قال الباحث والأكاديمي د. حسين دقيل إن "واقع عملية استعادة الآثار المصرية من الخارج، واقع مفزع يتمثل في أن المتاحف الدولية تزخر وتتزين بآثارنا المصرية، وأن المزادات الدولية العلنية لبيع آثارنا لا تتوقف، وأن ضبط آثار مصرية بموانئ ومطارات دول أجنبية بعد مرورها من موانئ ومطارات مصرية يزداد اتساعا رغم أنه أمر مخجل". وأبدى الباحث في ورقته التي جاءت بعنوان؛ "استعادة الآثار المصرية من الخارج، الواقع والمأمول" تعجبا من خروج إدارة الآثار المستردة بالمجلس الأعلى للآثار بين الحين والآخر، لتعلن أنها أعادت آلاف القطع. مليون قطعة وقال دقيل إن "الآثار المصرية التي تم الاستيلاء عليها وتهريبها إلى الخارج، على مدار تاريخنا الطويل، بداية من عصر الرومان الذين حملوا من مصر كل ما تمكنت أيديهم من اقتناصه، وصولا إلى العصر الحديث الذي غرفت فيه الدول الأجنبية من آثار مصر كل ما طاب لهم، وهي تلك الآثار المعروضة حاليا بمتاحف العالم المختلفة أو منتشرة بميادين العواصم الدولية، والتي يبلغ عددها في أقل تقدير طبقا لإحصاءات دقيقة؛ مليون قطعة". وأوضح أن "القطع المعروضة بتلك المتاحف – وطبقا للقوانين الدولية – تعتبر آثارا مصرية من حيث الاسم فقط، أما ملكيتها فتعود للمتاحف التي تضمها". وأضاف أن "الآثار المصرية التي نراها ونسمع عنها بشكل دائم، وهي تُعرض للبيع بمزادات علنية بدول أمريكا وأوروبا وغيرها، وهذه النوع غير مسجل بالمتاحف الدولية، كما أنه غالبا ما يكون غير مسجل بالمتاحف المصرية، وهذا النوع أسهل في العمل على استعادته من النوع الأول". سرقة وتدليس وعما أعلنته وازرة السايحة والآثار بحكومة الانقلاب من نجاحها في استعادة 29 ألف قطعة أثرية خلال 5 سنوات وخلال عام 2021م في استعادة 115 قطعة أثرية من فرنسا، و5000 قطعة من الولاياتالمتحدةالأمريكية، أوضح أن ما تعلنه حكومة الانقلاب من استعادة الآثار من إيطالياوفرنسا وإسبانيا وإنجلترا وألمانيا وسويسرا وبلجيكا وهولندا والنمسا والدنمارك وقبرص، وكندا والمكسيك والولاياتالمتحدةالأمريكية، ولبنان والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت، وغيرها. أشار "دقيل" إلى أن ذلك دليل كاف؛ يبين مدى تغول عملية سرقة وتهريب الآثار إلى الخارج. وأضاف أن "التدليس واضح جدا في ذكر تلك الأرقام-أرقام الحكومة والوزارة- فعندما تقول الإدارة إنها "استعادت أكثر من 29 ألف قطعة أثرية خلال السنوات الخمس الأخيرة، فإنه كان لا بد أن توضح لنا أن هذا الرقم منه ما لا يقل عن 21 ألف عملة معدنية صغيرة كانت ضمن ما يقرب من 22 ألف قطعة تم ضبطها في إيطاليا بعد تهريبها بحاوية دبلوماسية من ميناء الإسكندرية". وأشار إلى أن آثارا تم استعادتها ليس بجهد من الإدارة قدر ما هي جهود من إدارات مكافحة التهريب بموانئ الدول الأجنبية؛ مثل ال 36 قطعة التي تم إعادتها من إسبانيا بعد أن ضبطتها السلطات بميناء فالينسيا قادمة من الإسكندرية، و425 قطعة أثرية مصرية التي أُعلن أن الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، حاكم إمارة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة قد أهداها لمصر". آثارنا ودار كريستيز وأبان الباحث أن إعلان إدارة الآثار المستردة بالمجلس الأعلى للآثار، متابعة المزادات الخارجية وما يُباع فيها من آثار مصرية، وأنها تسعى لإيقاف بيع تلك القطع وإعادتها، ينافي الواقع ، وأكد أن صالة مزادات كريستيز في لندن مؤخرا، استطاعت بيع 14 قطعة أثرية مصرية بقيمة إجمالية تصل إلى ما يقرب من 8 ملايين يورو، منها تماثيل