وزير الري يتابع موقف مشروع تأهيل المنشآت المائية    ارتفاع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 30 ديسمبر    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة هامشيا بمستهل التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    قصف إسرائيلي على مناطق مختلفة من قطاع غزة    الأهلي يصطدم بالمقاولون العرب في اختبار حاسم للشباب بكأس العاصمة    حسام عاشور يكشف سرًا لأول مرة عن مصطفى شوبير والأهلي    أمم أفريقيا 2025.. مشاركة أولى ل 11 لاعبًا بقميص مصر في دور المجموعات    جاهزية قصوى بصرف الإسكندرية للتعامل مع موجة الطقس غير المستقر    تأجيل محاكمة المتهمين باقتحام مقهى قرية الدير بطوخ ل4 يناير    احتفالا بفوز مرشح في انتخابات النواب.. الأمن يضبط شخصا أطلق أعيرة نارية في قنا    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    اليوم.. تشييع جثمان والدة الفنان هاني رمزي    وزير الصحة التركي يزور معهد ناصر لبحث تعزيز التعاون الصحي بين البلدين    وزير التعليم العالي: المستشفيات الجامعية إضافة قوية للمنظومة الصحية وعددها ارتفع إلى 146    فطيرة موز لذيذة مع كريمة الفانيليا    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظة القاهرة    رئيس جامعة القاهرة يتفقد سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بالكليات (صور)    لهذا السبب| الناشط علاء عبد الفتاح يقدم اعتذار ل بريطانيا "إيه الحكاية!"    وفاة حمدي جمعة لاعب الأهلي السابق    اليوم.. النطق بالحكم واستئناف المحاكمة على رمضان صبحي و3 آخرين بتهمة التزوير    6 جولات دولية ل أمين "البحوث الإسلاميَّة" في 2025 تعزز خطاب الوسطية    إليسا وتامر وعاشور في أضخم حفلات رأس السنة بالعاصمة الجديدة    اليوم.. وزير التموين يفتتح سوق اليوم الواحد في رمسيس    تعاني من مرض نفسي.. كشف ملابسات فيديو محاولة انتحار سيدة بالدقهلية    اليوم.. طقس شديد البرودة ليلا وشبورة كثيفة نهارا والعظمي بالقاهرة 20 درجة    اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 30ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    وزير العمل يبحث تحديات صناعة الملابس والمفروشات مع اتحاد الصناعات    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 30ديسمبر 2025 فى المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    وزير الصحة يعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد المجيد 2026    تفاصيل انطلاق قافلة "زاد العزة" ال105 من مصر لغزة    أكسيوس: ترامب طلب من نتنياهو تغيير السياسات الإسرائيلية في الضفة    باحثون: أجهزة اكتساب السمرة الصناعية تؤدي إلى شيخوخة الجلد    بعد قليل.. استكمال محاكمة 32 متهما بقضية خلية الهرم    القبض على المتهمين بقتل شاب فى المقطم    هدى رمزي: مبقتش أعرف فنانات دلوقتي بسبب عمليات التجميل والبوتوكوس والفيلر    إصابة منصور هندى عضو نقابة المهن الموسيقية فى حادث تصادم    نجما هوليوود إدريس إلبا وسينثيا إيريفو ضمن قائمة المكرمين الملكية    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 30 ديسمبر    زيلينسكي: لا يمكننا تحقيق النصر في الحرب بدون الدعم الأمريكي    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    الإمارات تدين بشدة محاولة استهداف مقر إقامة الرئيس الروسي    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    