أثارت الأحكام القاسية من جانب قضاء الانقلاب بحق "35" من أهالي جزيرة الوراق حالة من الغضب الواسع بين أهالي الجزيرة، الذين رأوا في هذه الأحكام العنيفة تهديدا لهم في صورة انتقام من الذين صدرت بحقهم هذه الأحكام الظالمة. وكانت ما تسمى بمحكمة جنايات أمن الدولة العليا، قد أصدرت حكما بالسجن المؤبد (25 سنة) على متهم واحد و(15سنة) على 30 متهما وخمس سنوات على أربعة متهمين، بتهمة مقاومة السلطات والاشتباك مع الشرطة منتصف 2017م. وقال مراقبون إن زعيم الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي، يخطط بعد أحكام قضائه الشامخ القاسية، بحق معتقلي جزيرة الوراق أن يكرس لقبه "السيسي أبو الهدد" كمصطلح أبدعه رواد مواقع التواصل الاجتماعي، في الانتقام من أبناء جزيرة الوراق. وخلال الأيام الماضية شنت الآلة الإعلامية للانقلاب حملة إشادة بهذه الأحكام الجائرة، وخرج أحمد موسى محرضا ومشجعا قضاة العسكر على مزيد من هذه الأحكام الظالمة. وادعى إعلام الانقلاب أن الأحكام التي صدرت عادلة بحق الأهالي بسبب اشتباكهم مع "الشرطة" التي كانت تريد تنفيذ قرار بإزالة "التعديات" في يوليو 2017 بين عدد من سكان جزيرة الوراق الواقعة في قلب النيل في القاهرة وبين داخلية الانقلاب، التي شنت حملة لتنفيذ القرار الحكومي بإزالة "التعديات" على أراضي الدولة. وكانت وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب قد شنت عدوانا سافرا على منازل المواطنين منتصف 2017م، حيث أطلقت الرصاص الحلي والخرطوش والقنابل المسيلة للدموع على أهالي الجزيرة ما أدى إلى سقوط قتيل وعشرات المصابين، بينما ادعت الشرطة إصابة 33 مجندا. اللافت في الأمر أن مثل هذه المصادمات في الوقت العادي لا تزيد عقوبتها عن 3 سنوات كحد أقصى لكن مثل هذه الأحكام الجائرة تحمل كثيرا من الرسائل والدلالات. كسر الصمود وأشار مراقبون إلى أن الهدف من هذه الأحكام الجائرة هو كسر حالة الصمود والإباء التي أبداها أهالي الجزيرة، وثباتهم المدهش أمام جحافل الأمن التي تراجعت أمام صمود الأهالي. كما تستهدف هذه الأحكام كسر صمود الأهالي في المناطق الأخرى المهددة بالإخلاء، بعدما لان كثيرون في يد السيسي وآخرهم مناطق القاهرة التاريخية وأحياء السيدة زينب والخليفة وأجزاء كبيرة من المقطم ومصر القديمة وحلوان ودار السلام، فضلا عن منطقة بولاق أبو العلا ومثلث ماسبيرو وبيوت المحمودية. وقال الناشط محمد فكري: "السيسي يُنكّل بأهالي جزيرة الوراق لاخلائها وبيعها للإمارات". وأضاف: "أموال الإمارات التي تريد الاستيلاء علي جزيرة الوراق جعلت السيسي ينكل بالمصريين ..". وعلقت صاحبة حساب "Truelove": "الناس في مصر مش بتشحت بس، بتسرق بعضها عشان تعرف تعيش إلا ما رحم ربي، السيسي هدم بيوت ناس عشان يبيع أراضيها للإمارات زي جزيرة الوراق، وباع شركات ورمى عمالها في الشارع زي الدلتا للأسمدة، واتبرع بمحطة غاز رشوة لإيطاليا عشان يحمي ابنه من موضوع ريجيني". المذيع سيد توكل كتب عبر حسابه: "من 3 سنين قرر السيسي إنه يطرد أهالي الوراق من أرضهم ويعمل عليها مشروع استثماري.. ولما الناس مرضيتش جت الشرطة وطحنتهم بالمدرعات والهراوات.. النهاردة قضاؤنا الشامخ حكم على الأهالي اللي رفضوا يخرجوا من بيوتهم بالسجن المشدد والمؤبد بتهمة إثارة الشغب ومقاومة السلطات.. ولسة بكرة تشوفوا مصر!!". تاريخية القرار وفي أبريل 2018، قرر رئيس حكومة الانقلاب نقل تبعية جزيرة الوراق التي يسكنها زهاء 100 ألف شخص، إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة (الحكومية) تمهيدا للبدء في تنفيذ مخطط لتنميتها وتطويرها بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة. ووفق تقرير رسمي لمجلس وزراء الانقلاب؛ فإن الجزيرة التي تبلغ مساحتها "ألف فدّان" وكانت أرضا زراعية "تم التعدي عليها منذ أكثر من 15 سنة وتحويلها لمنطقة سكنية عشوائية". وأحصى التقرير حوالي 700 حالة تعدي في الجزيرة "بالإضافة إلى تعديات أخرى لم يتم حصرها بعد". ويرفض معظم الأهالي ترك منازلهم، ويخشون من أن يكون الهدف من الإخلاء إقامة مشروع استثماري كبير، يتضمن أبراجا وفنادق سياحية على حساب أراضيهم الزراعية. وكشف الصحفي المعتقل عامر عبدالمنعم، في دراسة نشرها "المعهد المصري للدراسات" واستعرضناها من خلال موقعنا أن المشروع هو (مخطط القاهرة 2050) ووظيفته ليس فقط على تفريغ المنطقة من المقطم إلى النيل، وإنما كشفت الخرائط عن التمدد إلى غرب النيل لعمل فناء خلفي عبر شمال جزيرة الزمالك وجزيرة الوراق –التي تبذل الحكومة محاولات لطرد سكانها، ليصل “الفراغ” إلى ميدان سفنكس في المهندسين، حيث يبدأ ما يسمى محور خوفو “Khufu Avenue” الذي يمتد لمسافة 12 كم بعرض 600 متر، مرورا بشارع جامعة الدول العربية ليصل إلى الأهرامات؛ أي هدم المنازل وإزالة السكان من حوالي نصف محافظة الجيزة. قلب القاهرة وكشف عبدالمنعم أن العقول الغربية التي تقف خلف السيطرة على قلب القاهرة هي التي تنتقي الشركات الخليجية وخاصة الإماراتية التي تتولي البناء في المنطقة الإستراتيجية وتشيد الأبراج، ولا دور للحكومة المصرية غير طرد السكان وتفكيك الحكومة وبيع أصولها عبر ما يسمى «الصندوق السيادي» الذي أنشيء لتصفية ممتلكات الدولة حتى لا يكون للسلطة المصرية وجود في المركز الجديد (تمتلك الحكومة المصرية 10% فقط من أرض مثلث ماسبيرو بينما تمتلك شركات خليجية 65 %).