السيسي وبوتين يُشاركان في فعالية تاريخية لتركيب وعاء ضغط المفاعل النووي بالضبعة    بعد غد.. انطلاق تصويت المصريين بالخارج في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    وزير التعليم العالي يبحث سبل تعزيز التعاون مع السفير السعودي بالقاهرة    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    وزير الري يؤكد استعداد مصر للتعاون مع فرنسا في تحلية المياه لأغراض الزراعة    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى بداية التعاملات    اسعار السمك البوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025 فى المنيا    تراجع معدل التضخم في بريطانيا إلى 3.6% خلال أكتوبر    المشاط: 1600 شركة ألمانية تستثمر في مصر، والحكومة تتبنى مسارا واضحا لتمكين القطاع الخاص    وزيرة الب تترأس الاجتماع ال23 لمجلس إدارة صندوق حماية البيئة    ارتفاع أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم 19 نوفمبر 2025    البيت الأبيض: الولايات المتحدة والسعودية توقعان حزمة اتفاقيات ضخمة    زيلينسكي: الهجوم الروسي أدى لمقتل 9 أشخاص    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    بولندا تستأنف عملياتها في مطارين شرق البلاد    وزير الإعلام البحريني يبحث في زيارة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية سبل التعاون الإعلامي ويشيد بنجاح احتفالية المتحف المصري الكبير    موعد حفل جوائز الكاف 2025 والقنوات الناقلة    المغرب يهيمن على القوائم النهائية لجوائز "كاف 2025".. وبيراميدز ممثل مصر الأبرز    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    موعد مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدوري أبطال أفريقيا.. والقنوات الناقلة    أدفوكات يصبح أكبر المدربين سنا في كأس العالم بعد تأهل كوراساو    تنمية متكاملة للشباب    «حالة الطقس».. ظواهر جوية متوقعة وارتفاع في درجات الحرارة نهارًا    الإسكندرية تترقب باقي نوة المكنسة بدءا من 22 نوفمبر.. والشبورة تغلق الطريق الصحراوي    موعد إجراء القرعة الإلكترونية لاختيار حجاج الجمعيات الأهلية    مصرع 3 شباب فى حادث تصادم بالشرقية    هنا الزاهد توجه رسالة دعم لصديقها الفنان تامر حسني    مهرجان القاهرة السينمائي، العرض العالمي الأول لفيلم "كوندافا" الليلة    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    رحلة اكتشاف حكماء «ريش»    7 آلاف سنة على الرصيف!    الصحة: «ماربورج» ينتقل عبر خفافيش الفاكهة.. ومصر خالية تماما من الفيروس    وزير الصحة يوجه بسرعة إنهاء تطوير مستشفى أم المصريين    صحة البحر الأحمر تنظم قافلة طبية مجانية شاملة بقرية النصر بسفاجا لمدة يومين    بعد انسحاب "قنديل" بالثالثة.. انسحاب "مهدي" من السباق الانتخابي في قوص بقنا    محكمة الاتحاد الأوروبي تعتزم إصدار حكمها بشأن وضع أمازون كمنصة كبيرة جدا    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    الضفة.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 100 فلسطيني شمالي الخليل    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    طن عز بكام.... اسعار الحديد اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    زيلينسكي يزور تركيا لإحياء مساعي السلام في أوكرانيا    بشري سارة للمعلمين والمديرين| 2000 جنيه حافز تدريس من أكتوبر 2026 وفق شروط    زيورخ السويسري يكشف حقيقة المفاوضات مع محمد السيد    النيابة العامة تُحوِّل المضبوطات الذهبية إلى احتياطي إستراتيجي للدولة    انقلاب جرار صيانة في محطة التوفيقية بالبحيرة.. وتوقف حركة القطارات    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    فيلم وهم ل سميرة غزال وفرح طارق ضمن قائمة أفلام الطلبة فى مهرجان الفيوم    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. سليمان صالح يكتب: لماذا تصنع أجهزة المخابرات الشائعات؟

أجهزة المخابرات هي الفاعل الرئيس في صنع الشائعات ونشرها، وقد قامت خلال القرن العشرين بتطوير أساليب صياغة الشائعات بهدف زيادة تأثيرها على الشعوب واستخدامها في الحرب النفسية.
