بعودة بنيامين نتنياهو على رأس حكومة الاحتلال الإسرائيلي في نوفمبر 2022م، عادت الحشود إلى الشوارع رفضا لعودته وهم المتهم في قضايا فساد توجب وضعه في السجن لا أن يكون على رأس الحكومة. أمام هذه الحشود الهادرة التي تصل إلى نحو مائة ألف متظاهر بحسب تقديرات الصحف العبرية، يحذر مفوض شرطة الاحتلال يعقوب شبتاي من اندلاع حرب أهلية بين الإسرائيليين. وقال شبتاي بحسب ما نقلت عنه صحيفة "معاريف"، إنه يخشى اندلاع حرب أهلية واغتيال سياسي في إسرائيل. وتأتي تصريحات شبتاي على هامش الخلاف المتزايد بينه، وبين وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير. وقال شبتاي ردا على معسكر بن غفير الذي يطالبه بالاستقالة: "أنا لا أستقيل". وعن العمليات الفدائية المتزايدة مؤخرا من قبل شبان فلسطينيين، قال شبتاي: "هناك مخاوف فعلية، نحن في فترة متوترة ونسير نحو تفاقم للوضع، لن أسمي المرحلة الآن انتفاضة، لكن فعلا نحن في مواجهة تصعيد". ودعا شبتاي إلى منح مزيد من تراخيص حمل السلاح للمستوطنين في هذا الإطار. ومساء السبت الماضي (18 فبراير23م)، تظاهر نحو 100 ألف إسرائيلي، للأسبوع السابع على التوالي، ضد حكومة اليمين المتطرف التي يقودها بنيامين نتنياهو، وضد التعديلات على القضاء التي ينوي القيام بها. وقدرت صحيفة "يديعوت" عدد المتظاهرين بنحو 100 ألف، جلهم في شارع كبلان بتل أبيب، فيما نظمت تظاهرات أخرى بأعداد أقل، إحداها أمام منزل نتنياهو، وأخرى في حيفا، والقدس المحتلة، وعدة تجمعات في مستوطنات. وأغلقت شرطة الاحتلال العديد من الشوارع، في خطوة باتت اعتيادية خلال الأسابيع السبعة الماضية. ويخرج المستوطنون كل سبت، بالتزامن مع العطلة، للهتاف ضد نتنياهو وحكومته، وضد التعديلات التي ينوي إحلالها بالقضاء. وقال زعيم المعارضة وزير خارجية الاحتلال السابق يائير لابيد، إن هذه الأعداد الضخمة، تخيف معسكر نتنياهو، وتثير القلق داخله. ويتجاهل نتنياهو المظاهرات خلال الأسابيع الماضية، ويواصل الآن رفقة رئيس لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست، سميحا روتمان، وضع خطة تهدف إلى إضعاف القضاء، وتقويض المحكمة العليا.
هروب واسع لرأس المال في سياق مقارب، كشف مديرو البنوك في إسرائيل أن نقل الحسابات إلى بنوك في الخارج تضاعف عشر مرات في أعقاب إعلان حكومة بنيامين نتنياهو عن خطتها لإصلاح القضاء. وذكر الصحفي براك رفيد المعلق في موقع "وللاه" على حسابه على تويتر أن مديري البنوك كشفوا عن هذه المعطيات خلال لقائهم بوزير المالية بتسلال سموتريتش. ونقلت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية عن أوري ليفين، مدير بنك "ديسكونت"، تحذيره سموتريتش خلال نفس اللقاء من أن هناك مؤشرات على بدء أزمة اقتصادية، ضمنها انخفاض قيمة الشيكل وتعاظم مخاطر الاستثمار وتراجع التداول في سوق الأسهم. وأشارت الصحيفة حسب ترجمة الدكتور صالح النعامي بالعربي الجديد إلى أن سموتريتش حاول تخفيف مخاوف المصرفيين، مشيراً إلى أن الإصلاحات القضائية لن تمس البيئة الاستثمارية في إسرائيل، مشدداً على أنه يعكف على إعداد مشروع موازنة "مسؤول يفضي إلى زيادة النمو الاقتصادي". في السياق، ذكرت صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية أن ظاهرة نقل الحسابات من البنوك الإسرائيلية إلى بنوك في الخارج لم تعد تقتصر على الشركات، مشيرة إلى أن "مواطنين عاديين" باتوا يحرصون على نقل حساباتهم إلى الخارج في أعقاب الإعلان عن الإصلاحات القضائية. وأشارت الصحيفة إلى أن حركة نقل الحسابات إلى الخارج تأتي في إطار محاولة تلافي تداعيات الإصلاحات المرتقبة على الأوضاع الاقتصادية. وأبرزت الصحيفة أنه على الرغم من أن فتح حساب استثماري في بنك أوروبي يتطلب إيداع مليون يورو فإنه قد تبين أن عدداً غير قليل من الإسرائيليين يملك هذا المبلغ. وتوقع الباحث الاقتصادي أوري طا نا أن ينتهي النموذج الاقتصادي الإسرائيلي بعد تطبيق خطة الإصلاحات القضائية إلى نفس النموذج السائد في هنغاريا وبولندا، والذي يتسم بطرده للاستثمارات الخارجية. وفي تحليل نشرته صحيفة "كاكليست" الاقتصادية، أوضح طا نا أنّ إسرائيل ستنتهي إلى مصير هنغاريا وبولندا؛ لأن الإصلاحات القضائية التي أعلنت عنها حكومة نتنياهو ستنهي الفصل بين السلطات، وهو ما يمثل أحد الظروف التي تحفز البيئة الاستثمارية في أية دولة. وأضاف أن المستثمرين الأجانب غادروا هنغاريا وبولندا في أعقاب الإصلاحات القضائية التي مست بمبدأ الفصل بين السلطات، مشيراً إلى أن المستثمرين الأجانب القلائل الذين يواصلون الاستثمار في هاتين الدولتين يشترطون توفير ضمانات وظروف تأخذ بين الاعتبار المخاطر الناجمة عن فقدان الجهاز القضائي استقلاله. ولفت إلى أن تراجع أسهم الشركات الإسرائيلية في بورصة تل أبيب مؤخراً مقارنة بأسهم الشركات في أسواق العالمية يمثل دليلاً على الانعكاسات السلبية للإصلاحات القضائية على البيئة الاستثمارية.