يوقع صندوق مصر السيادي، اليوم، اتفاقية إطارية للتعاون مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع؛ وذلك لدراسة إعادة الهيكلة لبعض الشركات. وقال بيان صادر عن هالة السعيد، رئيس مجلس إدارة صندوق مصر السيادي: إن «الاتفاقية تهدف إلى دراسة إعادة الهيكلة لبعض شركات الجهاز لاستغلالها استثماريًا من خلال صندوق مصر السيادي المصري؛ بغرض تعظيم قيمة هذه الأصول وتطويرها بالشراكة بين الجهاز والقطاع الخاص”. وبحسب مراقبين، يمثل هذا الاتفاق المزمع تطورًا لافتًا؛ نظرًا لما يتعلق بالدور المثير للجدل للجيش في الاقتصاد، خاصة في حال شمل هذا الاتفاق نقل ملكية أي من أصول الجهاز للصندوق، لأن قانون تأسيس الصندوق السيادي يسمح له ببيع الأصول والتأجير المنتهى بالتملك، وبالترخيص بالانتفاع، أو المشاركة كحصة عينية. كما يأتي هذا الاتفاق أيضًا على خلفية تصريحات للسيسي قبل عدة أشهر، وجه فيها بطرح الشركات التابعة للقوات المسلحة في البورصة. ويمثل جهاز الخدمة الوطنية أبرز أنماط مشاركة الجيش في الاقتصاد، ويعود تأسيسه للعام 1979. ويملك الجهاز نحو 20 شركة تعمل في مجالات مختلفة كالتعدين والأغذية والكيماويات والبناء والطرق. تحصين الصندوق ومؤخرًا، أصدرت حكومة الانقلاب قانونًا يقضي بتحصين صندوق مصر السيادي الذي يمنح عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، صلاحيات واسعة في نقل أصول الدولة وبيعها دون طعن أو اعتراض المواطنين. ووافق مجلس وزراء الانقلاب على مشروع قانون بتعديل بعض مواد قانون 177 لسنة 2018، واشتمل التعديل على إضافة للمادة السادسة من القانون تمنع المواطنين من الطعن على نقل ملكية الأصول من جهات الدولة إلى الصندوق أو الطعن على عقود الصندوق مع الأطراف الأخرى. ويقتصر حق الطعن، بحسب القانون، على الجهة المالكة للأصل أو الصندوق، ولا يحق رفع الدعاوى ببطلان العقود أو التصرفات التي يتخذها لتحقيق أهدافه إلا من أطراف التعاقد. وتنص المادة السادسة “مكرر” على أنه “مع عدم الإخلال بحق التقاضي يكون الطعن في قرار رئيس الجمهورية في نقل ملكية الأصول ولا ترفع الدعاوى ببطلان العقود التي يبرمها الصندوق”. وقال الخبير الاقتصادي محمد كمال العقدة: إنه من العجيب أن تدعي دولة مثل مصر ديونها الخارجية تتعدى 108 مليارات دولار، والداخلية تخطت 4 تريليونات جنيه، أن لديها صندوقا سياديا؛ لأن ذلك مخالف لكل الأعراف الاقتصادية والاستثمارية؛ لأنه ينبغي أولا سداد الديون قبل الحديث عن الصندوق السيادي. الديون أولًا وأضاف العقدة، في مداخلة هاتفية لبرنامج “المسائية” على قناة “الجزيرة”، أن ديون مصر الداخلية فوائدها تتخطى نسبة 18%، والدين الخارجي يصل أحيانا إلى 10%، وخصوصا سندات الخزانة الدولارية والتي تصل إلى 6%، ولا بد من دفع هذه الديون أولا قبل الاستثمار فيما يسمى الصندوق السيادي. وأوضح أن الصندوق السيادي في الدول الأخرى مثل النرويج وسنغافورة والإمارات يكون عبارة عن الفائض من الميزانية، ويتم استثماره لصالح الأجيال القادمة، لكن مصر لا يوجد لديها أي فائض في الميزانية، بل على العكس هناك عجز في الميزانية يتعدى 10% عامًا بعد الآخر، ولا تستطيع حكومة الانقلاب تغطية هذا العجز بسبب تراجع الاستثمارات والتحصيلات الضريبية وزيادة فوائد الديون. وأكد العقدة أن فكرة الصندوق السيادي مريبة، وأنه أحد المحاولات المستمرة لنظام الانقلاب لتحصيل والاستحواذ على مؤسسات الدولية وشركاتها وأصولها، سواء لصالح أفراد من المؤسسة العسكرية أو لصالح جهات أجنبية وليس لصالح الشعب المصري، خاصة في ظل غياب الشفافية والمحاسبة لتعاقدات الصندوق. خداع وتخلص من ممتلكات الدولة بدوره قال الدكتور عصام عبد الشافي، أستاذ العلوم السياسية: إنَّ الصندوق الذي يسعى السيسي لإنشائه ليس صندوقًا سياديًّا بالمطلق، وفق ما أكده الدكتور عبد الخالق فاروق الخبير الاقتصادي؛ لأن أي صندوق سيادي لا بد أن تكون هناك فوائد مالية حقيقية لإدارتها، ومصر لا تمتلك فوائد مالية، بل وصل الدين الخارجي إلى 110 مليار دولار، وتخطى الدين الداخلي حاجز 4 تريليونات جنيه. وأضاف “عبد الشافي” أن الأصول التي تمتلكها الدولة المصرية مثل الأراضي والشركات العامة والمرافق العامة أصول للإنتاج والخدمات وليست فوائض مالية، وليس هناك مجال للشك أن الشعب المصري بصدد أكبر عملية خداع استراتيجي للشعب المصري تحت مسمى الصندوق السيادي. وأوضح أن الهدف الأكبر من الصندوق السيادي التخلص من ممتلكات الدولة دون رقابة أو محاسبة، تحت مظلة الخصخصة والصندوق السيادي، والتحصين الآن هو لحماية المسئولين عن عمليات البيع الممنهج لمقدرات الدولة. وأشار عبد الشافي إلى أن هناك إشكالية حقيقية وهي أن الصناديق السيادية في جميع دول العالم تدار من خلال منظومات دولية كبرى ولديها من الخبراء والمستشارين والمتخصصين ما يحافظ على ثروات هذه الصناديق.