قال بنك جولدمان ساكس الأمريكي في تقرير جديد له أنه متوقع أن ينخفض الجنيه المصري أكثر خلال الشهور اللاحقة، مضيفا في التقرير أن الجنيه من بين أسوأ العملات أداء في عام 2023 وأن مصر تواجه "خيارا صعبا". وأوضح أن هناك تسريعا في وتيرة الإصلاحات الاقتصادية أو مواجهة المزيد من التعديل المؤلم في شكل انخفاض في قيمة العملة المحلية وتقليص الواردات قد تؤدي إلى زيادة التضخم وعرقلة النمو.
خيار صعب
المشكلة بحسب التقرير أن "التعديل الخارجي الحاد" الذي رأيناه في العام الماضي لم يكن كافيا للتخفيف من اختلال ميزان المدفوعات للبلاد، انخفضت قيمة الجنيه بأكثر من 50% منذ مارس 2022، كما انخفضت الواردات، فيما ارتفعت معدلات التضخم وأسعار الفائدة، وتباطأ النمو، إلا أن كل ذلك لم يكن كافيا للتخفيف من ضغوط ميزان المدفوعات على الاقتصاد، بحسب بنك الاستثمار. ويعني ذلك أن الطلب على العملات الأجنبية لا يزال يفوق المعروض وأن سعر الصرف في السوق الموازية لا يزال في ارتفاع مع آثار ضارة محتملة على الاقتصاد.
ورأى أن الحل هو الصادرات، وأنه من الصعب كبح الطلب على السلع الأساسية مثل المواد الغذائية التي تشكل جزءا كبيرا من واردات البلاد؛ ولا تزال الصادرات، وربما التحويلات من المصريين بالخارج أيضا ضعيفة؛ كما أن تراكم الطلب على العملات الأجنبية لم يتم تسويته بعد؛ الخطر الرئيسي هو أن تدخل مصر في حلقة مفرغة من انخفاض العملة والتضخم. واستدرك التقرير لافتا إلى أن أداء مصر على صعيد الصادرات ليس بالجيد مثل إجمالي صادرات البلاد، بما في ذلك الهيدروكربونات 10% فقط من الناتج المحلي الإجمالي خلال الخمسة أعوام حتى الجائحة، فيما بلغت 37% في عينة الأسواق الناشئة لدى جولدمان ساكس. وقال البنك "العجز التجاري ناتج عن تراجع الصادرات، وليس الاستيراد ". وتوقع البنك الأمريكي أن يؤثر ذلك على قدرة البلاد على خدمة ديونها الخارجية، مما يضر بثقة المستثمرين، ويضغط على النمو، إذ يؤدي نقص الواردات وارتفاع الأسعار إلى تدمير الطلب في الاقتصاد المحلي. وأشار إلى أن معالجة الاختلالات الخارجية لمصر تعني معالجة العجز التجاري الهيكلي الذي يمثل 10% من الناتج المحلي الإجمالي، ويعد أحد أكبر النسب بين الأسواق الناشئة الرئيسية. ورأى البنك أن الدولة بحاجة إلى تسريع وتيرة انتقالها إلى سعر صرف أكثر مرونة، إلى جانب زيادة الصادرات وخفض الإنفاق الحكومي عن طريق إبطاء تنفيذ المشاريع القومية العملاقة، ومواصلة برنامجها لبيع الأصول في الشركات المملوكة للدولة. سناريوهات مقبلة ورجح جولدمان ساكس سيناريوهين محتملين لمستقبل مصر الاقتصادي سيناريو يتعلق بأن تكثف الحكومة جهودها في تنفيذ أجندة الإصلاحات الطموحة، مما يعزز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة وتقليص عجز الحساب الجاري تدريجيا من خلال دعم نمو الصادرات بشكل أكبر على المدى المتوسط. وفي هذا السيناريو لمبيعات الأصول والوصول إلى الأسواق، توقع جولدمان ساكس زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل كبير إلى 14 مليار دولار سنويا في المتوسط على مدى السنوات الثلاث المقبلة ضعف المتوسط التاريخي؛ وزيادة تمويل سوق المال إلى 6 مليارات دولار سنويا على مدى السنوات الثلاث المقبلة، مقسما بين تدفقات المحافظ الواردة والإصدارات السيادية؛ وتقلص عجز الحساب الجاري إلى 2.6% بحلول العام المالي 2026/2025 من 3.5% في العام المالي الحالي. وقالت وحدة البحوث التابعة لمؤسسة مورجان ستانلي في تقرير أصدرته عن مصر في 27 مارس الماضي إن "تعديل سعر الصرف وحده ليس علاجا، وأن ترك الجنيه المصري للانخفاض بشكل أكبر على أمل جذب الاستثمارات الخارجية ليس حلا ناجعا في ظل معدلات التضخم المرتفعة والتكلفة الاجتماعية للتعويم".