نشرت صحيفة المونيتور تقريرا سلطت خلاله الضوء على تدمير سلطات الانقلاب المقابر التاريخية بمنطقة قرافة المماليك بشارع صلاح سالم. وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "الحرية والعدالة"، إن القرار أثار موجة غضب عارمة بين المهندسين المعماريين وعلماء الآثار في مصر . وأطلق علماء الآثار والزوار في منطقة مقابر المماليك في القاهرة -المعروفة باسم القرافة- على طول شارع صلاح سالم صرخة استغاثة على وسائل التواصل الاجتماعي في 20 يوليو، داعين حكومة الانقلاب إلى وقف هدم المقابر. وتداول المهندسون صورة للقرار الذي أقرته وزارة الإسكان، والتي مولت ونفذت مشروع محور الفردوس، على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل حذفه. ووفقا للقرار، يمر الطريق، حسب التقرير، عبر مقبرة الغفير ومنشية ناصر ومنطقة الدويكة في القاهرة. هذا المشروع هو جزء من خطة أوسع تبنتها وكالة البناء المركزية التابعة لوزارة الإسكان للسنوات 2020-21، ويشمل 17 مشروعاً آخر للطرق. تم اقتراح إزالة أجزاء من منطقة القرافة المملوكية لأول مرة في عام 2009 كجزء من مشروع القاهرة 2050 الذي تم طرحه في 2007-2008، ولكن تم رفضه مراراً من قبل الأزهر والخبراء، الذين يعتقدون أن إزالة القبور تشكل تدنيساً للموتى والتراث المعماري لمصر، وتم تعليق المشروع، ولكن الإجراء الأخير فاجأ الكثيرين. وقالت ندى عز الدين، طالبة الدكتوراه في التغيرات البيئية الأثرية وترميم الآثار في جامعة أوساكا في اليابان، ل"المونيتور": "تضم مقابر منطقة المماليك عدداً من المقابر ذات القيمة التاريخية والمعمارية المتميزة. وتقع هذه المنطقة ضمن نطاق القاهرة التاريخية، المسجلة في اليونسكو". وأدرجت اليونسكو القاهرة التاريخية الإسلامية على قائمة التراث العالمي في عام 1979، كما تعتبر مقابر المماليك منطقة ثقافية محمية وفقاً للقانون المصري رقم 119 لسنة 2008، وبموجب الهيئة القومية للتنسيق المدني، كما تخضع المنطقة للقانون رقم 144 لسنة 2006، لأنها تحتوي على مقابر لعدد من الشخصيات التاريخية، بالإضافة إلى طابع معماري مميز يعد جزءًا من تراث مصر، ويمثل عصور تاريخية مختلفة. وقالت ندى عز الدين "إن بناء الجسر سيشوه الصورة البصرية للمنطقة ذات القيمة التاريخية والتراثية الكبيرة". وقال صلاح عادل، مدير صفحة القاهرة التاريخية على فيسبوك، ل"المونيتور": "في القاهرة حوالي 537 أثراً إسلامياً، 38 منها في مقابر المماليك التي بنيت في عصر المماليك الشركسيين في القرن الثامن الهجري [من العصر الإسلامي، بعد رحلة النبي محمد من مكة إلى المدينةالمنورة في 622 م]". وعلى الرغم من عدم تدمير أي نصب تذكاري خلال مشروع الطريق، فقد تم هدم مقابر عدد من الشخصيات الشهيرة التي أثرت في التاريخ المصري في القرن العشرين، بما في ذلك قبور أحمد لطفي السيد، وإحسان عبد القدوس، ومحمد الطبعي، وعبود باشا، وزكي المهندس، ونزلي هانم حليم، وفي الوقت نفسه، نفت الحكومة تدمير المقابر. وقالت محافظة القاهرة في بيان صدر في 22 يوليو إنه لم يتم تدمير أي قبر أو سيتم تدميره، وشددت على أن الهيكل الخارجي لبعض المقابر لم يُزال إلا، ولكن لم يتم تدمير أي نصب تذكاري تاريخي. وقال رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، أسامة طلعت، في بيان نشرته وزارة السياحة والآثار على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بتاريخ 20 يوليو، إن "محور الفردوس يبتعد عن الآثار الإسلامية المسجلة في منطقة مقابر المماليك، زاعما أن القبور المعروضة في الصور هي مبان غير مسجلة وهي مقابر فردية حديثة". وعلّقت ندى عز الدين على هذا القول قائلاً: "إن تصريحات [الحكومة] دليل على أن جميع المباني التاريخية والتراثية معرضة للهدم، على الرغم من أنها تجاوزت المائة عام، لمجرد أنها غير مسجلة في السجلات الأثرية … بدلا من الحفاظ عليها وتسجيلها ". وأضافت أن "القاهرة الإسلامية لديها نسيج عمراني متكامل يعبر عن الهوية المعمارية لكل حقبة، ويشكل الهوية البصرية للمدينة، المعرضة لخطر الخلع عن قائمة التراث العالمي، ما لم نوقف عمليات الهدم". وفي محاولة للتعرف على كيفية تأثير محور الفردوس على مقابر المماليك من حيث الطابع المعماري والنسيج العمراني، تواصل المونيتور مع الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري، لكنه رفض التعليق على الموضوع. من ناحية أخرى، قال محمود عبد الباسط، مدير مشروع تنمية القاهرة التاريخية، ل"المونيتور" إنه غير مخول بالتحدث لوسائل الإعلام عن مشروع محور الفردوس. وعلى الرغم من أن القبور التي تم هدمها تعود لأشخاص أموات منذ أكثر من 50 عاماً، قال وزيري في مقابلة مع شبكة "الحياة" التلفزيونية في 20 يوليو: "لم يتجاوز عمر [القبور] المهدمة 30 عاماً"، مؤكداً أنه تم تشكيل لجنة فنية لفحص الأدلة والجداريات والنقوش في هذه الهياكل، والنظر في إمكانية عرضها في المتاحف. وفي هذا السياق، قال أستاذ الآثار الإسلامية في جامعة القاهرة مختار الكسباني ل"المونيتور": "لم يتم هدم سوى المقابر الحديثة التي تعود للأفراد، لن يتم لمس المباني الأثرية والقباب – مثل قبة السلطان قانصوه أبو سعيد". وأضاف الكاساباني أن "محور الفردوس سيساعد على تطوير المنطقة حتى تصبح منطقة جذب سياحي في القاهرة". إلا أن الباحث الأثري معاذ لافي قال ل"المونيتور": "يجب أن نميز بين التراث وعلم الآثار، ومقابر المماليك تراث لنماذجه المعمارية الفريدة التي تعكس تطور المصريين عبر العصور الإسلامية، فضلاً عن أنها ألهمت الشكل المعماري لبعض المقابر في فرنسا". وأضاف: "بمجرد الانتهاء من محور الفردوس، ستنهار المباني الضخمة هناك في نهاية المطاف لأن التربة ضعيفة. الهيئة القومية للتنسيق المدني – وهي الجهة المسؤولة عن أي أعمال ترميم أو بناء أو هدم في نطاق القاهرة التاريخية – لم يتم ذكرها في أي مكان، مما يثبت أن المشروع لم يعرض على الهيئة لدراستها والموافقة عليها". وأشار لافي إلى أن "التغيير الذي سيحدث في مقابر المماليك سيغير تجانسها المعماري، مما قد يؤدي إلى شطبه من قائمة التراث العالمي، كما حدث لهرم زوسر، الذي فقد مكانه بسبب خطأ في الترميم [في عام 2014]". وحاولت المونيتور الاتصال بالمسئولين في وزارة السياحة والآثار، لكنهم رفضوا التعليق على المشروع وتدمير القبور. رابط التقرير: https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2020/07/egypt-cairo-islamic-heritage-graves-destruction-road-project.html