هل يشهد 2011-2012 من الدوري الإسباني اختلافا عن المشهد الذي اعتاد جمهور الليجا على رؤيته بنهاية كل موسم في الأعوام الأخيرة.. برشلونة يعتلي منصات التتويج وريال مدريد يحل ثانيا؟ مما لا شك فيه أن برشلونة لم يقل قوة عن المواسم الماضية، بل زاد بريقه بالتعاقد مع المدفعجي سيسك فابريجاس والطائرة أليكسس سانشيز. وهذا ظهر بوضوح في انتصار برشلونة على ريال مدريد في سباق السوبر الإسباني، ثم في الفوز السهل للبلوجرانا على بورتو في السوبر الأوروبي. لكن جوزيه مورينيو المدير الفني لريال مدريد يصر على أنه لا يخرج خاسرا في أي سباق خلال الموسم الثاني له مع فريق، مستدلا بذلك على تاريخه الحافل مع بورتو ثم تشيلسي وإنتر ميلان. ويقول مورينيو عن هذا الأمر "مع بورتو ثم تشيلسي فزت بثلاثة ألقاب في موسمي الثاني، وتكرر الأمر حين قدت إنتر ميلان". وتابع الاستثنائي البرتغالي " كنا أقويا حقا في المباريات الودية وخلال مواجهتنا مع برشلونة خاصة في كامب نو. أنا واثق في أن ريال مدريد أفضل كثيرا من الموسم الماضي، ". ففي ماذا يمكن اعتبار ريال مدريد أفضل هذا الموسم عنه في 2010-2011؟ يظهر زيادة الانسجام في عناصر ريال مدريد جليا من خلال متاعبة تحركات شابي ألونسو في وسط ملعب الميرنجي. شابي ألونسو أحد ثنائي ارتكاز دفاعي، ويتحمل أعباء تغطية الخط الخلفي للميرنجي ما يحد من مساهماته الهجومية، إلا لو وجد في رفاقه القدرة على تأمينه وغلق المساحة التي تظهر نتاج تقدمه. ومنذ نهاية الموسم الماضي وضح انسجام ريال مدريد بشكل تام في خطة 4-2-3-1 وبات شابي ألونسو أحد أهم أوراق الإبداع وصناعة اللعب للميرنجي، ما سيكون عاملا في صف البلانكو هذا الموسم. كذلك يظهر ريال مدريد أفضل هذا الموسم في الضغط مبكرا على الخصم، بفضل وضع مورينيو لصانع الألعاب ميسوت أوزيل في موقع متقدم أكثر بحسب ما أبرزه أحد المحللين المخضرمين في صحيفة "آس". فوجود أوزيل متقدما بجوار كريم بنزيمة وكريستيانو رونالدو يشكل ضغطا مبكرا على دفاع الخصم، فيما يشبه إلى حد بعيد ما يفعله ليونيل ميسي مع بيدرو رودريجز وديفيد بيا في برشلونة. أيضا أضاف مورينيو إلى تشكيله لاعب ارتكاز بمواصفات صانع لعب في شخص التركي نوري شاهين لمجاورة ألونسو وزيادة عنصر الإبداع، ويجلس الارتكاز ذو النزعة الدفاعية سامي خضيرا بديلا. وبوجود ثنائي ارتكاز ذو مهارة عالية، فمورينيو قادر خلال 2011-2012 على التحكم أكثر في إيقاع اللعب وعدم فقدان الكرة سريعا كما يحدث أمام برشلونة بسبب أخطاء خضيرا في التمرير تحت الضغط. وجاءت صفقة شاهين رخيصة الثمن إذ لم تكلف ريال مدريد سوى عشرة ملايين يورو، كون عقد اللاعب مع دورتموند كان في عامه الأخير، على غرار ما فعله الميرنجي في صفقتي خضيرا وأوزيل. أيضا أضاف الميرنجي لصفوفه لاعب متعدد الهبات هو فابيو كوينتراو الذي انتقل لريال مدريد ب30 مليون يورو في صفقة أثارت رياح الانتقاد ضد النادي الملكي كون السعر قدر على أنه غال بالنسبة لظهير أيسر.
