تناولت صحيفتا (البيان) و (الخليج) الإماراتيتان الصادرتان، اليوم الثلاثاء، المعاناة التى يتعرض لها الشعب اليمنى وضرورة الإصلاح السياسى ومكافحة الفساد لإعادة الاستقرار إلى جانب المساعى الدولية المبذولة حاليا لإعداد أول معاهدة دولية حول تجارة الأسلحة التقليدية. فمن جانبها، قالت صحيفة (البيان) "إنه لا شك أن المشكلة فى اليمن هى أزمة غذاء وليس إرهابا، فاليمن على شفير أزمة كارثية، فهناك نحو 10 ملايين شخص أو 44% من السكان يعانون من سوء التغذية وهى تقريبا نفس المعدلات التى توجد فى الصومال". وأضافت أن الأزمة الأساسية فى اليمن هى الفقر وتردى الأوضاع الإنسانية والمعيشية نتيجة سوء إدارة موارد الدولة وعمليات النهب المنظم لثروات البلاد وإذا لم تتجه الحكومة إلى معالجة هذه الأزمة بالتعاون مع المنظمات الإنسانية الدولية فإن مشكلة الإرهاب والعنف ستزداد وتتسع دائرتها مما يدفع الكثير من الشباب العاطلين عن العمل إلى الهروب من الواقع المعاش السيئ إلى الجماعات والمنظمات، حيث يستغل تنظيم القاعدة هذه المحنة لإغراء الشباب بالأموال لتنفيذ مخططاته الإرهابية. وقالت صحيفة (البيان) "إن مسألة محاربة تنظيم القاعدة قد تكون ذات أولوية بالنسبة لليمن، لكن لا يمكن ضخ كل الأموال لمحاربة هذا التنظيم وترك الشعب يعانى من الفقر، فالفقر أحد أسباب الصراع فى اليمن، ولذلك من المهم أن تكون الأولوية لتحسين دخل المواطن اليمنى وافتتاح المشاريع ذات الدخل الدائم التى تعتمد على نفسها فى نفقاتها وتدعم بصافى أرباحها اقتصاد البلد وتشغل فى الوقت نفسه أيادى عاملة عاطلة عن العمل، فالخروج من فخ الفقر يتطلب من الدولة والمجتمع مناقشة المخاطر والآثار السلبية المترتبة على مثل هذه الظواهر والعمل على معالجتها من خلال السعى لتحقيق العدل وزيادة الوعى ورفع مستوى الطموح. واختتمت (البيان) مقالها بالقول "علينا أن ندرك أن الظروف العصيبة التى يعانى منها ملايين اليمنيين لن تختفى بمساعدات آنية قصيرة المدى بل بتضافر جهود الدول المانحة والحكومة اليمنية والمنظمات الدولية لمكافحة الفقر ومظاهره وآثاره السلبية، فالأزمة الإنسانية التى تعصف فى اليمن أعمق مما نتصور وقد تحتاج لسنوات حتى يتم حلها وعلاج الأضرار النفسية والاجتماعية المترتبة عليها والتى ألقت بظلالها السوداء على حياة الملايين من الشعب اليمنى الشقيق، وعلى الحكومة اليمنية بذل مزيد من الجهد لمواجهة التحديات الحالية وأبرزها شبح المجاعة والانهيار الاقتصادى والأمنى فإعادة الوضع الاقتصادى إلى حالة الاستقرار التى كان عليها قبل اندلاع الاحتجاجات فى العام الماضى مرهون بالإصلاح السياسى ومكافحة الفساد وبقدرة الحكومة اليمنية على إعادة الاستقرار للبلاد. وبدورها، تناولت صحيفة (الخليج) فى مقالها الافتتاحى المفاوضات التى تجرى فى الأممالمتحدة منذ فترة لإعداد أول معاهدة دولية عن تجارة الأسلحة التقليدية يرافقها حديث عن تقدم فى إنجاز نص ينظم هذه السوق ويضع ضوابط البيع والاستخدام. وقالت الصحيفة "إنه فى انتظار زمن تبرم فيه اتفاقات دولية برعاية الشرعية الدولية لحظر الأسلحة بأنواعها كافة يبدو أن السيطرة العالمية ستبقى ل "كارتلات" السلاح ومن يديرها وهى شركات حاكمة ومتحكمة تدير على مستوى العالم تريليونات الدولارات.. كارتلات السلاح هذه وكما هو معروف من أخطر اللوبيات وأبلغها تأثيرا فى صناعة الحكم وتحديدا فى الدول الكبرى، خصوصا تلك التى تصنع الغزوات والحروب وتدعم الفتن فى غير مكان لكى يبقى الرواج فى سوق الأسلحة عاليا ومدخول هذه التجارة القاتلة فى أعلى مستوياته. وتساءلت الصحيفة "متى يسترد العالم وعيه وعقله؟ تجارة السلاح تعنى تجارة الحروب والنتيجة كوارث بشرية وتدمير بنى تحتية.. غزو العراق مثلا كلف أمريكا ثلاثة تريليونات دولار حسب كتاب أصدره الخبير الاقتصادى الدولى جوزف ستيغليثنر والمحاضرة فى هارفرد ليندا بيلمز ويمكن القياس على هذا المنوال كم كلف الغزووالاحتلال العراق نفسه من ماضيه وحاضره ومستقبله بل كم كلف المنطقة العربية كلها؟. وأضافت "تريليونات الدولارات التى تصرف على الأسلحة والحروب على القتل والدمار أى حال يكون عليه العالم لو أنها صرفت فى اتجاه التنمية والتطوير والتحديث فى اتجاه إلغاء ما يسمى "شمال غنى" و"جنوب فقير" أو فى اتجاه إلغاء التصنيف السائد على مستوى عالم أول وعالم ثالث أو عاشر أو دول متقدمة ودول نامية ودول مجموعة العشرين أو مجموعة الثمانى فى مكان وما تبقى من دول فى مكان آخر". واختتمت الصحيفة مقالها بالقول "عند ذاك عند التحرر من سطوة كارتلات السلاح ولوبياتها ومن هيمنة الدول المنتجة لأسلحة الإبادة أسلحة الدمار الشامل يصح الحديث عن "تسويق" الحرية والديمقراطية والتقدم لأن شعارات كهذه لا يمكنها أن تعيش وتنمو فى ظل هيمنة شريعة الغاب التى تفرضها الدول نفسها ذات الباع الطويل فى تجارة القتل والخراب.