فى هذا الزمن الذى تعلو فيه أصوات الخونة والسفهاء، هناك جانب مضيء في العالم الإسلامي؛ حيث أعلن كثير من قادته عن رفض صفقة القرن التي كشف عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا . وحذَّروا من المساس بحقوق الشعب الفلسطيني وبمدينة القدس والمسجد الأقصى، مؤكدين أن صفقة القرن هي انحياز أمريكي مكشوف إلى جانب الصهاينة. كان الرئيس ترامب قد أعلن، في 28 يناير الماضي، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسفراء عمان والإمارات والبحرين عن «صفقة القرن»، في خطة تضمنت إقامة دولة فلسطينية في صورة «أرخبيل» تربطه جسور وأنفاق، وعاصمتها أجزاء من القدسالشرقية، مع جعل مدينة القدسالمحتلة عاصمة مزعومة لدولة الاحتلال. وبحسب ترامب ونتنياهو: “ستعترف “صفقة القرن” بإسرائيل دولة يهودية، والعمل على حل الدولتين، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والاعتراف بسيادة إسرائيل على غور الأردن، وتقديم استثمارات بقيمة 50 مليار دولار للدولة الفلسطينية. ماليزيا من جانبه وصف مهاتير محمد، رئيس الوزراء الماليزي، خطة ترامب المزعومة للسلام بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين بأنها جائرة وغير مقبولة. وقال «مهاتير»، خلال كلمته في المؤتمر الثالث لرابطة «برلمانيون من أجل القدس» بالعاصمة الماليزية: «صفقة القرن» المقترحة من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تقدم مدينة القدس للجانب الإسرائيلي «على طبق من فضة»، في تجاهل تامٍ لمشاعر ملايين المسلمين والمسيحيين حول العالم. وأكد أن تلك الصفقة لن تجلب سوى مزيد من الصراع فى المنطقة، مضيفًا أنها ستثير غضب مليارات الأشخاص في العالم. وجدد «مهاتير محمد»، رفض بلاده ل«صفقة القرن» المزعومة للسلام في الشرق الأوسط، وأكد أن بلاده ستواصل دعم فلسطين دائمًا، مشيرا إلى أن الوقوف في وجه محاولات التقليل من أهمية القضية الفلسطينية، وعدم جعلها طي النسيان، مهمة ملقاة على عاتق مواطني العالم. فى سياق متصل، أعلن مكتب رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، في بيان رسمي، عن أن الحكومة الماليزية قامت بدراسة اتفاق السلام المقترح بين فلسطين واسرائيل والمدعو "صفقة القرن"، والذي اقترحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واعتبر أن الاتفاق غير مقبول تمامًا، وأن ماليزيا تؤمن بأن للفلسطينيين كل الحق في رفض هذا الاتفاق. وأضاف البيان أن فلسطين التي عانت سنوات طويلة من الاضطهاد والاحتلال الإسرائيلي، لم يتم استشارتها أو التواصل معها بأي شكل بشأن الاتفاق المقترح. واعتبر أن الاتفاق متحيز بشكل كبير لصالح الاحتلال الاسرائيلي، ويهدف لمكافأة المحتل الإسرائيلي على حساب فلسطينالمحتلة والشعب الفلسطيني، وهذا الاتفاق غير العادل سيؤدي إلى استمرار الاعتداءات التي عانى منها الفلسطينيون لسنوات طويلة. وأكد مكتب رئيس الوزراء الماليزي أن ماليزيا تتمسك بموقفها من إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ضمن حل الدولتين، بناء على حدود عام 1967، وتكون القدسالشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية، وهو الحل الوحيد القابل للتطبيق في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. تركيا أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن “صفقة القرن” لن تخدم السلام ولن تجلب الحل، مشيرا إلى أن صفقة القرن هي في الأساس خطة لتجاهل حقوق الفلسطينيين وإضفاء شرعية على الاحتلال الإسرائيلي. وأعرب عن رفضه ل”صفقة القرن””، محذرا من أنها تدمر فلسطين بشكل تام وتحتل القدس بالكامل. وقال أردوغان، في تصريحات صحفية، “إنْ لم نتمكن من حماية خصوصية المسجد الأقصى، فلن نتمكن غدا من منع تحول عيون الشر نحو الكعبة، لذلك نعتبر القدس خطنا الأحمر”. وأضاف: “أحزن عند النظر إلى مواقف الدول الإسلامية، وعلى رأسها السعودية، حيث لم يصدر منها أي تصريح رافض لصفقة القرن، فمتى سنسمع صوتكم؟ مؤكدا أنّ القدس هي مفتاح السلام العالمي كما كانت منذ آلاف السنوات، وإذا سقط رمز السلام فإن مسئولية ذلك تقع على عاتق العالم بأسره. وشدَّد الرئيس التركي على أن أنقرة لن تقبل "صفقة القرن" ولن تعترف بها أبدًا، منتقدا الدول العربية بما في ذلك المملكة العربية السعودية، التي دعّمت الجهود الأمريكية لاستئناف محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وقال: “لن نعترف أبدًا بصفقة تهدف إلى ضم الأرض الفلسطينيةالمحتلة، ووصف "أردوغان" إسرائيل بأنها حالة إرهاب شريرة بالمنطقة، محذرا من أن الأماكن المقدسة للمسلمين في خطر”. وأضاف الرئيس التركي: “إذا لم يستطع المسلمون حماية حرمة المسجد الأقصى في القدس، فإن الكعبة في مكة قد تكون التالية”، واصفا صفقة القرن ب”مشروع احتلال”. وشدد على أن القدس ليست للبيع، ولا ينبغي لأحد أن يقول في وقاحة: نعطيكم شيئًا، واتركوا هذه المناطق لنا. وتابع: نحن كأمة تركية نظرتنا اليوم إلى فلسطين هي نفس نظرة السلطان عبد الحميد الثاني. واستذكر أردوغان، أنه عرض خريطة فلسطين لعام 1947، وخريطة إسرائيل اليوم، في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت سابق، مؤكدا أن الوضع تغير بشكل عكسي. وتابع: “دون خجل ولا ملل يقول الأمريكان وتابعوهم للعالم (إننا نأتي الآن بحقوق جديدة إلى فلسطين). اتركوا هذه الكذبة، من تخدعون؟” وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، إلى جانبه وهما يقفان أمام أشخاص يرتدون القلنسوة وينظرون إلى تصفيقهم. وقال أردوغان، مخاطبًا هؤلاء: “أنتم لن تغيروا قدر العالم بالتصفيق، ولن تستطيعوا تغيير قدر فلسطين أبدا”. وأضاف: “أؤمن أن المئات والآلاف من الإخوة الفلسطينيين سيواصلون نضالهم حتى على حساب دمائهم، ونحن على استعداد لهذا أيضا”. إندونيسيا وحول موقفها من الصفقة المزعومة أكدت إندونيسيا أنه يجب حل القضية الفلسطينية بناء على مبدأ حل الدولتين، الذي يحترم القانون والمعايير المتفق عليها دوليًّا. وحثت إندونيسيا الأطراف المعنية على الحوار لتحقيق الاستقرار والسلام الدائم. ووزعت إندونيسيا بالمشاركة مع تونس مشروعا على أعضاء مجلس الأمن، التابع للأمم المتحددة، للتنديد بخطة إسرائيل لضم مستوطنات الضفة الغربية، ضمن صفقة القرن. وحسب مشروع القرار، فإن خطة السّلام الأمريكية تنتهك القانون الدولي وتقوض حقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته الوطنيّة، بما في ذلك تقرير المصير والاستقلال. وشدد مشروع القرار على “عدم مشروعية ضم أي جزء” من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، منددا بالبيانات الأمريكية التي صدرت مؤخرًا وتدعو إسرائيل إلى ضم هذه الأراضي . وعلى المستوى الشعبي، شهدت العاصمة الإندونيسية جاكرتا فعالية مناهضة لصفقة القرن، نظمتها سفارة فلسطين لدى إندونيسيا. وشارك في الفعالية ممثل من وزارة الخارجية الإندونيسية، وممثلون عن المنظمات غير الحكومية والجماعات الإسلامية والمسيحية ومؤسسات المجتمع المدني وأبناء الجالية الفلسطينية في جاكرتا، والطاقم الدبلوماسي الفلسطيني بالسفارة . إيران وقال آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، إن “صفقة القرن” ستموت قبل أن يموت ترامب . واعتبر خامنئي أن صفقة القرن سياسة شيطانية تنتهجها الولاياتالمتحدة حيال الفلسطينيين، مؤكدا أنه رغمًا عن أنوف المسئولين الأمريكيين لن تتحقق بتوفيق من الله أبدًا سياسة أمريكا الشيطانية والخبيثة المسماة صفقة القرن. وأشار إلى أنهم يرتكبون حماقة رعناء بمساعيهم لتهويد بيت المقدس، وقولهم إنه يجب أن يكون بأيدي اليهود . وقال الحرس الثوري الإيراني: إن صفقة القرن ستكون بداية لفصل جديد في إطار المقاومة للفصائل الفلسطينية. وأضاف: عندما ننظر إلى محتوى هذه الخطة ندرك أنها خطة من طرف واحد ولا تضم طرفا آخر يجعلها تثمر نتائج محددة، في الحقيقة ترامب وبخطته هذه كشف عن هزيمة صفقة أكبر خيانة في القرن.. صفقة القرن إحدى الأخطاء الاستراتيجية التي لا يزال يرتكبها ترامب الأحمق. ووصفت الخارجية الإيرانية خطة السلام الأمريكية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ب”الصفقة الشيطانية”، معتبرة أن من وضعها مجموعة من “المجرمين والمحتالين”. وقال المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعى تويتر: “ما يسمى بصفقة القرن مهزلة واضحة أعدها مجرمون ومحتالون لتبديد أحلام شعب عانى لفترة طويلة في تحقيق كرامته الإنسانية وتحديد مصيره”.