أزمة القيد تفتح باب عودة حسام أشرف للزمالك فى يناير    ترامب ل نتنياهو: سنكون دائما معك وسنقف إلى جانبك    سموم وسلاح أبيض.. المؤبد لعامل بتهمة الاتجار في الحشيش    حسام عاشور: كان من الأفضل تجهيز إمام عاشور فى مباراة أنجولا    الناقدة مها متبولي: الفن شهد تأثيرًا حقيقيًا خلال 2025    صندوق التنمية الحضارية: حديقة الفسطاط كانت جبال قمامة.. واليوم هي الأجمل في الشرق الأوسط    تحتوي على الكالسيوم والمعادن الضرورية للجسم.. فوائد تناول بذور الشيا    مجلس الوزراء: نراجع التحديات التي تواجه الهيئات الاقتصادية كجزء من الإصلاح الشامل    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    الكنيست الإسرائيلي يصادق نهائيًا على قانون قطع الكهرباء والمياه عن مكاتب «الأونروا»    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الدرجات الحديثة والمتوسطة |صور    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفيق حبيب في دراسة حديثة: الانقلاب دفع مصر إلى الهاوية وأشعل الكراهية الأهلية

· الانقلاب اعتمد على تفجير الخصومات السياسية والاجتماعية لتكون مبررا لوجوده
· الانقلابيون قضوا على العملية الديمقراطية ليخلقوا حالة من التفكك المجتمعي
· الانقلاب يشجع على العنف والبلطجة تحت حمايته ليؤسس لنزاع أهلي
· مخطط مدروس لنشر حالة كراهية مجتمعية غير مسبوقة في التاريخ المصري
· عملية التحول الديمقراطي بعد الثورة مثلت فرصة لتنفيس طاقة الغضب المجتمعي
· تحالف الانقلاب العسكري مفكك لا يجمعه إلا العداء للإخوان والقوى الإسلامية
أكد الدكتور رفيق حبيب –المفكر السياسي والقيادي بحزب الحرية والعدالة– في أحدث دراساته بعنوان "مصر عند الهاوية.. حرب الكراهية الأهلية" أن الانقلاب العسكري الدموي اعتمد على تفجير الخصومات السياسية والاجتماعية لإشعال النزاع الأهلي بين أطراف المجتمع، حتى يكون ذلك مبررًا لوجوده واستمراره، وأشار إلى أن الانقلاب يعرف جيدًا أن بقاءه مرتبط باشتعال النزاع الأهلي في مصر، ليصل لحدود الحرب الأهلية بين الطرف المؤيد للانقلاب والطرف الآخر المناهض له.
وأضاف "حبيب" أن قبل ثورة يناير كان المجتمع ضعيفا ومفككا، بسبب ممارسات دولة الاستبداد، وبعد الثورة ظهرت الاختلافات والتباينات داخل المجتمع، ما كشف عن حالة انقسام مجتمعي، وصلت لحد الاستقطاب السياسي، ولكن الانقسام المجتمعي ظل يعبر عن نفسه في عملية ديمقراطية، وأصبح التنافس السياسي وسيلة التعبير عن الاستقطاب السياسي، مشيرًا إلى أنه قبل الانقلاب العسكري تم تنفيذ مخطط واضح للحض على الكراهية وإشعال الخصومة السياسية وتحويلها إلى عنف سياسي، وكان حرق مقار جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة هو نموذج لتحويل الاستقطاب السياسي إلى نزاع أهلي، ثم جاءت موجة التحريض على المظاهر الإسلامية لتمهد المسرح للنزاع الأهلي.
وتابع –المفكر السياسي– أنه في لحظة حدوث الانقلاب العسكري أصبح الاستقطاب السياسي في مصر هو نزاع أهلي، لأن القوات المسلحة انحازت لفريق في المجتمع ضد فريق آخر، وانتصرت لفريق بقوة السلاح ضد فريق آخر، فأصبحنا أمام نزاع أهلي، ولم يعد الأمر مجرد استقطاب سياسي حاد، ولفت إلى أن ضربة الانقلاب العسكري جاءت في مواجهة مجتمع يعاني من الضعف والتفكك منذ ما قبل الثورة، ثم عانى بعد الثورة وبداية التحول الديمقراطي من الاستقطاب السياسي، لذا فإن واقعة الانقلاب دفعت المجتمع عمليا إلى منزلق التفكك الكامل.
