سرقات الآثار فى مصر تزايدت فى عهد الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي بصورة لم تشهدها البلاد من قبل، حيث لا يهتم العسكر بتاريخ وحضارة وآثار مصر، وكل ما يهمهم ويعملون من أجله هو الحصول على الأموال وتضخيم "الكروش" أكثر مما هى ضخمة. وفى هذا السياق لجأت عصابات العسكر إلى تهريب الآثار وبيعها رغم أن السيسي يزعم أنه يكافح الفساد وانه يبنى مصر وهيخليها أد الدنيا وأكبر من الدنيا يشار إلى أن السرقات نهبت ما يقرب من ثلث الآثار المصرية، وهذه الكنوز التي كانت من المفترض أن تزيد من عمليات الترويج للسياحة، باعتبارها من أهم موارد الدخل، تستخدمها الآن دول أجنبية تحت سمع وبصر دولة العسكر في الترويج للسياحة لديها. متحف اللوفر "أبو ظبي" لم يكن بعيدًا عن شبهات الاستفادة الحرام من الآثار المصرية، الذي يعرض الآثار النادرة إلى جانب قطع أثرية من سائر حضارات الدنيا، ورغم الكثير من الإيضاحات الرسمية التي صدرت من بعض المسئولين الإماراتيين، عن أصول ملكية القطع المصرية المعروضة في لوفر أبو ظبي، الذين قالوا إنها معارة من فرنسا بجانب توثيق ملكية كل قطعة موجودة بالمتحف، وجميعها يعود تاريخ خروجها من مصر لأكثر من 50 عامًا، إلا أن أحدا لا يصدق هذه الروايات. حرامى الآثار الغريب أن حرامى الآثار وزعيم مافيا سوزان مبارك لتهريب الآثار زاهي حواس، أعلن أنه يعكف حاليًا على تشكيل فريق يضم مفكرين ومثقفين مصريين وعالميين، لتوقيع خطاب رسمي، وإرساله إلى ألمانيا لمطالبتها باعادة رأس نفرتيتى الذي سرق وتم تهريبه عام 1913، على يد "لودفيج بورشارت". وحول سرقة تمثال نفرتيتي وتهريبه إلى ألمانيا قال حواس فى تصريحات صحفية: "الحكاية بدأت فى 20 يناير 1913م، حيث عقد اجتماع بين لودفيج بورشارت وبين مدير تفتيش آثار مصر الوسطى جوستاف لوفيفر لمناقشة تقسيم الاكتشافات الأثرية التى عثر عليها فى عام 1912م، بين ألمانيا ومصر، حيث كان تقسيم الاكتشافات وفقًا لقانون الآثار آنذاك "حصص متساوية" بين مصر وبعثة الحفر. وتابع حواس: فى وقت التقسيم قال بورشارت مدير تفتيش آثار مصر الوسطى جوستاف لوفيفر: إن التمثال مصنوع من الجبس، غير أنه مصنوع من الحجر الجيرى الجيد، وكان القانون المصرى يحظر خروج أى قطعة مصنوعة من الحجر الجيرى، لافتًا إلى أنه لم يكن إخفاء مادة الصنع هى الخدعة الوحيدة بل كان بورشارت قد أعد القسمة فى صندوقين منفصلين وعرض على لوفيفير مفتش آثار مصر الوسطى كشفين بالقائمتين مرفقا بهما صور الآثار، وكانت أحداهما تتضمن التمثال النصفى لنفرتيتى، والأخرى تبدأ بلوحة ملونة لإخناتون وأسرته تصور الزوجين الملكيين أخناتون ونفرتيتى مع ثلاثة من أولاده، وعلم بورشارت أنها من الآثار المحببة لوفيفر، وأوضح له أن كل قائمة تتكامل ويفضل أن تحتفظ مل قائمة بمجموعتها، وبالتالى وقع اختيار لوفيفر على القائمة التى تحوى لوحة إخناتون وأسرته وآلت بعد ذلك إلى المتحف المصرى. وأشار إلى أنه بعد توقيع لوفيفر على القسمة تم اعتماد ذلك من مدير مصلحة الآثار آنذاك وهو جاستون ماسبيرو، وشحن بعدها مباشرة إلى برلين، ووصل التمثال إلى ألمانيا فى نفس العام 1913م، وقدمت إلى هنرى جيمس سيمون وهو