في الوقت الذي عبّر فيه المنقلب السيسي عن استقبال مزيد من السودانيين قائلا "سنتأثر بالأزمة حتما في ظل الصعوبات الاقتصادية" قالت وكالة رويترز: إن "السودانيون يكابدون رحلة شاقة ومهينة للعبور لمصر". وقالت مصادر رسمية في حكومة السيسي في مصر الإثنين: إن "40 ألف سوداني عبروا حدودها، فيما حذرت الأممالمتحدة من أن أكثر من 800 ألف قد يفرون من السودان الذي يبلغ عدد سكانه 46 مليون نسمة إذا استمر القتال". الرحلة المهينة وقالت رويترز: إن "آلافا من السودانيين الفارين من القتال الدائر في بلادهم يعانون من تكاليف باهظة للسفر شمالا إلى مصر على متن حافلات وشاحنات، خلال رحلة شاقة لهم على المعابر لعدة أيام". وأشارت إلى ملاذ عمر (34 عاما) الحامل في شهرها الثامن التي تركت وراءها كل شيء للفرار مع زوجها وطفليها الصغيرين وقريبة مسنة من القتال الذي اجتاح العاصمة السودانية منذ أكثر من أسبوعين.
ولفت التقرير إلى أنه عندما وصلت ملاذ إلى مصر لم تكن قد تناولت طعاما أو اغتسلت ل4 أيام، وقد مرت عبر معبر قسطل الحدودي حيث يفترش الراغبون في العبور الأرض، فيما لا يوجد ما يحمي رؤوسهم من أشعة الشمس الحارقة. وأضافت الفارة من السودان ملاذ ، "تناولنا مسكنات للآلام على معدة خاوية، كان الأمر صعبا للغاية، بلادنا دُمرت لكننا سنعود وسنبنيها من جديد".
وقال محمد النعمان أحمد، تاجر سوداني (46 عاما)، كان على حدود مصر عندما علم بأن القتال قد اندلع "لقد أصابت هذه الحرب مركز البلاد وقلبها"، واصطحب والدته وزوجته وأبناءه ال4 إلى الحدود.،وقرب معبر قسطل الذي عبره بعد عودته لاصطحاب عمه المصاب بالسرطان "نهار الأمن. ويخشى البعض في الخرطوم من ترك منازلهم وممتلكاتهم دون حماية أو المغادرة في رحلة شاقة مع أقاربهم المرضى أو المسنين. أما من غادروا فإنهم يبحثون عن الأمان في المناطق السودانية البعيدة عن العاصمة أو اتجهوا إلى حدود البلاد الغربيةوالجنوبية والشمالية، فيما غادر البعض بحرا من بورتسودان إلى السعودية.
بيزنس الفرار مع ارتفاع الأعداد وندرة الوقود، ارتفعت تكلفة الحافلات المتجهة إلى مصر إلى نحو 500 دولار للفرد. وأولئك الذين يستطيعون تحمل تكاليف هذه الرحلة هم الأثرياء نسبيا، لكن كثيرين يصلون عبر معبري أرقين وقسطل على جانبي بحيرة ناصر في حالة متردية. تقول ليم الشيخ، وهي طبيبة أسنان 23 عاما: إن "الأمر تطلب منها ما يقرب من أسبوع للوصول من أم درمان إلى أبو سمبل، وإن تجار الحرب يستغلون الأزمة للتربح". وأضافت "نحن أفضل حالا من غيرنا، فهناك كثيرون لا يستطيعون الفرار من الحرب". وسجلت رويترز أثار الرحلة على مجموعة من النساء والأقارب المسنين والأطفال من العابرين إلى مصر عند أرقين، يكسو الغبار وجوههم وملابسهم فيما يسحبون عربات مكدسة بالأكياس قبل أن يستقلوا حافلة متجهة إلى القاهرة. ويحتاج الذكور البالغين يحتاجون إلى تأشيرات لدخول مصر، فإنهم عادة ما يبقون في السودان وينتظر كثيرون منهم في وادي حلفا في شمال السودان للتقدم بطلبات للحصول على تأشيرات. وعن المعبرين أرقين وقسطل "شح الطعام والماء والمأوى والمراحيض عند المعابر، ويقولون إنهم ينامون في حافلات أو وسط طرقات مليئة بالقمامة أو داخل منطقة مغلقة بين المعبرين الحدوديين" بحسب الوكالة.
وعن ذلك نقلت عن فريد محجوب طه (77 عاما) الذي فر من الخرطوم، كيف أنه وجد الوضع مريعا جدا في أرقين، وإن كانت الخدمات أفضل على الجانب المصري، الوضع ليس آدميا، ولا حتى يناسب الحيوانات". الطبيبة ليم الشيخ قالت: إن "الناس يتعرضون لاستجواب مطول وحاد من جانب المسؤولين المصريين، وتضيف أنهم يتعرضون في بعض الأحيان للإهانة والتهديد بإعادتهم من حيث أتوا". وقال عنصر من حرس الحدود المصري: إن "الموظفين يعملون على مدار الساعة في ظل التدفق، وقالت وزارة الخارجية المصرية إن السلطات تقدم خدمات الإغاثة والطوارئ عند المعابر وتحاول تسريع إجراءات الدخول من خلال زيادة أعداد الموظفين على الحدود".
