قالت وكالة الأناضول، إن السعودية خسرت حرب النفط مع روسيا، مضيفة أن المقامرة السعودية وضعت موسكو في موقف أفضل، ليس فقط تجاه الولاياتالمتحدة ولكن أيضا فيما يتعلق بالعلاقات السعودية الروسية. وأضافت الوكالة، في تقرير لها ترجمته "الحرية والعدالة"، أنه خلال السنوات القليلة الماضية، كثفت روسيا والمملكة العربية السعودية جهودهما للمصالحة بطريقة غير مسبوقة، وزار ولي عهد محمد بن سلمان روسيا في مايو 2017، مما مهد الطريق للملك سلمان للقاء بوتين في موسكو في أكتوبر في العام نفسه. وبحسب التقرير، أشادت وسائل الإعلام الروسية والسعودية بهذه الزيارة، وهي الأولى من أي وقت مضى التي يقوم بها العاهل السعودي الحالي إلى روسيا، وقد طرحت موسكو السجادة الحمراء للملك سلمان، وأعرب العديد من الخبراء عن أملهم في أن تفتح الزيارة فصلا تاريخيا جديدا في العلاقات بين البلدين، حيث وعدت الرياض في وقت سابق باستثمار مليارات الدولارات في روسيا، بما في ذلك 10 مليارات دولار في صندوق الاستثمار المباشر الروسي. وقد اكتسب هذا التصور زخما في وقت لاحق من نوفمبر 2018، بعد القمة التي عقدت بين ولي العهد السعودي والرئيس الروسي بوتين خلال اجتماع مجموعة العشرين، تزامنا مع العزلة الدولية لمحمد بن سلمان بسبب اغتيال الصحفي جمال خاشقجي. وأعطت زيارة بوتين للمملكة في أكتوبر 2019، وصفقة النفط في ديسمبر من نفس العام، الانطباع بأن العلاقات السعودية الروسية كانت في أفضل حالاتها، ولكن بعد ذلك بوقت قصير، أدرك الروس أن السعوديين وعدوا بالكثير ولكنهم لم يقدموا سوى القليل، وأن التحالف النفطي المقدس بين محمد بن سلمان وبوتين الذي ساعد الجانبين على تحسين دخلهما من الطاقة وخلق رابطة بين الرجلين من شأنه أن يفجر قريبا ثغرات في التحالف السعودي الروسي. وأوضح التقرير أنه منذ عام 2016، شكل النفط جوهر العلاقات السعودية الروسية، وأصبح هناك تنسيق بين الرياضوموسكو تحت مظلة منظمة أوبك بلس لتحقيق الاستقرار في سوق النفط والحفاظ على أسعار النفط عند مستويات مفيدة. لكن في ديسمبر 2019، تصور وزير النفط السعودي أن اتفاق أوبك للحد من إنتاج النفط مع الحلفاء من خارج أوبك، بما في ذلك روسيا، سيصمد أمام اختبار الزمن، وسيظل ثابتا إلى الأبد، وبعد ثلاثة أشهر، شنت الرياضوموسكو حربًا نفطية ضد بعضهما البعض، مما أدى إلى أكبر انخفاض حاد في أسعار النفط خلال نحو عقدين من الزمن. وأشار التقرير إلى أنه في الأسبوع الماضي، تبادلت القوتان النفطيتان الاتهامات بشأن الجانب الذي تقع عليه مسئولية الوضع الحالي، واتهم الرئيس الروسي بوتين المملكة العربية السعودية بالانسحاب من اتفاق أوبك بلس ودفع الأسعار إلى أقل من 40 دولارا للبرميل من أجل تدمير منافسيها في مجال النفط الصخري. وردت السعودية بتصريحين لوزير الخارجية فيصل بن فرحان ووزير النفط الأمير عبد العزيز بن سلمان، اللذين نفيا الاتهامات الروسية، مؤكدين أن موسكو انسحبت من اتفاق أوبك بلس في الوقت الذي تعمل فيه المملكة والدول ال22 الأخرى على إقناعها بزيادة التخفيضات في الإنتاج. وجاءت حرب النفط على خلفية الطلب السعودي لأوبك بلس بتطبيق تخفيضات أعمق تعادل 1.5 مليون برميل في اليوم وسط أزمة فيروس كورونا، ولم توافق روسيا على الطلب، مما أدى إلى فشل الاتفاق القديم بين الجانبين وإغراق سوق النفط بالنفط السعودي، مما اضطر موسكو إلى الموافقة على الطلب تحت ضغط انخفاض الأسعار، وفي مثل هذه الحالة، قد يتساءل المرء لماذا أدى مثل هذا الخلاف إلى اندلاع حرب نفطية بين أفضل صديقين مفترضين في الماضي القريب. وكما قال المتحدث باسم شركة النفط الروسية الحكومية ميخائيل ليونتييف: "إذا كنت تستسلم دائمًا للشركاء، فلن تعودوا شركاء، هذا يسمى شيئاً آخر"، مضيفا أنه عندما طلب السعوديون من روسيا الإسهام في التخفيضات الأعمق الجديدة، حسبت موسكو أن الرياض تقدم خدمة للولايات المتحدة على حساب روسيا لأن التخفيضات الأعمق من شأنها أن تعقد موقفها تجاه العديد من اللاعبين عندما يتعلق الأمر بحصص السوق، ومن شأنها أن تمكن شركات النفط الصخري الأمريكية، مما يعود بالمزيد من الفوائد