رغم التصريحات الرنانة لدبلوماسية السيسي برعاية الأشقاء الفلسطينييين ودور القاهرة التاريخي في تقريب وجهات النظر الفلسطينية، وعلى عكس محورية الدور المصري التاريخي بالمنطقة، رفضت سلطة الانقلاب استضافة لقاء تشاوري بين حركتي "فتح" و"حماس" ضمن تفاهمات المصالحة الفلسطينية الجارية بين الطرفين. ووفق مصدر عربي، فإن الجانب المصري يخشى دخول حركة "حماس" إلى تشكيلات منظمة التحرير والحصول على نصيب كبير من مناصب السلطة الفلسطينية حال إجراء انتخابات المجلس الوطني والانتخابات التشريعية والرئاسية. ضغوط خليجية مصرية أردنية ضد التقارب وتعارض مصر إلى جانب السعودية والإمارات والأردن، التقدم الحاصل في العلاقات بين الجانبين، برعاية تركية. فيما الجانب الفلسطيني يصر على عقد الحوار الثنائي في مقر السفارة الفلسطينية، بدون رعاية مصرية مباشرة، وهو ما أغضب القاهرة. وكانت حركتا "فتح" و"حماس" اتفقتا عقب اجتماعاتهما في تركيا على ضرورة إنهاء الانقسام وتوحيد الصف لمجابهة ما تتعرض له القضية الفلسطينية. وكانت مصادر مطلعة كشفت يوم الاثنين، أن 4 دول عربية ترفض المضي قدما في تنفيذ التفاهمات التي توافقت عليها حركتا "فتح" و"حماس" في مدينة إسطنبول التركية بهدف تحقيق المصالحة الفلسطينية بعد 14 عاما من الانقسام. وأوضحت المصادر أن كلا من السعودية والإمارات تدعم ضغطا تمارسه مصر والأردن باتجاه إفشال مخرجات تفاهمات إسطنبول، وهو ما نتج عنه، ابتداءً، تلكّؤ السلطة الفلسطينية في تنفيذ المطلوب منها وفق هذه التفاهمات، بما في ذلك إصدار مرسوم رئاسي بإجراء الانتخابات، وفقا لما نقلته صحيفة "الأخبار" اللبنانية. وكان من المفترض أن يصدر الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" المرسوم لتحديد موعد الانتخابات الفلسطينية العامّة وفق جدول زمني لا يتجاوز 6 أشهر، غير أن ضغوط الدول العربية الأربعة، إضافة إلى ضغوط ميدانية يمارسها الاحتلال الالكيان الصهيونيي في الضفة الغربية، ساهمت في عرقلة المسار. عرقلة الاتفاقات وأضافت أن وفدا من حركة فتح زار القاهرة الأسبوع الماضي (بعد تفاهمات إسطنبول)، وتلقى رسالة مفادها أن "المصريين غير راضين عن طريقة إعلان الاتفاق في تركيا"، وهو ما ردت عليه الحركة بأن "الاتفاق جرى في القنصلية الفلسطينية في إسطنبول من دون رعاية أو وساطة تركية"، وأن "الفلسطينيين تفاهموا عبر اللقاءات الثنائية وحقّقوا اختراقًا كبيرًا في ملفّ المصالحة، فضلًا عن أن الاستراتيجية الفلسطينية الحالية تقوم على سياسة اللقاءات الثنائية". لكن هذا التبرير لم يرُق لنظام السيسي، الذي يعارض تنفيذ الاتفاق وحتى الانتخابات، بدعوى أن أن المصالحة الفلسطينية بهذه الطريقة، بعيدًا من رعاية القاهرة، تمثّل انتقاصًا من جهد الأخيرة بعد محاولات كثيرة للمصالحة بين "فتح" و"حماس" طوال 14 عامًا، فضلًا عن أن الوقت الحالي غير مناسب للانتخابات، خاصة مع غياب دعم دولي وأمريكي لإجرائها، ما يجعلها "قفزة غير محسوبة من عباس". الخوف من الانتخابات وفي الاتجاه ذاته، أفادت مصادر بحركة "فتح" أن الأردن أبدى، عبر قنوات اتصال مع "عباس"، انزعاجه من تفاهمات إسطنبول، مؤكدًا أنه لا يدعم إجراء الانتخابات الفلسطينية تخوّفًا من حصول "حماس" على نصيب كبير في مناصب السلطة الفلسطينية. فيما أفادت مصادر بحركة "حماس" بأن رسالة أردنية غير مباشرة وصلت الحركة برفض اتفاق المصالحة، عبر الضغط على الأسيرة المحرّرة، المنتمية إلى الحركة، والمطلوبة للولايات المتحدة "أحلام التميمي"؛ لمغادرة المملكة، عبر ترحيل زوجها الأسير المحرّر "نزار التميمي"، وإبلاغه بضرورة المغادرة خلال أيام، تمهيدًا لترحيلها وتسليمها للإدارة الأمريكية. وفي فلك الموقف ذاته، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية "أحمد أبو الغيط" عن "الاستياء" من اجتماع تركيا؛ لأن "بعض الأطراف رأت فيه رسالة إلى أطراف عربية معينة" على حد تعبيره، وهو ما رد عليه أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية "صائب عريقات" بمطالبة "أبو الغيط" بالاستقالة من منصبه على خلفية تأييده اتفاقات التطبيع العربية الأخيرة مع الكيان الصهيوني وترويجه لخطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط، المعروفة إعلاميا ب"صفقة القرن"، والتي تشرعن ضم دولة الاحتلال لمزيد من الأراضي بالضفة الغربية. وكانت السلطة الفلسطينية قد أعلنت منذ أيام تخلّيها عن رئاسة الدورة الحالية للجامعة العربية بعدما أخفقت في استصدار أيّ صيغة منها تدين اتفاقات التطبيع العربية الأخيرة مع الاحتلال الكيان الصهيوني. وإزاء تزامن ذلك مع تأخر "عباس" في تنفيذ تفاهمات إسطنبول، أبلغت "حماس" رئيس السلطة الفلسطينية بأنها تنظر بريبة إلى تأخره في تنفيذ التوافقات، بما فيها السماح بالمقاومة الشعبية في الضفة ووقف ملاحقة عناصر الحركة، وأيضًا تأخّره في رفع العقوبات عن قطاع غزة، ووقف التمييز بين الضفة والقطاع، والسماح بتجديد جوازات السفر لآلاف الممنوعين من ذلك. وتشهد الساحة الفلسطينية انقساما منذ يونيو 2007، عقب سيطرة "حماس" على قطاع غزة، في حين تدير "فتح" الضفة الغربية، ولم تفلح العديد من الوساطات والاتفاقيات في استعادة الوحدة الداخلية حتى اليوم. وهكذا يجول السيسي ونظام بن زايد وكلاب التطبيع القضية الفلسطينية ساحة لتحليص الحسابات من تركيا ومن حركات التحرر والمقاومة الوطنية، اذعانا للاجندة الامريكية والصهيونية ولو عل حساب معاناة الشعب الفلسطيني… وهو ما يمثل اكبر خيانة عربية في ظل نظم الصهاينة العرب.