الكاتبة الصحفية خيرية شعلان ل"الحرية والعدالة": رفض المجلس الأعلى للصحافة للتغييرات الصحفية.. نكتة الموسم الاستقالات من لجنة اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية "شو سياسى وإعلامى" رؤساء التحرير فى عهد مبارك أساءوا لمصر وضللوا الشعب.. و90% منهم كانوا فاسدين البعض حاول فرض شخصيات ناصرية على لجنة الاختيار.. وأطلق فزاعة "أسلمة المؤسسات" مواقف بعض أعضاء مجلس النقابة "خيانة".. وتدخلهم فى اختصاصات "الشورى" غير مبرر تجربة (لجنة المعايير) ثرية للغاية.. وأنهت عصر (الباراشوت) والتدخل الأمنى فى المؤسسات حالة من الغليان والترقب فى الوسط الصحفى خاصة بعد استقالة 2 من أعضاء لجنة اختيار رؤساء التحرير المنبثقة عن مجلس الشورى، قبل أيام من الإعلان عن 54 رئيس تحرير جديدا من بين 233 مرشحا خاضوا تجربة فريدة من نوعها للمرة الأولى بعيدا عن تعيينات الجهات الأمنية. وأكدت خيرية شعلان -أول سيدة يتم اختيارها كعضو مجلس إدارة منتخب بوكالة أنباء الشرق الأوسط- أن استقالة صلاح منتصر ومجدى المعصراوى من اللجنة جاءت فى توقيت مريب، خاصة أن اللجنة انتهت من عملها، وطالبت بتشكيل لجنة تتولى مسئولية فحص المؤسسات الصحفية القومية بالكامل للوقوف على وضعها الحالى بشكل دقيق والوقوف على أبعاد الفساد والجرائم التى ارتكبت، ومراجعة الرواتب والهدايا والعطايا والمنح قبل الشروع فى الحديث عن إعادة هيكلتها. وقالت شعلان -فى حوار خاص مع "الحرية والعدالة"-: إن رؤساء التحرير فى عهد مبارك أساءوا لمصر إساءة فادحة لا تقل عن مسئولية مبارك ورجاله؛ لأنهم ضللوا الشعب، مؤكدة أن 90% منهم كانوا فاسدين، وعانت منهم الجماعة الصحفية. ووصفت تجربة اختيار رؤساء التحرير الجدد بأنها ثرية للغاية، مؤكدة أنه للمرة الأولى فى التاريخ المصرى يوفر مجلس الشورى هامشا ديمقراطيا غير مسبوق بتنازله عن جزء من اختصاصاته وفتح الباب لمشاركة الجماعة الصحفية. وأضافت: إن هذه التجربة تصدت للصورة الذهنية لدينا بالتعامل ب"الباراشوت" وفقا للتقييم الأمنى ولأجهزة الدولة وصفوت الشريف والحزب الوطنى المنحل. وأوضحت أن أعضاء مجلس نقابة الصحفيين الذين انحازوا لرؤساء التحرير الحاليين ورفضوا التغييرات "خانوا" الجمعية العمومية، وسمحوا لأنفسهم بالتدخل فى صلاحيات مجلس الشورى. وأعربت خيرية عن أملها فى أن تشهد المرحلة المقبلة تحركا إيجابيا، وأن تقوم الجماعة الصحفية بواجبها ودورها، وأن تستعيد وعيها بأهمية هذا الدور نحو المجتمع، ودعت مجلس النقابة للابتعاد عن الانشغال بالأمور الصغيرة والالتفات لقضايا الوسط الصحفى الحقيقية. · كيف تقيّمين استقالة عضوين من لجنة اختيار رؤساء التحرير؟ توقيت الاستقالة من أكثر الأمور المريبة، فمن كان يريد الاستقالة لماذا انتظر حتى تكمل اللجنة عملها وتنتهى منه ثم يستقيل!! وفى رأيى الاستقالة "شو سياسى وإعلامى" وعدم تحمل مسئولية. وما فعله الزميلان المستقيلان من لجنة اختيار رؤساء التحرير مجدى المعصراوى وصلاح منتصر يثبت أنه لم تكن هناك فزاعة اسمها "أسلمة المؤسسات الصحفية"، وإنما هناك فزاعة حقيقية هى جعل تلك المؤسسات ناصرية، بإصرار البعض إما استمرار قيادات حالية أو اختيار قيادات جديدة تنتمى للفكر الناصرى. وانحياز منتصر لرؤساء التحرير الحاليين أمر غير منطقى يتنافى مع مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، فهم ليسوا الأكفأ، كما أنهم هبطوا بالباراشوت والولاء لأجهزة الدولة، وتمسك الزميلين المستقيلين بمرشحين بعينهم يضعهما فى مأزق مريب لهما وليس للجنة؛ لأن الجماعة الصحفية أصبحت لا تقبل الانحياز لأفراد بعينهم إلا بمعيار الكفاءة والمهنية. · صلاح منتصر استند فى استقالته إلى توصية مجلس نقابة الصحفيين الصادرة فى مطلع يوليو بانسحاب أعضائها من اللجنة.. ما تفسيرك لذلك؟ توصية النقابة كانت فى بداية يوليو والاستقالة كانت منذ أيام قليلة، كما أن صلاح منتصر ليس أحد شيوخ المهنة أو ممثلى النقابة حتى يستند لقرار مجلسها، وإنما هو ممثل عن المجلس الأعلى للصحافة. واستناد منتصر لبيان النقابة الذى شهد خلافا بين أعضاء المجلس والنقيب حول صياغته يعكس مدى عمق تغير موقف أعضاء المجلس، وباعتبارى أول سيدة منتخبة فى مجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط شاركت فى لقاءات وجلسات الاستماع التى عقدتها النقابة لصياغة المعايير، وقدمنا كافة المقترحات التى تم طرحها على مجلس الشورى ووافق عليها، لكننا فوجئنا بعدها برفض بعض أعضاء مجلس النقابة مساحة المشاركة التى أتاحها مجلس الشورى. · لماذا تصرف بعض أعضاء المجلس بما يخالف إرادة الجماعة الصحفية؟ طرحنا كأعضاء جمعية عمومية للنقابة، وكممثلين عن الصحفيين فى مؤسساتنا الرغبة الشديدة فى التغيير، وبعض أعضاء المجلس حاربوا تلك الفكرة بعد أن جلسوا معنا ومع مجلس الشورى أكثر من مرة لصياغة المعايير، ثم فجأة قرر بعضهم الانسحاب لانحيازهم لرؤساء التحرير الحاليين. وأكثر ما أصابنى بالدهشة فى معركة "المعايير" حينما شاركنا فى وقفة احتجاجية لتأييد المعايير والتغيير، بينما وقف بعض أعضاء المجلس لينحاز ضد رغبة أعضاء الجمعية العمومية، فأصابتنا الصدمة أن من انتخبناهم ليقفوا حكما فى القضايا التى تخص الجماعة الصحفية أصبحوا ضدنا. ولا أبالغ إن قلت إن أعضاء المجلس ممن انحازوا لرؤساء التحرير الحاليين ورفضوا التغييرات "خانوا" الجمعية العمومية، كما سمحوا لأنفسهم بالتدخل فى صلاحيات مجلس الشورى، وأتوجه إليهم بسؤال فى هذا الصدد: "ماذا سيكون موقفكم إذا تدخل مجلس الشورى فى عمل مجلس النقابة؟". والأعضاء الأجلاء تركوا القضايا الأساسية من توفير أجور عادلة للصحفيين وتشريعات المهنة وواجبها تجاه المجتمع، وانشغلوا بقضايا فرعية دون مستوى وطموح الجماعة الصحفية، وبحثوا عن أدوار لهم فى غير مكانها الصحيح، فانشغل بعضهم بدعم رؤساء التحرير الحاليين وأصيبوا بأعراض مرضية سوف تهلكهم، وغاب عنهم أن نهضة الصحفيين هى نهضة للمجتمع، ولكنهم اهتموا بحشد الأصوات لمصالح انتخابية. · ما تقييمك لتجربة التغييرات فى حد ذاتها؟ التجربة ثرية للغاية، وللمرة الأولى فى التاريخ المصرى يوفر مجلس الشورى هامشا ديمقراطيا كبيرا وغير مسبوق بتنازله عن جزء من اختصاصاته لفتح الباب لمشاركة الجماعة الصحفية فيها؛ حيث تصدى بتلك التجربة للصورة الذهنية لدينا بالتعامل ب"الباراشوت"، وفقا للتقييم الأمنى ولأجهزة الدولة وصفوت الشريف والحزب الوطنى المنحل. كما أن مجلس الشورى -للمرة الأولى أيضا- يبعث برسالة للرأى العام "المالك الحقيقى للصحف القومية" أن اختيار رؤساء التحرير سوف يعتمد على معايير تضمن تصدر المهنية للمعايير الموضوعة، ويمكننا بشكل عام وصف التجربة بأنها ناجحة وتصلح للبناء عليها فيما بعد. وأقترح فى هذا الصدد زيادة عدد شيوخ المهنة والمؤسسات وممثلى النقابة فيما بعد، بالإضافة لإمكانية تجويد المعايير بما يتلافى سلبيات هذه التجربة فى حال إذا ظل مجلس الشورى هو المالك لهذه الصحف بموجب القانون، ويجب إدخال شرط أساسى هو المقابلات الشخصية، مثلما يفعل رئيس الوزراء خلال مرحلة تشكيل الحقائب الوزارية. واللجنة الحالية عملت بحماس شديد، وتواصلت مع نقابة الصحفيين للتعاون فى جمع البيانات عن المرشحين والتأكد من عدم عملهم بالإعلانات، وعدم حصولهم على لفت نظر، وكذلك التيقن من فترة العمل داخل المؤسسة والزملاء المسافرين بالخارج والمطبعين مع الكيان الصهيونى، والنقابة أبدت تعاونا فى ذلك، ثم تعاونت اللجنة مع الرقابة الإدارية لمتابعة بيانات المرشحين. · ما تبريرك لخروج بيان عن المجلس الأعلى للصحافة يرفض معايير الاختيار بعد انتهاء عمل اللجنة؟ موقف المجلس الأعلى للصحافة كان بمثابة "نكتة" الموسم، وبعيدا عن خروج البيان عقب انتهاء أعمال اللجنة بالفعل، كان موقف الأعلى للصحافة طبيعيا لأن غالبية تشكيله من رؤساء التحرير الحاليين الذين هاجموا المعايير منذ البداية. والبيان فى غير محله، وكان من المفترض إعادة تشكيل هذا المجلس وإعادة النظر فى تبنيه لدوره وواجباته بعد الثورة، فهو مثل "الحاضر الغائب"، الذى لم يقم بأى دور من أدواره، ونحن نحتاج فى تشكيله إلى التمثيل النوعى، وزيادة نسبة الشخصيات الصحفية العامة وأساتذة الجامعات، والأهم من إعادة تشكيله هو القيام بواجبه من مراجعة ميزانيات المؤسسات وكشف الفساد بها بمشاركة نسبة من ممثلى مجالس الإدارات المنتخبين. · هناك 16 رئيس تحرير عينهم صفوت الشريف ما زالوا فى مواقعهم حتى الآن.. كيف سيتم التعامل معهم؟ رؤساء التحرير الحاليين خاصة ال16 يشعرون أنهم يعيشون فى "تكية" لا تتم محاسبتهم فيها عما اقترفوه قبل الثورة، وهذه المجموعة أثرت على المستوى المهنى لإصداراتهم وعلى الرأى العام بالسلب، وجميعنا رأينا كيف حولوا الإصدارات القومية لأداة تدعم مرشح النظام السابق فى انتخابات الرئاسة، كما أنهم لعبوا دورا كبيرا فى إحباط التغييرات الصحفية لمصالحهم الخاصة، ورفضوا الدخول فى منافسة مع غيرهم من المرشحين الجدد. ورؤساء التحرير فى عهد مبارك أساءوا لمصر إساءة فادحة لا تقل عن مسئولية مبارك ورجاله لأنهم ضللوا الشعب، وكان 90% منهم فاسدين، والجماعة الصحفية هى أكثر من عانى منهم. لجنة فورية · إذا أردنا النهوض بالمؤسسات الصحفية القومية.. كيف يكون ذلك من وجهة نظرك؟ نحتاج بالطبع إلى برامج ورؤى، ولا بد من بحث الأوضاع الحالية، ومتابعة تنفيذ توصيات المؤتمر العام الرابع؛ فمراجعة الانضباط المالى والإدارى وكل صغيرة وكبيرة وسيلة جيدة لإنقاذ المؤسسات التى كانت "عزب" تكبدت خسائر فادحة، وعانت من التكدس الوظيفى والتعيينات بعدد كبير، ونهب للمال العام، وعمل محرريها بالإعلانات. وأقترح تشكيل لجان مالية وإدارية محايدة بشكل فورى لكشف أبعاد الجريمة التى ارتكبت، وفحص أوراق المؤسسات بالكامل، ومراجعة الرواتب والهدايا والعطايا والمنح، وأذكر أن النائب العام أرسل لجنة للتحقيق فى بلاغات الفساد التى تقدمنا بها ضد قيادات وكالة أنباء الشرق الوسط، غير أن رئيس التحرير الحالى رفض التعاون معها أو اطلاعها على مستندات المؤسسة. لفتة رائعة · كيف كان شعورك حينما علمت بعودة الصحفية شيماء عادل على متن طائرة الرئاسة بعد اعتقال دام 14 يوما بالسودان؟ تدخل الرئيس لإعادة شيماء عادل لأرض الوطن كان لفتة رائعة منه؛ حيث عاملها كأبنائه، وهذا التصرف دليل منه على أن الصحافة شىء مهم، وعلى الرغم من أن إعادة الزميلة كان واجب الخارجية المصرية فى المقام الأول، إلا أن الرئيس تعامل مع الأزمة باعتبارها موقفا إنسانيا بالأساس، والزميلة مواطنة مصرية وجب حمايتها. وهذا الموقف أثبت أن شيماء صحفية شجاعة، إلا أنه أيضا كشف شكل تعامل الصحف الخاصة مع المحررين؛ حيث كان يجب على إدارة الجريدة تأمينها، ولا يجب على كل رئيس تحرير أن يرسل محررى جريدته للتهلكة دون الاستعداد. وأتمنى أن تشهد المرحلة المقبلة تحركا إيجابيا، وأن تقوم الجماعة الصحفية بواجبها ودورها، وأن تستعيد وعيها بأهمية هذا الدور نحو المجتمع، وأدعو مجلس النقابة للابتعاد عن الانشغال بالأمور الصغيرة والالتفات للقضايا الحقيقية التى تشغل الوسط الصحفى.