أظهرت بيانات رسمية، الخميس الماضي، ارتفاع معدل التضخم في مصر إلى 15.3 % خلال شهر مايو 2022 مقارنة ب 14.9 خلال الشهر السابق. ووفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بلغ الرقم القياسي لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية 130.2 نقطة لشهر مايو 22، مسجلا ارتفاعا قدره 0.9 % عن شهر أبريل 22. وكان مصطفى مدبولي رئيس حكومة الإنقلاب صرح أن التضخم للمرة الأولى أصبح منذ عقود طويلة خطرا واضحا وحاضرا بالنسبة لكثير من البلدان في العالم.
تنمية "نمطية" وعن تنبؤات البنك الدولي تشير إلى أن معدل النمو في سنة 2021 هو 2٪، يرتفع إلى 5.4٪ في سنة 2022، وينخفض إلى 4.9٪ في سنة 2023، قال الأكاديمي في علم الاقتصاد دكتور مصطفى كامل السيد بجريدة الشروق 5 يونيو 2022 "البنك الدولي لا يتحدث عن نمط النمو المتوقع، وفي الغالب لن يختلف كثيرا عن نمط النمو الذي عرفناه في السنوات الأخيرة، وهو نمو في قطاعات التشييد والاتصالات والنقل والخدمات في الفنادق والمطاعم، دون نقلة حقيقية في الصناعة التحويلية أو الزراعة ودون انخفاض في معدلات الفقر أو زيادة في فرص العمالة المنتجة على حساب زيادة العمالة قليلة الإنتاجية والدخل في القطاع غير الرسمي". وأضاف أن "حصيلة السياسة الاقتصادية طوال السنوات الثماني الماضية هي الابتعاد عن مسار التنمية الصحيحة لصالح ما يسمى بالمشروعات القومية في مجال البنية الأساسية، وبعضها بكل تأكيد مفيد في توفير الطاقة الكهربائية وتسهيل النقل ودعم وسائل الاتصال، إلا أن استمرار نفس النمط لا يمكن أن يؤدي إلا إلى المزيد من المديونية الخارجية والداخلية، والتي لا يمكن التقليل منها إلا بتوسيع الطاقة الإنتاجية للاقتصاد وزيادة صادراته السلعية ومن الخدمات الإنتاجية، لا يمكن لنا أن نتصور أن نصل إلى نتائج مختلفة عما انتهينا إليه إذا كنا سنواصل نفس السياسات التي أنتجت الأزمة التي نعيشها".
تقارير مساندة وعلى المستوى الدولي، ظهرت تقارير ودراسات تحذر من الوضع الاقتصادي السيئ في البلاد ، حيث خلصت دراسة لكبير الاقتصاديين تشازلز روبرتسون بمجموعة "رينيسانس كابيتال" للاستثمارات المالية إلى أن "مصر أكثر الدول الأفريقية عُرضة لتغيير نظام الحكم فيها هذا العام بسبب التضخم وسوء الأوضاع الاقتصادية". وأدى ارتفاع التضخم إلى زيادة مخاطر تغيير النظام في البلدان الأفريقية، حيث إن الأسعار المرتفعة تزيد من احتمال حدوث انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي للفرد، وفقا لبحث أجراه هذا الشهر كبير الاقتصاديين في "رينيسانس كابيتال". ويجادل البحث بأن معدلات التضخم البالغة 20 في المائة أو أكثر تعني أنه من المرجح أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي للفرد؛ ما يزيد من فرص حدوث اضطرابات سياسية خلال العام الجاري. ويقول روبرتسون إنه "في معظم الأسواق الناشئة العالمية في عام 2022، حتى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للفرد ليس له تأثير يذكر على المخاطر السياسية، لأن معظم الأسواق ببساطة غنية جدا ومستقرة. وبالنسبة لروبرتسون، لا ينطبق في أجزاء كثيرة من إفريقيا، حيث تواجه البلدان منخفضة الدخل في القارة مزيدا من المخاطر عندما تكون هناك أحداث خارجية مزعزعة للاستقرار، مثل الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لأن الغذاء يمثل حصة أعلى من سلة أسعار المستهلك مقارنة بالاقتصادات الأكثر ثراء. معدلات الفقر واسترشدت ورقة بحثية بعنوان "التداعيات الاجتماعية المحتملة للغلاء ، قراءة في الحالة المصرية" نشرها موقع "الشارع السياسي" عن تداعيات خطيرة لموجة الغلاء وارتفاعه الأسعار في مصر بهذه الصورة غير المسبوقة ببيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، حول معدلات الفقر في مصر، حيث تراجعت من 32.5% في 2018، إلى 29.7% في 2020، (نحو 30.6 مليون فقير). واسترشدت تاليا بما نشرته صحيفة اقتصادية مصرية بالتزامن مع إعلان نتائج الفقر تقريراً مفاده أن النتائج قد تأخر إعلانها بضعة أسابيع، نظرا لاعتراض جهة سيادية على النتائج، ومطالبتها بتحسين النتائج، ورغم قيام جهاز الإحصاء بتحسين النتائج فقد طلب الجهاز السيادي تعديل نتائج معدلات الفقر مرة ثانية، أي أن النتائج المُعلنة قد تم تحسينها مرتين. وأشارت إلى تقديرات للبنك الدولي أن نسبة الفقراء في مصر أو أولئك الذين يقبعون على خط الفقر تزيد عن نحو 60%، بما يعني أن نحو 62 مليون مصري باتوا فقراء.
تلاعب بالأرقام ومن المفارقات أن ما يبني عليه الخبراء والمراقبون والأكادميون رؤاهم المستقبلية يتعلق بأرقام رسمية ، وهو ما قالت ورقة التداعيات المحتملة للغلاء إن "معدلات الفقر الرسمية ملعوب فيها وأن الاستثمارات الأجنبية في مصر لم تشهد ارتفاعا يعزز من تراجع مستويات الفقر، بل إن الحكومة خفضت مخصصات الدعم وفقا لأرقام الموازنة في سنوات 2019 و2020، فكيف يتراجع الفقر في ظل هذه الحقائق؟ ". وأوضحت أن تقديرات البنك الدولي تقترب من النسب الصحيحة للفقر، حيث إن الجائحة قد تكفلت بانخفاض دخول نحو 91% من القوة العاملة بمصر؛ وفقا لأحدث دراسات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يناير 2022، حيث أوضحت الدراسة أن انتشار فيروس كورونا أثر على دخل الأفراد المشتغلين بنسبة 91.3% في حين أن 0.5% فقط زادت دخولهم بسبب الوباء". وكشفت الأرقام الصادرة عن "ديلي نيوز إيجيبت" الأسبوع الماضي أيضا أنه من المتوقع أن تقترض الحكومة 634 مليار جنيه مصري (34 مليار دولار) من السوق المحلية في الربع الأخير من العام المالي 2021-2022. تجدر الإشارة إلى أن الدين الخارجي ينمو بسرعة منذ أن اغتصب عبد الفتاح السيسي السلطة في عام 2014؛ فقد بلغ 46.5 مليار دولار في عام 2013، ثم انخفض إلى 41.7 مليار دولار في عام 2014 قبل أن يعود للارتفاع مرة أخرى في السنوات التالية، ليصل إلى 84.7 مليار دولار في عام 2016، و100 مليار دولار في عام 2018، و115 مليار دولار في 2019، وإلى 145.5 مليار دولار بنهاية 2021.