نشرت صحيفة "فورين بوليسي"، مقالا للكاتب عبدالرحمن منصور، سلطت خلاله الضوء على انتهاكات زعيم عصابة الانقلاب عبدالفتاح السيسي الحقوقية وسياساته القمعية ضد المعارضة والشعب، مؤكدة أن السيسي لم يعد أمامه إلا فرصة أخيرة لإصلاح الوضع القائم وإلا سيكون مضطرا للرحيل عن السلطة. قوائم الإرهاب وبحسب المقال الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة" سعى السيسي إلى تعزيز قبضته على السلطة من خلال حملة تشهير واسعة النطاق ضد رافضي ومعارضي نظامه وإشاعة أنهم "إرهابيون" و"خونة"، وفي نوفمبر الماضي، وضع نظام السيسي 28 مدافعا عن حقوق الإنسان، بعضهم كان بالفعل سجينا سياسيا، على قائمة الإرهاب، وانضموا إلى مئات الأشخاص الذين كانوا قد صنفوا بالفعل كأعداء للدولة، وبعيدا عن مجرد عيب خطابي، يواجه المدرجون على قائمة المراقبة عواقب صارخة: حظر السفر الذي فرضته المحكمة، وتجميد الأصول، وعدم الأهلية لتولى منصب عام للسنوات الخمس المقبلة. وأضاف كاتب المقال أن قائمة السيسي ليس لها أي معنى، وأن قمع الدولة لا يستهدف المعارضين السياسيين فقط؛ ففي عهد السيسي، يواجه حتى المدافعون عن حقوق الإنسان حملة أمنية صارمة، مضيفا أن عدد السجناء السياسيين في مصر يقدر بعشرات الآلاف، مضيفا أنه في نوفمبر 2020، تم اعتقال ثلاثة أعضاء قياديين في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فجأة بعد أسبوعين فقط من استضافة دبلوماسيين أوروبيين و كنديين لمناقشة وضع حقوق الإنسان في البلاد. وتعرض المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية جاسر عبد الرزاق وزميلاه كريم عنارة ومحمد بشير أولاً للاختفاء القسري، ثم وضعوا في وقت لاحق في الحبس الانفرادي، وحرموا من الحقوق الأساسية للسجناء طوال كل ذلك، وقد انتزعوا من منازلهم – في إحدى الحالات، من عطلة على شاطئ البحر – تماما كما اعتقل آلاف المصريين الآخرين في حملة القمع الموسعة التي شنها السيسي على مدى السنوات السبع الماضية. وعلى الرغم من الضغوط والمطالب الدولية المتزايدة بإطلاق سراح هؤلاء السجناء، تمسك نظام السيسي بنصه البالي في الدفاع عن الاعتقالات، واتهم المعتقلون أولا "بالانتماء إلى مجموعة إرهابية" و"نشر أخبار كاذبة" قبل أن يطلق سراحهم بعد أسبوعين، لكن محكمة الإرهاب أمرت بتجميد الأصول الشخصية وممتلكات أعضاء المبادرة المصرية، كما مُنع محامو الدفاع عنهم من الاطلاع على لائحة الاتهام أو تقديم دفاع إلى المحكمة. القمع للجميع كما تم سجن الباحث في الحقوق الجنسانية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية باتريك جورج زكي – ضحية عملية تمشيط سابقة – منذ فبراير 2020، وقد جددت محكمة مكافحة الإرهاب احتجازه يوم 6 ديسمبر عندما أصدر قاض قرارا شاملا بتجديد احتجاز أكثر من 750 سجينا سياسيا فى جلسة ماراثونية استمرت 12 ساعة ومن بين مئات القضايا التي تم النظر فيها، اختار القاضي إعفاء شخص واحد فقط من السجن مرة أخرى. وأشار إلى أن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ليست الوحيدة التي يعمل السيسي على إخراجها من الوجود في أغسطس 2020، حكم القضاء على مدير ومؤسس مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهي الدين حسن، بالسجن 15 عاما بتهمة نشر أخبار كاذبة ومواد تحريضية ضد الدولة، وقد اضطر مركز القاهرة، الذي تأسس في عام 1993، وهو من أبرز منظمات حقوق الإنسان في مصر، إلى إغلاق مكاتبه في البلاد بعد حملة ضغط لا هوادة فيها من قبل الحكومة، التي جمدت أموالها، من بين أمور أخرى، (وهو تكتيك مفضل لنظام السيسي)، كما صادرت الدولة الأصول الشخصية لحسن، وواجه العديد من التهديدات بالقتل طوال المحنة. اعتقال عائلات النشطاء وتابع:" لا تحتجز حكومة الانقلاب المدافعين عن حقوق الإنسان أنفسهم فحسب، بل إن عائلاتهم معرضة للخطر أيضا في يونيو 2020، تعرض أقارب الناشط المصري الأمريكي محمد سلطان للاعتقال التعسفي بعد أيام فقط من رفع سلطان دعوى قضائية أمام محكمة أمريكية ضد حازم الببلاوي (رئيس وزراء مصر من 2013 إلى 2014) بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وظل خمسة من أفراد عائلة سلطان رهن الاحتجاز لمدة 144 يوماً حتى الإفراج عنهم في 3 نوفمبر– وهو قرار تزامن مع الانتخابات الأمريكية وفوز جو بايدن لاحقا