عليها، مرة أخرى على حساب موسكو، ولهذا السبب عندما قرر السعوديون إغراق السوق بالنفط، لم تمانع روسيا كثيرا في اللعبة السعودية. في المقابل اعتقد السعوديون أنهم قد يخرجون من حرب النفط منتصرين لأنهم يستطيعون الاستفادة من مليوني برميل في اليوم مقارنة بالقدرة الروسية التي تبلغ بضع مئات الآلاف من البراميل في اليوم، ومع ذلك، كانت روسيا تعلم أن الرياض لا تستطيع استخدام هذه الزيادة المالية لفترة طويلة؛ لأن قدرة التخزين العالمية كانت على وشك الوصول إلى حدها الأقصى وعندما حدث ذلك، فإنها ستجبر الرياض على تقليص الإنتاج دون أن تتمكن من إجبار موسكو على الموافقة على شروطها. وتابع التقرير: "من وجهة النظر الروسية، عندما قرر السعوديون شن حرب النفط، كانوا يطلقون النار على أنفسهم في القدم وأصدقائهم الأمريكيين أيضا، إذا أوقفوا الحرب في هذه المرحلة، فلن يكون هناك ضرر في السماح للمملكة العربية السعودية بإراقة بعض النفط وتخسر شركات الصخر الزيتي الأمريكية أرباحها وأسهمها في السوق، وحينها سنعود إلى المربع الأول، فقط مع وجود روسيا في وضع أفضل مما كانت عليه في الأصل، ولكن إذا اختار السعوديون التفاوض، فإن روسيا سوف تضغط على إدراج الولاياتالمتحدة في أي خفض متوقع في إنتاج النفط، ومن شأن إدارة ذلك أن تكون فوزا كبيرا لموسكو، ولم تكن الرياض لتحقق شيئا باستثناء إيذاء نفسها وحليفتها، مما ساعد موسكو في نهاية المطاف على تحقيق أهدافها". وأردف التقرير:" لكن إذا اختار السعوديون مواصلة الحرب النفطية، فإن العديد من الدول المنتجة للنفط ستكون مستاءة من الرياض؛ لأنها لم تكن منتجة كبيرة كما هي، وليس لديها الكثير من احتياطيات النقد الأجنبي لتعويض الفرق الهائل في الأسعار. وعلاوة على ذلك، فإن حرب النفط لن تقتل صناعة النفط الصخري في الولاياتالمتحدة فحسب، بل ستهدد أيضاً فرص دونالد ترامب في إعادة انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، وهذا يعني أن الروس يمكن أن يجلسوا ويستمتعوا بمشاهدة المملكة العربية السعودية تدمر علاقاتها مع الولاياتالمتحدة وتفقد حليفها الوحيد في الغرب. وبعبارة أخرى، وضعت المقامرة السعودية موسكو في وضع أفضل ليس فقط تجاه الولاياتالمتحدة ولكن أيضا فيما يتعلق بالعلاقات السعودية الروسية. منذ عام 2017، يحاول السعوديون استخدام علاقاتهم مع روسيا كتحوط ضد عدم إمكانية التنبؤ بالإدارة الأمريكية ولكن بعد حرب النفط، يخاطرون بفقدان كليهما". ونوه التقرير إلى أنه "بعد الاجتماع الأخير لمنظمة أوبك والاجتماع الاستثنائي لوزراء الطاقة في مجموعة العشرين في 10 أبريل ، تشير الأمور إلى أننا نتجه نحو السيناريو الثاني، ومع ذلك، رفضت المكسيك خفض 400 ألف ب/ يوم، الأمر الذي يأخذنا إلى السيناريو الثالث. وردّ عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين في الولاياتالمتحدة بتهديد المملكة العربية السعودية، بأن "واشنطن ستخفض المساعدات العسكرية إذا لم تُعَد المملكة إنتاجها، وتنهي حرب الأسعار". وقال آخرون، مثل السيناتور كيفن كريمر، إن "الخطوات التالية للمملكة العربية السعودية ستحدد ما إذا كانت شراكتنا الاستراتيجية قابلة للإنقاذ"، لكن السيناتور تيد كروز ذهب إلى أبعد من ذلك بتهديد المملكة "إذا كنت تريد أن تتعامل مثل عدونا، فسوف نعاملك كعدونا". وعلى صعيد آخر، فإن تأثير حرب النفط على السياسة الخارجية السعودية واضح، ويبدو أن السعوديين مقيدون الآن أكثر من أي وقت مضى، بعد أن شعروا بألم انخفاض أسعار النفط وارتفاع تكاليف مغامراتهم الإقليمية فأولوياتها تتغير، وبسبب الوباء وحرب النفط، يتعين عليهم ضخ الكثير من المال على الساحة المحلية في الأسبوع الماضي، قررت الرياض إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد في اليمن. واختتم التقرير قائلا: "إذا استمرت المملكة العربية السعودية في تحدي روسيا، يمكن لموسكو أن تعقد وضعها المعقد بالفعل مع إيران وسوريا وليبيا، حتى في اليمن". رابط التقرير: https://www.aa.com.tr/en/analysis/analysis-saudi-arabia-losing-the-oil-war-might-lose-its-only-western-ally-too/1802756