مورينيو برر "كوينتراو عبارة عن طاقة لا تنضب، يمكن استغلاله في الوسط أو الجناح الأيسر أو كظهير، ولهذا كنت مهتما بالتعاقد معه وأعرف أن ريال مدريد دفع فيه السعر المناسب". مشكلات بيضاء أما المشكلات التي تواجه ريال مدريد هذا الموسم فتتلخص في ثلاث نقاط رئيسية: الفرص المهدرة وأخطاء بيبي وتراخي الدفاع الملكي. فصحيفة "آس" ذكرت منذ أيام أن مورينيو بدل بعض الوحدات التدريبية التي كانت خاصة بالخطط الهجومية، وجعلها تولي اهتماما أكبر بالدفاع. وكان سر هذا التعديل هو استقبال شباك ريال مدريد عشرة أهداف خلال المباريات العشر التي خاضها الفريق هذا الموسم. وفيما يخص بيبي، فإن مورينيو صرح بعد مواجهتي برشلونة الإسباني "الهفوات تحدث، لكن بيبي لاعب مهم جدا في حساباتي، أثق في قدراته، ولذلك سأشركه مادام يتدرب بتركيز ولا يقصر في العمل". وعن التهديف فكان مورينيو طلب التعاقد مع رأس حربة بداية موسم الانتقالات الصيفي، ثم كف عن الحدث في هذا الشأن وأعلن نيته الاعتماد على ماروتا الهداف الواعد لمنتخب إسبانيا الشاب. وأفصح مورينيو "ماروتا عمل معنا طوال العام الماضي وبالتالي بات يملك خبرة عام في جعبته، يعلم كيف نتدرب وماذا أطلب، وسيكون هو ورفاقه من قطاع الناشئين معاونين أكفاء لنا في الموسم المقبل". وربما امتلك ريال مدريد مقعد بدلاء قوي في الموسم المقبل لو استمر كاكا ولاسانا ديارا مع الفريق، أو لا يحدث ذلك لو رحلا ويصبح مورينيو مطالبا بالتركيز على تشكيله الأساسي في أغلب اللقاءات. ويعد برشلونة من أبرز فرق العالم التي تعتمد على عدد محدود من اللاعبين إذ ضمت قائمة البلوجرانا في العام الماضي 19 لاعبا فقط. لكن هذا الموسم زاد برشلونة قوته بثنائي مميز في صفقتي سيسك وسانشيز، ما جعل الفريق يظهر خارقا للطبيعة أكثر من المعتاد في نظر المتابعين قبل انطلاقة الموسم الجاري. فما الذي ميز برشلونة أكثر في حضور فابريجاس وسانشيز؟ فابريجاس من عينة برشلونة، ضعه على الجناح سيظهر كأن موطنه الأصلي طرف الملعب، اجعله يتمركز في العمق سيصبح أفضل صانع لعب في العالم، اطلب منه الرجوع للخلف سيدافع وبفاعلية المدافعين. لهذا أضاف برشلونة لنفسه عنصرا جديدا من اللاعبين الاستثنائيين الذين يجعلون اعتماد المنافسين على أساليب دفاعية بلا معنى لأن البلوجرانا أصلا لا يملك اسلوبا هجوميا ثابتا في ظل تنوع ملكات كل لاعب. جوسيب جوارديولا العقل المفكر لبرشلونة يقول: "هناك عدد محدود من اللاعبين في العالم يستطيعون أداء خمسة أو ستة أدوار في الوقت نفسه، فابريجاس من هؤلاء. أغلب فريقي من هؤلاء". وزاد وجود فابريجاس من قوة برشلونة الكاسحة لأن جوارديولا وجد فيه مالم يكن يتوقعه أحد: اللاعب القادر على شغل دور المهاجم الوهمي.
