اعتقال أجهزة نظام الانقلاب الأمنية رجل الأعمال سيف الدين صفوان ثابت نجل صفوان ثابت، مؤسس شركة الألبان المحلية العملاقة "جهينة" ورئيس مجلس إدارتها، والعضو المنتدب لها وذلك بعد اعتقال والده مطلع ديسمبر 2020م الماضي من جانب أجهزة رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي الأمنية، لا يمكن فصله عن السياق المحلي والإقليمي والدولي؛ للاعتبارات الآتية: حرب ضارية أولا، التأكيد على إصرار النظام على مواصلة الحرب الضارية على كل ما هو إسلامي أو حتى متعاطف أو تربطه قرابة بأحد رموز جماعة الإخوان المسلمين. فمعلوم أن صفوان ثابت وأسرته تربطه علاقة قرابة بآل الهصيبي ومنها مرشدان سابقان هما المستشار حسن الهضيبي ونجله محمد المأمون الهضيبي. ثانيا، يمثل اعتقال آل ثابت تأكيدا على إصرار النظام على حربه ضد كل ما هو إسلامي أو له ميول إسلامية، وهو تأكيد يأتي في أعقاب المصالحة الخليجية بين تحالف الثورات المضادة مع الحكومة القطرية برعاية أميركية، والرسالة هنا أن النظام ماض في حربه على كل مله ميول إسلامية حتى وإن لم يكن له علاقة تنظيمة بالإخوان الإسلاميين عموما دون النظر إلى التحولات الإقليمية الجارية والتأكيد أن هذه التحولات لن تؤثر في حربه الضارية على الإخوان وكل ما هو إسلامي معارض للنظام. ثالثا، لا يمكن فصل اعتقال آل ثابت عن التدهور الاقتصادي الحاد وتراجع موارد الدولة في ظل تفشي جائحة كورونا، حيث يبحث السيسي وحكومته عن مصادر أخرى للحصول على الأموال دون النظر إلى مشروعية الحصول على هذه الأموال؛ وبالتالي فإن الهدف من اعتقال نجل صفوان ثابت هو الضغط على الأسرة إما من أجل التبرع بمبلغ كبير من المال لما يسمى بصندوق "تحيا مصر" الذي يشرف عليه السيسي ولا يتمتع بأي رقابة من أي جهة رقابية، أو إجبار الأسرة على بيع الشركة لحساب أجهزة النظام الأمنية. وذلك لا يكون إلا بوضع الشركة على حافة التدمير ما يجبر ثابت على الرضوخ والتنازل. أو دفع المساهمين الأجانب للتخارج من الشركة ثم مصادرتها وفقا لقانون الإرهاب الذي سنه النظام لإضفاء شرعية زائفة على عمليات نهب أموال المعارضين. سطو على الأموال رابعا، تذهب تفسيرات رصينة إلى أن الحملة الأمنية على بعض رجال الأعمال تستهدف إخلاء الساحة لبيزنس المؤسسة العسكرية في هذه القطاعات؛ فقبل اعتقال أحمد صفوان ثابت، رئيس شركة "جهينة" بيوم واحد، نشر المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية خبرًا عن اجتماع السيسي بقيادات حكومية، وعسكرية، لبحث سلسلة مشروعات رسمية كفائية في قطاعي الألبان واللحوم. وقبل سنة، أبدى وزير قطاع الأعمال العام، استياءه من بُنية قطاع الألبان المصريّ، المقسَّم بين ملايين ملّاك الأبقار الصغار وبين المصنَّعين الكبار، منوهًا عن نيّة الدولة، السّيطرة على هذه السّلاسل، ومركزتها، عبر مشروع عملاق، بالشراكة مع الصّندوق السياديّ المصريّ "ثراء"، الّذي يتعاون مع جهاتٍ خليجيّة، سعوديّة وإماراتيّة، في المشروع المنتظر إنشاؤه في توشكى. وبالتالي فإن ضرب شركة "جهينة" يصب بشكل مباشر في تعزيز بيزنس الجيش لأن الشركة التي تأسست قبل 35 سنة، و وتمتلك 70٪ من سوق الألبان في مصر ويقدر رأس مالها السوقي بنحو نصف مليار دولار أمريكي، تمثل المنافس الأبرز لمشروع النظام المرتقب وبيزنس الجيش في هذا المجال. اللافت كذلك أنه بعد الإطاحة بصفوان ثابت من منصب رئيس مجلس الإدارة، كان من المقرر أن ينتقل المنصب إلى نجله سيف، الّذي كان يشغل منصب "نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة"، باعتباره نجل المؤسس وخبرته في معظم القطاعات الأساسيّة بالشركة كالموارد البشرية، والعمليات التشغيليّة، ومصنع العصائر؛ وهو ما تقرر بالفعل وجرى الإعلان عنه، وبعد أسبوع واحد جرى الإعلان عن الإطاحة بنجل صفوان ثابت من رئاسة مجلس الإدارة التي ذهبت إلى المستثمر السعودي محمد الدغيم، الّذي تقلّد مناصب نافذة في وزارات سعوديّة، وكان جزءا من تشكيل عضوية مجلس إدارة الشركة. وهو ما يمثل تدعيما لمخططات اختطاف الشركة لحساب بيزنس النظام والجيش مع المستثمرين السعوديين والإماراتيين. خامسا، تفسير آخر، يذهب إلى أن المآرب من هذه الحملة السوداء ضد بعض رجل الأعمال هو السطو على أموالهم وشركاتهم، فالسيسي يحتاج إلى سيولة لاستكمال عاصمته الإدارية في ظل تراجع موارد الدولة جراء تفشي جائحة كورونا، والشلل التام الذي ضرب قطاعات مهمة منها السياحة وقناة السويس. وبالتالي فإن السيسي يمضي على خطى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع أمراء الأسرة المالكة سنة 2017م، حيث احتجز نحو 400 أمير، في فندق "الريتز كارلتون" بالعاصمة الرياض، وتحت لافتة "محاربة الفساد" مارس "بن سلمان" صنوفا متعددة من التهديد والابتزاز حتى تمكن من السطو على نحو "120" مليار دولار. وقد يتجه السيسي نحو السطو على أموال وشركات رجال الأعمال كما فعلها من قبل الدكتاتور جمال عبدالناصر تحت لافتة "التأميم"، وتذهب تقديرات إلى أن الأموال التي ربما يسطو عليها السيسي تصل إلى نحو 250 مليار جنيه. يعزز هذه الفرضة أن الاتهامات التي وجِّهت لرجال الأعمال لا تتعلق بوقائع فساد مالي في الأساس، وإنما حُبسوا 15 يوما على ذمة التحقيقات في القضية 865 حصر أمن الدولة العليا، لسنة 2020، ضمن لائحة اتهام تتضمن: الانضمام إلى جماعة إرهابية، والدّعوة إلى التظاهر دون تصريح، والتحريض على العنف، وتمويل جماعة إرهابية؛ وهو ما يترتب عليه بشكل أو بآخر، مصادرة أموالهم، لحين البتّ، قضائيًا، في هذه الاتهامات.