يعمل نظام العسكر ليس فقط من أجل إفساد السياسة بالديكتاتورية والاستبداد، أو الانهيار الاقتصادي والفقر والجوع من خلال السرقة والنهب، بل يعمل أيضًا على إفساد الحياة الاجتماعية عبر فرض هيمنة المرأة على الرجل، وانتهاك قيم التربية وتقاليد المجتمع، وتأهيل جيل لا يعرف عن دينه وقيمه وتقاليده شيئًا. في هذا السياق، أعدت الهيئة العامة للرقابة المالية مشروع قانون بشأن التأمين الموحد؛ يتضمن فرض تأمين إجباري على مخاطر الطلاق، عبارة عن مبلغ مالي سيتم تحديده من قبل الجهات المختصة يدفعه الزوج عند عقد القران، وتعتبر وثيقة التأمين إجبارية ضد مخاطر الطلاق، وبموجبها يسدد الزوج قيمتها التي تحدد وفقًا لكل حالة على أقساط محددة يتم الاتفاق عليها قبل الزواج، على أن يتم صرفها للزوجة المطلقة بعد توقيتات محددة من الطلاق. المقترح الانقلابي العجيب بدأ مجلس نواب العسكر مناقشته لإقراره وتنغيص حياة المصريين . فماذا يقول علماء الدين وخبراء الاجتماع والقانون عن وثيقة التأمين الإجباري على الطلاق؟ برلمان العسكر محمد فرج عامر، عضو برلمان العسكر، زعم أن إنشاء وثيقة تأمين إجباري ضد مخاطر الطلاق، بموجبها يسدد الزوج قيمتها التي تحدد وفقًا لكل حالة على أقساط محددة يتم الاتفاق عليها قبل الزواج، على أن يتم صرفها للزوجة المطلقة بعد توقيتات محددة من الطلاق، يمثل ضمانًا للمرأة في حالة الطلاق، وفكرة جيدة تضمن حق المرأة في تدبير نفقاتها بعد الطلاق، وفق تعبيره. وطالب عامر، في تصريحات صحفية، بتخصيص مبالغ يتم جمعها كنسبٍ من عقود القران أو من دمغات يتم فرضها، يتم منها إنشاء صندوق استثماري تسهم الدولة فيه بنسبة، ويتم استثمار هذه الأموال لصالح المطلقات. ولفت إلى أهمية تحديد حالات الطلاق، التي يجوز معها تدخل الصندوق ودعمه المطلقة، حيث إن هناك حالات تكون فيها المرأة من ترغب في الطلاق دون وجود أي أسباب منطقية، ففي هذه الحالة لا يحق لها الحصول على هذا التأمين، بالإضافة إلى قضايا الخلع، لا يحق للمرأة الحصول على هذا التأمين، ويجب الاعتبار في الأول والآخر بالحالة المادية للمطلقة. وتابع أن اللائحة التنفيذية من شأنها أن تضمن رسوم تلك الوثيقة، ولا بد من وضع شرائح ترتيبية حسب حالة الشاب المتزوج، أو طبقا لمراسم القائمة والمؤخر المدفوع، حتى لا يتساوى شاب غير مقتدر، بآخر لديه الإمكانيات لوضع تعويض أكبر لزوجته في حالة الطلاق بحسب تعبيره. تعقيدات الزواج في المقابل أكدت الدكتورة مهجة غالب، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن الشرع لم يفرض تأمينًا إجباريًّا من أجل الطلاق، وإنما توجد حقوق للمرأة قام بتحديدها الشرع، ومنها النفقة والمهر في حالة الطلاق، ويرد لها جميع مستحقاتها. وقالت مهجة غالب، في تصريحات صحفية، إن هذه المقترحات بمثابة وضع تعقيدات أمام الراغبين فى الزواج، ولم يتحدث عنها شرع الله، مطالبة بضرورة “المعاشرة بالمعروف، والمفارقة بالإحسان”، ولا داعي لهذه المقترحات الغريبة، لأن الله عز وجل لم يُنزل بها شرعًا، وقام بحماية المرأة وردّ لها جميع حقوقها في مختلف الحالات. وأشارت إلى أنه لا يحق لنا أن نطلب من الرجل ما لا يستطيع القيام به. مخالفة للدين وانتقد الدكتور عمرو حمروش، الأستاذ بجامعة الأزهر، وثيقة التأمين الإجباري ضد مخاطر الطلاق، مؤكدًا أن هذا الأمر يُعد مزايدة لا داعي لها، وأن الزوجة حقوقها محفوظة طبقا لما أقرته الشريعة الإسلامية والقوانين. وقال حمروش، فى تصريحات صحفية: إن هذه الوثيقة تقوم على افتراض وقوع الفراق والطلاق، مؤكدا أن مقترح فرض وثيقة تأمين إجباري يخالف شرع الله وتعاليم الدين، وشدد على ضرورة أن يكون هناك تفاؤل دائم بالخير، كما أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم. وأشار إلى أن الشريعة والقانون يحافظان على حق المرأة في حالة الطلاق، ولكن هذه الوثيقة تجعل الحياة بين الزوجين مهددة بسبب توقع حدوث الطلاق في المستقبل، وأضاف أنه في حالة الخلع تقوم الزوجة بالحصول على قائمة المنقولات الزوجية، ولو تم إقرار هذه الوثيقة ضمن القانون يعد ذلك تعسفًا لاستعمال حق المرأة، خاصة أن حقوقها محفوظة. عوانس ومطلقات وقال الدكتور وليد جاب الله، خبير التشريعات الاقتصادية: إن الإحصائيات تشير إلى وجود 12.5 مليون عانس في مصر ممن تتجاوز أعمارهم الثلاثين، ووجود نحو 7.1 مليون مطلق، منهم 65% من السيدات، ووجود 3 ملايين أرمل وأرملة 86% منهم سيدات، الأمر الذي يعكس خللا كبيرا في أحوال الأسرة المصرية، مؤكدا أنه لا تخلو أسرة من إحدى مشكلات الطلاق أو العنوسة أو الترمل، والأصعب هو ملايين القضايا التي تتحمل نفقاتها الأسرة المصرية بين المحاكم . وأضاف جاب الله، فى تصريحات صحفية، أن وثيقة تأمين “أخطار الطلاق” يترتب عليها أن المطلقة تحصل على مبلغ مالي مناسب يعينها على أعباء الحياة هي أولادها حتى تستقر أمورها مرة أخرى، ولكن تقرير هذه الوثيقة يترتب عليه أعباء جديدة للشباب الراغبين في الزواج في ظل مبالغة حالية في نفقاته من الأساس، وبالتالي يجب تقديم هذه الوثيقة إلى المجتمع باعتبارها بديلا أو على الأقل بديلًا مشاركًا في مؤخر الصداق. وأوضح أن ما يسدده الشاب في هذه الوثيقة هو جزء من مقدم الصداق ويكون استحقاقها عبارة عن جزء من المؤخر، الأمر الذي يُكسبها مشروعية، ويجعل ما يتم سداده فيها مخصومًا مما يدفعه الشباب حاليا للزواج، وليس اعتبارها نفقات والتزامات إضافية يتحملونها.