قالت وكالة دويتش فيلله إن "سلطات الانقلاب لجأت إلى إطلاق سراح عدد من السجناء السياسيين، بهدف تحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان قبل استضافة مؤتمر المناخ COP27 لكن المحللين يحذرون من أنه لا يوجد تغييرا فعليا يذكر على الأرض". وأضافت الوكالة في تقرير لها، أنه بعد ثلاث سنوات وأربعة أشهر في السجن، أن عبدالفتاح السيسي أصدر عفوا عن الناشط والمحامي زياد العليمي بعد أكثر من ثلاث سنوات من السجن الجائر. وأوضح التقرير أن عضو برلمان الانقلاب السابق ومحامي حقوق الإنسان غير مسموح له بالتحدث مباشرة إلى وسائل الإعلام الدولية، لذلك نشر رسالة فيديو باللغة العربية على وسائل التواصل الاجتماعي عند إطلاق سراحه، يقول فيها الرجل البالغ من العمر 42 عاما "هناك أشخاص ينتهي بهم المطاف في السجن لمجرد أنهم يعبرون عن رأي يختلف عن الآراء التي يحب الناس سماعها، وبجهودنا الموحدة، سنعيد حرية هؤلاء الناس وسنعيدهم إلى مكانهم الصحيح بين الناس الذين يؤمنون بهم". وأشار التقرير إلى أن الرسالة تشير إلى آلاف السجناء السياسيين الآخرين في مصر، ومن بينهم علاء عبد الفتاح المضرب عن الطعام منذ 2 أبريل، مضيفا أنه على الرغم من المخاوف بشأن صحة شقيقها في اليوم 207 من إضرابه عن الطعام، احتفلت سناء سيف، شقيقة عبد الفتاح، بالإفراج عن العليمي فورا على تويتر "زياد صديق طفولتنا، أصبح حرا أخيرا ". ولفت التقرير إلى أن قضيتا العليمي وعبد الفتاح تتشابهان إلى حد ما، ففي كلتا الحالتين، اتهمتهما الأحكام ببث أخبار كاذبة و الإرهاب و إثارة الاضطرابات ضد الدولة ، وهي اتهامات نفاها الرجلان بشكل قاطع ويتوقع المراقبون أيضا الإفراج عن عبد الفتاح قريبا. ونوه التقرير بأن عبد الفتاح السيسي، أفرج عن ما يزيد قليلا عن 1000 سجين سياسي وفقا لاقتراح ما تسمى لجنة العفو المصرية، وهي هيئة حكومية أعيد تنصيبها في أبريل الماضي. ومع ذلك، ووفقا لمنظمات حقوق الإنسان المختلفة، لا يزال عدد المعتقلين السياسيين المسجونين قريبا من 60,000 شخص. ونقلت الوكالة عن تيموثي كالداس، زميل سياسي متخصص في السياسة الانتقالية في مصر في معهد التحرير للشرق الأوسط، ومقره واشنطن قوله "في حين أنه من الرائع الذي طال انتظاره أن يتم الإفراج أخيرا عن زياد العليمي بعد أكثر من ثلاث سنوات من السجن الجائر، إلا أنه ليس هناك ما يشير إلى أن برنامج العفو الجاري هو علامة على أن حكومة السيسي تنتقل بشكل هادف بعيدا عن استخدامها القمع ضد المعارضين السياسيين والأصوات الناقدة". وأضاف كالداس "تجدر الإشارة أيضا إلى أن الإفراج عن هذا العدد الكبير من السجناء السياسيين دليل واضح على أن ادعاءات السيسي السابقة بأن مصر ليس لديها سجناء سياسيون لم تكن صحيحة أبدا".
