رغم انخفاض أسعار المواد الغذائية الأساسية عالميا منذ شهر مايو الماضي، إلا أنها تواصل الارتفاع في مصر بسبب سياسات نظام الانقلاب التي تعمل على تجويع المصريين وابتزازهم وإذلالهم، حتى لا يفكروا في الثورة على عصابة العسكر التي تحكم البلاد بقيادة عبدالفتاح السيسي . كان مؤشر منظمة الأغذية والزراعة الفاو، لأسعار الغذاء العالمية قد انخفض في مايو الماضي إلى أدنى مستوياته في عامين، مؤكدا حدوث انخفاضات كبيرة في أسعار الزيوت النباتية والحبوب ومنتجات الألبان. وانخفض مؤشر الفاو لأسعار الحبوب بنحو 5 بالمئة في مايو، مقارنة بالشهر السابق، بسبب وفرة التوريد وتمديد مبادرة حبوب البحر الأسود التي تسمح بالشحنات من أوكرانيا. كما تراجع مؤشر أسعار الزيوت النباتية لمنظمة الفاو بنحو 9 بالمئة على أساس شهري؛ مما يعكس إمدادات كبيرة من البذور الزيتية وضعف الطلب على زيت النخيل، في حين تراجعت أسعار الألبان العالمية بأكثر من 3 بالمئة وسط تحسن موسمي في إنتاج الحليب في نصف الكرة الشمالي. يأتى تقرير منظمة الفاو في الوقت الذي تشهد فيه أسعار الألبان في السوق المحلي ارتفاعات بقيمة 8%، رغم تراجع أسعار الخامات عالميا بنسبة وصلت إلى 16%، وخلال الشهر الجاري، قررت الشركات رفع سعر الكرتونة بنسبة 8%، ليصل سعر الجملة لكرتونة اللبن ل325 جنيها، (الكرتونة تحتوي على 12 زجاجة سعة واحد لتر)، أي أن لتر اللبن المعبأ يصل للتاجر ب27 جنيها، بينما كرتونة اللبن التي تحتوي على 12 عبوة وزن نصف كيلو سجلت 285 جنيها في بداية الشهر، مقارنة ب275 جنيها، بزيادة بلغت 4% تقريبا. وتسبب ارتفاع أسعار الألبان، في زيادة أسعار الجبن بنسبة تصل إلى 20% حيث يتراوح سعر الجبن القريش بين 50 و60 جنيها للكيلو، مقابل 40 و50 جنيها في الربع الأول من العام الجاري. أزمة مفتعلة في هذا السياق، قال هشام الدجوي، رئيس شعبة البقالة والمواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية بالجيزة: إن "أزمة انخفاض إنتاج الألبان وارتفاع أسعاره مفتعلة، موضحا أن هناك تراجعا متعمدا في الإنتاج وصل إلى 50%، رغم وفرة الإنتاج من المزارع، بهدف الحفاظ على ارتفاع الأسعار". وأضاف «الدجوي» في تصريحات صحفية بالنسبة لأسعار الزيوت انخفضت من 63 أو 64 ألف جنيه للطن إلى 50 ألف جنيه، بينما سعر طن الدقيق انخفض شهر مايو الماضي إلى 13000 جنيه للطن، بعدما كان يتراوح بين 15000 و15500 جنيه للطن، مؤكدا أنه رغم انخفاض أسعار الزيوت والدقيق عالميا منذ شهر مايو الماضي، إلا أن الشركات لم تعدل أسعارها حتى الآن. وأشار إلى أن التجار متضررون من رفع الأسعار؛ لأن رأس مال التاجر يتآكل، قكلما انخفضت الأسعار زاد المعروض وزادت مكاسب التجار . وأوضح «الدجوي» أنه في حالة حدوث ارتفاعات في السلع كانت الشركات تبادر بإرسال قائمة الأسعار الجديدة، متسائلا، أين الشركات من الانخفاضات الحالية؟. وأكد أنه في السابق وقت ارتفاع الأسعار كانت الشركات تقدم قائمة بسعر