في الوقت الذي قام زعيم عصابة الانقلاب عبد الفتاح السيسي بإصدار أوامره بترميم مقابر اليهود الشهيرة في البساتين (ليشع ومنشه) نوفمبر 2022، وسمح لوفد إسرائيلي بزيارة ضريح أبو حصيرة يناير 2023 لتجهيزه ليكون مزارا للإسرائيليين، بالمخالفة لأمر من القضاء المصري منذ عام 2014، أمر بلدوزرات الجيش أن تستكمل هدم مقابر المسلمين التاريخية. 2700 مقبرة وضريح تابعة لوزارة الأوقاف لأنها تاريخية وتضم رفات علماء ومشاهير صدر لهم قرار إزالة بأمر من السيسي مباشرة، وهي مقابر تراثية ذات هيكل معماري إسلامي، وطلب من الأهالي نقل الشواهد والأضرحة على نفقتهم ومن رفض أو لم يعرف كيف يتصرف عاد ليجد أهله وأجداده عظاما ملفوفة في ملايات بيضاء وملقى بها في حجرات لحين دفنها في مقابر جديدة يشتريها الأهالي على نفقتهم. "رضوى هلال" كتبت تقول: إنها "التقطت صورة لغرفة مجمع بها بقايا عظام بشر، تم تجميعها في ملايات بيضاء في جبانة سيدي جلال بالسيدة عائشة دون احترام حرمة الموتى وتركوا أهلهم يبحثون عنهم". وعلق نشطاء قائلين: "الصورة دي مش أكياس زبالة، دي حرفيا عضم التربة اللي النظام ده محترمهوش، حاجة غير آدمية مبيعملهاش غير الضباع نهاشي القبور". https://twitter.com/S_Elhussieny/status/1662784229598429184 الأهالي قالوا: إنهم "لم يجدوا من يتحدثون معه فلا محافظة القاهرة ولا جهاز التنسيق الحضاري له أي كلمة، والكلمة لضباط الجيش الذين أرسلهم السيسي لبناء الكباري والذين يأمرون الشركات بالهدم دون أن يراجعهم أحد". قالوا: "تقوم لجنة من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، التي تشرف على المشروع، بمسح المقابر كل شهرين، ويحددون المقابر المراد هدمها. وانتشرت عشرات المنشورات على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» يشكو أصحابها من هدم مقابر عائلاتهم التي تعود لمئات السنوات. وكتب عز الدين العربي: «هدم مقابر سيدي جلال في السيدة عائشة، وفيها رفات جدي المرحوم الحاج إبراهيم سيد أحمد، حيث دفن فيها ودفنت بعده جدتي وأشقاء والدتي وأبناؤهم وزوجاتهم، ولا أعرف مصير الرفات ولا كيفية التعامل معها للأسف، وليس لدى أي إثبات لملكيتها فأقف حزينا مكتوف الأيدي". حساب "Blue Cairo " على تويتر نشر عشرات الصورة لجريمة تجريف المقابر بواسطة بلدوزرات الجيش دون إبلاغ الأهالي أو احترام تراث وتاريخ إسلامي عريق وحطم شواهد قبور تاريخية. https://twitter.com/thebluecairo/status/1658720150009282560 الدكتور مصطفى الصادق، المهتم بتوثيق معالم القرافة، وإبراهيم طايع، مؤسس صفحة جبانات مصر، وحسام عبد العظيم، عضو مبادرة شواهد مصر، نشروا تفاصيل عن هدم 44 مقبرة من بين ال 2700 مقبرة حتى الآن. مديرة مكتب الإعلام بمحافظة القاهرة عزة عتريس، حين سئلت قالت: "نحن جهة تنفيذية ليس أكثر، والمحافظة دورها يقتصر على إبلاغ أسر المتوفي بنقل الرفات من المدفن إلى مقابر العاشر من رمضان التي تقوم المحافظة بتسليمها إلى الأهالي كتعويض عن المقابر التي يتم هدمها والتي اشتكي الأهالي من صغرها وبعدها وأنها لن تعوض المقابر الأثرية التاريخية". وانتشرت صور لأعمال هدم بمحيط منطقة مقابر الإمام الشافعي والسيدة عائشة لإقامة مشروعات محاور وكباري وسط استياء المصريين من عدم حفاظ السيسي على التراث الإسلامي، وتساءلوا عن سر عدائه للآثار الإسلامية التاريخية. https://twitter.com/AJA_Egypt/status/1660359809240055808 تليجراف: السيسي يجرف قبور ملوك مصر صحيفة تليجراف البريطانية قالت: إن "دعاة الحفاظ على البيئة المصريين يتسابقون لإنقاذ الآثار القديمة المدفونة مع بعض أشهر سكان القاهرة، حيث تقوم الجرافات بتسوية أجزاء من مقبرة شاسعة تضم