ونبه إلى أنه كان من الممكن أن يتجنب المجتمع الدخول في مرحلة التفكك الكامل إذا استمرت عملية التحول الديمقراطي وتم حمايتها من أي محاولة لتقويضها؛ ولكن الانقلاب العسكري قوض العملية الديمقراطية، فلم يعد من الممكن تجنب الانزلاق إلى هاوية التفكك المجتمعي الكامل.
ويتصور "حبيب" أن المجتمع المصري قبل الثورة كان مقبلًا على الانزلاق في منحنى التفكك الكامل، وجاءت الثورة لتمثل فرصة لتجنب الانزلاق إلى هاوية التفكك، ثم بدأت عملية التحول الديمقراطي والتي مثلت فرصة لتنفيس طاقة الغضب أو حتى التعصب، وكل عوامل الفرقة في عملية سياسية، فكانت فرصة لتجنب الانزلاق لهاوية التفكك، وقد أهدر الانقلاب العسكري هذه الفرصة فانزلق المجتمع لهاوية التفكك.
تفجير المجتمع
وتحت عنوان "تفجير المجتمع" قال "حبيب" إن سلطة الانقلاب العسكري اتبعت سياسة الإقصاء الدموي للتيار الإسلامي ولقواه الحية، بصورة جعلت هذه السياسة عمليا هي إقصاء دموي لقطاع من المجتمع لصالح قطاع آخر، وهو ما جعل النزاع الأهلي يتحول إلى حرب أهلية بالوكالة، أي حرب أهلية تقوم بها القوات النظامية لصالح قطاع من المجتمع، ضد قطاع آخر.
وأوضح أن سلطة الانقلاب لم تعتمد فقط على مواجهة قوات الأمن للقطاع الرافض للانقلاب، بل عملت على تشجيع المؤيدين لها على مواجهة الاحتجاج الرافض للانقلاب، وهو تشجيع لممارسة العنف تحت حماية الدولة؛ بل واعتبر هذا العنف نوعا من الممارسة الوطنية، وهو نفس ما حدث قبل الانقلاب العسكري، حيث كانت وسائل إعلام تحرض على العنف ضد جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة والرئيس المنتخب د. محمد مرسي، وتعتبر هذا العنف عملا ثوريا.
وأضاف "حبيب" أن هناك فارقا بين العنف العارض، الذي يحدث نتيجة الحماس أو الاشتباك غير المقصود، وبين العنف المخطط، الذي تحميه أجهزة في الدولة، لأن العنف الذي يتوفر له غطاء رسمي وسياسي يؤسس لحالة نزاع أهلي، يصبح فيها العنف عملا مشروعا ومحميا، وقد أصبح تنظيم البلطجية هو الأداة لتفعيل العنف الشعبي، وهو الذي يقوم بأغلب أعمال العنف التي تنسب للعامة.
وتابع: لأن الانقلاب العسكري -كما كان متوقعا- أثار المجموعات المسلحة في سيناء، لذا تصاعدت وتيرة العمليات العنيفة من قبل تلك المجموعات، بعد أن أوصل لها الانقلاب العسكري رسالة واضحة، أن الإسلامي ليس له أي حقوق سياسية، حتى وإن التزم بالعملية السياسية الديمقراطية.
وأشار إلى أن قوات الانقلاب خاضت مواجهة مع المجموعات المسلحة في سيناء، تسببت في تفجير وضع اجتماعي متأزم بين السلطة وأهالي سيناء، وهو ما شكل سببا مضافا لتفجير العنف. كما أن سلطة الانقلاب لم تحاول بناء أي علمية سياسية شاملة، بل عمدت لتأسيس عملية سياسية لا تشمل أي إسلامي، إلا من يخضع لشروط سلطة الانقلاب كاملة، أي يصبح حليفا لها.