على الجانب الآخر يقول خالد، وهو من سكان الخرطوم وذكر اسمه الأول فقط: إنه "قرر البقاء في العاصمة بسبب قلقه بشأن قدرة تحمل جدته المريضة وشقيقته التي أحيانا ما تعاني نوبات صرع، فضلا عن تكلفة الرحلة". وأوضح لرويترز "رأيت قلة من أصدقائي الذين سافروا بالفعل، لا يزالون على الحدود تتقطع بهم السبل في الشوارع، لا أستطيع أن أعرّض عائلتي لمثل هذا الموقف".
800 ألف شخص فار وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن "آلاف الأشخاص نزحوا إلى بورتسودان على ساحل البحر الأحمر بعد أن فروا من المعارك التي تتركز بالعاصمة الخرطوم، بعد أن صار الميناء مركزا للنازحين من المعارك الدامية ووسيلة لإيصال المساعدات الإنسانية التي استؤنفت أخيرا". وشهد القتال الذي اندلع في 15 أبريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شن غارات جوية ومعارك بالمدفعية على الخرطوم ومدينتي أم درمان وبحري المجاورتين لها، الأمر الذي ترك الشوارع فارغة من أي مظهر من مظاهر الحياة المدنية. واستخدم الفارون الأقمشة والكراسي لتشييد خيام مؤقتة بداخل مدينة الملاهي التي تحولت إلى مأوى مؤقت للآلاف الذين يرغبون بالفرار من البلاد على متن السفن المتجهة للسعودية. وحاول هؤلاء الأشخاص تأمين خروجهم من السودان على متن سفن الإجلاء المتجهة من بورتسودان التي يسيطر عليها الجيش إلى جدة عبر البحر الأحمر.
ومع دخول النزاع أسبوعه الثالث، تمكّنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الأحد، من إيصال أول شحنة مساعدات إنسانية عن طريق الجو، وذلك إلى مدينة بورتسودان أيضا الواقعة على مسافة 850 كيلومترا إلى الشرق من الخرطوم على عكس السيسي ولعبت السعودية دورا مركزيا في عملية الإجلاء الدولية من السودان، حيث أخرجت أكثر من 5000 أجنبي من البلاد منذ اندلاع القتال في منتصف أبريل الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع، بحسب نيويورك تايمز.
وتستغل السعودية موقعها الجغرافي القريب من السودان، حيث تبعد جدة أقل من 200 كيلو من بورتسودان،وذكرت السعودية، عبر وكالتها الرسمية "واس"، أن بين من تم إجلاؤهم من السودان 225 مواطنا سعوديا، ونحو 5184 شخصا ينتمون ل 102 جنسية.
وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن الجهود السعودية تتلاءم مع تطلعات الزعيم الفعلي للمملكة ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، لوضع بلاده كقوة عالمية صاعدة ووسيطا محايدا.
وسارعت وسائل الإعلام السعودية في الإشادة بجهود الإجلاء التي قامت بها المملكة، ونشرت الصحف المحلية صورا لجنود سعوديين يستقبلون القادمين من السودان في جدة ويوزعون عليهم الزهور، وحمل بعض الذين تم إجلاؤهم أعلاما سعودية صغيرة.
أعلنت السعودية، الإثنين، أنها ساعدت في إجلاء 5409 أشخاص من السودان منذ أن بدأ الصراع العسكري بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقال رئيس الإدارة العامة للجوازات في المملكة: إن "البلاد ستمنح تأشيرات دخول مجانية لجميع الرعايا الأجانب الذين تم إجلاؤهم من السودان على أساس قانوني، لكن يجب أن يكون لديهم خطط مجدولة لمغادرة المملكة".
على الرغم من أن عمليات الإجلاء الدولية تركز الآن على بورتسودان، إلا أن عشرات الآلاف من الأشخاص فروا برا إلى تشاد ومصر وجنوب السودان منذ اندلاع الصراع.
ويستضيف السودان بالفعل واحدة من أكبر تجمعات اللاجئين في أفريقيا – حوالي 1.1 مليون شخص – معظمهم من جنوب السودان، وفقا لوكالة الأممالمتحدة للاجئين.
وتتوقع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فرار أكثر من 800 ألف شخص من السودان إلى البلدان المجاورة له. وأشار المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في تغريدة عبر تويتر، إن "المفوضية بالتعاون مع الحكومات والشركاء تتهيأ لاحتمالية تسبب القتال في السودان في فرار أكثر من 800 ألف شخص إلى البلدان المجاورة له". وقال: "نأمل ألا يحدث ذلك، ولكن إذا لم يتوقف العنف فسنرى المزيد من الأشخاص يجبرون على الفرار من السودان بحثا عن الأمان" ووفقا لغراندي، فإنه يفر حوالي 3000 مواطن من جنوب السودان إلى بلدهم الهش يوميا".