ملوكا منسيين". وأضافت الصحيفة أن الحكومة المصرية تشق طريقها عبر مدينة الموتى، وهي أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو التي يبلغ طولها 7 كيلومترات، لبناء طرق سريعة كجزء من حملة التحديث المتفشية لعبد الفتاح السيسي. أوضحت أن الطرق تمزق شبكة من الأضرحة التي يعود تاريخها إلى القرن السابع، لربط وسط القاهرة المزدحم بالعاصمة الإدارية الجديدة للسيسي. وأشارت إلى أنه في خضم الاندفاع للحفاظ على ما تبقى في الأنقاض، عثرت فرق من المؤرخين والمتطوعين الهواة على قطع أثرية يعود تاريخها إلى أكثر من ألف عام. ومن بين الاكتشافات الحديثة نقش عربي كوفي قديم نصف مغطى بالخرسانة ومدفون بين الأعمال الحجرية المنهارة يحتوي شاهد القبر على نقش يعود تاريخه إلى عام 836 بعد الميلاد، تم التبرع بها لاحقا لوزارة السياحة والمتاحف المحلية. وقال مصطفى الصادق، أحد أعضاء المجموعة، لصحيفة التلغراف: "لست متأكدا من عدد الآثار مثل هذه التي تم تدميرها، كل يوم نذهب، نجد المدافن التي أزيلت وتم هدم الضريح الأصلي في الماضي لبناء ضريح جديد، وتم استخدام شاهد القبر كطوب كان الضريح الأحدث قد هدم للتو عندما وجده الدكتور الصادق". قالت: إن "ضريح الملكة فريدة، زوجة فاروق الثاني، ملك مصر السابق، هو أحد الأضرحة التي من المقرر هدمها تم نقل رفاتها بعد مناشدة من عائلتها إلى سلطات الانقلاب، ودفنت مع زوجها في مسجد الرفاعي". المدينة ليست فقط للموتى، تعيش العائلات داخل غرف الضريح، مع وجود الضريح في وسط الغرفة وأسرتهم بجانبه عليهم أن يعيشوا في مقابر بسبب أزمة الإسكان في القاهرة، والآن عليهم المغادرة أو العثور على ضريح آخر. وعلى الرغم من كونها مقبرة، إلا أن العزلة ليست الشعور السائد، يتجول الناس ويجلس النساء والرجال على عتبات منازلهم ويلعب الأطفال دون خوف. في الوقت نفسه أنفقت حكومة السيسي بكثافة على مشروعات عملاقة غير مدرة للدخل مثل الطرق السريعة والقطارات الأحادية والبنية التحتية الجديدة للمدن دون إجراء دراسات جدوى، الأكثر وضوحا هو العاصمة الإدارية الصحراوية التي تبلغ تكلفتها 58 مليار دولار شرق القاهرة. وتقول الصحيفة: إن "حكومة السيسي تكافح لسداد القروض التي مولت هذه المشاريع وسط أزمة اقتصادية حادة تهدد بالتخلف عن السدا"د. يدمر تراث المسلمين أدى هذا لحالة من الغضب سيطرت على المصريين مع بدء معدات الهدم بإزالة مقابر استقرت في منطقة السيدة عائشة وسط القاهرة، منذ 1400 عاما، وانتقدوا عدم احترام السيسي للتاريخ الإسلامي، بينما يحافظ على التاريخ اليهودي لمصر. من بين العلامات التي وضعها ضباط الجيش للهدم علامة تشير لقرب هدم مقابر عدة لشخصيات هامة في التاريخ، منها ضريح الراوي ورش في مقابر الإمام الشافعي، صاحب الرواية المشهورة في قراءة القرآن (ورش عن نافع) تمهيدا لإزالة المقبرة وإقامة كوبري. والإمام ورش، شيخ قراء القرآن المحققين، وأحد أعلام التلاوة، وهو أبو سعيد عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان، ولقّبه شيخه الإمام نافع المدني بلقب «ورش» نظرا لأنه كان ناصع البياض، والورش طائر معروف. وولد الإمام ورش في صعيد مصر عام 110 هجرية، ورحل إلى المدينةالمنورة كي يتتلمذ على يدي شيخه الإمام نافع بن عبد الرحمن أبي نعيم المدني، تلميذ الإمام مالك بن أنس، توفي الإمام ورش، شيخ المقارئ المصرية، في مصر سنة 197 هجرية، عن عمر ناهز 87 عاما، ودفن في مدفنه في قرافة الإمام الشافعي. وظلت رواية ورش هي السائدة في مصر إلى القرن الخامس الهجري، ثم انحسرت تدريجيا لحساب رواية الدوري عن أبي عمر، ومع دخول العثمانيين بدأت رواية حفص عن عاصم في الانتشار، ومنذ سنوات اعتبرت المملكة المغربية أن رواية