"أصمد"...هذا هو العنوان الذى خرج به موقع صحيفة "اوليه" الارجنتينية، أوسع صحف البلاد الرياضية انتشارا صباح الاثنين، موجهة رسالة تضامن مع أسطورة الكرة الارجنتينية دييجو ارماندو مارادونا، الذى يرقد حالياً غرفة بالعناية المركزة بإحدى بإحدى عيادات العاصمة بيونيس آيريس بعد إصابته بأزمة قلبية و هبوط حاد فى ضغط الدم يضعه "مجدداً" فى صراع ما بين الحياة و الموت، و هو الصراع الذى يبدو أنه صبغ قصة حياته بأكملها التى لا تزال بعض أجزائها تشكل حلماً ذهبياً لأى طفل عاشق للكرة على هذا الكوكب. نداء جريدة "اوليه" للصلاة من أجل قديس الأرجنتين المعاصر يبدو منطقياً بالنسبة لأمة تلخص حياتها الكروية فى ذلك الشاب القصير الممتلئ، إنه القديس الذى استحوذ على قلوب الارجنتينيين، و أنزل السعادة بقلوب فقراء بوكاجونيورز. أحيا مدينة بأكملها من تحت الأنقاض اسمها نابولى، و أغضب ايطاليا كلها فى نصف نهائى كأس العالم عام 1990. إنه صاحب التعريف الحقيقى للقميص رقم 10 لدى عشاق الكرة فى العالم الذين عرفوه معه أهم لحظات الساحرة المستديرة، و أكبر كوراثها أيضاً خلال الربع قرن الأخيرة. رحلة الصراع ما بين الحياة و الموت التى يمر بها مارادونا حالياً لازمته منذ أن كان طفلاً صغيراً ينتمى إلى عائلة ذات خلفية اجتماعية و مادية متواضعة، بلا مستقبل مهنى واضح، لتتبلور كل آماله فى ممارسة الشئ الوحيد الذى كان يتقنه، و هو كرة القدم، و هو ما تحقق له عندما انضم و هو دون العاشرة من عمره إلى فريق الناشئين بنادى لاسيبويتاس، التابع لنادى ارجنتينيوس جونيورز ذائع الصيت. بدأت سنوات "الحياة" فى الإبتسام لمارادونا منذ اللحظة التى ارتدى فيها قميص ارجنتينيوس الأحمر للمرة الأولى بالدورى المحلى فى 20 أكتوبر عام 1976 قبل عشرة أيام فقط من إكمال عامه السادس عشر، ليخوض معه أربعة مواسم ذهبية رسخ فيها اسمه كطفل معجزة جديد للكرة الأرجنتينية، ففاز مع منتخب الشباب ببطولة العالم عام 1979باليابان، وارتدى قميص المنتخب الأول للمرة الأولى تحت قيادة "الفيلسوف" سيزاز مينوتى أمام المجر فى فبراير من عام 1977، دون أن تتاح له الفرصة للمشاركة برفقة راقصى التانجو فى رحلة الفوز التاريخية بكأس العالم 1978 ، و ذلك بداعى صغر سنه كما أقنعه مينوتى.
انتقل مارادونا الى اوروبا عام 1982 بعد أن أحرز لقب الدورى المحلى مع بوكا جونيورز وضمن مكانا دائما بتشكيلة المنتخب الارجنتينى. الا ان انتقاله إلى برشلونة الأسبانى فى صيف ذلك العام كان مقدمة لعامين حالكين من حياة "النابغة"، شهدا اخفاقاًَ مدوياً للمنتخب الأرجنتينى فى كأس العالم 1982، تلاهما موسمان محبطان بجدران النوكامب، كان خلالهما حصاد مارادونا كأساً اسبانيا واحداً، و المشاركة فى 58 مباراة احرز خلاها 38 هدفاً فقط. وبمرور الوقت ، أصبحت اخبار إصابة مارادونا و ابتعاده شبه الدائم عن مباريات البارسا خبراً معتاداً فى الصحافة المحلية، حتى أقتنع الجميع و هو أولهم أن مواهبه ستدفن قريباً فى الملاعب الأسبانية التى تعج بالمدافعين الإنتحاريين من أمثال ابن بلباو اندونو جويكوتشيا الذى أجلس مارادونا فى منزله لشهور كاملة مريرة. كان مارادونا على موعد مع بعث كروى جديد عندما وافق على عرض تاريخى مقدم من نادى ايطالى متواضع يدعى نابولى، نجا بأعجوبة من الهبوط فى موسم 1983-1984، وقبل النجم الارجنتينى خوض المغامرة الايطالية وسط احتفالات اسطورية من جمهور نابولى الذى رأى فيه "المخلص" القادر على علاج أمراض فريقها الكروى بلمسة بسيطة من قدمه اليسرى. و هو ما تحقق بالفعل بعد موسم واحد تجريبى، حيث أهدى مارادونا تلك المدينة الفقيرة فى موسم 1986 - 1987 أول لقب للدورى منذ أكثر من ستين عاماً، بعد نزاع مرير مع أغنياء ميلانو و تورينو . تحول مارادونا خلال سنوات الثمانينات الأخيرة إلى علامة مسجلة للخوارق الكروية، خاصة بعد قيادته لمنتخب بلاده إلى ثانى كأس عالم فى تاريخها عام 1986 بالمكسيك فى عروض لم يقاربها سوى عروض بيليه برفقة ابناء السامبا فى كأس العالم 1970، حيث أهدت قدم و "يد" مارادونا اليسرى أهم لقب للأرجنتين مصحوبة بلقطات خالدة شملت هدفاً "اسطورياً" فى مرمى انجلترا، من ناحية اخرى واصل مارادونا تقديم معجزاته لأهل نابولى حاملاً معه لقب السكوديتو الثانى موسم 1989- 1990، إضافة إلى لقب لكأس الإتحاد الاوروبى موسم 1987 - 1988. كانت كأس العالم 1990 علامة فارقة فى مشوار مارادونا الكروى، حيث كانت الخسارة امام المانيا فى نهائى البطولة، إضافة إلى العروض الهزيلة التى قدمها راقصو التانجو خلال البطولة سبباً فى دخول القديس إلى نفق مظلم من نظريات المؤامرة و عقد الإضطهاد و الشعور بملاحقة الجميع للنيل منه، و لم يكن هناك من رفيق فى ذلك النفق سوى تناول المخدرات خا