أثار لجوء محاكم الانقلاب إلى تجديد الحبس للمعتقلين السياسيين الرافضين لحكم العسكر عبر الفيديو كونفرانس انتقادات حقوقية وقانونية، وأكد حقوقيون أن تلك الخطوة تنتقص ضمانات المحاكمة العادلة، كما تهدد حقوق المعتقل والدفاع في القضايا الجنائية خصوصًا السياسية منها. واعتبروا أن تجديد الحبس عبر الفيديو كونفرانس ينتقص من ضمانات المحاكمة العادلة والتواصل المباشر بين المعتقل وقاضيه الطبيعي، محذرين من أن هذه الآلية تقنن الإجراءات الاستثنائية التي بدأت بانعقاد المحاكمات في مقار شرطية بدلًا من قاعات المحاكم. وأكد الحقوقيون أن الإجراء الجديد يُعد تعديا من السلطة التنفيذية، مُمثلة في وزير العدل الانقلابى، على صلاحيات السلطة التشريعية التي لم تدخل تعديلات في قانون الإجراءات الجنائية تسمح بالمحاكمات عن بعد حتى الآن. كانت سلطات الانقلاب قد بدأت مؤخرا، مشروع تجديد الحبس الاحتياطي للمعتقلين عن بُعد، وتربط هذه الآلية محكمة القاهرة الجديدة بمجمع سجون طرة العمومي و15 مايو والنهضة المركزيين عبر شبكات تلفزيونية مغلقة. وزعم "عمر مروان" وزير العدل الانقلابى أن هناك 3 أهداف للمشروع هي سرعة إنجاز التحقيقات، وتوافر الناحية الأمنية، فضلًا عن تقليل فرص انتشار فيروس "كورونا" بين المحبوسين والمواطنين. مراجعة فورية من جانبها دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" سلطات الانقلاب إلى إعادة النظر في قرارات تمديد فترة الحبس الاحتياطي للمعتقلين. وقالت المنظمة في بيان لها إن القضاة مطالبون بإجراء مراجعة فورية لقانونية تمديد فترة الحبس الاحتياطي للمعتقلين، وإخلاء سبيلهم ما لم يكن هناك ضرورة قانونية لحبسهم. ونقلت "رايتس ووتش" عن 5 محامين قولهم إن السلطات القضائية الانقلابية تجدد قرارات الحبس الاحتياطي لجميع المعتقلين بشكل تلقائي، خلال الفترة منذ منتصف مارس الماضي وحتى الآن ثم لجأت الى التجديد عبر الفيديو كونفرانس، دون نقل المحتجزين إلى الجلسات أو إتاحة فرصة للمحامين لتقديم دفوعهم. دولة الأمن الوطني فيما حملت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب، مسئولية انتهاك ودهس القانون، وتجاوز مدد الحبس الاحتياطي المقررة قانونا، والضرب بأحكام القضاء عرض الحائط. وقالت الشبكة في تقرير لها بعنوان "الإشارة فوق القانون"، إن داخلية الانقلاب تعطل قرارات النيابة العامة والقضاء بإخلاء سبيل والإفراج عن بعض المحبوسين والمتحجزين، ما بين أيام وأسابيع، بل وشهور. وأشار التقرير الى ان تلك السياسة يتم اتباعها بشكل خاص في القضايا السياسية، معتبرا التوسع في هذا الإجراء، يمثل ظاهرة جديدة تعصف بسيادة القانون وحريات المواطنين. وكشف أنه تم تقديم بلاغات وشكاوى للنيابة حول عدم احترام وزارة داخلية الانقلاب لقرارات الإفراج، التي أصبحت مجرد حبر على ورق، لا يمكن تنفيذها سوى بموافقة داخلية الانقلاب ممثلة فيما يسمى "الأمن الوطني". ووصف التقرير، الوضع القائم فى دولة العسكر بأن المصريين يعيشون "في دولة الأمن الوطني"، منتقدا منح سلطات استثنائية لضباط أمن الانقلاب لدرجة أن سلطة النيابة والقضاء، كسلطة قضائية، أصبحت