ويعتبر صلاح نصر (1920-1982) من أهم الذين أسهموا في تطوير الحرب النفسية واستخدام الشائعات. كان عبد الناصر قد كلفه عام 1956 بتأسيس جهاز المخابرات العامة المصرية، وقد قام هذا الجهاز بالكثير من الأدوار في السياسة والاقتصاد والإعلام والفن.
وكان اسم صلاح نصر يثير الرعب في مصر حيث تنسب له الكثير من قصص تعذيب السياسيين المصريين في السجون؛ ولم يكن الهدف من التعذيب نزع الاعترافات فقط، ولكن الهدف قهر السجين نفسيا، كما أن انتشار قصص التعذيب كان يتم بشكل مقصود لإثارة خوف الشعب المصري، وإرغامه على الخضوع للسلطة.
ألّف صلاح نصر كتاب "الحرب النفسية.. معركة الكلمة والمعتقد"؛ الذي يعتبر مرجعا مهما يمكن أن يكشف لنا دور أجهزة المخابرات في تطوير الحرب النفسية، حيث اعتمد فيه على الكثير من الدراسات من علوم مختلفة، والتزم بالمناهج والأدوات العلمية.
كان كتاب صلاح نصر نتيجة لدراسة متعمقة لأساليب الحرب النفسية وتاريخها وتطورها؛ حيث تضمن الكثير من الأمثلة لاستخدام الدعاية في الحروب، وكان من أهم الأمثلة التي تضمنها منشورات نابليون عندما قام بغزو مصر عام 1798، حيث إن تلك المنشورات تعطينا صورة واضحة لأساليب الحرب النفسية المستخدمة في التاريخ.
فعندما دخل نابليون بجيوشه أرض مصر عام 1798 عمل على اجتذاب قلوب الأهالي والتودد إليهم بشتى الطرق، فكان يصدر المنشورات باللغة العربية مفتتحة بالآيات القرآنية يؤكد فيها على احترامه للدين الإسلامي والمسلمين والأقباط، وأنه حليف للسلطان ولا يقصد إلا محو سلطة المماليك وإنقاذ الأهالي من استبدادهم وظلمهم.
قرر نابليون أن يوجه منشورا للشعب المصري جاء فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم، من أمير الجيوش الفرنساوية خطابًا إلى كافة أهالي مصر الخاص والعام. نعلمكم أن بعض الناس الضالين العقول الخالين من المعرفة وإدراك العواقب، أوقعوا الفتنة والشرور بين القاطنين في مصر، فأهلكهم الله بسبب فعلهم ونيتهم القبيحة، والباري سبحانه وتعالى أمرني بالشفقة والرحمة على العباد.
فامتثلت أمره وصرت رحيما بكم شفوقا عليكم، ولكن حتى كان حصل عندي غيظ شديد وغم شديد بسبب تحريك الفتنة بينكم، ولأجل ذلك أبطلت الديوان الذي كنت قد رتبته لنظام البلد، والآن توجه خاطرنا إلى ترتيب الديوان كما كان، والعاقل يعرف أن ما فعلناه بتقدير الله تعالى وإرادته وقضائه، ومن يشك في ذلك فهو أحمق وأعمى البصيرة.
واعلموا أيضا أن الله قدر في الأول هلاك أعداء الإسلام وتكسير الصلبان على يدي، وقدر في الأزل أن أجيء من المغرب إلى أرض مصر لهلاك الذين ظلموا فيها، وإجراء الأمر الذي أمرت به، واعلموا أيضا أن القرآن العظيم صرح في آيات كثيرة بوقوع الذي حصل، وأشار في آيات أخرى إلى أمور تقع في المستقبل، وكلام الله في كتابه صدق وحق لا يتخلف، واعلموا أيضا أنني أقدر على إظهار ما في نفس كل أحد منكم لأنني أعرف أحوال الشخص، وما انطوى عليه بمجرد ما أراه، وإن كنت لا أتكلم ولا أنطق بالذي عنده، ولكن يأتي وقت ويوم يظهر لكم بالمعاينة أن كل ما فعلته وحكمت به فهو حكم إلهي لا يرد".
ووزع منشور نابليون بونابارت على المصريين في 16 رجب 1212ه، وبالطبع لم يستجب المصريون لنابليون ومنشوراته، فعمل على التودد أكثر وأكثر، واستغل قرب الشهر الكريم من البدء، وأخذ يبالغ في التقرب من المسلمين، وعندما حل موعد موكب الرؤية لاستطلاع هلال شهر رمضان انتهز نابليون الفرصة ليتقرب من المصريين بعد أن فشل في اجتذابهم بالمنشورات، فأمر بالمبالغة في الاحتفال وتفخيم الموكب وتزيينه تملقا للمسلمين.
علق صلاح نصر على هذه المنشورات بقوله: إننا لم نطل الوقوف أمام هذا المثال إلا لما فيه من عبرة لأبناء هذا الجيل، فالمستعمر مهما كان غرضه خبيث شرير، قد يتخذ شكل الحمل الوديع وهو حية ملساء تحمل سموم الفتك والدمار.
وسائل الحرب النفسية
بعد استعراض تاريخ الحرب النفسية؛ حدد صلاح نصر وسائلها الفعالة فيما يلي:
1. الخداع عن طريق الحيل والأوهام.
2. إثارة القلق باستخدام وسائل غير مألوفة.
3. الشتائم.
4. افتراءات العدو، وعرض قضيته التي يحارب من أجلها.
5. خلق قوة خاصة جبارة لا تقهر.
6. التهديد بواسطة التسليح.
7. بث الذعر، وإطلاق الشائعات.
8. التحقير من قوة العدو.
9. الإغراء والتضليل والوعد.
10. استغلال الخلافات الدينية والعقائدية.
11. الإرهاب.
أهمية الدعاية في الحرب النفسية
يرى صلاح نصر أن الدعاية تحتل مكان الصدارة في الحرب النفسية؛ حيث يتم استخدام وسائل الاتصال الجماهيرية في نشر الدعاية، وأن المخابرات تقوم بدور مهم في الحملات الدعائية، وبرهن على ذلك بالتجربة البريطانية بعد الحرب العالمية الأولى؛ كما استخدم التجربة الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية لتوضيح دور المخابرات في الحرب النفسية على المستوى الداخلي؛ لاستمالة الرجل العادي وتملق الجماهير والقيام بالعروض التي تدل على القوة، ثم استخدام "الوحشية الباردة" التي لا يهمها كل ما يحدث في سبيل تحقيق أهدافها.
التجربة الألمانية كمرجع في تكتيكات الحرب النفسية
كان إعجاب صلاح نصر واضحا بالتجربة الألمانية في مجال الدعاية خلال الحرب العالمية الثانية؛ حيث جعلت هذه الدعاية الشعب راضيا عن القيام بالحرب العدوانية وتفتيت خصومها للحصول على النصر.
يرى صلاح نصر أن الألمان حققوا انتصارات في مجال الدعاية من أهمها:
1. في المجال السياسي: بجعل كتلة كبيرة من الرأي العام الدولي يرى أن مستقبل العالم يتوقف على الاختيار بين الشيوعية والفاشية.
2. في الميدان السيكولوجي: باستخدام "الذعر الكامل"، وجعل الشعب الألماني نفسه يخشى من تصفية الشيوعية له، كما تم استخدام أفلام عمليات الحرب الخاطفة لتحطيم المعنويات، وتسبب ذلك فيما يسمى بالانهيار العصبي للأمم، وذلك بإبقائها دائما في حالة شك وعدم تيقن مما يمكن أن يحدث لها غدا.
وصف صلاح نصر الشائعات قائلاً "إنها سلاح رهيب من أسلحة الحرب النفسية تفتك بمعنويات الشعوب وتهدف إلى شل فكر الإنسان وجعله ينقاد كقطيع الغنم الذي يهيئه راعيه نحو المستقبل المجهول أو ينطق نطق الببغاء الذي يردد ما لا يعقله وما لا يفهمه"
حرب الإذاعة
يرى صلاح نصر أن ألمانيا وبريطانيا وجدتا في الإذاعة وسيلة فعالة يمكن توجيهها لكل دول أوروبا على الموجات العادية، وجذب انتباه أكبر عدد ممكن من المستمعين والتأثير في معتقداتهم وعواطفهم وولائهم سواء أكانوا أصدقاء أم محايدين أم أعداء.
يضيف صلاح نصر: "إن الألمان قاموا (بحرب الإذاعة)؛ حيث كان الراديو الألماني يعد المستمعين أحيانا بأشياء لا يستطيع أن يحققها العسكريون".
تعريف مبتكر للحرب النفسية
يقدم صلاح نصر تعريفا جديدا للحرب النفسية: بأنها الحرب الموجهة ضد الفكر والعقيدة والشجاعة والثقة والرغبة في القتال؛ فهي حرب دفاعية هجومية تحاول أن تبني معنويات الشعب بينما تحطم في الوقت نفسه معنويات العدو.
كما أن الحرب النفسية جزء من الحرب الشاملة؛ تشن قبل الحرب وفي أثنائها وفي أعقابها، ولا تخضع لرقابة القانون ولا لعادات الحرب وغالبا ما يظهر نجاحها أو فشلها بعد شهور بل ربما بعد سنوات من تنفيذها، ومع هذا يمكن أن يكون النجاح ساحقا برغم صعوبة تقديره كميا كما أن الفشل قد يكون قاتلا وإن كان غير ملموس، إنها حرب تعلن ضد عقول الأعداء وليس ضد أجسامهم.
الشائعات والمخابرات
خصص صلاح نصر بابا كاملا في كتابه للشائعات يشمل 5 فصول حيث وصفها قائلاً "إنها سلاح رهيب من أسلحة الحرب النفسية تفتك بمعنويات الشعوب وتهدف إلى شل فكر الإنسان وجعله ينقاد كقطيع الغنم الذي يهيئه راعيه نحو المستقبل المجهول أو ينطق نطق الببغاء الذي يردد ما لا يعقله وما لا يفهمه".
هذا هو وصف صلاح نصر للشائعات وبناء على هذا التوصيف يرى أنها واحدة من أهم الوسائل التي أقلقت الحكام منذ فجر التاريخ وجعلت بعضهم يتجسس على رعاياه بموظفين متخصصين ينقلون لهم ما يهمس به الناس من شائعات وكانت قصص كل يوم تعتبر مقياسا للشعور العام وعند الضرورة كان هؤلاء الموظفون يقومون بترويج الشائعات المضادة.
هناك الكثير من الأدلة والشهادات على أن صلاح نصر قد طبق ذلك؛ فانتشرت ظاهرة التجسس في المجتمع المصري خاصة في دور الصحف والجامعات، وتم استخدام الكثير من الموظفين لكتابة تقارير عن زملائهم، وأدى ذلك إلى زيادة حالة الخوف والرعب في النفوس.
كيف تؤثر الشائعات على المجتمعات؟
يرى صلاح نصر أن الشائعات ذات خطورة قومية على المجتمع وهي وباء اجتماعي وظاهرة يجب على الشعب أن يتكاتف في مقاومتها والقضاء عليها.
ويقدم صلاح نصر مثالا للشائعات؛ حيث يقول "في صيف 1964 قامت الرجعية والانتهازية بالتعاون مع الاستعمار والصهيونية بترويج شائعة عن محاولة قيام انقلاب عسكري بمدينة الإسكندرية ضد نظام الحكم" وتقول الشائعة: إن المؤامرة اكتشفت قبل حدوثها بفترة وجيزة وقد ضبطت مفرقعات تحت منصة الرئيس وتم إعدام 50 ضابطا من المتآمرين، كما تم القبض على بعض كبار المسؤولين لاشتراكهم في تلك المؤامرة.
