السعيد غنيم : مشاركتنا في القائمة الوطنية تأكيد على دعم الدولة ومؤسساتها الدستورية    تنظيم الاتصالات يكشف تفاصيل تأثر الخدمات بعد حريق سنترال رمسيس    الكرملين: بوتين وترامب يجريان محادثة هاتفية حاليا    أحمد ريان: تمنيت الانتقال ل الزمالك.. ولهذا لم تتم الصفقة وكنت محقا مع موسيماني    أبرزهم بيكهام وراموس.. أشهر من ارتدى قميص باريس والريال قبل موقعة الأربعاء في المونديال    موقف نبيل من مانشستر يونايتد تجاه لاعبيه بعد وفاة جوتا    عاجل النار ترفض الانطفاء.. حريق سنترال رمسيس يعود للواجهة بانفجارات مدوية بسبب التكييفات    كارولين ويندلين تكشف عن صدمتها: مها الصغير سرقت فني وقدّمته وكأنه من إبداعها!    تصاعد الأدخنة داخل محطات المترو القريبة من حريق سنترال رمسيس.. والركاب يغادرون    رئيس البحوث الزراعية ومدير اليونسكو بالقاهرة يبحثان سبل التعاون في حفظ الأصول الوراثية النباتية    غدًا.. ختام مهرجان الأراجوز المصري الرابع في مكتبة الإسكندرية    بيحبوا من جوة ..تعرف على أكثر الأبراج رومانسية ولكن مدارية    أطعمة قدميها لأسرتك لحمايتهم من الجفاف في الصيف    حريق سنترال رمسيس.. الصحة تخصص أرقاما بديلة للرعاية العاجلة والإسعاف بالمحافظات    الأهلي يكشف قراره بشأن رحيل إمام عاشور    مسؤول ب«الأمومة والطفولة»: نزع الطفل من أسرته لحمايته والردع مستمر فى مواجهة العنف الأسر    إعلام عبري: عسكريون من الاحتياط يطعنون بقانونية عربات جدعون بغزة    الأرصاد تفسر ظاهرة أمطار الصيف وتنبه لاحتمالية تكرارها    ماركا تحسم الجدل: ميسي لا يخطط للرحيل عن إنتر ميامي هذا الصيف    مدارس البترول 2025.. الشروط والأوراق المطلوبة للتقديم    مدير تعليم القاهرة تتفقد مدارس إدارة المرج    شكلها اتجوزت طارق.. دنيا جمعة تتصدر تريند التواصل الاجتماعي    عطل يضرب ماكينات الصراف الآلي ATM وPOS    رسميًا.. برشلونة يجدد عقد تشيزني لمدة موسمين    أول سيدة تتقدم للترشح على مقعد الشيوخ بالفيوم في ثالث أيام فتح باب التقديم    لماذا نحتفل باليوم العالمي للشوكولاتة في 7 يوليو؟    رئيس جامعة كفر الشيخ يشهد حفل تخريج الدفعة 55 بكلية الزراعة    رئيس الوزراء: مصر أولت اهتماما كبيرا لتطوير نظام الرعاية الصحية والخدمات الطبية    الثانية منذ توليه منصبه.. أحمد الشرع يزور الإمارات    الزمالك يرسل عقود شيكو بانزا لنادي استريا أمادورا البرتغالي للتوقيع النهائي    ألمانيا: مرسيدس بنز تعلن انخفاض مبيعاتها مجددا في الربع الثاني    إعلامية شهيرة توجه رسالة ل أحمد السقا: «راجل جدع ومحبوب ومحترم»    بأمسيات شعرية وعروض فنية.. ثقافة الدقهلية تواصل الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونيو    تعليم الوادي الجديد تعتمد جدول امتحانات الدور الثاني للصف السادس الابتدائي    برلمانى: توجه مصر نحو «بريكس» يعكس رؤيتها لمستقبل عالمي    إلغاء رحلات جوية في بالي بسبب ثوران بركان لووتوبي لاكي-لاكي    سوريا تواصل مكافحة حريق ريف اللاذقية الشمالي    مصرع شخصين دهسًا أسفل عجلات قطار في أسيوط    التقديم خلال أيام.. مدرسة إيفا فارما الدولية للتكنولوجيا التطبيقية 2025- 2026 ضمن بدائل الثانوية العامة    دنيا ماهر: أجمل مرحلة في حياتي هي بعد ما وصلت لسن الأربعين    وفقا للحسابات الفلكية.. تعرف على موعد المولد النبوي الشريف    7 ميداليات.. حصيلة الفراعنة ببطولة إفريقيا للريشة الطائرة في غانا    "جبالي": الحكومة تسحب مشروع قانون تنظيم