رهينة لسلطتهم. وطالب بإصدار تشريعات أو تعديل تشريعات موجودة تعاقب على جرائم التدخل في شئون العدالة وعدم تنفيذ أحكام القضاء خاصة قرارات إخلاء السبيل. وشدد على ضرورة التزام جهاز أمن الانقلاب بدوره المنوط به وهو الاستقصاء والتحري عن الجرائم التي تهدد أمن الدولة وعدم التغول على باقي السلطات مطالبا بقيام النيابة العامة بدورها في الرقابة على السجون والأقسام والتأكد من تنفيذ قراراتها. الإجراءات الجنائية من جانبه قال المحامي "خالد علي" إن هذا الإجراء يخالف قانون الإجراءات الجنائية، لافتا إلى أن تنفيذ هذه التقنية يتطلب تعديلًا تشريعيًا يحدد معايير المحاكمة العلانية في المحاكمات عن بعد. وأضاف "علي" فى تصريحات صحفية أن قانون المحاكم الاقتصادية الجديد تطرق إلى المحاكمات عن بعد، وحدد آلية لإقامة الدعاوي وإعلان الخصوم وتقديم كل منهم لدفاعه إلكترونيًا. ووصف الحبس الاحتياطي بانه إجراء بالغ المساس بالحرية الشخصية، وله ماضٍ ملوث شهد إساءة استخدامه في كثير من الدول، خاصة في النظم التسلطية التي تتفوق فيها حقوق السلطة على حقوق الفرد. وأوضح على أنه بمقتضى هذا الإجراء يتم إيداع المتهم في السجن خلال فترة التحقيق كلها أو بعضها، ويتعرض لانتهاك كرامته الإنسانية التي كان يتمتع بها إبان كان طليق السراح، وهو ما يحتم التدقيق في مراعاة درجة التناسب بين آلام الحبس الاحتياطي ومصلحة المجتمع. مشيرا إلى أن القانون نص على أنه "في جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثُلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا يتجاوز ستة أشهر في الجنح وثمانية عشر شهراً في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام. وتابع أن الحبس الاحتياطي هو سلب حرية شخص متهم بارتكاب جريمة فترة من الزمن بإيداعه أحد السجون لحين إتمام تحقيق يُجرى معه، والأصل في الحبس باعتباره سلباً للحرية أنه عقوبة، وبالتالي يجب ألا يوقع إلا بحكم قضائي بعد محاكمة عادلة تتوفر فيها للمتهم جميع الضمانات. ولفت على الى أن المشرع أجاز الحبس الاحتياطي للمحقق في التحقيق الابتدائي بصفة احتياطية بمجرد أن يبدأ التحقيق أو أثناء سيره، فالحبس الاحتياطي إجراء من إجراءات التحقيق، ويتعارض مع أصل البراءة المفترض في الانسان، فهو إجراء بالغ الخطورة يتعين أن يحيطه المشرع بضمانات كبيرة، ويتعين ألا يلجأ إليه المحقق إلا لضرورة ملحة. ضمانات التقاضي وقال المحامي "خالد المصري": ان اللقاء المباشر بين القاضي والمتهم هو أحد أبرز ضمانات التقاضي، لأنه يسمح بتواصل المتهم مع قاضيه، وإبلاغه بأي اعتداء يتعرض له وجهًا لوجه بدون مخاوف من التنكيل به من القائمين على السجن. وأضاف المصري فى تصريحات صحفية أن وزارة العدل بحكومة الانقلاب حتى الآن، لم توضح بالنسبة لجلسات الفيديو كونفرانس آلية حضور المحامين للتحقيقات، سواء مع المتهم في محبسه أو مع القاضي في المحكمة، أم أنها ستخصص قاعة أخرى للمحامين. مشيرا إلى أنه بحسب المنشور في الصحف، سيتواجد المحامون داخل السجن خلال جلسات التجديد، وهو أمر غير متصور من الناحية العملية والقانونية في نفس الوقت.