مركز المهاجم الكاذب أو اللاعب رقم 9,5 كما يصفونه، والذي شغله ميسي في الموسم الماضي، يستطيع فابريجاس تحمل مسؤولياته دون مشكلة كما ظهر في مباراة بورتو. وهذا يعني مزيدا من الحرية لميسي، ما يعني أيضا مزيدا من المباغتة في هجمات برشلونة، ما ظهر بوضوح في أداء البلوجرانا أمام بورتو. وأفصح بيب "فابريجاس يجيد التحرك على حدود منطقة الجزاء، ويأخذ أماكن طيبة لرفاقه، لذلك توقعت نجاحه في هذا الدور وقد أثبت حسن تقديري". ويعقب فابريجاس "لست مهاجما كليونيل ميسي، لكني أعمل ما في وسعي لتنفيذ المطلوب مني. أحتاج لوقت حتى أتعلم كيف أنصهر مع رفاقي الجددي خاصة أن برشلونة مختلف". وأوضح سيسك ذو ال24 عاما "في برشلونة الواجبات الدفاعية أكثر برغم أن موقعي هجومي بشكل أكبر، سأتعلم الكثير هنا لكني أيضا أهدف لإثبات أني أفضل مما توقعه الجميع". ولأن وجود فابريجاس قد يعني جلوس أحد السحرة على مقاعد البدلاء، تردد عبر وسائل الإعلام الإسبانية أن جوارديولا يفكر في وضع بصمة جديدة على خطة برشلونة تجعل مشاركة جميع الاستثنائيين ممكنة. فقد ظهرت تقارير تشير لتفكير بيب في اللعب بقلب دفاع واحد هو جيرارد بيكي، على أن يتمركز لاعب الوسط المدافع سيرخيو بوشكتس بشكل أكثر قربا للخط الخلفي للمساعدة ان احتاج الأمر. وهذه الخطوة تأتي في ظل إصابات قلب الدفاع كارليس بويول المتكررة، وحتى يشارك بيدرو مع بيا وميسي وإنيستا وشابي وينضم لهم فابريجاس في الوقت نفسه. وقد استند التقرير على أن جوارديولا اختبر تلك الطريقة عدة مرات خلال الموسم الماضي خاصة حينما كان برشلونة يتأخر في النتيجة، فيسحب بيب مدافعا ويشرك مهاجما لقلب النتيجة على رأس منافسيه. أما لو لم يحدث ذلك، فإن وجود فابريجاس على مقاعد البدلاء يمنح جوارديولا على الأقل ميزة التبديل الذي يغير نتيجة المباراة بعكس الموسم الماضي الذي افتقد فيه المدرب الشاب للدكة القوية. وهذه النقطة تعد أهم مميزات التعاقد مع سانشيز الذي يملك من السرعة والمهارة ما أحال حياة مارسيللو ظهير ريال مدريد في لقاء الذهاب جحيما. وقدوم سانشيز جاء بعدما لم ينصهر إبراهيم أفالاي سريعا مع البلوجرانا، ليصبح أمام بيب العديد من الخيارات القوية. أما نقطة ضعف برشلونة الوحيدة في الموسم الجديد فهي نقص عدد المدافعين في الفريق، واعتماد جوارديولا على فكرة توظيف لاعبين في غير مراكزهم لعلاج هذا النقص. فبرشلونة لا يملك من يمكنه شغل مركز الظهير الأيمن لو غاب داني ألفيش، ويعتمد على بويول كتوظيف بديل، والأمر نفسه يخص مركز قلب الدفاع الذي يتبادل عليه خافيير ماسكيرانو وبوشكتس وإريك أبيدال. وفي المباريات الكبرى مثلما حدث أمام ريال مدريد، ارتكب ماسكيرانو بعض الهفوات التي تقلص نوعا ما صورة "الفريق المرعب" التي يستدعيها الذهن حين يتذكر اسم برشلونة.