مع السياسات الاقتصادية الفاشلة التى يطبقها نظام الانقلاب تتزايد معدلات التضخم، بحيث تتراجع قيمة النقود وتضعف قدرتها الشرائية، فما كان يشتريه المواطن ب 100 جنيه لا يستطيع شراءه ب 500 فى حالة ارتفاع معدلات التضخم، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه وهو ما تعاني منه مصر منذ قرار تعويم الجنيه في نوفمبر 2016. كان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، قد سجل معدل التضخم السنوي لإجمالي البلاد (6.3%) لشهر نوفمبر 2020 مقابل (2.7%) لنفس الشهر من العام السابق. وقال الجهاز إن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية بلغ (111.2) نقطة لشهر نوفمبر 2020، مسجلا ارتفاعا قدره (1.1%) عن شهر أكتوبر 2020. بالإضافة إلى ارتفاع نسبة التضخم السنوي العام بالمدن إلى 4.6% في أكتوبر2020 من 3.7% في سبتمبر، وهي الأعلى منذ أن سجل 4.2% في يوليو الماضي. ركود تضخمي حول مخاطر ارتفاع معدلات التضخم وأسبابه قال الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده إن نسبة التضخم في مصر أكبر من النسبة المعلنة من قبل أجهزة (الحكومة)، مؤكدا أن ارتفاع معدلات التضخم يمثل خطرا على الاقتصاد المصري لأنها طاردة للاستثمار، وكشف "عبده"، في تصريحات صحفية، إن أزمة الاقتصاد المصري تتمثل في عدم الاستعانة بالكفاءات، معتبرا أن محاولة معالجة نسبة التضخم ليست صحيحة لأن القائمين على الحل لا يعرفون الأزمة الحقيقية، وأن ما تعانيه مصر ليس تضخما، وإنما هو ركود تضخمي. وحذر من أن نسبة التضخم مزعجة جدا، خاصة إذا كانت (الدولة) تزعم أنها تبحث عن استثمارات، فكيف تسعى لجذب استثمار والتضخم من أكبر القوى الطاردة للاستثمار، موضحا أن أي مستثمر يفكر في استثمار أمواله يتعاقد مع مكتب يحلل له نسبة التضخم في الدولة وعجز الموازنة ومعدل البطالة والتنمية قبل أن يفكر في نسبة مكسبه، ثم يفكر في البيروقراطية والفساد وما إذا كان قادرا على تحويل أمواله للخارج، خاصة إذا كان مقر شركته بالخارج، بالإضافة إلى ضرورة توفير العملة الأجنبية لتحويل أرباحه إذا رغب في ذلك. واعتبر الخبير الاقتصادي أن قرار تعويم الجنيه خلال فترة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض ال12 مليار دولار،كان السبب الرئيسي في ارتفاع نسبة التضخم بدرجة كبيرة جدا وغير متوقعة، مشددا على أنه كان من المفترض تعويم الجنية تدريجيا، لكن محافظ البنك المركزي قرر التعويم على درجة واحدة، وهو ما سبب زلزالا كبيرا في السوق توابعه مستمرة حتى الآن. وترتب على هذا القرار زيادة تكاليف الحياة، بدليل زيادة أسعار الكهرباء والوقود والمياه وأسعار جميع السلع، لافتا إلى أن (الحكومة) لم تقف مع المواطن المحتاج، ولكنها رفعت شعارات غير حقيقية، وأطلقت تصريحات غير سياسية. أسعار السلع وتوقعت عالية ممدوح "كبير الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار بلتون"، أن ترتفع معدلات التضخم مع بداية العام المالي 2021-2022، ومع إجراء البنك المركزي تخفيضات إضافية لأسعار الفائدة. وأشارت إلى أن أسعار السلع قد ترتفع عالميا خلال الربع الثالث من 2021 مع انتشار توزيع لقاحات كورونا عالميا، وارتفاع أسعار السلع الأساسية الذي قد يصاحب انفراجة