نشرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" تقريرا سلطت خلاله الضوء على تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا على الاقتصاد المصري، خاصة مع اقتراب شهر رمضان. واستطلع مُعد التقرير رأي عينة من المواطنين المصريين في سوق للخضروات في منطقة المنيل بالجيزة بشأن ارتفاع الأسعار، وقالت فاطمة إبراهيم، وهي أم لطفلين إنها "صُدمت بارتفاع الأسعار منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، وهي قلقة بشأن كيفية إطعام أسرتها خلال شهر رمضان المبارك الوشيك". وأضافت المطلقة العاطلة عن العمل «أنا ممشياها بالعافية ، لقد زاد زيت الطهي كثيرا ، لم أعد أشتري القرنبيط أو الباذنجان لأن القلي يستهلك الكثير من الزيت، كما ارتفع سعر الدقيق فجأة ، ويتم الإفطار خلال شهر رمضان يوميا على الولائم الليلية ويشتري الكثيرون المزيد من الطعام ، لا أعرف كيف سنتغلب على هذا الوضع في رمضان؟ بدوره، قال شعبان حسين، صاحب مقهى لديه أربعة أطفال إن "أسعار المواد الغذائية كانت مرتفعة قبل الحرب وزادت أكثر بعد الصراع، ولم أستطع دفع إيجار المقهى لأن هناك عددا قليلا جدا من الزبائن ، كيف سيكونون قادرين على شراء المشروبات بينما أصبح كل شيء باهظ الثمن ؟
تأثر عميق لحرب أوكرانيا وقال التقرير إن "الأسعار المتزايدة في أكشاك السوق في مصر تجسد التأثير العميق للحرب الأوكرانية على اقتصاد الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، حيث أثرت أسعار النفط والسلع المرتفعة بشدة على أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، وكذلك خسارة السياح من روسياوأوكرانيا، يأتي ذلك بالإضافة إلى تدفقات خارجية بمليارات الدولارات في الأشهر الأخيرة من الديون المصرية التي يحتفظ بها الأجانب، في الأسبوع الماضي، طلبت القاهرة من صندوق النقد الدولي المساعدة، وهي المرة الثالثة خلال ست سنوات، فمصر هي بالفعل واحدة من أكبر المقترضين من الصندوق بعد الأرجنتين". وقالت وكالة فيتش للتصنيفات هذا الشهر إن "الحرب في أوكرانيا زادت من نقاط الضعف الخارجية لمصر، وأضافت وكالة التصنيف أن مصر ستعاني من انخفاض التدفقات السياحية وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتحديات تمويل أكبر نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، وإن الأزمة تفاقم من ضعف مصر أمام تدفقات الاستثمار غير المقيم من سوق سندات العملة المحلية». وأضافت فيتش إن التدفقات الخارجة كانت مدفوعة بارتفاع أسعار الفائدة على مستوى العالم إلى جانب مخاوف بشأن الاقتصاد المصري في غياب برنامج لصندوق النقد الدولي وتصورات بأن العملة مبالغ فيها، لدعم مواردها المالية المضغوطة، واستعادة الثقة في اقتصادها الذي يعتمد بشكل كبير على الأموال الساخنة، أو جذب الأجانب إلى سوق الديون المحلية قصيرة الأجل، خفضت مصر قيمة عملتها الجنيه الأسبوع الماضي قبل أن تعلن أنها تسعى للحصول على دعم صندوق النقد الدولي.
هروب الأموال الساخنة وقال فاروق سوسة الخبير الاقتصادي في بنك جولدمان ساكس الدولي "مصر لديها اعتماد هيكلي على الأموال الساخنة، وبالتالي فهي معرضة بشدة لمعنويات المستثمرين، وأضاف أنه تم سحب حوالي 15 مليار دولار من مصر منذ نهاية يناير نتيجة الحرب". وأثارت حرب أوكرانيا زيادات هائلة في أسعار القمح وزيت الطهي والبترول، ومصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم ويصل برنامج الخبز المدعوم إلى 70 مليون شخص ، أو ثلثي السكان، واعتبرت الحكومات المتعاقبة الخبز الرخيص مهما للاستقرار في بلد يعتبر فيه أكثر من نصف السكان فقراء. علاوة على ذلك، فإن فقدان السياح من روسياوأوكرانيا – أكبر سوقين للسياحة – يمثل ضربة للقطاع الذي بدأ للتو في التعافي من الوباء. وقال نادر حنين، نائب رئيس شركة Seti First Travel، وهي شركة سفر كبرى إن "الإشغال في الفنادق في منتجعات البحر الأحمر انخفض إلى 5 في المائة، و كنا نتوقع أن تُضاعف مصر عدد السياح لدينا العام الماضي إلى 7 ملايين، وكان الروس والأوكرانيون نصف ذلك ، كل شيء توقف، إنها خيبة أمل كبيرة كان هناك نمو في عدد الوافدين من ألمانيا لكن لا يمكنهم أبدا تعويض الروس". وقال سوسة إن "اللجوء إلى صندوق النقد الدولي يجب أن يوفر بعض الراحة، مشيرا إلى أنه نظرا لأن مصر تجاوزت حصتها من حقوق الاقتراض من المقرض، فمن المحتمل أن يطلب الصندوق منه تأمين تمويل مشترك من مصادر أخرى، وذكرت بلومبرج أن ADQ، وهو صندوق ثروة سيادية في أبو ظبي، يناقش استثمارات بقيمة ملياري دولار في بعض الشركات المدرجة، وإن دول الخليج الأخرى تدرس دعم مصر". وأوضح سوسة أنه يتوقع أن يركز صندوق النقد الدولي على الحفاظ على نظام مرن للعملات الأجنبية و دور الجيش والدولة في الاقتصاد وخلق فرص للمنافسة.
تغول الجيش على الاقتصاد منذ استيلاء عبد الفتاح السيسي، القائد العسكري السابق على السلطة في عام 2014، وسع الجيش قبضته على الاقتصاد، كما يقول البعض، مما أثار مخاوف القطاع الخاص الذي يخشى المنافسة مع المؤسسة الأكثر نفوذا في البلاد. ومع اقتراب شهر رمضان، قامت الشرطة والجيش، وهما منتجان رئيسيان للأغذية، بوضع شاحنات في العديد من المناطق الفقيرة تبيع الأطعمة الأساسية مثل اللحوم والأرز والمعكرونة والزيت بأسعار مخفضة، وقال السيسي في حدث متلفز الأسبوع الماضي «نحن مستعدون جيدا لرمضان، ويمكن العثور على جميع السلع في السوق ، لقد وفر الجيش 2 مليون صندوق طعام وهو مستعد لتقديم 3 أو 4 مليون دون حدود» ووجه وزير الدفاع إلى البيع «بنصف السعر» ورد الأخير «تمام يا فندم».