ورش تمثل جزءا من التراث الثقافي للشعب المغربي، فأصدرت وزارة الثقافة المغربية قرارا بمنع دخول المصاحف برواية حفص حفاظا على رواية ورش التي تكاد تنقرض في الجزائر، بسبب ممارسات بعض السلفيين. مقبرة المراغي من المقابر التي ستزال أيضا مقبرة شيخ الأزهر الأسبق محمد مصطفى المراغي، حسب تصريحات لحفيدته شيرين تحسين، التي قالت: إن "الأسرة تلقت قرارا من محافظة القاهرة بنزع ملكية مقبرة جدها، ونقلها إلى منطقة العاشر من رمضان لاستخدامها في المنفعة العامة". وتولى المراغي مشيخة الأزهر الشريف، مرتين، الأولى في الفترة من عام 1928 حتى استقالته عام 1930، والثانية من 1935 إلى وفاته في 1945. علامة إزالة أخرى وضعتها الجهات التنفيذية داخل مقبرة الشاعر محمود سامي البارودي الذي كان أحد أبطال ثورة عرابي ضد الخديوي توفيق. واستغاثت رانيا عز العرب بالمسؤولين لوقف هدم مقبرة عائلتها، التي تعود لجدها محمد عز العرب أحد قادة ثورة 1919. وكتبت على صفحتها على «فيسبوك»: «أوقفوا هذه المهزلة فجدي محمد عز العرب، صديق سعد زغلول وفقيد الوطنية – بشهادة صحف أوائل القرن العشرين – ونقيب المحامين الشرعيين في طليعة القرن نفسه وسكرتير عام حزب الوفد وأحد قادة ثورة 1919، فقيد الوطنية الذي طالما دافع عن حقوقنا جميعا – نحن المصريين – كمناضل وكمحام شرعي لا يجد الآن من يدافع عن حقه ليس في الحياة الكريمة كما كان ينادي، وإنما في أن يرقد في سلام هو وكل موتانا في منطقتي الإمام الشافعي والسيدة نفيسة خطة محو لا تطوير وعلى مدار الأشهر الماضية، تواصلت أزمة هدم المقابر في إطار ما سمي خطة تطوير القاهرة، بينما هي محو للتاريخ الإسلامي للعاصمة. حيث بدأت أزمة هدم المقابر التاريخية في 24 أكتوبر 2021، وتم كشف مذكرة بشأن المدافن التي وقعت في نطاق الإزالة في مشروع تطوير محور صلاح سالم من محور جيهان السادات حتى حديقة الفسطاط بامتداد 6 كيلومترات، تتخللها جبانات المجاورين وباب الوزير وسيدي جلال والسيدة نفيسة والطحاوية والإمام الشافعي وسيدي عمر. وفي عام 2020 أثير جدل بشأن عدد من المقابر في منطقة منشية ناصر في قلب القاهرة التاريخية، من جبانة المماليك التي تعود لنحو 5 قرون من أجل إنشاء جسر. وتعد مقابر المماليك أقدم جبانة إسلامية في مصر، وتحتل موقعا متميزا وسط العاصمة، وكانت تسمى قديما «صحراء العباسية» إذ وقع اختيار المماليك عليها لتكون مضمارا لسباقات الخيل، وفي النصف الأول من القرن الثامن الهجري بدأ ملوك مصر وأمراؤها بإنشاء المساجد والخوانق بهذه المنطقة والحقوا بها مدافن لهم. اليهودي يكسب مقابل هدم السيسي مقابر المسلمين وكبار العلماء والشخصيات التاريخية ومحو التاريخ الإسلامي أعطي الأمر في 20 نوفمبر 2022، لافتتاح مقابر "ليشع ومنشه" اليهودية التي تم ترميمها في القاهرة وشارك بالافتتاح، رموز يهودية وأميركية. ويعد اليهود هذه المقبرة ثاني أقدم مقابرهم في العالم بعد جبل الزيتون بالقدس، وكانت تضم رفات اليهود المقيمين في مصر قبل هجرتهم الجماعية منها مع اندلاع حرب 1948 ومشاركة إسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956. ويعود تاريخ بناء هذه المقبرة اليهودية إلى عهد الوالي أحمد بن طولون، الذي منح اليهود المقيمين في مصر مساحة كبيرة لبنائها، لكن طالها الإهمال تدريجيا بعد هجرة اليهود من مصر وزحف عليها العمران مع زيادة السكان. وعقب شكوى إسرائيلية بدأ السيسي خلال عامي 2019 و2020 تطويرا شاملا للمنطقة ككل وإزالة القمامة وبناء سور حول مقابر اليهود بالبساتين. ولاحقا، زار اثنان من الحاخامات اليهود منطقة المقابر اليهودية بالقاهرة لمتابعة عملية التنظيف و"للتأكد من أن عملية التنظيف لا تلامس أيا من القبور".