"الناس أعداء ما جهلوا".. أثر وجيز مما جاد به تراثنا العربي وما زالت حكمته شاهدة على عداوات لم تعد تتحملها بلادنا. أن يقف أطباء مستشفى النجيلة فى مطروح ليؤدوا الصلاة على جثمان أم متوفاة بوباء كورونا وليكونوا لها مكان أبناءٍ ضلوا عنها، أن يرفض أهالي قرية فى محافظة البحيرة دفن جثمان سبعينية أصيبت بالعدوى عن طريق ابنها الطبيب الذي وصلته العدوى بالمناسبة من جهاده فى علاج المصابين، ثم تتكرر الواقعة بعدها فى قرية ثالثة بالدقهلية، فهذا يعنى أننا أمام عداوات مفتوحة. عداوة الابن لأُمه، عداوة الجار لجاره، عداوة الناس لطبيب يطبب جراحهم، عداوة الجهل للعلم، فلا الموتى ينقلون الوباء كما الأحياء، تقول منظمة الصحة العالمية، لم يثبت حتى اليوم أى دليل على صحة إصابة أشخاص بالعدوى نتيجة التعرض لجثة شخص توفى بالفيروس، لا ديننا ولا قيمنا ولا أخلاقنا تمت بأى صلة لفعل هؤلاء فى متوفى فى حكم الشهيد"، تقول دار الإفتاء، "فإذا كان المتوفى من الأطباء المرابطين فى مواجهة الموت من أجل سلامة ونجاة غيرهم، فالامتنان فى حقهم واجب والمصارعة بالتكريم لهم أوجب". "لعلها لعنة حلّت بوادينا"، هكذا يراها الكاتب الصحفي سليم عزوز، ويعلق "منع أهالي القرية دفن الطبيبة ليس كاشفا عن جهل ولكنها اللعنة التي حلت بمصر بعد 2013، هذا تاريخ استباحة حرمة الموتى وسط تأييد السفهاء فى السلطة والسياسة والإعلام". يردد الإعلامى عبد الفتاح فايد مدافعًا عن أهالي القرية: "هؤلاء ضحايا لا مجرمون، ضحايا معلومات مضللة عن فيروس قاتل وغامض، ضحايا غياب دولة تركت الناس تدبر أمورها بنفسها"، "أما هؤلاء فلا يمثلوننا"، يقولو بعض أهالي القرية لكن "ما فيش أجهل ولا أسخف من محاولة الداخلية اتهام الإخوان بتحريضهم على رفض الدفن، الجهل هو الذي سيطر على عقول بعض الناس وليس الإخوان وغيرهم". والأمر يحتاج إلى رد عملي يقدمه الفنان عمرو سعد، معلنا عن فتح مقابر عائلته الخاصة لأى طبيب أو ممرض من العاملين فى مواجهة كورونا، مؤكدا استعداده حمل النعوش بيده ردًا على ما جرى فى محافظة الدقهلية. غضب عارم يشهده الشارع المصري على ضوء الأزمة التي استمرت عدة ساعات في قرية شبرا البهو بمحافظة الدقهلية، بعد رفض العشرات من أبنائها دفن الطبيبة المتوفاة بالفيروس في مقابر القرية؛ خوفًا من انتقال العدوى إليهم . الحادثة التى تكررت مرتين خلال أسبوع، جددت الحديث عن أزمة الأطباء فى مصر فى وقت يعانون فيه أشد المعاناة فى مكافحة الوباء وإنقاذ المصابين، حيث يزداد معدل تفشى الوباء بين الأطقم الطبية المصرية بصورة ملحوظة عن غيرها من بلدان العالم، فيما تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي شهادتهم عن واقع التنمر الذي يتعرض له كثير منهم من جراء الخوف المتزايد من الإصابة بالعدوى. أزمة تحمل أبعادا صحية واجتماعية ودينية بالغة الخطورة على مسار مكافحة الوباء فى مصر، لا سيما فى ظل الغياب الملحوظ لدور الدولة في إجلاء الحقائق عن طبيعة هذا الوباء والطرق المثلى لمكافحته. الدكتور جمال جودة، استشاري الأمراض الباطنية والمزمنة، حمّل إعلام الانقلاب مسئولية تصاعد الأحداث الأخيرة التي حدثت عقب رفض عدد من المواطنين دفن ضحايا فيروس كورونا في المقابر الطبيعية؛ لأنه لم يمهد للناس مثل هذه الأمور ولم يخبرهم بالإجراءات الاحترازية التي يتم التعامل بها مع جثث ضحايا كورونا داخل المستشفيات . وأضاف جودة، في مداخلة هاتفية لقناة "مكملين"، أن الإعلام نشر دعاية مغلوطة، وأحدث بروباجندا كبيرة حول كورونا، ما أثار الذعر والرعب في نفوس المواطنين؛ نتيجة الجهل بحقيقة الأمر وكيفية انتقال الفيروس من المتوفين. وأوضح أن هناك تغيرا كبيرا حدث في أخلاقيات المجتمع المصري عقب الانقلاب العسكري بسبب سيطرة إعلام السيسي، مضيفا أن النظام يصدر من خلال الإعلام رسائل موجهة للسيطرة على عقول المشاهدين وإظهارهم في صورة الجاهل، مضيفا أن الناس في حاجة إلى رسائل علمية ودينية توضح لهم كيفية التعامل مع مثل هذه الأحداث. وأشار جودة إلى أن فيروس كورونا مستحدث ويغير سلوكه من حين إلى آخر، وكل ما ثبت أنه ينتقل باللمس وعلى من يغسلون ضحايا كورونا ويكفنوهم الالتزام بالتعليمات الطبية لتلافي انتقال العدوى لهم، نافيا انتقال العدوى من القبر إلى المواطنين . د.جمال جودة هناك جانب من اللوم يقع على أهالي القرية الذين منعوا دفن جثمان الطبيبة لكن اللوم الأكبر على النظام والإعلام د.جمال جودة هناك جانب من اللوم يقع على أهالي القرية الذين منعوا دفن جثمان الطبيبة لكن اللوم الأكبر على النظام والإعلام Posted by قناة مكملين – الصفحة الرسمية on Sunday, April 12, 2020 بدوره قال الدكتور عبد الرحمن يوسف، عضو اتحاد علماء الأزهر، إن التعاطي مع أزمة كورونا كان دون المستوى، وكشف هشاشة في تفهم الناس لأمور الدين، فالوباء جزء من الابتلاء الذي يبتلي الله به عباده، وفقا لقوله تعالى "ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون". وأضاف يوسف، في مداخلة هاتفية لقناة "مكملين"، أن الإنسان ما خلق في الدنيا إلا للابتلاء، ويجب عليه أن يتفهم هذه الحقيقة الماضية، مضيفا أن التعامل مع الابتلاء بهذا الهلع مستغرب وصادم، وبات الناس تحركهم شائعة أو هم، مضيفا أن وباء كورونا ضرب كل أهل الأرض وأصبح العالم يتوحد ويتكافل للتصدي له . وأشار إلى أن مشهد رفض الأهالي دفن جثمان طبيبة توفيت جراء إصابتها بكورونا مشهد محزن، فهؤلاء الأطباء يكدون ويعملون ليل نهار في خدمة المواطنين، لافتا إلى أن المجامع الفقهية في كل بلاد المسلمين مثل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والمجلس الأوروبي للإفتاء واتحاد علماء الأزهر اتفقت على أن الميت بوباء كورونا يدفن في الأرض، وكل دول أوروبا اتبعت هذا النهج في تعاملها مع الضحايا. كيف رد المصريون على مثيري أزمة دفن طبيبة "شبرا البهو"؟ كيف رد المصريون على مثيري أزمة دفن طبيبة "شبرا البهو"؟تابعونا في #قصة_اليوم Posted by قصة اليوم on Sunday, April 12, 2020