دأب نظام العسكر، وآلته الأمنية بالتغطية على جرائمهم التى يتم تنفيذها بحق المعارضين ورافضى النظام، الذين يتم تلفيق القضايا لهم زورًا وسجنهم، إلا أن العناية الإلهية أرادت انقاذ بعضهم من براثن هذا الظلم، وكشف كذب وتضليل النظام بأكمله فى أروقة المحاكم، وهو ما لا يعجب النظام، ويريد تغييره بأى طريقة. وهو ما يفعله النظام فى التعديلات التى يجريها على نظام المحاكمات فى البلاد، وبالأخص تلك الخاصة بالمعتقلين، حيث أنه يسعى لما يروج له إعلامه تحت مسمى "العدالة الناجزة"، وذلك عبر الفيديو كونفرس، أى القاضى يرى المعتقلين عبر تلك الطريقة. وبدأت هذه التعديلات بمنح القضاء حق تجديد حبس المتهمين احتياطيا لمدة تزيد عن عامين، مرورا بإطلاق يد القضاء العسكري في محاكمة المدنيين، وتخصيص دوائر قضائية محدودة لمحاكمة المتهمين في قضايا الإرهاب يتدخل النظام في اختيار قضاتها، واقتراح تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية لجعل إجراءات التقاضي على درجتين فقط. لكن أحدث هذه التعديلات وأغربها هو محاكمة معارضي النظام عن بعد، من داخل محبسهم، عبر تقنية "الفيديو كونفرانس"، الأمر الذي يعصف بحقوق المتهمين ويزيد من القمع والتنكيل الذي يتعرضون له، بحسب حقوقيين. وكشفت صحيفة "اليوم السابع"، أن قانون الإجراءات الجديد الذي تقدمت به الحكومة مؤخرا، ويناقشه مجلس النواب خلال أيام، يتضمن تطبيق نظام المحاكمات عن بعد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس"، موضحة أن الحكومة لجأت إلى إقرار هذا النظام خشية وقوع إضرابات من جانب قوات الشرطة أو صعوبة نقل المعتقلين من أماكن احتجازهم إلى مقر المحاكمة. ونص القانون المقترح على أنه يجوز لجهة التحقيق والمحكمة المختصة جعل إجراءات التحقيق أو المحاكمة عن بعد مع المتهمين أو الشهود أو المجني عليهم أو الخبراء أو المدعى بالحقوق المدنية، متى ارتأت القيام بذلك، كما يجوز لها اتخاذ تلك الإجراءات فيما يتعلق بالنظر في أمر مد الحبس الاحتياطي والتدابير والإفراج المؤقت واستئناف أوامرها، ولها أن تقرر منع الكشف عن الشخصية الحقيقة للشهود بكافة وسائل وتقنيات الاتصال الحديثة المسموعة والمرئية المناسبة؛ أثناء الإدلاء بأقوالهم عن بعد مع المراعاة. من جهته، أكد المحامي الحقوقي إسلام مصطفى؛ أن محاكمة المعتقلين عبر تقنية "الفيديو كونفرانس" هي فكرة غير قانونية من الأساس، وتهدر حقوق المتهمين في الدفاع عن أنفسهم أمام هيئة المحكمة. وأضاف مصطفى، فى تصريحات له نشره موقع "عربي21"، أن "النظام يريد تطبيق هذه الطريقة لعدم فضح ممارساته القمعية بحق المعتقلين أمام القضاء والرأي العام، بعد أن شاهد العالم المحاكمات الهزلية التي تفتقر إلى أدنى معايير العدالة"، مشيرا إلى أن هناك المئات من المتهمين الذين يتم تحويلهم للمحاكمة وتمت تبرئهم. وأوضح مصطفى أن هذه المحاكمات ستمثل "تنكيلا جديدا بالمتهمين ومنعهم من ممارسة حقوقهم القانونية، يضاف إلى عمليات التعذيب الجماعي التي تحدث في السجون ضد المعتقلين، والبعض يتم حبسهم انفراديا داخل زنازين ليس فيها تهوية"، مشيرا إلى أن هناك قيادات إخوانية تعاني من أمراض خطيرة ومزمنة مثل السرطان؛ الذي يعاني منه مرشد الإخوان المسلمين السابق محمد مهدي عاكف؛ "ولا يهتم به أحد لأن التعذيب الممنهج ضد أعضاء الجماعة داخل السجون أصبح هو السمة السائدة الآن"، كما قال. من جانبها، أكدت الناشطة والمحامية الحقوقية دعاء عباس، أنه لا توجد دولة في العالم كله تمنع المتهمين من الوقوف أمام قاضيهم الطبيعي، مشددة على أن نظام "الفيديو كونفرانس" ليس قانونيا أو دستوريا. وأشارت عباس إلى أن "الفيديو كونفرانس" يمثل "استمرارا لقمع المعتقلين والتنكيل بهم، حيث يحرم المتهمون من التواصل الطبيعي مع باقي أطراف المحاكمة من قضاة ونيابة ومحامين وشهود"، متسائلة: "كيف سيتحدث المتهم مع القاضي أو المحامي الخاص به إذا كانت المحاكمة تتم عبر الفيديو كونفرانس؟". وقالت: إنه من الممكن أن تكون الأجهزة الأمنية قد فكرت في هذه الطريقة لتوفير نفقات حراسة ونقل المتهمين من السجن للمحكمة، لافتة إلى أن "النظام لم يعد يهتم بحقوق آلاف المعتقلين، ويسيء معاملتهم، بدءا من منع الزيارات العائلية عنهم، وحتى الضرب والتعذيب في بعض السجون، بالإضافة للإصابة بالأمراض المزمنة بسبب ظروف احتجازهم غير الآدمية"، على حد وصفها.