وسط تطاير التصريحات "العنترية" الإثيوبية، والمصرية "المتراجعة"، أدلى وزير الخارجية الإثيوبي بتصريح خطير، أكد فيه أن بلاده لن تتأثر بتوجه مصر لمجلس الأمن؛ "لأنها تملك وثائق وأدلة تدحض الادعاءات المصرية"، وكأنه يشير بوضوح إلى أن "التعبئة الأولى" لسد النهضة، الشهر المقبل، متفق وموقع عليها من السيسي ولا تحتاج إلى اتفاق جديد. وبعد هذ التصريح للوزير الإثيوبي الذي وصف شكوى مصر لمجلس الأمن بأنها "لا قيمة لها ولدينا وثائق تدحض الادعاءات المصرية"، كشف موقع "إثيوبيا بالعربي" عن أن السيسي وقع على وثيقة تمنح إثيوبيا حق الانتفاع ب80% من مياه النيل لمدة عشر سنوات. وأثارت الصفحة غير الموثقة «إثيوبيا بالعربي» جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن نشرت فيديو ذكرت فيه أن السيسي وقّع على اتفاقية تتضمن بندا يمكن إثيوبيا من الاستحواذ على 80٪ من مياه النيل لمدة 10 سنوات. ونفت وسائل إعلامية محسوبة على نظام السيسي، ما جاء في فيديو الصفحة الإثيوبية، مؤكدة أن اتفاقية مبادئ سد النهضة، الموقعة بين مصر وإثيوبيا والسودان في مارس 2015، نصت على أن ملء السد يكون باتفاق الدول الثلاث. تصريح الوزير الإثيوبي عن امتلاك بلاده "وثائق وأدلة" عضض ما قاله الموقع الإثيوبي حتى ولو كان ما ذكره غير صحيح، وأعاد تأكيد الشكوك عن توقيع السيسي اتفاقا سريا مع إثيوبيا يسمح لها بالملء الأول لسد النهضة (حوالي 5 مليارات متر مكعب من حصة مصر). كما أن ردود السيسي ووزير خارجيته الضعيفة على الموقف العدائي الإثيوبي، تثير تساؤلات حول سر عنتريته مع ليبيا وبالمقابل انبطاحه أمام إثيوبيا، وهل سر تخاذله هو أنه وقع بالفعل اتفاقا مع إثيوبيا لذلك عينه مكسورة؟ وكان أحمد المفتي، العضو المستقيل من اللجنة الدولية لسد النهضة الإثيوبي، وخبير القانون الدولي، قد قال في تصريحات سابقة: إن «اتفاق المبادئ الذي وقعه قادة مصر والسودان وإثيوبيا، أدى لتقنين أوضاع سد النهضة، وحوله من سد غير مشروع دوليا، إلى مشروع قانونيا". وأضاف أن «الاتفاق أسهم في تقوية الموقف الإثيوبي في المفاوضات الثلاثية، ولم يعط مصر والسودان نقطة مياه واحدة، وأضعف الاتفاقيات التاريخية»، موضحا أنه «تمت إعادة صياغة اتفاق المبادئ بما يحقق المصالح الإثيوبية فقط، وحذف الأمن المائي، ما يعني ضعفا قانونيا للمفاوض المصري والسوداني". وتخطط إثيوبيا لبدء ملء سد "النهضة" في موسم الأمطار لهذا العام، وهو يتزامن مع حلول يوليو المقبل، مقابل رفض سوداني-مصري للملء بقرار أحادي من دون اتفاق. وتتخوف القاهرة من تأثير سلبي محتمل للسد على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، في حين يحصل السودان على 18.5 مليارا. شكري يبدي استعداد مصر لإعادة تقسيم مياه النيل! نقطتان أخريان هما أخطر ما جاء في حوار وزير الخارجية سامح شكري مع وكالة أسوشيتدبرس عن قضية السد، (الأولي): قوله إذا لم يتمكن مجلس الأمن من إعادة إثيوبيا للتفاوض وبدأت الملء "فإننا سنجد أنفسنا في موقف يتعين علينا التعامل معه، وعندما يحين هذا الوقت سنكون واضحين وصريحين بشأن العمل الذي سنلجأ إليه"، ولكن دون أن يحدد ما هو الموقف الذي سيتخذه الانقلاب لو تم بالفعل تجاهل إثيوبيا للسيسي وبدء ملء السد. أما النقطة الثانية المهمة فهي أنه فتح المجال لأول مرة لإعادة تقسيم حصص دول حوض النيل، ومن ثم تغيير حصة مصر ال55 مليارا، بقوله: "أي اتفاق جديد في المستقبل بشأن حصص مياه النيل يجب أن يراعي أن إثيوبيا لديها مصادر أخرى للمياه غير النيل". وفي حواره مع الوكالة الأمريكية، رد سامح شكري على تصريحات وزير الخارجية الإثيوبي "جيدو أندارجاشيو" التي قال فيها، إن ملء السد سوف يبدأ مع موسم الأمطار في يوليو، واتهم مصر بمحاولة "فرض إملاءات والسيطرة حتى على التطورات المستقبلية على نهرنا"، بقوله إن "إثيوبيا تتراجع عن النقاط المتفق عليها من قبل". واعترف شكري "إننا (مصر) كنا في كثير من الأحيان مرنين ومتساهلين لكن لا يمكنني القول إن هناك إرادة سياسية مماثلة من جانب إثيوبيا"، و"البدء في ملء الخزان الآن سوف يثبت أن هناك رغبة في التحكم في تدفق المياه وأن يكون هناك متحكم وحيد مؤثر في المياه التي تصل إلى مصر والسودان". وبدا من تصريحات شكري أنه يعتمد على الأقل مرحليا على "مجلس الأمن"، حيث قال وزير الخارجية المصري: إن مصر تريد من مجلس الأمن الدولي "القيام بمسئولياته"، ومنع إثيوبيا من البدء في ملء خزان سد النهضة. وأشار "شكري" إلى أن مسئولية مجلس الأمن تتمثل في "معالجة تهديد وثيق الصلة بالسلم والأمن الدوليين"، مشيرا إلى أن "الإجراءات الأحادية التي تتخذها إثيوبيا في هذا الصدد ستخلق مثل هذا التهديد". وحذر الوزير المصري من أن ملء خزان السد دون اتفاق من شأنه أن ينتهك إعلان المبادئ لعام 2015، والذي يحكم محادثات الدول الثلاث، ويستبعد العودة إلى المفاوضات. وقد أوضح "شكري" أن مصر لم تهدد بعمل عسكري وسعت إلى حل سياسي، وعملت على إقناع الشعب المصري بأن إثيوبيا لها الحق في بناء السد لتحقيق أهدافها التنموية. ومع إنه قال: "إذا لم يتمكن مجلس الأمن من إعادة إثيوبيا إلى طاولة المفاوضات وبدأ ملء السد، "فسوف نجد أنفسنا في وضع يتعين علينا التعامل معه"، فهو ظل يكرر موقف السيسي المائع ولا يحدد رد عنيف وتهديد لإثيوبيا كما هدد ليبيا!.