بسبب البلطجة والفوضى وغياب الأمن انتشر التحرش بالفتيات والسيدات في الشوارع فلا يمر يوم دون وقوع عشرات بل مئات الحوادث من تحرش واغتصاب وانتهاك أعراض وحرمات نتيجة انشغال الشرطة بملاحقة ومطاردة المعارضين لحكم العسكر أما حماية الناس والحفاظ على أعراضهم وممتلكاتهم فقد سقطت من حسابها في عهد الانقلاب بقيادة عبدالفتاح السيسي. ومع غياب الأمن وصل الأمر إلى حد التحرش بفتاة داخل إحدى عربات مترو الأنفاق والغريب أن تحقيقات الانقلاب تحاول تبرئة المتحرشين من المسئولية حيث زعمت التحقيقات أن المتهم بائع لحوم مجمدة مقيم في القاهرة يحمل شهادة طبية تفيد بمعاناته من مرض نفسي، وعند مواجهته بأفعاله المنافية للآداب أمام الفتاة الجالسة أمامه داخل عربة المترو، قال إنه كان يقوم بتعديل ملابسه. فتاة المترو كانت فتاة قد نجحت في توثيق جريمة التحرش بها بالفيديو داخل عربة السيدات في محطة "قباء" بالخط الثالث في مترو الأنفاق "العتبة – عدلي منصور"، حيث فوجئت بشاب يجلس على المقعد المقابل لها بالعربة وفتح "سوستة بنطلونه" وقت وجودها بمفردها بينما كان يجلس في نهاية العربة شابان آخران لم ينتبها لتصرفات المتحرش. وتلقى قسم شرطة خامس المترو، بلاغا من عاملة بمركز تجاري بمنطقة الشروق وبصحبتها خطيبها، موظف بشركة تسويق عقاري مقيم في الجيزة، وأبلغا أنه أثناء مرور القطار بمحطة قباء دائرة قسم النزهة، لاحظت الفتاة استقلال شخص للقطار والجلوس أمامها والقيام ببعض الحركات الخارجة، فقامت بتصويره بواسطة هاتفها وأرسلت المقطع المصور لخطيبها الذي قام بنشره عبر صفحته على موقع "فيسبوك". طفلة المعادي في نفس السياق انتشر فيديو تحرش موظف أربعيني بطفلة في المعادي كالنار في الهشيم، بعدما نشرته إحدى السيدات على حسابها بموقع فيسبوك، وكشفت مصادر تفاصيل الحادث. وقالت المصادر إن التحريات الأولية جاءت متسقة مع ما رصدته كاميرات المراقبة، حيث دلف المتهم إلى مدخل أحد العقارات وبدأ التحرش بطفلة كانت بصحبته، قبل أن تنتبه إحدى السيدات لما يجرى بالخارج، وفتحت باب شقتها ثم واجهته. وكان لكاميرات المراقبة الفضل في توثيق دخول المتهم مع الطفلة المجني عليها إلى مدخل العقار والتحرش بها، حتى تمكنت السيدة التي اكتشفت الواقعة من رؤيته من خلال جهاز الكاميرا الخاص بها، وخرجت وواجهته بما رأت، فأنكر ولاذ بالفرار. طبيب متحرش في منطقة الدقي كشف الممثل عباس أبو الحسن عن تحرش طبيب أسنان بالرجال، وتقدم ببلاغ تبعه بلاغات من عدد من المجني عليهم. وقالت مصادر إنه تم رصد المتهم في أحد الأماكن وتم القبض عليه. وشرح المجني عليهم أمام النيابة تفاصيل التحرش من المتهم بهم خلال وجودهم داخل عيادته، وأكدوا أنه كان يتحسس مناطق من أجسادهم في إشارة منه لدعوتهم لممارسة الشذوذ معه. المركز الثاني في هذا السياق كشفت دراسة "المركز المصري لحقوق المرأة" "غيوم في سماء مصر" عن تعرض 83% من جمهور البحث من المصريات (1010 سيدة) للتحرش باختلاف أشكاله. وأكدت الدراسة أن مصر في عهد العسكر تحتل المركز الثاني في جرائم التحرش الجنسي عالميا وفق ما ذكره تقرير لصحيفة "واشنطن بوست". وأشارت إلى أن أبرز الأشكال الشائعة للتحرش منها اللمس بنسبة 40 %، يليه التحرش بالألفاظ البذيئة بنسبة 30 %، كذلك زاد العنف بتحول التحرش من الصورة الفردية (شاب تجاه فتاة)، إلى الصورة الجماعية (مجموعة شباب ضد فتاة أو فتيات)، ومن سابق معرفة بين المتحرش والضحية إلى نزوله للشارع وممارسة التحرش ضد أي فتاة مجهولة، وتطاول باستخدام أسلحة ومواد ملتهبة وتهديد الفتيات بالحيوانات حتى يجعلها المتحرش تنهار وتستسلم له! حتى المحجبات وقالت هبة عبد العزيز باحثة بجامعة عين شمس إن التحرش فيروس اجتماعي نشط ينتشر حتى يتمكن من جسم المجتمع كله، مشيرة إلى أن المتحرش يبحث عن ضحاياه بين الصغيرات والمراهقات والشابات والمسنات. وأضافت أن الملبس الذي ترتديه الفتاة لم يعد هو الدافع للتحرش مؤكدة أن هناك ضحايا الآن للتحرش من المنتقبات والمحجبات. وأكد الدكتور أحمد عبد الله، مدرس مساعد الطب النفسي بجامعة الزقازيق، أن رؤيتنا لموضوع التحرش بها الكثير من الخطأ، موضحا أننا نصنف التحرش على أنه إحدى المشكلات الجنسية ويأخذ الحديث مجراه للكلام عن الكبت الجنسي، أو دور ملابس الفتيات وتحررها في زيادة التحرش، وكلها أمور تقودنا لأن ندور في حلقة مفرغة ولا نصل للحقيقة، وقال، في تصريحات صحفية، إن التحرش أحد تجليات العنف وصورة من صور العدوان، مشيرا إلى أنه عند تفسير جرائم التحرش سواء كان فرديا أو جماعيا يجب ألا ننظر فقط للجانب الجنسي. لافتا إلى أن الحوادث السابقة تنبهنا إلى أهمية أن نضع في اعتبارنا الفجوات الطبقية، والتطلعات الهائلة لبعض الفئات، والغضب المكبوت، والحرمان، وهي العوامل التي تظهر وتترجم بشكل مادي في العنف والاعتداء. وحذر الدكتور عبد الجواد سعيد أستاذ الصحافة المساعد بآداب المنوفية من خطورة مشكلة التحرش. مؤكدا أن هذه المشكلة لا تكمن فقط في حجمها وطبيعتها ومعدلات حدوثها، بل فيما تولده من مشكلات لاحقة. موضحا أنه مع اتساع فئة المتحرشين وتنوعهم في العمر والتعليم والثقافة والبيئة، ينذر ذلك باتساع هذه المشكلات فى جميع أنحاء البلاد. دور البطالة وكشفت الدكتورة فادية أبو شهبة، الأستاذ بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن هناك فئات مهنية لم تكن موجودة من قبل في قائمة المتحرشين والجناة، وعلى رأسهم أطباء ورجال دين ومدرسون ورجال شرطة، وهو ما ينذر بكارثة ويهدد سلامة وأمن المجتمع، وحذرت د. فادية، في تصريحات صحفية من أن كل من يعاني من مشكلة البطالة أو الفقر مرشح للانضمام قريبا لقائمة المتحرشين.