ولفت إلى أنه من الواضح أنه ليس كل العنف قامت به جماعات مسلحة، فبعض أعمال العنف تبدو من عمل أجهزة، ما يعني أن سلطة الانقلاب استهدفت تفجير طاقات العنف بكل صورها، حتى تتمكن من فرض هيمنة عسكرية، تجد مبررا لها في حالة النزاع الأهلي الحادثة، والتي تسبب فيها الانقلاب العسكري.
العنف الغامض
وتحت عنوان "العنف الغامض" قال القيادي بحزب الحرية والعدالة: إن أحداث العنف التي وقعت بعد الانقلاب العسكري، كان بعضها يمثل عمليات نوعية معقدة مثل حادثة تفجير مبنى مديرية أمن الدقهلية، وبعضها بدائي مثل تفجير قنبلة يدوية في أتوبيس في مدينة نصر بعد تفجير المنصورة. والمتابع لأعمال العنف يجدها أحيانا تتكرر في فترة زمنية قصيرة، وأحيانا تتباعد زمنيا.
ونبه إلى أن الكثير من أعمال العنف، حدث في لحظات مناسبة لسلطة الانقلاب، مما مكنها من توظيف الحدث العنيف لمصلحتها، فأصبح توقيت حدوث أعمال العنف يمثل عاملا إضافيا، يضفي قدرا من الغموض على ما يحدث، وفي كل الأحوال فإن كل أعمال العنف أفادت سلطة الانقلاب، واستخدمت ضد حركة مناهضة الانقلاب العسكري.
وتابع أنه بسبب التوقيت، واختلاف طبيعة العمليات وبسبب التوظيف السياسي، ظهر أن أعمال العنف لا تمثل ظاهرة واحدة، فبعضها ربما تقوم به جماعات مسلحة، وبعضها الآخر ربما تقوم به أجهزة داخلية أو خارجية، ويوظف لتحقيق مخططات الانقلاب العسكري. كما يمكن أن تكون بعض الجماعات مخترقة، مما يساعد على توظيف عملياتها بصورة تخدم سلطة الانقلاب.
وأوضح "حبيب" أن عملية تفجير مبنى مديرية أمن الدقهلية، تعد من الأحداث المهمة التي وظفت لصالح إشعال حالة النزاع الأهلي، بل ودفعها لأعتاب حالة الحرب الأهلية، فقد عمدت سلطة الانقلاب على توظيف الحدث وكأنه موجه من جماعة الإخوان المسلمين ضد الشعب، حتى تشعل حربا أهلية بين مكونات الشعب. رغم أن جماعة أنصار بيت المقدس أعلنت مسئوليتها عن التفجير، وهي مجموعة تعادي جماعة الإخوان المسلمين.
ولفت إلى أن خطورة التوظيف السياسي لأعمال العنف، أن المجموعات المسلحة، ليست ظاهرة بين الناس، وهي مجموعات سرية، لذا فإن قيامها بأعمال عنف لا يدخلها مباشرة في نزاع مع الأهالي، ولكن يظل نزاعها مع السلطة الحاكمة. ولكن توظيف تلك الأحداث لإدانة جماعة الإخوان المسلمين، وهي تنظيم شعبي يعمل بين عامة الناس، يؤدي إلى تحويل النزاع بين حركة مناهضة الانقلاب وسلطة الانقلاب، إلى نزاع أهلي، بين من يؤيد الانقلاب ومن يعارضه.
الكراهية والعنف
وكشف المفكر السياسي، أن مخطط إثارة الكراهية والعنف قبل الانقلاب العسكري، والذي استمر لشهور، نجح في نشر حالة كراهية مجتمعية غير مسبوقة في التاريخ المصري. وهي الحالة التي وظفها الانقلاب العسكري حتى يحشد التأييد له، ثم ظل يوظفها حتى يؤمّن مسار الانقلاب العسكري، ويجهض حركة مناهضة الانقلاب، فًاصبح نشر الكراهية يضر حركة مناهضة الانقلاب العسكري، ويفيد سلطة الانقلاب.