على دونالد ترامب، الذي اشتهر بمخاطلة السيسي بأنه "ديكتاتوره المفضل". وأردف التقرير: "بالإضافة إلى الاعتقالات التعسفية للمواطنين العاديين، تعمل الحكومة (الانقلابية) يوما بعد يوم على إغلاق جميع الأماكن للتعبير، منذ عام 2017، منع نظام السيسي عشرات المنافذ الإخبارية المستقلة، واشترت أجهزة الاستخبارات ما تبقى منها لإحكام السيطرة الكاملة على المشهد الإعلامي في البلاد". واستطرد: "في الوقت الحالي، يستطيع السيسي الاستفادة من موقع مصر في الشرق الأوسط – فضلاً عن المخاوف العالمية من الاضطرابات السياسية في المنطقة – لتعزيز دولته البوليسية ومن شبه المؤكد أن المزيد من الأزمات في الشرق الأوسط من شأنه أن يؤجج أزمة لاجئين أخرى في أوروبا، والتي يحرص قادة الاتحاد الأوروبي على تجنبها بأي ثمن تقريبا، في الواقع، في 10 ديسمبر 2020، منح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السيسي وسام "جوقة الشرف"، وهو أعلى تكريم لفرنسا، خلال زيارة الدولة التي قام بها السيسي إلى باريس ، وهي خطوة أدانها مجتمع حقوق الإنسان باعتبارها منافقة بوقاحة لبلد مكرس ظاهرياً لطائفة الحريات. لا مكان للمجتمع المدني وواصل:" من المفارقات أن سياسات السيسي قد تتحول هي نفسها إلى إحداث مثل هذه الاضطرابات السياسية، وبما أن السيسي يمنع أي نشاط سياسي حقيقي، ويغلق حملات الحقوق، ويغلق المعارضة السياسية، فإن الأصوات الوحيدة المكممة هي أصوات المعارضة السلمية، إنهم الذين يعطون الأمل في مستقبل ديمقراطي يسوده الأمل في المصريين العاديين، وهم يشعرون بالإحباط، حيث تسود العدالة وسيادة القانون". وأكد المقال أن الرسالة التي يوجهها السيسي إلى المجتمع الدولي – وإلى حلفائه في واشنطن وأوروبا – بسيطة: لا يوجد دور للمجتمع المدني في مصر، الصوت الوحيد الذي يمكن سماعه في البلاد هو صوت السيسي وحكومته ومؤيدوه، وهذه الأصوات وحدها لا تكفي لحكم بلد مثل مصر، وإذا كان لمصر أن تتمتع بالاستقرار الحقيقي، فإنها تحتاج على وجه السرعة إلى مدخلات من مختلف المناظير للاطلاع على النهج والحلول لمشاكلها. وأكمل:" تواجه مصر عددا من الأزمات، الخارجية والداخلية، التي تم تنحيتها جانبا من أجل التفرغ لقمع المعارضة، وكان من أبرز هذه الأزمات في الأشهر الأخيرة سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي يشكل تهديدا لنصيب مصر من إمدادات مياه النيل، ناهيك عن ظهور وباء COVID-19، الذي لا يُجهز النظام الصحي في مصر لمكافحته". الفرصة الأخيرة وأضاف أن الطريقة الوحيدة التي يمكن بها لحكومة السيسي الاستبدادية الحفاظ على الاستقرار في مصر هي العمل على تبني سياسات تدريجية تخفف من حدة التوتر الاجتماعي والسياسي منذ عام 2013، عندما استولى السيسي على السلطة، ومن البداية الجيدة وضع حد للاعتقال التعسفي والمضايقات التي يتعرض لها المواطنون الذين شاركوا في ثورة 2011؛ والإفراج عن المسنين والمرضى والسجناء غير العنيفين الذين يقضون أحكاما قصيرة بسبب جائحة كورونا؛ وإلغاء حظر المواقع الإلكترونية للمؤسسات الإخبارية المستقلة التي لم تتمكن من الوصول إلى جمهورها المصري لمدة ثلاث سنوات. وأوضح أن "آلاف السجناء السياسيين الذين تركهم السيسي يقبعون في السجن تحت ستار مكافحة عدم الاستقرار هم الأشخاص الذين يستطيعون وينبغي عليهم قيادة عملية انتقال ديمقراطي في مصر، وهم بحاجة إلى الدعم، وينبغي على حلفاء السيسي الأمريكيين والأوروبيين استخدام ثقل مكاتبهم لإرسال رسالة واضحة إلى حكومة الانقلاب مفادها أن سياساتها القمعية تهدد استقرار مصر على المدى الطويل، وبشكل أكثر تحديدا، تزيد من خطر الإرهاب الحقيقي، الشعب المصري لا ينتظر من الغرب أن يحقق له الديمقراطية، إنهم يريدون فقط فرصة لتحقيق ذلك عن أنفسهم".
Sisi's Last Stand iframe class="wp-embedded-content" sandbox="allow-scripts" security="restricted" style="position: absolute; clip: rect(1px, 1px, 1px, 1px);" title=""Sisi's Last Stand" — Foreign Policy" src="https://foreignpolicy.com/2021/01/27/egypt-sisi-human-rights-protests-detention-terrorism-biden-trump/embed/#?secret=788sayVKOG" data-secret="788sayVKOG" width="600" height="338" frameborder="0" marginwidth="0" marginheight="0" scrolling="no"