المراكز الطبية المتخصصة    المؤشر الرئيسي للبورصة يرتفع وحيدًا بالختام    نجاح إجراء جراحة معقدة لإصلاح تشوه نادر بالعمود الفقري لطفلة 12عاما بزايد التخصصي    5 أطعمة تقلل نسبة الأملاح في الجسم.. احرص على تناولها    صرف 100 ألف جنيه لكل متوفي بحادث الطريق الإقليمي    من 3 إلى 13 يوليو 2025 |مصر ضيف شرف معرض فنزويلا للكتاب    المبعوث الأمريكي توماس باراك: ترامب التزم باحترام لبنان وتعهد بالوقوف خلفه    كشف ملابسات واقعة إجبار أحد الأشخاص على توقيع (10) أيصالات أمانة بالوايلي    السكة الحديد: تشغيل حركة القطارات اتجاه القاهرة- الإسكندرية في الاتجاهين    ضبط 3 أشخاص بالقاهرة لقيامهم بأعمال الحفر والتنقيب غير المشروع عن الآثار    البنك المركزى يوجه البنوك بدعم العملاء المصدرين والتوافق بيئيا مع المعايير الدولية    «فيفا» يعلن حكم مباراة ريال مدريد وباريس سان جيرمان في نصف نهائي مونديال الأندية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد هنيد يكتب: ماذا بعد الانقلابات؟
نشر في بوابة الحرية والعدالة يوم 12 - 11 - 2021

رغم أنّ المشهد العربي العام لا يتوقّف عن الحركة والتفاعل إلا أنه يمكن الإقرار بمُعطييْن ثابتين أساسيين: أما الأول فيتمثل في نجاح الانقلابات على التجارب الثورية التي حاولت إرساء منظومات ديمقراطية بديلة للوضع الذي كان سائدا قبل 2011. ويظهر المعطى الثاني في تراجع المطالب الشعبية التي أسست للحركة الاحتجاجية التأسيسية وانحسار مداها.

صحيح أن المعطيين لا ينفصلان موضوعيا لكنهما يشكلان تحليليا منطقين متقابلين: منطق السلطة الحاكمة ومنطق الشعوب المحكومة في سياق صراع حول القدرة على الإخضاع من جهة أولى والبحث عن التحرر من ضفّة مقابِلة. بناء على هذا فإنّ الصراع بين القُطبين لن يتوقّف ما لم تحقق الشعوب مطالبها المشروعة في التحرر والعدالة الاجتماعية وهو صراع محكوم بشبكة كثيفة ومعقّدة من الفواعل والاعتبارات والقوانين والقوى والسياقات.
أوّل هذه الفواعل إنما يتمثّل في درجة الوعي لدى الجماهير المحكومة بوعي نخبها من جهة وقدرتها على الإفلات من منصات التضليل الإعلامي الذي تمارسه السلطة يوميا لمنع الجماهير من بلوغ نقطة اللاعودة وتفعيل طور الانفجار الشعبي كما حدث في تونس ومصر أوّل مرّة.
وعي الانقلاب
من المسلّم به أنّ الانقلابات التي أعقبت طور الثورات خاصة في مصر وليبيا أو تلك التي تحدث الآن في تونس والسودان إنما تقوم على مبدأ واحد وتخضع لنفس المسار وهو الذي يمكن تقصّيه في ثنائية الفعل والخطاب.
يُقدّم قائد الانقلاب نفسه على أنه يقود مسارا انتقاليا أو حركة تصحيحية بسبب فشل من سبقوه في تحقيق أهداف الثورة وهي نقطة مهمة لسبب أساسي. يتمثل هذا السبب في إقرار الانقلاب واعترافه بالثورة بمعنى أنّه لا يُنكرها ولا يحاول شيطنتها أو القفز فوقها بل يُقرّ بها وينطلق منها ويتحدّث باسمها. الانقلاب لا يعترف بنفسه ولا يقرّ بأنه بصدد تصفية الثورة والقضاء عليها وإعادة المشهد إلى ما كان عليه قبلها لأنه يعلم أنه ليس حركة شرعية بل جريمة وطنية.
لكن من جهة أخرى يحاول الانقلابيون صناعة حدث تأسيسي جديد يسمح بالقفز على الحدث المركزي الذي هو بصدد تصفيته من خلال النسج على منواله وتقليديه. إن ثورة 30 يونيو في مصر وثورة 25 يوليو في تونس وثورة الكرامة في ليبيا ليست إلا نماذج لمحاولات الاستنساخ هذه. أي أن المشروع الانقلابي يتأسس على استنساخ ثورة وهمية للقضاء على الثورة الأصلية التي لا ينكرها بل يدّعي تصحيح مسارها.