هناك روايات وشهادات حول قيام صلاح نصر بالتحكم في سلوك جمال عبد الناصر عن طريق نقل معلومات زائفة له بوجود انقلاب ضده وأن جهاز المخابرات هو الذي يقوم بحمايته، ويطلب منه أن يذهب ليبيت في الإسكندرية ويستجيب عبد الناصر لذلك دون أي محاولة للتأكد من صحة المعلومات وفي الوقت نفسه يقوم صلاح نصر بالقبض على مجموعات من السياسيين المصريين وتعذيبهم للاعتراف بالقيام بالتخطيط لقلب نظام الحكم.
فهل صنعت المخابرات هذه الشائعة التي استخدمها صلاح نصر كمثال في كتابه؟!
الشائعة والفكاهة
يعتبر صلاح نصر أن النكات صورة من الشائعات، وأن هناك علاقة بين الشائعة والفكاهة، فبالرغم من أن الشائعة عبارة عن قضية مطروحة للتصديق وتنتشر مبسطة حتى يستسيغها الناس، فإن هناك كثيرًا من القصص تنتشر على أنها شائعات فتكون من وحي الخيال الصرف ولا تستهدف أكثر من الضحك لكننا نرفض هذا الرأي ونرى ضرورة التمييز بين الشائعة والنكتة، فالناس يقومون بإنتاج النكتة بهدف السخرية من الحكام والأنظمة وهم يعرفون أنها غير حقيقية.
بالرغم من أهمية كتاب صلاح نصر فإنه من الواضح أن جهاز المخابرات خصص معظم جهوده في الحرب النفسية وصنع الشائعات ونشرها داخل المجتمع المصري وليس في الخارج، وأن الأساليب التي وصفها صلاح نصر في كتابه وتلك التي أخفاها قد تم استخدامها لقهر شعب مصر ونشر الخوف والرعب فيه، حتى تم تقطيع العلاقات بين العائلات خوفا من عملاء جهاز المخابرات الذين يرصدون ما يدور داخل الغرف المغلقة، وداخل العقول والقلوب.
الانهيار الحتمي
جاءت هزيمة عام 1967 لتكشف الكثير من الحقائق، وفضّل عبد الناصر التضحية بصلاح نصر وعدد من رجاله الذين تم تقديمهم للمحاكمة في قضية انحرافات جهاز المخابرات التي أوضحت أن صلاح نصر وجهازه استخدما السلطة لقهر الشعب المصري وارتكاب الكثير من جرائم التعذيب الذي كان يتم باستخدام الوسائل النفسية.
لقد ترك جهاز المخابرات مهامه الأساسية في حماية أمن مصر وكشف مخططات العدو لينصرف لحماية أمن الرئيس والنظام باستخدام أساليب الحرب النفسية التي كان من الواضح أن صلاح نصر كان خبيرا بها كما يوضح كتابه.
تمكن صلاح نصر من بناء جهاز مخابرات قوي تمكن بدوره من إشاعة الرعب والخوف في نفوس المصريين، وابتكار أحدث الأساليب في التعذيب حتى تعرض الجميع لصدمة قاسية وهزيمة مذلة عندما تمكن الجيش الصهيوني أن يحتل القدس والضفة الغربية وسيناء والجولان بعد أن دمر الطائرات المصرية في مواقعها.
إن هذا يوضح أن التقدم العلمي والتقني في بعض المجالات مثل الحرب النفسية وصنع الشائعات وترويجها يحمل الكثير من المخاطر التي يمكن أن تؤدي إلى الهزائم الناجمة عن انتشار الفساد وإثارة خوف الشعوب وقهرها.
لذلك يحتاج العالم إلى قدر من الحكمة ليكبح جماح أجهزة المخابرات، وترشيد استخدام أساليب الحرب النفسية.
……….


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.