وأكد أن مساحة انتشار الكراهية تزيد عن مساحة انتشار العنف، ولكن ما تحدثه الكراهية من أثر لا يقل عن ما يحدثه العنف من آثار، فانتشار الكراهية المجتمعية أدخل المجتمع عمليا، في حرب أهلية معنوية، وأحداث العنف تحول تلك الحرب المعنوية، إلى حرب أهلية مادية، وفي النهاية، فإن النزاع الأهلي في مصر تعمق لدرجة دفعت مصر لهاوية التفكك، فأصبح بين الكتل المؤيدة للانقلاب العسكري والكتل الرافضة له، جدار من الكراهية والدماء، تلغي عمليا أي فرص للمصالحة الوطنية أو الحوار أو التوافق، فلم يعد من الممكن الحديث عن أي محاولة لبناء توافق وطني في ظل حالة حرب الكراهية الأهلية التي انتشرت في ربوع مصر.
وأضاف أن انتشار الكراهية المجتمعية، حطم واقعيا أي دور للقيم والتقاليد الاجتماعية، وأزال دور القواعد الحاكمة لتماسك المجتمع، فأصبح المجتمع دون أي قواعد تحفظ تماسكه. فالحض على الكراهية وهو المخطط الأصلي الذي مهد للانقلاب العسكري، زرع بذور فتنة مجتمعية شاملة، حطمت الوجود المعنوي للمجتمع.
تحالف الانقلاب المفكك
وتحت عنوان "تحالف الانقلاب المفكك" ذكر "حبيب" أن الكتل المؤيدة للانقلاب العسكري لا تمثل واقعيا تيارا متماسكا، بل هي كتل متفرقة ومختلفة وكتل متعارضة في مصالحها وتوجهاتها، والكتل المركزية المناصرة للانقلاب العسكري تجمع أطرافا متناقضة في مواقفها، وتضم كتلا ينتشر بينها التعصب تجاه بعضها البعض، فالانقلاب العسكري يمثل تحالفا لا يجمعه إلا العدو المشترك.
وقال إنه عندما يتحالف العلماني المتحرر مع الإسلامي الأكثر محافظة، ويتحالف الليبرالي المفترض مع المستبد، ويتحالف أصحاب المصالح مع ضحاياهم من الشرائح المطحونة، وتتحالف شرائح عليا مع المهمشين وتتحالف شرائح مثقفة مع تنظيم البلطجية، ويتحالف من يحمل توجها إسلاميا مع المعادي لأي توجه إسلامي؛ نكون بصدد تحالف الأضداد.
وتحالف الانقلاب العسكري، يمثل واقعيا مجتمعا مفككا، لا يجمعه إلا حالة عداء لخصم سياسي يتمثل في جماعة الإخوان المسلمين، والقوى الإسلامية المناهضة للانقلاب العسكري؛ والصراعات داخل هذا التحالف كافية لتفكيكه، مما يجعل السلطة العسكرية هي الطرف الأقوى المسيطر على تحالف الأضداد.
وأضاف المفكر السياسي، أن الانقلاب العسكري لا يبني بديلا مجتمعيا متماسكا، ولا يجمع المفكك، بل إن سياسته تفكك المجتمع، بين مؤيد ومعارض له، وتفكك أيضا الكتل المؤيدة له، مما يجعل الانقلاب العسكري سببا في دخول مصر في متوالية التفكك المستمر، حتى تصل للهاوية.
وبيّن أنه إذا استمر الانقلاب العسكري لسنوات، فإن المجتمع المصري سوف يصل لمرحلة الفوضى، بعد أن دخل عمليا في مرحلة التفكك، ووصل فعليا لهاوية التفكك، وأصبح في حالة نزاع أهلي وصلت لمرحلة الحرب الأهلية المعنوية، ومرشحة للتحول في لحظات لحرب أهلية عنيفة.