محتملة بين الصين والإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدن. طباعة الأموال أما الخبير الاقتصادي مدحت نافع فيشير إلى أن زيادة الاقتراض الداخلى بأرقام غير مسبوقة فى تاريخ مصر يرجع إلى العجز الكبير فى الموازنة المالية ل(الدولة) وصعوبة تمويلها إلا عن طريق طباعة الأموال التى لا يمكن لها التوسع فيها لتقيدها بمعادلة النقود ومعدلات التضخم أو طباعة أذون وسندات خزانة وطرحها فى السوق مثلما يحدث الآن لعدم لجوء (الحكومة) إلى الحلول الأكثر استدامة في سداد عجز الموازنة وتحقيق فائض فى الإيرادات. وأضاف "نافع"، في تصريحات صحفية: معدلات الدين الداخلى والخارجى في تزايد بوتيرة مرتفعة، ووقف عمليات الاستدانة لن يكون إلا بزيادة الإنتاج ومن ثم زيادة الصادرات لتحسين ميزان المدفوعات وسداد القروض الخارجية أو بدخول استثمارات أجنبية توفر عملة أجنبية وتساهم فى تخفيض معدل التضخم بتشغيل جزء من حركة الاقتصاد . وأوضح أن (الدولة) تستدين بسبب عجز الاقتصاد بمحركاته المختلفة عن تأدية ما هو مطلوب منها تجاه المجتمع؛ فالقطاعات الإنتاجية أصبحت عاجزة عن تلبية الطلب الاستهلاكى المتزايد بوتيرة مرتفعة, و(الحكومة) عاجزة عن تقديم الالتزام الاجتماعى تجاه المواطنين فيما يتعلق بالتعليم والصحة والخدمات التى يقال إنها مدعمة فى حين إنها لا ترقى للاستخدام الآدمي . وأشار "نافع" إلى أن الحل الوحيد أمام (الحكومة) التي لا تملك رؤى أو خططا مستقبلية هو الاقتراض من الداخل والخارج لسد العجز القائم, في ظل عدم وجود محاسبة عن الفجوة الموجودة بين الموازنة والحساب الختامي والذي يوجد فيه انحراف كبير محذرا من سير (الحكومة) على هذا الطريق الذي سيؤدى إلى مزيد من الأزمات خاصة أن هناك عجزا فى الميزان التجاري وانخفاضا في الملاءة الائتمانية لمصر وعجزا عن السداد؛ وبالتال يصبح الاقتراض من الخارج شبه مستحيل . وأكد أن الوضع صعب ومتأزم باعتراف التقارير الداخلية، موضحا أن الحل السريع لسد عجز الموازنة وتقليل الاقتراض هو تجفيف منابع الفساد ووقف هدر الإيرادات عبر تنشيط عمل النيابة العامة والرقابة الإدارية فى جميع الوزارات, وإنشاء إدارة مخاطر مؤسسية لمتابعة تحصيل الإيرادات . حلول ورقية وقال الخبير الاقتصادي والمصرفي عز الدين حسانين، إن اقتراب الدين المحلي من الناتج المحلي الإجمالي لدولة غير مصنعة أو مصدرة وتعاني نقص الدولار يشير إلى أن اقتصادها يسير نحو الأسوأ لافتا إلى أن "مصر دولة ضعيفة اقتصاديا وصل فيها الدين المحلي لنحو 100% من الناتج المحلي الإجمالي، وهى ليست دولة صناعية أو دولارية وليست لها قواعد استثمارية في الخارج وتعاني من انخفاض العملة المحلية، ما يجعلها مقبلة على مشكلات اقتصادية كبيرة مع ارتفاع في الدين وفوائده واستمرار عجز الموازنة مما يخلق اضطرابا داخليا. وتوقع، في ظل عدم وجود حلول من شأنها خفض الاستيراد وزيادة الصادرات مع زيادة الإنفاق العام وزيادة الإنتاج، أن يرتفع الدين المحلي الإجمالي إلى 150%من الناتج المحلي خلال العامين المقبلين. محملا (الحكومة) مسؤولية الكوارث الاقتصادية وتفاقم الأزمات الحالية واستمرارها، لأن وضع حلول لزيادة الإيرادات وخفض عجز الموازنة وميزان المدفوعات ومعدل التضخم من صميم عملها.