في محاولة مكشوفة للتحريض والتقليل من شأن الوسيط التركي في الملف السوداني، وإنهاء أي دور بخلاف الأدوار الإقليمية المحسوبة على الثورة المضادة (الإمارات والسعودية ومصر) تزامن تأكيد رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان للرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبوله بأي مبادرة تركية لوقف الحرب مع تقرير من وكالة رويترز، نقل عن أطراف ومصادر مجهولة من طرفي الصراع داخل السودان اتهامات وتفنيدها بشأن تورط نحو 6 آلاف عنصر من المخابرات والأمن الوطني بنظام الرئيس السوداني المعتقل عمر البشير وأنهم محسوبون على الإسلاميين. وقالت وكالة رويترز: إن "الآلاف من الذين عملوا في جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني في عهد الرئيس السابق، عمر البشير، ولديهم صلات بالتيار الإسلامي الذي ينتمي إليه، يقاتلون إلى جانب الجيش في الصراع السوداني. ونقلت تعليقا من ثلاثة مصادر عسكرية ومصدر في المخابرات، المعلومة وعلقوا عليها في آن قائلين: إن "ذلك يعقد جهود إنهاء إراقة الدماء". وقال تقرير الوكالة الغربية: إن "الجيش ينفي منذ فترة طويلة اتهامات خصومه في قوات الدعم السريع بأنه يعتمد على الموالين للبشير الذين فقدوا مصداقيتهم، وأطيح بالرئيس السابق في انتفاضة شعبية عام 2019". وأضافت نقلا عن مسؤول بالجيش ردا على سؤال من رويترز "الجيش السوداني لا علاقة له بأي حزب سياسي أو أيديولوجية، إنه مؤسسة محترفة". وقالت المصادر العسكرية الثلاثة ومصدر المخابرات: إن "آلاف الإسلاميين يقاتلون في صف الجيش". وأشارت إلى تصريح من مسؤول عسكري مطلع على عمليات الجيش، لم تحدد انتماءه العسكري لأحد من الطرفين، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن نحو 6 آلاف عنصر من المخابرات انضموا إلى الجيش قبل الصراع بعدة أسابيع، وإنهم يقاتلون من أجل إنقاذ البلاد"، بحسب "رويترز". وذكرهذه الأرقام مسؤولون سابقون في جهاز الأمن والمخابرات الوطني المنحل، وكان مؤسسة قوية تألفت بشكل أساسي من الإسلاميين، وقد تؤدي عودة الإسلاميين إلى تعقيد أسلوب تعامل القوى الإقليمية مع الجيش وإعاقة أي تحرك نحو الحكم المدني. وزعم المصدر أن ذلك قد يزج بالبلاد، التي استضافت ذات يوم مؤسس تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، في نهاية المطاف إلى المزيد من الصراعات الداخلية والعزلة الدولية. وكررت الوكالة الغربية مجددا ووسعت دائرة مصادرها من أجل هذا التقرير، تحدثت رويترز إلى 10 مصادر من بينها مصادر عسكرية ومخابراتية وعدد من الإسلاميين.
الاسمان الوحيدان اللذان ذكرتهما "رويترز" في الاستدلال على مشاركة الإسلاميين في الصراع الدائر في السودان، هما "رئيس منظومة الفكر والتأصيل في الحركة الإسلامية، محمد الفضل، الذي قتل هذا الشهر (يونيو 2023) في اشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش، بحسب أقارب له وإسلاميين أفادوا بأنه كان يقاتل في صفوف الجيش، أما الاسم الثاني كان علي كرتي الذي أصدر بيانا وظيفيا كأمين عام للحركة الإسلامية، نعى في الفضل. المبادرة التركية ورغم أن واشنطن تتدخل في الشؤون العربية دون قيد أو شرط وتطلق العقوبات يمينا ويسارا، إلا أن البعض لاسيما من دول الثورة المضادة، دقق كثيرا في تأكيد عبدالفتاح البرهان قائد الجيش للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اتصال بينهما بمناسبة التهنئة بعيد الأضحى على قبول السودان لأي مبادرة تركية لإيقاف الحرب وإحلال السلام في السودان. كما دققوا أيضا بإطلاع البرهان، الرئيس أردوغان على الخروقات التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع وعدم التزامها بالهدن وقيامها باحتلال منازل المواطنين ونهبها، واغتصاب الحرائر. وأعرب البرهان عن شكره وتقديره لاهتمام الرئيس التركي بالأوضاع في السودان، لاسيما بعد اندلاع التمرد مشيدا بالوقفة المشرفة للحكومة التركية والشعب التركي في تقديم المساعدات الإنسانية. وتبادل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، في اتصال هاتفي بينهما، الثلاثاء، التهاني بحلول عيد الأضحى. وأوضح بيان لدائرة الاتصال بالرئاسة التركية أن أردوغان هنأ البرهان بحلول عيد الأضحى، متمنيا أن يعود بالخير للشعب السوداني والأمة الإسلامية. وأفاد أردوغان بأن السودانيين يستقبلون عيدا آخر في أجواء مع الحزن، بسبب الأحداث التي تشهدها بلادهم مؤخرا. وأشار أردوغان إلى مواصلة سفارة أنقرةبالخرطوم عملها رغم الأحداث الأخيرة في السودان، وذلك عبر تقديم خدماتها من دون انقطاع من مدينة بورتسودان. وأكد أردوغان جاهزية الحكومة التركية لمواصلة جهودها في تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوداني، لافتا إلى استمرار المستشفى التركي ب "نيالا" في تقديم الخدمات الطبية خلال هذه المحنة التي يمر بها الشعب السوداني. وخلّف القتال بسبب التمرد، أكثر من 3 آلاف قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى، بالإضافة إلى ما يزيد عن 2.2 مليون نازح داخل البلاد وخارجها، بحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة السودانية والأمم المتحدة. ويخوض الجيش وقوات الدعم السريع قتالا في الخرطوم ودارفور وغيرهما منذ 10 أسابيع في ثالث أكبر دولة أفريقية من حيث المساحة، مما دفع 2.5 مليون إلى النزوح، كما تسبب الصراع في أزمة إنسانية ويهدد بزعزعة الاستقرار في المنطقة، وقد تؤدي التعزيزات التي يتلقاها كل جانب إلى تأجيج الصراع. وتبادل الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو حميدتي اتهامات ببدء القتال أولا في 15 أبريل الماضي.