراءات والبيروقراطية الحكومية والقيود المجحفة على الاستيراد، وزيادة الأسعار بشكل كبير". وأضاف السبع في تصريحات صحفية، أثر عدم توافر العملة الصعبة لتدبير معروض جيد على حجم استيراد السيارات، مما أدى إلى انخفاض نسبة السيارات المستوردة ل 80 % خلال العام 2023 .
ركود وأرجع أسامة أبو المجد رئيس رابطة تجار السيارات، أزمة سوق السيارات في مصر إلى مشكلتين عالمية ومحلية . العالمية: قرارات الفيدرالي الأميركي بتحريك سعر الفائدة أكثر من مرة خلال العام الجاري، وانعكاسات ذلك على الأسواق . المحلية: صعوبة تدبير العملة الأجنبية، وارتفاع معدلات التضخم . وأشار أبو المجد في تصريحات صحفية إلى أن من بين الأسباب الدولية، تأثير قرارات الفيدرالي الأميركي بتحريك سعر الفائدة أكثر من مرة خلال العام الجاري وانعكاسات ذلك على الأسواق، علاوة على تداعيات الحرب في أوكرانيا وتأثيراتها، لا سيما على قطاع الطاقة بشكل خاص، وتأثير ذلك على شركات السيارات، فعلى سبيل المثال قررت شركة "فولكس فاجن" البحث عن مصانع لها خارج الاتحاد الأوروبي، بسبب نقص إمدادات الغاز الطبيعي. أما عن المشكلات المحلية التي فاقمت من تراجع سوق السيارات في مصر، لفت إلى سببين رئيسيين؛ أولهما صعوبة تدبير العملة الأجنبية، وهو ما أدى لأزمة حقيقية خاصة وأن الدولار يدخل في كل ما يتم استيراده من الخارج، لذا فالاستيراد شبه متوقف وهو ما أدى إلى المشهد الحالي بالسوق. ثاني تلك العوامل مرتبط بارتفاع معدلات التضخم، وهو ما أدى لارتفاع أسعار السيارات وقطع الغيار بصورة قد لا يستوعبها المستهلك أو حتى التاجر.
التصنيع وأكد حسين مصطفى خبير السيارات والرئيس التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات، أن الأسواق تشهد انخفاض نسبة البيع، بسبب تدني حجم استيراد السيارات والذي تراجع بنسبة 56 بالمئة. ولفت "مصطفى" في تصريحات صحفية إلى أن السوق يواجه مأزقا كبيرا بسبب نقص المعروض أمام الطلب، وهو ما يرجع إلى عدم توافر العملة الصعبة لاستيراد السيارات التي توقف استيرادها تقريبا منذ فبراير من العام 2022. واستبعد أن يكون هناك حل قريب للأزمة ، لكنه شدد في الوقت نفسه على حلول طويلة الأمد عوائدها على سوق السيارات لن تظهر إلا بعد سنوات ومنها، التوسع في تصنيع السيارات داخل مصر بالتوسع لخطوط الإنتاج المصرية الموجودة وتطويرها لزيادة الإنتاج المحلي لتتفق مع اتفاقية البريكس التي انضمت إليها مصر مؤخرا، علاوة على جذب الاستثمارات .