أبدى جنرال الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي ترحيبه بإعلان رئيس الدورة الحالية لقمة "بريكس"، رئيس جمهورية جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، دعوة مصر والأرجنتين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لتكون أعضاء كاملة العضوية في المجموعة. وقال رئيس جمهورية جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، في افتتاح فعاليات اليوم الثاني من قمة بريكس الأربعاء 23 أغسطس 2023م: "سيصبح الأعضاء الجدد جزءاً من (بريكس) اعتباراً من 1 يناير 2024". وتدعو مجموعة بريكس المنعقدة حالياً في مدينة جوهانسبورج بجنوب إفريقيا، إلى "تفعيل نظام دولي جديد وشامل". وانتقد رامافوزا في كلمته "أنظمة الدفع المالية العالمية التي تُستخدم كأدوات للتنافس الجيوسياسي"، حسب قوله. وأضاف أن دول "بريكس" "بحاجة إلى تعزيز مصالح الجنوب العالمي"، داعيا الدول الصناعية إلى "الوفاء بالتزاماتها بدعم الإجراءات المناخية من خلال تطوير عناصر التقدم الاقتصادي التي لم يتم الارتقاء بها من قبل". وتضم مجموعة بريكس كلا من البرازيلوروسياوالهندوالصينوجنوب أفريقيا، والمنعقدة حالياً في مدينة جوهانسبورج، والتي تحوز نحو 30% من حجم الاقتصاد العالمي، و26% من مساحة العالم، و43% من سكانه، كما تنتج أكثر من ثلث إنتاج العالم من الحبوب. وكلمة "بريكس" (BRICS) بالإنجليزية هي اختصار يضم الحروف الأولى لأسماء هذه الدول. وتهدف المجموعة إلى أن تصبح قوة اقتصادية عالمية قادرة على منافسة "مجموعة السبع جي 7" (G7) التي تستحوذ على 60% من الثروة العالمية. وتكشف الأرقام الصادرة عن "بريكس" عن تفوقها لأول مرة على "جي 7" فقد وصلت مساهمة الأولى في الاقتصاد العالمي إلى 31.5%، بينما توقفت مساهمة الأخيرة عند 30.7%، وتنتج الدول الأعضاء به أكثر من ثلث إنتاج الحبوب بالعالم. وتكشف بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري عن ارتفاع حجم التبادل التجاري بين مصر ودول «بريكس» إلى 31.2 مليار دولار عام 2022، مقابل 28.3 مليار دولار في 2021، بنسبة نمو 10.5%. ويحضر القمة الحالية التي بدأت الثلاثاء 22 أغسطس 2023م الرئيس الصيني شي جين بينج، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، بالإضافة إلى رئيس جنوب أفريقيا الدولة المستضيفة، ويحضر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بدلاً من الرئيس فلاديمير بوتين لتجنب المخاطرة باعتقال بوتين بسبب لائحة اتهام المحكمة الجنائية الدولية، كما حضر ما لا يقل عن 30 من بين أكثر من 60 رئيس دولة وحكومة تمت دعوتهم للمشاركة في الاجتماع من أفريقيا. الحضور الأفريقي الكبير في قمة مجموعة البريكس يسلط الضوء على إصرار القارة على إجراء تغييرات في صندوق النقد والبنك الدوليين. قدمت الجزائر طلبا لتصبح عضوا مساهما في بنك التنمية الجديد لدول البريكس بمساهمة قدرها 1.5 مليار دولار، بحسب ما نقلته فورين بوليسي عن شبكة النهار الجزائرية. وتواجه الجزائر، وهي مورد حيوي للغاز إلى أوروبا منذ الحرب الروسية الأوكرانية، ضغوطا من المسؤولين الأمريكيين لوقف شراء الأسلحة من موسكو. وسعت الدولة الواقعة في شمال أفريقيا إلى الانضمام إلى مجموعة بريكس من أجل تأمين مصالحها التجارية السيادية مع بكينوموسكو.