فى الأصل تاجر خيول يهودى ثم عمل فى تجارة الآثار وكان الممول لحفائر بورشارت فى تل العمارنة، وغيره من القطع الأثرية التى عثر عليها فى حفائر تل العمارنة إلى متحف برلين. وأكد حواس أنه تقدم فى عام 2010 بخطاب رسمى إلى ألمانيا عندما كان يشغل منصب أمين عام المجلس الآعلى للآثار، للمطالبة بإعادة رأس نفرتيتي وذكر أن خطابه هو أول خطاب رسمى يتم إرساله إلى برلين. حواس تجاهل السرقات التى حدثت فى الخمسين سنة الآخيرة والتى كان هو طرفا فيها مع رؤساء ومسئولين فى الحكومات المصرية المتعاقبة واختار سرقة حدثت عام 1913 فى محاولة مكشوفة للظهور بمظهر المدافع عن الآثار المصرية. نهب العسكر من أهم وقائع سرقة الآثار فى عهد العسكر تعرض مقبرة جحوتي حتب، وهي من الأسرة الثانية عشرة من الدولة الوسطى بدير البرشا بالمنيا، لجريمة سرقة، على يد لصوص انتزعوا الجدران الفريدة لتهريبها، لم تقتصر السرقة على الآثار الفرعونية فقط، بل طالت أي أثر ينتمي لحقب تاريخية ولو متأخرة نسبيًّا. يد النهب والسرقة امتدت إلى عدد من الآثار الإسلامية، مثل منبر قايتباي الرماح، وحشوات باب مسجد السلطان المؤيد شيخ أمام باب زويلة بالجمالية، وتم سرقة 4 من أروع المشكاوات الإسلامية الأثرية النادرة بعضها منسوب إلى كل من السلطان حسن والسلحدار، وتم اكتشاف السرقة في العاصمة البريطانية بواسطة البروفيسور دوريس أبو سيف أستاذ تاريخ الفن والحضارة بجامعة سواس SOAS في لندن. وأثار خبر سرقة خرطوش الملك خوفو وقطع أثرية أخرى من منطقة الهرم عام 2014 وتهريبها خارج مصر ضجة كبيرة دونما فائدة، وبالمثل، جرى سرقة 76 عينة أثرية من المتحف الكبير، الذي ما زال قيد الإنشاء، نتيجة الإهمال. كما سرق لصوصٌ لوحة سبيل محمد كتخدا بالدرب الأحمر، وهي إحدى اللوحات الجميلة في زخرفتها وكتابتها، وتعلو شباكة السبيل مباشرة، تلك اللوحة بالنسبة لأي أثر هي بمنزلة شهادة الميلاد. 33 ألف قطعة فى مقابل السرقات كان رد فعل وزارة الآثار بحكومة الانقلاب غريبا ويؤكد أنها شريك فى هذه السرقات، حيث زعم بيان منسوب للمركز الإعلامي بوزارة الآثار اختفاء 33 ألف قطعة أثرية، خلال عملية جرد قامت بها الوزارة بشكل ذاتي، لبحث حالة المخازن وما طرأ عليها خلال ال50 عامًا الماضية، وشكل عدد الآثار المختفية صدمة كبرى، خصوصًا أن البعض تعامل مع الرقم وكأن الآثار كانت تخرج في "علب البيبسي" مع عمال البوفيه، ولم تر هذا العدد الضخم أجهزة الوزارة. مع تتبع التصريحات المكثفة والشد والجذب ومحاولات التملص من المسئولية، ظهر من بين ثنايا رد خالد العناني وزير آثار الانقلاب المعنى الحقيقي للكارثة، حيث ادعى في تصريحات لتهدئة الرأي العام، أن الوزارة كانت تسمح للأشخاص العاديين بحيازة القطع الأثرية، وبرر ما كان يحدث قديمًا، بالضمانات التي كانت توقع على طالب القطع الأثرية، خصوصًا أنه لم يكن مسموحًا التصرف فيها بأي شكل من الأشكال، سواء الاتجار بها أم إهدائها. قانون للاتجار كان قانون الآثار الذي عُدل في الثمانينيات، بعد زوبعة كبيرة بسبب إجازته تجارة الآثار، يتضمن أيضًا ثغرات تسمح بالفساد، بعدما أعطى الحق للشخص الحائز على أثر، في إبقاء القطع الأثرية لديه "تحت حماية الدولة" وبنسبة كبيرة، تتحول هذه الآثار لتصبح محور إفساد للمسئول بالمتابعة، والحائز على الأثر في نفس الوقت؛ فعملية متابعة الآثار لا تتم إلا مرتين في العام الواحد، وقد يتغير المسئول ويأتي آخر، وبالتالي يمكن التلاعب بالأثر من خلال علاقات المصالح بين هذا وذاك، وفي الغالب يتم الاتجار في الأثر الأصلي، وعمل آخر تقليد لإثبات وجوده. هناك 3 طرق معروفة في عملية سرقة الآثار، أولها عصابات المافيا التي تحفر أسفل مخازن الآثار، وتصل إليها وتسرق ما تشاء، دون أن يشعر بها أحد، إلا في أقرب عملية جرد للمخزن، والطريقة الثانية الموالسة مع القائمين على حراسة الآثار أو المسئولين الكبار، بحيث يصلون إليها بنفس طريقة الحفر، حتى يكون هناك مبرر قانوني لهؤلاء فيما بعد، والطريقة الثالثة عن طريق مسئولي المتابعة والرقابة وحتى أعلى المسئولين مقامًا الذين طالتهم حمى الفساد. سرقات مشروعة يقول المستشار أشرف العشماوي في كتابه (سرقات مشروعة.. حكايات عن سرقة آثار مصر وتهريبها ومحاولات استردادها) إن مصر كانت من أولى الدول التي وضعت قواعد لحماية الآثار عام 1835، ولكن بعض القوانين أسهمت في جعل خروج الآثار "عملا مشروعا" بسبب نظام القسمة الذي كان يتم مع البعثات الأثرية الأجنبية بضغط من القناصل حيث كانت الحكومة المصرية تحصل على نصف الآثار المكتشفة فقط وتحصل البعثة الأجنبية على النصف الآخر. وأشار إلى أن والي مصر محمد علي أسند إلى رائد التعليم رفاعة الطهطاوي مهمة الإشراف على متحف الآثار، وأن الطهطاوي نجح في إصدار قرار بمنع التهريب والاتجار في الآثار، ولكن بعد وفاة محمد علي عام 1949 عادت الأمور كما كانت واستمر نزيف الآثار حتى صدور قانون عام 1983 الذي منع تدوالها بيعا أو شراء. ولفت إلى قانون صدر عام 1951 بهدف القضاء على تجارة الآثار ولكنه كان أكثرها تشجيعا على التهريب والسرقة والاتجار بسبب إرسائه مبدأ القسمة مع البعثات الأجنبية التي يراها بابا للتفريط في "أكثر من نصف آثارنا" ويضاف إليها مئات من القطع المهداة من بعض حكام مصر للأجانب. وأكد أن قانون 1951 الذي كان يحظر تهريب الآثار ترك ثغرة تسمح بمرور متحف كامل للخروج القانوني من مصر؛ إذ تنص إحدى مواده على السماح بتبادل الآثار المكررة مع المتاحف أو الأشخاص أو بيعها أو التنازل عنها للهيئات أو الأفراد المصرح لهم بالتنقيب. تنظيمات إجرامية ويرى علي أحمد مدير عام المضبوطات الأثرية بوزارة الآثار إن إحدى أبرز المشكلات المتعلقة بسرقة وتهريب الآثار حاليًا هي وجود تنظيمات إجرامية دولية تخصصت في مثل هذه النوع من السرقات أصبحت لها أذرع ممتدة عبر أكثر من قارة. وأوضح أحمد فى تصريحات صحفية أن هذه التنظيمات الإجرامية طورت من أساليبها بحيث أصبحت تنقل القطعة المهربة من مصر عبر عدة دول مختلفة قبل وصولها إلى محطتها النهائية، حيث تعرض للبيع، وذلك بهدف تصعيب عملية تتبع مسار القطع الأثرية، وكذلك تصعيب الأمر على السلطات المصرية في إثبات خروج القطع من البلاد بصورة غير شرعية، مؤكدا أن "التفاوض" يظل الوسيلة الأفضل والأسرع لاسترداد القطع الأثرية المهربة للخارج إذ تستغرق إجراءات التقاضي في بعض الأحيان "عدة سنوات".