في ظل التقدم الإثيوبي المتسارع في ملف سد النهضة، والذي تعمل فيه أديس أبابا غير عابئة بالمطالب المصرية، في ظل عجز وخوار السيسي ونظامه العسكري، عقدت أثيوبيا اجتماعا وزاريا ، غابت عنه مصر يوم الخميس، تحت مسمى "المنتدى الأفريقي حول الاستخدام العادل للأنهار العابرة للحدود في أفريقيا" وذلك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بمشاركة وزراء خارجية دول حوض النيل، ضمن جهودها لتقنين استخدام مياه النيل كسلعة تمهيدا لبيعها، وفق ما يعرف ببنك المياه الذي تدفع نحوه مؤسسات دولية كالبنك الدولي والصين والإمارات، ويعود على مصر بكوارث اقتصادية وبيئية. ويعني الاستخدام العادل لمياه النيل، عدم خروج مياه النيل من دول الحوض إلى أي دولة من دول المصب، إلا بعد استكفاء دول الحوض من جميع حاجياتها المائية ، وبيع ما يفيض عنها لدولتي المصب مصر والسودان، وهو أمر مرفوض مصريا منذ عهد السادات. وضمن فعاليات المنتدى، قال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإثيوبي، ديميكي ميكونين: إن "سد النهضة الذي تبنيه بلاده يقترب حاليا من الملء الرابع، زاعما أن عمليات الملء الثلاث السابقة، لم تتسبب في ضرر لدول المصب، وكذلك سيكون الملء الرابع" وشدد الوزير الإثيوبي، على رفض بلاده ما وصفه بالتدخل غير البناء وغير المبرر لجامعة الدول العربية في ملف سد النهضة.
اتفاقية "عنتيبي" وفي سياق مواز، دعا وزير الخارجية الإثيوبي إلى "ضرورة التصديق على اتفاقية الإطار التعاوني لحوض نهر النيل" ويعقد المنتدى الثاني تحت عنوان: "الاستخدام العادل والمعقول للمجاري المائية العابرة للحدود، مفتاح لازدهار أفريقيا". وأكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإثيوبي، في كلمته الافتتاحية، أن حوض النيل يعاني من تحديات طبيعية، وقال: "حان الوقت لمضاعفة الجهود لمواجهة مثل هذه التحديات" ووصف سد النهضة الإثيوبي بأنه مظهر من مظاهر الاستفادة من الموارد المائية والاستخدام المنصف والمعقول". وكانت الخارجية الإثيوبية انتقدت الشهر الماضي بيان القمة العربية الأخيرة في 19 مايو الداعم لمصر بشأن سد النهضة، وقالت إنه "يكرر التصريحات المصرية غير العادلة بشأن سد النهضة، وهو إهانة للاتحاد الأفريقي والدول الأعضاء". وأكدت الخارجية الإثيوبية في بيانها أنه "تم الاتفاق على تفاصيل ملء السد بما في ذلك الحجم والمدة، بين خبراء الدول الثلاث، وأن إثيوبيا عملت على تلبية مخاوف مصر والسودان". وأعلنت إثيوبيا، في 12 أغسطس 2022، رسميا اكتمال الملء الثالث لسد النهضة الذي تقيمه على النيل الأزرق، وتخزين 22 مليار متر مكعب من المياه. وبعد شهر على إعلانها اكتمال الملء الثالث لسد النهضة الكبير، دعت إثيوبيا جميع دول حوض النيل إلى سرعة التصديق على الاتفاقية الإطارية الشاملة "CFA" التي تهدف إلى إنشاء منظمة تعاون دائمة بين دول الحوض، مؤكدة على ضرورة استخدام نهر النيل بطريقة عادلة ومعقولة ومنصفة. ومبادرة حوض النيل اتفاقية تضم مصر والسودان وأوغندا وإثيوبيا والكونغو الديمقراطية وبوروندي وتنزانيا ورواندا وكينيا وإريتريا، وتنص على "الوصول إلى تنمية مستدامة في المجال السياسي-الاجتماعي، من خلال الاستغلال المتساوي للإمكانيات المشتركة التي يوفرها حوض نهر النيل". وفي يونيو 2010، جمدت مصر عضويتها في المبادرة، اعتراضا على توقيع 6 من دول منابع النيل على اتفاقية الإطار القانوني والمؤسسي CFA، التى تتضمن 3 بنود خلافية ترفضها مصر، وهي بند الأمن المائي، مقابل عدم الاعتراف بالحصة التاريخية لمصر في مياه النيل المقدرة ب55.5 مليار متر مكعب وفق اتفاقية 1959، وبند الإخطار المسبق رقم 12 بتنفيذ أي مشروعات على النيل، وبند التصويت على القرارات بالإجماع بدلا من الأغلبية. وقالت مصر: إن "قرار تجميد أنشطتها جاء كرد فعل بعد توقيع دول منابع النيل على اتفاقية الإطار القانوني والمؤسسي والمعروفة ب"عنتيبي" دون حسم الخلاف على الثلاثة بنود الخلافية، وهو ما تسبب في امتناع المانحين عن ضخ مساعدات لبرامج التعاون في مبادرة حوض النيل نتيجة وجود خلافات بين الدول".
34 مليار متر مكعب ضائعة على مصر ووفق خبير السدود والمياه محمد حافظ، فإن الملء الرابع سيحرم مصر من نحو 34 مليار متر مكعب هذا العام، ستخزنها أثيوبيا بالملء الرابع، وهو ما ستلجأ مصر لتعويضه من مخزونها الاستراتيجي خلف بحيرة السد العالي، وهو ما سيؤثر لاحقا على عمليات توليد الكهرباء من السد العالي، بحانب تأثيرات ذلك سلبا على تعويض المياه المفقودة، عبر تحلية المياه سواء الصرف أوالبحر. ومع العجز المصري في ردع أثيوبيا، تشجعت العديد من الدول الأفريقية في بناء سدود على روافد النيل كما في تنزانيا وجنوب السودان، آملين في بيع المياه لمصر ولغيرها، وفق ما يعرف ببنك المياه الأفريقي، الذي تهندسه حاليا الصين والإمارات والبنك الدولي في إفريقيا.