لأوزيريس حورس وآمون وأنوبيس، إضافة إلى عدد من التماثيل النادرة؛ منها تمثال حجري لأب جالس وابنه الصغير يقف بجواره يعود عصر الدولة القديمة قبل 4400 عام، والذي بيع بمفرده بأكثر من 6 ملايين يورو. فهذا المزاد لم يتبين لنا أن إدارة الآثار المستردة كانت تعلم عنه شيئا، خاصة أنه وبعد إتمام عملية البيع صرح مدير إدارة الآثار المستردة بأن هناك إجراءات تتم حاليا بشأن القطع الأثرية المصرية التي تم بيعها، وأن انتهاء المزاد وبيع القطع لا يدعو للقلق لأننا شغالين على القضية بالفعل ونتابع المزاد من قبل أن يبدأ ولدينا ملف كامل عن القطع الأثرية التي بيعت بالمزاد ولم نتفاجأ بالمزاد" على حد قوله. المتاحف العالمية وأشار في محور كيفية السعي نحو استعادة الآثار المصرية إلى أن الآثار المصرية التي تم الاستيلاء عليها وتهريبها إلى الخارج، على مدار تاريخنا الطويل، والمعروضة حاليا بمتاحف العالم المختلفة، فهذه القطع وطبقا للقوانين الدولية – كما ذكرنا آنفا – فهي آثار مصرية من حيث الاسم فقط، أما ملكيتها فتعود لتلك المتاحف والدول. وأوضح أنه "ليس من المنطق الآن وبعد مرور عقود بل وقرون طويلة على تهريبها إلى دول العالم المختلفة، ليس من المنطق أن نطالب بإعادة كل تلك القطع، فهناك متاحف عالمية قامت خصيصا على آثارنا المصرية، كما أنه ليس من المنطق أو المعقول أن نطالب بإغلاق تلك المتاحف". وأشار إلى امكانية المطالبة بإعادة القطع الأثرية الفريدة كحجر رشيد المعروض بمتحف لندن، ورأس نفرتيتي المعروض بمتحف برلين ومطالبة المتاحف العالمية بإعادة قطع الآثار المصرية المكررة بتلك المتاحف إلى مصر. والسعي نحو العمل على أن تكون لنا سلطة إشرافية بالمتاحف التي تحوي آثارا مصرية، من أجل متابعتها، والتأكد من حسن تأمينها. ولفت إلى امكانية "أن تصبح لنا يد إشرافية لنا على آثارنا المصرية بالمتاحف الدولية، وإمكانية التوصل إلى تفاهمات بشأن الحصول على نسبة من عائدات ما تدره الأنشطة السياحية المرتبطة بتلك الآثار". مصادر السرقة وبين توضيح آاليات الحفاظ على أثرنا من السرقة والتهريب، أشار الباحث إلى أهمية "متابعة المزادات والمعارض الخارجية التي تحوي آثارا مصرية قبل بدئها، وخاصة أن دور المزادات تعلن عن معارضها قبل افتتاحها". وأضاف أنه "يجب القضاء على عمليات التنقيب غير الشرعي للآثار من قبل المواطنين، والمتاجرة فيها، وتهريبها للخارج". وشدد على "متابعة المنافذ البرية والبحرية والجوية وضبطها، كي لا يتمكن أحد من تهريب أي قطع أثرية خارج البلاد وقد فعلت خيرا وزارة الآثار منذ سنوات حين أنشأت وحدات أثرية بعدد كبير من تلك المنافذ، غير أن تلك الوحدات ما تزال مهمتها محدودة تتمثل في الكشف عن أي مضبوطات يتم عرضها عليها وبيان أثريتها من عدمه". وأكد على ضرورة "مراقبة عمل البعثات الأجنبية، والتأكد من عدم حمل أفرادها أية قطع أثرية أثناء مغادرتهم البلاد بعد إنهاء أعمالهم الموسمية". وأخيرا دعا إلى استغلال مواد اتفاقية اليونسكو لاستعادة كل آثارنا ومنها المادة الحادية عشرة من اتفاقية يونسكو 1970م نصت صراحة على أنه "يعتبر عملا غير مشروع تصدير الممتلكات الثقافية ونقل ملكيتها عنوة، كنتيجة مباشرة أو غير مباشرة لاحتلال دولة أجنبية لبلد ما". وقال "لو استغللناها صراحة أن نعيد كل آثارنا الموجودة بالخارج، وخاصة أن مصر في عُرف القانون الدولي تعتبر دولة ظلت تحت الاحتلال الأجنبي حتى 18 يونيو عام 1956م حين خرج آخر جندي بريطاني من مصر، فلم تكن تملك إرادتها، وآثارها خرجت عنوة دون رضا من الشعب".