"3" أهداف لحكومة السيسي أولا بديل للاقتراض بعيدا عن شروط صندوق النقد المجحفة. حيث تستهدف حكومة السيسي من الانضمام إلى مجموعة بريكس توفير بدائل دولية للتمويل (الاقتراض) بشروط محسنة بعيدا عن شروط صندوق النقد المجحفة، وكانت حكومة الانقلاب قد تقدمت في يونيو الماضي (2023) بطلب رسمي للانضمام إلى المجموعة، سبقه قبول بنك التنمية الجديد، الذي أسسته «بريكس» قبل ثماني سنوات، عضويتها في ديسمبر 2021. وقال وزير المالية، محمد معيط، في بيان آنذاك، إن انضمام مصر للبنك يساعدها على تلبية احتياجاتها التمويلية، فيما أشار نائب الوزير للسياسات المالية، أحمد كوجك، إلى أن انضمام مصر للبنك يأتي في إطار الحرص على تنويع مصادر التمويل، بما يُسهم في خفض تكلفة توفير الاحتياجات التمويلية للمشروعات التنموية. ويهدف البنك التابع لبريكس، وهو مؤسسة على غرار البنك الدولي، إلى الوصول لنسبة 30% من الإقراض بالعملات المحلية بحلول عام 2026. ووفقا لرامافوسا رئيس جنوب إفريقيا، قام البنك بتمويل مشاريع البنية التحتية في جنوب أفريقيا بقيمة 100 مليار راند، أي حوالي 5.3 مليار دولار أمريكي. وانضمت مصر إلى البنك في فبراير 2023 للمساعدة في تخفيف النقص في العملة الأمريكية. وقال وزير التموين علي المصيلحي في يونيو إن مصر تدرس سداد ثمن الواردات من بعض الدول بعملاتها المحلية بدلا من الدولار الأمريكي، ومنها الهند. ثانيا: ترغب حكومة السيسي في أن يكون الانضمام إلى مجموعة بريكس مساعدا لجهودها نحو توفير تعاقدات الحبوب من القمح والذرة والشعير بشروط أفضل لا سيما وأن مصر تستورد 80% من احتياجاتها من القمح من روسيا وأوكرانيا. وكانت حكومة السيسي قد انسحبت في فبراير 2023م، من اتفاقية تجارة الحبوب الأممية التي وقعت عليها ضمن 35 دولة عام 1995. وبررت ذلك بأن الاتفاقية لم يكن لها أثر إيجابي في مساعدة مصر بمواجهة ارتفاع الأسعار العالمية للقمح، في الوقت الذي تعاني فيه القاهرة بشدة في توفير الدولار لشراء الغذاء حيث تستورد أكثر من 65% من غذائها، بما أثر سلبا على مخزون البلاد من النقد الأجنبي. علاوة على ذلك فإن الولاياتالمتحدة وأوروبا لم تكونا على قدر المسؤولية المطلوبة في التعاطي مع أزمة القمح العالمية. وبلغت فاتورة واردات القمح 4.2 مليارات دولار، وفق بيانات حديثة صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء، كذلك تستورد البلاد 80% من احتياجاتها من الفول الذي يمثل وجبة رئيسية للكثير من المصريين. الهدف الثالث هو المساهمة في تخفيف حدة ارتفاع أسعار الدولار والتي أثرت بشكل سلبي على جميع دول العالم الثالث في الجنوب؛ حيث ثرت أثأتتجه الدول الأعضاء لإنهاء سيطرة الدولار على السوق العالمية، بعدما أبدت استعدادها لاعتماد عملاتها الخاصة في المعاملات التجارية لتقليل الطلب على الدولار الأمريكي، وإضعاف مركزه كعملة احتياطية عالمية، وهو ما اتفقت عليه الصينوالبرازيل، أبريل الماضي"2023"، وتسعى إليه كذلك روسياوالهند. ويرى العديد من الزعماء الأفارقة أن هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي تعيق النمو الاقتصادي لدولهم، خاصة بعد أن أدى ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية والحرب الروسية الأوكرانية إلى تعزيز الدولار مقابل جميع العملات الرئيسية تقريبًا، وزيادة تكلفة استيراد السلع المسعرة بالدولار، وفقا لفورين بوليسي. الخلاصة، التحرك نحو "بريكس" قد يكون خطوة مهمة لكسر هيمنة الدولار وتعزيز الاقتصاد وتخفيف الأعباء عن دولة مثل مصر وغيرها يستورد معظم احتياجاته من الغذاء، والعنصر الأهم يتمثل في تبادل التجارة بالعملات المحلية وربما إنشاء عملة موحدة فيما بعد، بما يكسر هيمنة الدولار عالميا. وانضمام مصر إلى مجموعة "بريكس" يسمح لها بالحصول على قروض ميسرة من بنك التنمية التابع للتكتل، بما يساعد في الهروب من حصار صندوق النقد الدولي واشتراطاته القاسية؛ لأن المجموعة تمتلك بنك التنمية الخاص بها، ويهدف إلى دعم مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة للدول المشتركة في المجموعة. والعقبة التي تقف دون ذلك أن الولاياتالمتحدةالأمريكية بما تملكه من نفوذ واسع في القاهرة وداخل الجيش ومؤسسات الدولة قد لا تقبل بمثل هذه الخطوة التي تستهدف الحد من هيمنة الدولار الذي يمثل رمز القوة الأمريكية وسطوتها وهو ما يمكن أن تكون له تداعيات على مستقبل النظام في ظل انعدام شعبيته في أوساط الجماهير بفعل تدهور الأوضاع الاقتصادية. على كل حال مستقبل "بريكس" سيكون مرهونا بالتقلبات على الساحة الدولية. وسط علامات استفهام بشأن الموقف الأميركي، فهل ستقف الولاياتالمتحدة مكتوفة الأيدي وهي ترى انتهاء عصر الدولار أم ستتحرك لمواجهة هذا التكتل بشتى الطرق؟".