وشدد على أن الانقلاب العسكري -حتى إذا توقفت حركة مناهضة الانقلاب- لا يمكن أن يستمر لعقود، فإذا لم تسقطه حركة مناهضة الانقلاب، فسوف تسقطه حالة الفوضى المجتمعية، التي تنتج من حالة النزاع الأهلي العميق التي وصل لها المجتمع، وحالة الكراهية التي فككت أوصال المجتمع.
دولة التفكيك
ونبه "حبيب" إلى أن نقطة البداية هي دولة الاستبداد، التي زرعها المستعمر الأجنبي، أي الدولة القومية العلمانية التي فككت الأمة العربية وفككت الأمة الإسلامية، ثم بدأت في تفكيك المجتمعات، فأصبحت دولة الاستبداد تفكك مجتمعها حتى تسيطر عليه، وهو ما دفع المجتمعات لمنزلق التفكك العميق.
وأشار إلى أنه بعد الثورة، بدأت أول فرصة للخروج من منزلق التفكك والدخول في مرحلة إعادة بناء تماسك المجتمع من خلال التحول الثوري والديمقراطي، ومن خلال بناء نظام سياسي جديد يبنى على تماسك المجتمع، وليس على تفكيك المجتمع، وجاء الانقلاب العسكري ليعيد دولة الاستبداد مرة أخرى، قبل أن تتفكك الدولة العميقة التي تحمي وتقود دولة الاستبداد، فكانت استعادة دولة الاستبداد مرة أخرى بداية لإعادة المجتمع لمنزلق التفكك مرة أخرى، ولم يكن المجتمع قد خرج من حالة التفكك، لذا انزلق سريعا للتفكك، خاصة بسبب مخططات نشر الكراهية والتحريض.
وأضاف أن ثورة يناير لم تتمكن من إنجاز دولة الحرية، التي تجمع المجتمع وتوحده، وتحافظ على تنوعه، حتى انقلبت عليها الدولة العميقة لتجهض ما تم بناؤه، وتعيد دولة الاستبداد. ومع استعادة الدولة القومية العلمانية وفي صورة عسكرية صارمة، اندفع المجتمع مرة أخرى للانزلاق في التفكك.
حتى النهاية
أكد القيادي في حزب الحرية والعدالة، أن المتابع لمسار التاريخ الحضاري للمنطقة العربية والإسلامية، يدرك أن المنحى الحضاري الهابط يؤدي للسقوط في حالة التفكك والنزاع، وأن الضعف الداخلي للمجتمعات العربية والإسلامية مع التدخل الاستعماري الخارجي يدفع المجتمعات للتفكك والنزاع. فالمجتمعات العربية والإٍسلامية تتفكك في مرحلة الهبوط الحضاري، ثم تستعيد وحدتها مع مرحلة الصعود الحضاري.
وأضاف: لأن قوى الاستبداد والاستعمار المحلي والخارجي فرضت هيمنة شاملة على المجتمعات العربية والإسلامية، لذا أصبحت تلك المجتمعات تندفع لأقصى درجات التفكك، وكلما حاولت تلك المجتمعات تحقيق التحرر حتى تستعيد تماسكها ضربت مرة أخرى من تحالف الاستبداد الداخلي والخارجي، كما حدث في الانقلاب العسكري في مصر.
وتابع "حبيب": لذا فإن المجتمع المصري بعد الانقلاب العسكري يتجه إلى هاوية التفكك والنزاع الأهلي وحرب الكراهية، ومع بلوغ المجتمع أقصى درجات التفكك، يصل إلى مرحلة الخطر، حيث يصبح وجود المجتمع مهددا. وعندما يندفع مجتمع في الصراع والنزاع لحد تفكيك بنيته وتماسكه، يكون وعي المجتمع بمصلحته قد غاب، لذا فإن الانزلاق في التفكك لا يوقفه إلا وصول المجتمع لمرحلة الخطر، التي تهدد وجوده، أي تهدد استمرار الحياة وتهدد إمكانية استعادة الاستقرار المجتمعي قبل السياسي.
