قال المستشار محمد عوض –رئيس محكمة استئناف الإسكندرية-: إن حكم محكمة عابدين للأمور المستعجلة بحل مجلس نقابة المعلمين وتعيين حارس قضائي عليها، بالإضافة إلى الأربعة مقيمي الدعوى لإدارتها حكم باطل ومنعدم وغير مسبوق، ويأتي ضمن سلسلة الأحكام القضائية السياسية خارج دائرة القضاء والدستور والقانون وبالمخالفة لهم، فالمفترض أن المجالس المنتخبة لا تخضع لمثل هذه الأحكام إلا بعد تحقيق جنائي قاطع يثبت ادعاءات واتهامات مقيمي الدعوى أولا ثم يصدر قرار إداري من الجهة الإدارية المختصة، ثم صاحب الشأن من حقه أن يطعن أمام القضاء الإداري، أما محكمة الأمور المستعجلة فهي غير مختصة، ويأتي حكمها بحل مجلس نقابة المعلمين متفقا مع أحكام سابقة أصدرتها دون سند أو دليل، ومنها حكم اعتبار جماعة الإخوان "جماعة إرهابية" بلا حكم نهائي وبات عن "الإرهاب"، وحكم اعتبار حماس "حركة إرهابية" وحظر أنشطتها وغلق مقارها دون أدلة ولا أحكام باتة في أمور الإرهاب أيضا.
وأضاف في تصريح خاص ل"الحرية والعدالة" ما هي الأدلة على ما زعمه رافعو الدعوى بحل مجلس نقابة المعلمين، وما الدليل على وجود مخالفات ما؟ مشددا على أنه بالطبع ليس هناك أدلة، بل فقط صحيفة مكتوبة دون أدلة.. فضلا عن كونها صادرة من محكمة غير مختصة.
وشدد "عوض" على أن هذا الحكم غير مسبوق جعل من مقدمي الدعوى أعضاء في لجنة إدارة النقابة بعد حل مجلسها المنتخب، وهذه سابقة بأن يجعل الخصم هو نفسه حكما، ويفتح باب الفوضى بأن يقدم أي شخص دعوى ضد مؤسسة ثم يأخذ حكما بأن يحكمها هو بنفسه ويديرها، أي أن المسألة أقرب لتوزيع الغنيمة بعد الحكم على رافعي الدعوى، وصاروا بعد الحكم جزءا من الإدارة للنقابة، واصفا هذا الوضع ب"الشذوذ القانوني" واللامنطق بأن يقيم الدعوى ثم يكون ضمن الحراس عليها، متسائلا وما دخل القاضي بأن يكون حارسا؟ وهذا مثار شبهة ضد القاضي نفسه!
تولية إدارة النقابة لمقيمي الدعوى توزيع للغنيمة وتجريف لأموال الجمعيات والنقابات! مؤكدا أن الحكم باطل والحكم منعدم، خاصة وأنه يولي رافعي الدعوى كإدارة للنقابة وهذا إجراء باطل، ويجعلهم خصما وحكما، ولا يجوز أن يصبح رافع الدعوى طرفا في الهيمنة على النقابة، واصفا ذلك بالعبث واللامنطق واللاقانون. وربط "عوض" مسار استهداف مجالس إدارات النقابات المنتخبة بما فعله الانقلاب من التحفظ على الأموال للجمعيات الأهلية والنقابات المهنية وتجريفها جميعا لوضع أموالها بخزينة الدولة العجز بعد الانهيار الاقتصادي وأزمة السيولة، مطالبا القضاة بأن ينأوا بأنفسهم وضمائرهم عن هذه الفضائح، فهذه الأحكام هي جرائم في حق الوطن فلا تحرقوه بأكمله، والقضاة هم من أشرفوا على انتخابات النقابة مثلما أشرفوا على الانتخابات التشريعية والرئاسية ودستور 2012 والتي انهارت مؤسساتها بسبب أحكام قضائية تهدم مصر حجرا حجرا، بالمخالفة لنصوص وثيقة الانقلاب نفسها التي لا تجيز حل مجالس الإدارات أو التحفظ عليها.
مشيرا إلى أنها جميعها أحكام تسير في سياق سياسي وفقا لتعليمات الانقلابيين؛ حيث تصدر سلطة الانقلاب أوامر بطلب حكم مراد صدوره بطريقة معينة في وقت معين، فيصدر الحكم بلا اختصاص قضائي وبلا سند دستوري، محذرا من أننا نعيش بعد الانقلاب بدولة اللاقانون التي تفعل اللامعقول واللامنطق بإصدار أحكام مسيسة لم يسبق لها مثيل في التاريخ أو العرف القضائي المصري، حيث لم تشهد مصر مثل هذه الأحكام منذ إنشاء القضاء في ظل الاحتلال الإنجليزي، وهذا الاحتلال بالوكالة، فقد تجاوز القضاء الاختصاص بطريقة فجة وضرب الحائط حتى بالدستور الباطل الذي وضعه الانقلاب، فما نشهده تعليمات بأوامر وليست أحكام أوامر سريعة لمحكمة أمور مستعجلة تصدر أي حكم حتى لو كان من اختصاص قضاء عادي أو قضاء إداري.
ونبه "عوض" إلى أن هذا الحكم بحل مجلس نقابة منتخب يؤكد أن القضاء أصبح أداة في يد الانقلاب لهدم المؤسسات المنتخبة، تماما كما قام بحل السلطة التشريعية المنتخبة، والذي أصدر أحكاما سياسية بامتياز منها ما صدر ضد الرئيس المنتخب ببطلان دعوة الرئيس للناخبين وهو عمل من أعمال السيادة، للحيلولة دون بناء مجلس نواب منتخب، والآن يهدم القضاء النقابات المنتخبة انتخابا حرا ونزيها في إطار عملية انتقامية يلبسها الانقلاب لباس القضاء للأسف، بما يمثل إهانة كبرى للقضاء، الذي انهار في ظل الانقلاب. وأوضح "عوض" أن هذه الأحكام القضائية تستهدف هدم مؤسسات الدولة المنتخبة بغرض استتباب الأمر لسلطة الانقلاب لتدمير العملية الديمقراطية بالكامل وحرية الناخب وإهدار إرادته، وتجريف الديمقراطية في مصر. لافتا إلى موقف سلطة الانقلاب السابق تجاه نقابة المهندسين وإهدار مجلسها المنتخب بطرق غير قانونية وغير شرعية، متوقعا المزيد من التربص بالنقابات المهنية ومنها نقابة الأطباء في إطار حملة ممنهجة ضد النقابات التي فاز أو سيفوز فيها كتل معارضة للانقلاب بحيث تفرض عليها الحراسة فالقادم سيأتي مكملا لما يجري الآن.