يمثل الاتفاق المعلن عنه أخيرا بين كيان العدو الصهيوني وبين إمارات بن زايد تتويجًا لمسيرة طويلة من الطعن في الظهر للأمة الإسلامية، وقد وصف رئيس تحرير صحيفة "إسرائيل اليوم"، بوعز بيسموط، المقرّب من نتنياهو، الاتفاقَ، بقوله "إنّ الإمارات العربية المتحدة كانت عشيقة إسرائيل السرية أكثر من عقدين، وتغيرت مكانتها على إثر الاتفاق لتصبح زوجة رسمية في العلن"..! وعلى سرير صحراوي وبملابس نوم "بيجامة"، تكلل العشق الإماراتي الصهيوني بقيام شركة دلتا الصهيونية الثلاثاء 8 سبتمبر 2020، بتصوير إعلانات أزياء في دبي، شاركت فيها ماي تاغر، عارضة الأزياء الصهيونية الشهيرة، وذلك بالتزامن مع وصول بعثة اقتصادية صهيونية إلى الإمارات، للقاء رجال أعمال ومسئولين، لتعميق التوغل الصهيوني والاختراق الاقتصادي والسياسي والعسكري والأمني. الخليج أمانة في يد الصهاينة..! وتأتي جميع هذه التحركات في وقت تستعد فيه كل من الإمارات وكيان العدو الصهيوني لتوقيع اتفاقية تطبيع تاريخية بينهما في البيت الأبيض بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منتصف سبتمبر الجاري، بعدما أعلنت الإمارات في 13 أغسطس، استقبال وفد صهيوني قاده مستشار ترامب، جاريد كوشنر. ومنذ وقت طويل، كانت الولاياتالمتحدة تحث أتباعها ومواليها من الحكام العرب العرب على تطبيع علاقاتهم مع كيان العدو الصهيوني، لذا فإن الإعلان الإماراتي الأخير للتطبيع هو أمر إيجابي بشدة للإدارة الأمريكية. لكن، وبعيدا عن ذلك، هناك سبب يراه المحللون مهما يقف خلف هذا التطور، وهو أنه رد فعل من أبوظبي وتل أبيب على المنهج الأمريكي المتصاعد والقائم على التخفف من أعباء المنطقة، للتفرغ لملفات أكثر خطوة لواشنطن، وأبرزها العلاقات مع الصين وروسيا. وربما كان السبب المزعوم لقرار أبوظبي هو عقد صفقة تمنح بموجبها تل أبيب الاعتراف بدلاً من الضم، بحيث يمتنع كيان الاحتلال الصهيوني عن ضم أي أراضي في الضفة الغربية مقابل تطبيع العلاقات مع الإمارات! وبدأ التطبيع الإماراتي مع الاحتلال الصهيوني من أعلى رأس الهرم في الإمارات، حيث عقد وزير خارجيتها عبد الله بن زايد، لقاء سرياً مع رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو في مدينة نيويورك في 2012 أثناء اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وطغى على هذا اللقاء الذي حضره سفير الإمارات لدى واشنطن، يوسف العتيبة، نقاش الملف النووي الإيراني، والشأن الفلسطيني، وإلى جانب هذا اللقاء السري، زار نتنياهو الإمارات سراً مرتين على الأقل خلال السنتين الأخيرتين، ورافقه فيها رئيس مجلس الأمن القومي، وفق ما كشفت صحيفة "إسرائيل اليوم". اتفاقيات وشراكة إلى جانب لقاءات نتنياهو مع مسئولين إماراتيين شهدت علاقة العدو الصهيوني بالشياطين التي تحكم الإمارات منحنى آخر، وهو توقيع اتفاقيات تكنولوجية، ورياضية، مع شركات صهيونية، كان أبرزها، مع شركة "فيرينت" الإسرائيلية المتخصصة في الأمن الإلكتروني، بقيمة 150 مليون دولار في عام 2014. ومثل الإمارات في هذه الصفقة الهيئة الإماراتية الوطنية للأمن الإلكتروني "نيسا"، حيث هدفت تلك الشراكة إلى إمداد الإماراتيين بتقنيات تجسس خاص لمواقع التواصل الاجتماعي. وتطورت العلاقات الشيطانية الإماراتية الصهيونية بعد عام واحد من عقد مع الشركة الأمنية، حيث افتتح كيان العدو الصهيوني ممثلية لدى وكالة الطاقة المتجددة "إيرينا" في أبوظبي في نوفمبر 2015. واحتفت خارجية العدو الصهيوني بافتتاح هذه الممثلية، وقالت حينها إنها ستسعى لتعزيز سياسة التعاون مع الإمارات على أكمل وجه، بناءً على قدرات " العدو" في مجالات مختلفة. وبعد زيارة نتنياهو وعقد الاتفاقيات، أخذت العلاقات الإماراتية الصهيونية منحى أكثر جرأة، حيث زار وزير الطاقة الصهيوني يوفال شتاينتس، في عام 2016، الإمارات، وأعقب ذلك زيارة وزيرة الثقافة والرياضة الصهيونية، ميري ريغيف في أكتوبر 2018، على رأس وفد رياضي صهيوني إلى الإمارات، للمشاركة في بطولة رياضية في أبوظبي. وخلال الزيارة رفع علم العدو الصهيوني في أبوظبي، كما عزف السلام الوطني الصهيوني أثناء مباريات بطولة رياضة الجودو، كما وصل وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، إلى الإمارات للمشاركة في مؤتمر للأمم المتحدة حول البيئة، صيف عام 2019. وخلال الزيارة اجتمع كاتس مع مسئول إماراتي، وبحثا تعزيز العلاقات الاقتصادية بين "العدو" وشياطين الإمارات، فضلاً عن قضايا إقليمية كالتعامل مع الملف الإيراني، وتطوير طهران السلاح النووي. كما أخذت العلاقات الإماراتية الصهيونية شكلاً آخر؛ وهو مشاركة سلاحي الجو الصهيوني والإماراتي بتمرين مشترك في اليونان في مارس 2017. وتدرب الطيارون خلال التدريب على خوض المعارك الجوية، وضرب الأهداف الأرضية، وتجنب الصواريخ. صفقة القرن وشاركت أبوظبي بمراسم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مخطط مؤامرة "صفقة القرن"، في يناير 2020، حيث مثلها سفيرها لدى الولاياتالمتحدة، يوسف العتيبة. وأيدت الإمارات خطة "صفقة القرن" المزعومة، معتبرة أن "الخطة المعلنة بمثابة نقطة انطلاق مهمة للعودة إلى المفاوضات ضمن إطار دولي تقوده الولاياتالمتحدة". ولم تتوقف العلاقات الإماراتية الصهيونية عند حد السياسة، إذ وقّعت 42 شركة إماراتية، في يوليو 2020، عقوداً مع شركتين صهيونيتين لتطوير حلول تكنولوجية للتعامل مع فيروس كورونا المستجد. والشركتان الصهيونيتان، حسب إذاعة جيش الاحتلال الصهيوني، هما شركة الصناعات الصهيونية الجوية وشركة رفائيل وهما حكوميتان، اللتان تتبعان وزارة العدوان الصهيونية، وتزودان الجيش بالمعدات والصواريخ وأنظمة الدفاع العسكرية. بعد هذه الاتفاقيات والزيارات المتبادلة لمسئولين إماراتيين وصهاينة، توجت العلاقة في إعلان اتفاق سلام بينهما، الخميس 13 أغسطس الماضي. وجرى الاتفاق باتصال هاتفي جمع الرئيس الأمريكي وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وقوبل الاتفاق بتنديد فلسطيني واسع من القيادة وفصائل بارزة، مثل "حماس" و"فتح" و"الجهاد الإسلامي"، حيث عدته القيادة الفلسطينية، في بيان، "خيانة من الإمارات للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية".