بعد ارتفاعات مستمرة في أسعار الأسمدة، منذ الانقلاب العسكري الدموي فى 2013 وحتى الشهور الأخيرة من العام الماضي، فوجئ الفلاحون بتراجع الأسعار بما يتراوح بين 300 إلى 450 جنيها في الطن. وأكد خبراء زراعيون أن تراجع حركة مبيعات الأسمدة جاء نتيجة انخفاض المساحات المزروعة بالقمح هذا العام، بالإضافة إلى دخول مصانع الجيش بطاقات إنتاجية كبيرة تفوق إنتاج بقية المصانع مجتمعة . وحذَّروا من أن سيطرة الجيش على السوق وتراجع الأسعار سيؤديان إلى خروج الكثير من المصانع من السوق وتوقفها عن الإنتاج، بما يؤدى إلى خروج مصر من سوق الأسمدة العالمية. وكشف الخبراء عن أن أسعار الأسمدة في السوق الحُرة فقدت 25% من قيمتها خلال ال30 يومًا الأخيرة، مثلت نحو 1000 جُنيه للطن، ليهبط السعر التجاري النهائي إلى 4000 جنيه للطن في المتوسط، مُقابل 5000 جُنيه العام الماضي . يذكر أن استهلاك مصر من الأسمدة الأحادية سنويًّا يصل إلى 9 ملايين طن، ما بين 4 ملايين طن “مدعم”، و5 ملايين طن “حر”، بجانب تصدير 3 ملايين طن إلى الخارج سنويا، ليكون إجمالى الإنتاج المصري 12 مليون طن سنويًّا. مصانع الجيش من جانبه كشف مصدر مسئول في إحدى شركات تجارة الأسمدة، عن أن أحد أسباب تراجع الأسعار الحالية يعود إلى دخول مصانع الجيش بطاقات إنتاجية جديدة كل فترة، تفوق بقية المصانع مجتمعة، مؤكدًا أن الجيش يستحوذ على 55% من الإنتاج. وقال المصدر، إن هذا التدخل تسبب فى زيادة المعروض، بالإضافة إلى أن شركات الجيش تنزل بالأسعار عن السوق، ما يؤدى إلى ترويج منتجاتها وحدوث ركود في منتجات الشركات الأخرى، الأمر الذي يضطرها لخفض أسعارها. وأشار إلى أن مصانع الأسمدة تعانى من ارتفاع تكاليف الإنتاج، نتيجة تسعير حكومة الانقلاب الكهرباء للشركات بأسعار مرتفعة، مع تهالك ماكينات الإنتاج، في الوقت الذي تبيع فيه جزءًا من الإنتاج بسعر مدعم لوزارة الزراعة بخسارة تقدر ب1200 جنيه في كل طن، وهو ما أدى إلى تسجيل شركة الدلتا للأسمدة خسائر تقدر ب484 مليون جنيه خلال عام 2019. تراجع المبيعات وأكد مسئول في إحدى شركات إنتاج الأسمدة والمخصبات الزراعية، تراجع مبيعات الأسمدة لدى شركته خلال النصف الثاني من 2019 بمعدل 40%، بالمقارنة مع الفترة ذاتها من 2018. وأرجع أسباب نزول أسعار الأسمدة إلى أسباب متعددة، منها تراجع القدرة الشرائية للمزارعين نتيجة ارتفاع تكلفة الإنتاج، في مقابل مردود مالي لا يحقق أي هامش ربح، كذلك انخفاض كميات الأسمدة المصدرة نتيجة نزول الأسعار العالمية، ما أدى إلى وجود فائض لدى الشركات، مما نتج عنه النزول بالأسعار لتحريك حركة المبيعات. وقال المسئول، إن تراجع صادرات بعض السلع الزراعية يؤثر على حركة مبيعات الأسمدة، موضحًا أنه كلما نشطت حركة التصدير اندفع الفلاح للإنفاق على سلعته، طالما أنه سيجني من ورائها دخلًا مرضيًا. القوة الشرائية وأرجع كمال محمد، مسئول توزيع الأسمدة في إحدى الجمعيات التعاونية، وجود حالة من الركود في سوق الأسمدة إلى تراجع قدرة الفلاح المادية في الإنفاق على زراعته؛ بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج من جهة، وعدم تحصيل مردود مادي يغطي هذه التكاليف من جهة أخرى. وقال كمال محمد، في تصريحات صحفية، إن ضعف القدرة الشرائية يدفع الفلاحين إلى محاولة تقليل النفقات قدر المستطاع، وهذا ينعكس على استهلاك الأسمدة وغيرها من المتطلبات الضرورية للإنتاج الزراعي. ويرى ماهر أبو جبل، عضو نقابة الزراعيين ومدير إدارة التسويق بشركة أسمدة، أن انخفاض أسعار الأسمدة يرجع إلى تراجع الدولار أمام الجنيه، مما أدى إلى خفض سعر الأسمدة المتخصصة البوتاسية، المنافس الرئيس للأسمدة الآزوتية. وقال أبو جبل، في تصريحات صحفية: “إن الانخفاض يعود إلى اقتناع المزارع بجدوى استخدام الأسمدة المتخصصة التى تعتبر أفضل من الأسمدة الأحادية، وتتماشى مع معايير الزراعة الحديثة التى يتم فيها الاعتماد على الري بالتنقيط أو الرش فى المناطق الجديدة”. وأوضح أن الانخفاض يعود إلى ارتفاع أسعار الأسمدة الأحادية التى وصل سعرها فى الفترة الماضية إلى 5300 جنيه للطن، وقلة المردود من وراءها، نظرا لصعوبات تواجه المحاصيل والمناخ المعادي لها فى مصر، وتراجع الوضع الاقتصادي للمزارع، سواء خلال العام الحالى أو الماضى. محصول القمح وأكد حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، أنَّ تراجع حركة مبيعات الأسمدة في هذه الفترة، جاء نتيجة انخفاض المساحات المزروعة بالقمح هذا العام، مشيرا إلى أن ارتفاع وعي الفلاح أدى إلى تقليل استهلاكه من الأسمدة، مع العودة للاعتماد على الأسمدة العضوية، بجانب تراجع كميات الأسمدة المصدرة نتيجة انخفاض الأسعار العالمية. وقال أبو صدام، فى تصريحات صحفية، إن أسعار الأسمدة تخضع لسياسة العرض والطلب، مؤكدًا أن انخفاض الأسعار نتيجة طبيعية لوجود كميات أكثر من احتياجات السوق. وأشار إلى أن انخفاض أسعار الأسمدة لن يؤثر بالإيجاب على القطاع الزراعي؛ نظرًا لتعدد المشكلات والأعباء المحيطة بالمزارعين، مثل التغيرات المناخية التي لا تزال تؤثر على القطاع الزراعي، وارتفاع تكاليف الزراعة من عمالة، وتقاوٍ، ورى، ومكافحة الآفات.