إن تاريخ السلطة العربية المعاصر يعجّ بهذه المنوالات فقد انقلب عبد الناصر في مصر على النظام الملكي وسمّى انقلابه ثورة الضباط الأحرار وكذا فعل القذافي في ليبيا حين انقلب على الملك السنوسي ودشّن ثورة الفاتح من سبتمبر. لكن توجد في تاريخنا المعاصر انقلابات على الانقلاب حين يشرع فصيل داخل السلطة في التخلص من فصيل منافس باسم التغيير والتصحيح والإنقاذ ففي سوريا قاد الأسد الأب حركته التصحيحة لينقلب على رفاقه وكذا فعل عبد الناصر مع محمد نجيب وهو نفس ما أتاه بن علي ضد العجوز بورقيبة سنة 1987.
لكن لماذا يحرص الانقلابيون وهم الغالبون بقوة السلاح على تسمية انقلاباتهم بغير أسمائها ؟ لأنهم بكل بساطة أكثر الناس إدراكا لجريمة الانقلاب وخطورة تغيير النظام السياسي بالقوة العسكرية وأنها تساوي جريمة الخيانة العظمى وعقوبتها الإعدام.
تعميق الأزمات مفتاح الانقلابات
لا يمكن لأي انقلاب أن ينجح ما لم يخرج قائده في ثوب الرجل المنقذ والزعيم المخلّص والقائد الملهم وهو الأمر الذي يستلزم استكمال شروط الإنقاذ والخلاص. هنا يكون سياق الأزمات أفضل الظروف الممكنة لإنجاح الانقلابات فكلما تعمّقت الأزمة واشتدّت كانت شروط نجاح الانقلاب أقوى.
ولكي تكون الأزمة ناجحة فلابد أن تصيب القسم الأكبر من المجتمع مثل انعدام الأمن وارتفاع الأسعار وانتشار الجريمة واختفاء المواد الأساسية من الأسواق وانهيار قيمة العملة وتردي الخدمات اليومية. بل يصل الأمر أحيانا كثيرة كما هو الحال في البلاد العربية إلى الاغتيالات السياسية وتفعيل زرّ الإرهاب بتنفيذ عمليات نوعية تشرف عليها الغرف الانقلابية المحلية والإقليمية والدولية.
إن تعفين الأوضاع الاجتماعية وتأزيم الواقع اليومي للمواطن هو المفتاح الأساسي للانتقال إلى الطور الثاني المتمثل في شيطنة النظام القائم المستهدف بالانقلاب عبر المنصات الإعلامية التابعة للدولة العميقة. حينها يتم تصوير السلطة القائمة على أنها سبب المآسي والآلام بل وأنها المستفيد الوحيد من هذا الوضع عبر نشر الشائعات عن ثروات المسؤولين وفسادهم.
كلنا يتذكّر أزمات البنزين والرغيف وحوادث القطارات في مصر قبل الانقلاب وكيف اتُّهم مرسي وحكومته بالفشل وبأنهم سبب جوع المصريين وسبب غلاء الأسعار فضلا عن العمليات الإرهابية في سيناء ومناطق أخرى من البلاد.
اللافت في الأمر أن أسعار السلع الأساسية في مصر مثلا قد تضاعفت عشرات المرات بعد الانقلاب دون أن يتحرّك الشارع أو تخرج المظاهرات المنددة بسوء الأحوال. فما هو الفرق بين الحالتين؟
إن الفارق الأساسي في الحالتين إنما يتأسس على ثلاثة معطيات:

يظهر الأول في دور الإعلام الذي كان ينفخ في الأزمة لأنه جزء من الدولة العميقة وأحد أذرعها الأساسية . أما الثاني فهو امتلاك الانقلاب لشروط القوة القمعية ممثلة في قطاع الأمن والجيش القادر على التدخّل في حال انفلات الأمن. ويتجلى الثالث في مساحة الحرية في سياق الثورة ومساحتها في سياق الانقلاب فالثروة لم تلغ مساحات الحرية لأنها جاءت لأجلها وهو ما سمح للانقلابيين بالتظاهر ضد النظام أما في حال الانقلاب فإنه يُلغي أول ما يلغي شرط الحرية لأنه جاء محاربا لها ملغيا لشروطها.
لهذه الأسباب لن يستطيع أي انقلاب مهما بلغ من القوة ومن الدعم الخارجي والداخلي أن يُبطل مطالب الحرية وإسقاط النظام لأنه لا يملك أي مشروع قادر على البناء وعلى تلبية شروط التنمية والاستقرار. المشروع الوحيد الذي يملكه الانقلابيون هو إلغاء شروط دولة العدالة والحرية وإقرار دولة القمع والفساد وهو ما يجعل من كل انقلاب فرصة ودافعا محفّزا لثورة جديدة تصحّح أخطاء الثورة التي سبقتها.
………….


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.