الضغط الدولي وقال التقرير إن "توقيت إطلاق سراح العليمي يتزامن مع ضغوط متعددة الأوجه على سلطات الانقلاب في الفترة التي تسبق مؤتمر الأممالمتحدة المقبل للمناخ، باختصار COP27 والذي من المقرر أن يبدأ في 6 نوفمبر في شرم الشيخ المصرية، حيث تدعو منظمات دولية لحقوق الإنسان سلطات الانقلاب إلى إنهاء حملة القمع ضد مجتمعها المدني، كما أن الضغوط الاقتصادية تغذي دوافع الانقلاب لتحسين سمعته الدولية". وأوضح كالداس "المخاوف العالمية بشأن انتهاكات مصر لحقوق الإنسان لم تفسد الاستعدادات لمؤتمر الأطراف 27 فحسب، بل دفعت الولاياتالمتحدة إلى حجب جزء من مساعداتها العسكرية لمصر". ووفقا لتقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء في سبتمبر، فإن "إدارة بايدن قررت حجب 130 مليون دولار (129 مليون يورو) من المساعدات العسكرية الأجنبية للانقلاب بسبب فشله في الوفاء بشروط حقوق الإنسان". وهذا يعادل 10٪ من المبلغ الإجمالي البالغ 1.3 مليار دولار (1.31 مليار يورو) الذي تخصصه الولاياتالمتحدة سنويا لمصر. وفي الوقت نفسه، ارتفع التضخم إلى 15.3٪ مقارنة ب 8٪ في سبتمبر الماضي وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر (CAPMAS)، وبسبب انخفاض الاحتياطيات، تكافح البلاد لمواكبة سداد القروض الدولية. وكتبت مي السعدني، محامية حقوق الإنسان والمديرة الإدارية لتحرير التحرير في مقال لمجلة "وورلد بوليتيكس ريفيو" على الإنترنت "تتعرض حكومة السيسي حاليا لضغوط مالية شديدة وسط أزمة اقتصادية تتدهور بسرعة، وتزداد حدتها الآثار غير المباشرة للحرب الروسية في أوكرانيا على أسعار الغذاء والطاقة وتضاؤل الشهية بين الحلفاء لتقديم المساعدة المالية دون رادع". وقالت مي السعداني إنه "على هذه الخلفية، يشير المحللون إلى أن العديد من المسؤولين المصريين قد يحاولون استخدام COP27 لتصوير البلاد على أنها رائدة في مجال المناخ في كل من أفريقيا والمجتمع الدولي الأوسع، في محاولة لجذب الاستثمار الأجنبي وتمويل المناخ".
عمليات الإفراج والقيود بدورها ترى لينا الخطيب، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز تشاتام هاوس للأبحاث ومقره لندن، أن معاملة المدافعين عن الحقوق المدنية هي اختبار حقيقي لالتزام مصر بحقوق الإنسان. وقالت لينا، في تصريح لدويتش فيلله، "إذا سمح لمجتمع مدني مستقل بالعمل بحرية، فإنه سيظهر جدية من جانب الدولة المصرية لتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان". وتابع التقرير "مع ذلك، تشير القيود الأخيرة التي فرضتها حكومة السيسي إلى أن هذا ليس هو الحال، وفي وقت سابق من هذا الشهر، زادت حكومة الانقلاب القيود المفروضة على الجماعات البيئية التي كانت تخطط لاستضافة الأحداث خلال COP27". وأشار التقرير إلى أنه وفقا لتقرير صدر مؤخرا عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، فإن الاعتقالات والاحتجاز، وتجميد أصول المنظمات غير الحكومية وحلها، والقيود المفروضة على السفر ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، خلقت مناخا من الخوف لمنظمات المجتمع المدني المصرية للمشاركة بشكل واضح في مؤتمر الأطراف 27". وفي حين وصفت حكومة الانقلاب التقرير بأنه مضلل، اضطرت منظمات المجتمع المدني المصرية بالفعل إلى إلغاء الاحتجاج في المنطقة الزرقاء التي تؤمنها الأممالمتحدة، وهي المنطقة التي يجتمع فيها الممثلون الدوليون لحضور القمة.