الجملة ونصف الجملة والتجزئة والمستهلك وهامش ربح التاجر أيضا، لكن لا يوجد أي تحرك من هذه الشركات في الانخفاضات ولا تزال تورد بالأسعار القديمة . وانتقد «الدجوي» مبررات الشركات لعدم خفض الأسعار بوجود مخزون من السلع لديها قبل انخفاض الأسعار وهو أمر غير صحيح؛ لأنه كان من المفترض أن ينطبق هذا المبدأ أيضا على وقت ارتفاع الأسعار. وأضاف، المكرونة أيضا كانت في ارتفاع مستمر؛ نتيجة زيادة أسعار القمح والدقيق، ولكن الفترة الحالية تشهد انخفاضات في المقابل لا تزال أسعارها في ارتفاع في السوق المحلي . ولفت «الدجوي» إلى أن شركات المكرونة كانت تطرح للتجار صنفين فقط، هما المقصوصة والمرمرية، ومع مطالبتنا بباقي الأصناف تدخل الجيش وبدأ في طرح جميع الأصناف بأسعار منخفضة. وأوضح أنه من أجل أن تتخلص الشركات من المخزون الراكد لديها، أجبرت التجار على أخذ أكياس مكرونة مع شراء السمنة، لذلك يجب الضغط على الشركات لإصدار قائمة بالأسعار الجديدة، لأن الأمر يشمل أسعار سلع ضرورية بالنسبة للمواطنين ولا غنى عنها . كوكب المريخ واستنكر محمود العسقلاني، رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، استمرار ارتفاع أسعار السلع في السوق المصري، قائلا: «إحنا عايشين في كوكب المريخ، والاقتصاد المصري بعيد عن العالم إذا حدث انخفاض في الأسعار». وأضاف «العسقلاني» في تصريحات صحفية أنه بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية جميع الأسعار ارتفعت دون مبرر واستمرت في الزيادة حتى الآن، لافتا إلى ارتفاع أسعار البصل والثوم والأرز والبطاطس رغم تحقيق الاكتفاء الذاتي منها في مصر. وأشار إلى أن السوق المصري جلده سميك حين يكون التأثر بالأسعار العالمية بالهبوط، ولكن في حالة الصعود شديد الحساسية، مؤكدا أن لدينا أزمة حقيقة في مصر سببها انعدام الضمير والجشع، وتحقيق الشركات لمكاسب على حساب المواطن البسيط، الذي ينفذ مرتبه في أول أسبوع من الشهر . جشع التجار وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور علي الإدريسي: إن "أزمة تفاوت واختلاف الأسعار من مكان لآخر واضحة جدا، وتبرز الضغف في تطبيق الرقابة الحكومية على الأسواق والمحال ". وأضاف«الإدريسي» في تصريحات صحفية، هناك تشوهات في الأسعار سواء للسلع الأساسية أو غير الأساسية، بداية من أسعار منتجات الألبان والبيض والسلع غير الأساسية مثل السجائر وغيرها، موضحا أن هذه السلع يحدث بها زيادات في الأسعار بشكل مبالغ فيه، فهناك فرق في الأسعار من منطقة لأخرى. وطالب دولة العسكر بتفعيل وتنشيط دورها الرقابي على الأسواق ومواجهة جشع التجار، الذين يستغلون الأزمة الحالية، فضلا عن عدم استقرار سعر صرف الجنيه، لأن هناك منتجات ومستلزمات إنتاج مستوردة ومعظم تدبير العملة «الدولار» يتم من السوق الموازية ويكون بسعر بأعلى من السعر الرسمي، وبالتالي فرق السعر يتحمله المستهلك بما يؤثر على ارتفاع الأسعار والفجوات الموجودة في السوق .