ولفت إلى أن سلطة الانقلاب العسكري تغذي حالة الكراهية، وتدفع الكتل المجتمعية لحالة صراع، بل وتدفع الكتل المؤيدة لها للوقوف معها ضد حركة الاحتجاج الرافضة للانقلاب العسكري، ما يعني أن استمرار سلطة الانقلاب مرهون باستمرار حالة الكراهية والنزاع الأهلي. وهو ما يعرقل أي احتمال لحدوث إفاقة مجتمعية، توقف الانزلاق لهاوية التفكك.
استعادة الوحدة
وبين "حبيب" أن في المواجهة بين دولة الاستبداد المستوردة ودولة التحرر، يظهر التناقض بين مشروع يفكك المجتمع، ومشروع لا ينجح إلا بتماسك المجتمع. فدولة التحرر لا تبنى إلا بتماسك المجتمع، ولا يمكن حماية الحرية إلا بمجتمع متماسك، كما أن العملية الديمقراطية لا تستقر إلا في مجتمع متماسك قادر على حماية العملية الديمقراطية، ومنع أي خروج عليها.
ونبه إلى أن المواجهة بين الانقلاب العسكري وحركة مناهضة الانقلاب، هي مواجهة بين عملية تفكيك المجتمع، التي يمثلها الانقلاب العسكري، وعملية تجميع المجتمع التي تمثلها حركة مناهضة الانقلاب، وهي نفسها المعركة بين الاستبداد والتحرر، فالاستبداد لا يقوم إلا في مجتمع مفكك، كما أن التحرر لا يتحقق إلا بمجتمع متماسك.
وأضاف أن المجتمع لن يستعيد تماسكه مرة واحدة، ولا يمكن أن يستعيد المجتمع تماسكه في ظل استمرار سلطة الانقلاب العسكري، ولا يمكن أن تسمح سلطة الانقلاب بتحقيق تقارب بين الكتل المؤيدة لها والرافضة لها، مثلها مثل نظام ما قبل الثورة. لذا فإن المجتمع لا يحقق كل تماسكه أو وحدته، قبل انكسار الانقلاب؛ بل إن استعادة الثورة والديمقراطية، تسبق خروج المجتمع من هاوية التفكك، فالمجتمع بعد أن يسقط في هاوية التفكك لا يستعيد وحدته مرة واحدة ولا في فترة محدودة، بل إن عملية استعادة المجتمع لوحدته، قد تستغرق سنوات وربما عقود؛ بسبب حالة الكراهية العميقة التي وصل لها المجتمع.
وتابع: لذا فإن حركة مناهضة الانقلاب تحقق انتصارها على الانقلاب العسكري، عندما تصبح ممثلة لكتل مجتمعية متماسكة تمثل الكتلة الحرجة، التي تقدر على تحقيق توافق وتماسك مجتمعي داخلها، يجعلها قادرة على بناء قاعدة مجتمعية متماسكة تحمي مسار الثورة والديمقراطية، وعندما تصبح كتلة الحركة المناهضة للانقلاب متماسكة وفاعلة ومؤثرة، والكتل المؤيدة للانقلاب مفككة، تحدث المقابلة بين سلطة مستبدة لها قاعدة مفككة، وكتلة ثورية لها قاعدة متماسكة، مما يجعلنا بصدد قطاع مفكك من المجتمع، وقطاع متماسك من المجتمع، وعلى قاعدة القطاع المتماسك من المجتمع، يستعاد مسار الثورة، والتحول الديمقراطي.
وأشار إلى أن الانقلاب ينكسر، مع وجود كتلة حرجة متماسكة في المجتمع، تتوسع تدريجيا، مع استمرار النضال من أجل بناء دولة التحرر الكامل، ولكن الاستعادة الكاملة لتماسك المجتمع تتأخر، حتى يعالج الزمن، جروح حرب الكراهية الأهلية، التي عصفت بوحدته وقيمه وتقاليده، وهددت حتى وجوده وبقاءه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.