تصاعدت وتيرة الاعتداءات على المساجد فى الولاياتالمتحدةالأمريكية فى الآونة الأخيرة، وتنوعت ما بين إطلاق نار على بعضها وحرق البعض الآخر والتهديد بتفجير أخرى، وذلك نظرا للعديد من الأسباب؛ أبرزها التصريحات العدائية لمسئولين أمريكيين ضد المسلمين. ففى أحدث حلقات الاعتداءات على المساجد فى أمريكا، ألقى شخص مجهول زجاجة تحوى حمض الكبريتيك "ماء النار" على مدرسة إسلامية فى مدينة شيكاغو بولاية إلينوى الأمريكية أثناء صلاة القيام يوم الأحد الماضى. وسمع المصلون صوت انفجار عال، واكتشفوا أن الجانى ألقى بالزجاجة على نافذة المدرسة الإعدادية الإسلامية، وفر هاربا دون أن يصاب أحد بأذى. ويأتى ذلك الاعتداء بعد يومين من قيام أحد قاطنى مدينة "مورتون جروف" بولاية إلينوى الأمريكية أيضا بإطلاق نار من بندقية على مسجد مجاور، مما أدى إلى حدوث تلفيات بحائط المسجد وتعرض رجل أمن للخطر. وقال مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير" فى تصريح له: إن أحد جيران مركز التعليم الإسلامى أطلق النار على المبنى ليل الجمعة، وكانت الرصاصات بقوة كافية لإحداث تلفيات بجدار المسجد، وكانت على بعد عدة بوصات من رأس حارس المسجد ولم يصب أحد من المصلين الذين كانوا خارج المسجد متوجهين للصلاة عقب الإفطار. وقبل هذين الحادثين نشب حريق فى مسجد بولاية "ميسورى" الأمريكية بعد شهر من الاعتداء عليه بزجاجة حارقة. واندلع الحريق فى المسجد الواقع فى مدينة "جوبلين" نحو ساعة قبل صلاة الفجر، وأتى عليه بالكامل رغم استدعاء الإطفاء، ولم تعرف أسبابه حتى الآن. وكان المسجد تعرض فى الرابع من يوليو الماضى لهجوم بزجاجة حارقة خلف أضرارا مادية. كما شن مسلح -الأحد قبل الماضى- هجوما على مجموعة من السيخ فى معبد لهم على مشارف مدينة ميلوكى فى ولاية ويسكونسن الأمريكية وأسفر عن مقتل ستة أشخاص. ويقول الأمريكيون السيخ إنهم مستهدفون منذ هجمات الحادى عشر من سبتمبر 2011؛ لأن لحاهم وعمائمهم توحى للأمريكيين العاديين أنهم من المسلمين. وتأتى الأحداث عقب إجراء تدريب لقوات أمن أمريكية فى مايو الماضى فى مدينة "إرفنج" بولاية "إلينوى الأمريكية"؛ حيث تحول ما يُعرف ب"مركز الشفاء الدائم" إلى نموذج لمسجد يمثل مركزًا وقاعدةً لمجموعة من المتطرفين المسلَّحين بأسلحة ثقيلة، ويُشتبه فى وجود صلات بينهم وبين إرهابيين. وبحسب صحيفة "جورنال نيوز" الأمريكية تضمن سيناريو التدريب حدوث تفجيرات داخل المبنى وخارجه؛ كما قامت قوات خاصة تابعة لما يُعرف ب"نظام الإنذار التابع لهيئة تنفيذ القانون" باقتحام "المسجد" النموذج باستخدام سيارة مصفحة، كما تضمن وقوع خسائر؛ حيث يقوم المختطفون فى التدريب بقتل رهائن، فيما يتم قتل هؤلاء المختطفين. وشارك فى التدريب وقتها أكثر من 120 فردًا من حوالى 30 وكالة محلية مختلفة. وقد انتقد مسلمو أمريكا ذلك التدريب واعتبروه اتهاما للمؤسسات الإسلامية فى أمريكا بأنها تمثِّل "تهديدا للأمن القومى الأمريكى". كما رفض مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير"، أكبر المنظمات الإسلامية فى أمريكا، مثل هذا التدريب، مؤكدًا أن التدريب على نموذج "مسجد" واقتحامه يبعث رسالة خاطئة؛ مفادها أن دار العبادة الخاصة بالمسلمين يمكن أن تمثل تهديدًا أمنيًّا محتملاً. وتصاعدت الاعتداءات على المساجد عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 إثر تعرض نيويورك وواشنطن لهجمات إرهابية؛ حيث تلقى مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية وقت الهجمات فقط أكثر من 625 بلاغا بوقوع حالات اعتداء على حقوق وحريات المسلمين الأمريكيين شملت 60 اعتداء تخريبيا على المساجد وثمانية تهديدات بتفجير مساجد. وتأتى الأحداث الأخير عقب تصريحات عدائية أطلقها مسئولون أمريكيون من بينهم عضو الكونجرس فى إلينوى "جو والش" والذى قال: إن "المتطرفين المسلمين" يعيشون فى ضواحى مدينة شيكاغو؛ وهو الأمر الذى دعا مجموعة متنوعة من المسلمين واليهود والمسيحيين فى الولاية لعقد مؤتمر صحفى يوم الجمعة الماضى للتحذير من أثر مثل تلك التصريحات غير المسئولة. وكانت "كير" قد نشرت نصائح أمنية للمساجد الأمريكية عقب حوادث استهدفتها، فيما علق أحمد رحاب -المدير التنفيذى ل"كير" فى شيكاغو- على الأحداث قائلا: "إننا قلقون بشدة من رؤيتنا لارتفاع مستوى الحديث الذى يخوف من الإسلام فى مجتمعنا وترجمة ذلك لسلوك عنيف". وقد سلط معهد الدراسات السياسية الأمريكى الضوء على تنامى موجات العنف وقتل الأبرياء خاصة التى استهدفت الأقليات العرقية فى الولاياتالمتحدة، ولا سيما تكرار حوادث الاعتداء على مساجد المسلمين واستهداف معبد السيخ. وقال المعهد: إن "العنف سمة ملازمة للحضارة الأمريكية،" وينبغى النظر إلى تداعيات ما يعنيه وقوف الرئيس باراك أوباما على رأس خلية اغتيالات تستهدف عناصر خارج الساحة الأمريكية". وأشار إلى دور الآلة الإعلامية الهائل فى نشر ثقافة العنف التى تعتبر "تجارة رائجة" تدر أرباحا خيالية على هوليوود، إذ أضحى العنف مبرَّرا قانونيا، يجيز اغتيال أفراد عبر التحكم بالشاشات الإلكترونية وطائرات بدون طيار.