أزعم أن أحد أسباب فوز الأهلي بالدوري هو إصابة محمد شوقي ووضع حسام غالي في منتصف الملعب برؤيته الجيدة وقدرته على التمرير وفتح المساحات في دفاعات الخصوم.. وأزعم أيضا أن عودته لعبت دورا في خسارة الفريق الأحمر أمام الترجي في تونس. هذا ليس تقليلا من شوقي ذو المل0كات الدفاعية الممتازة، لكن اجتماعه مع حسام عاشور يعيق هجمات الأهلي لأن الثنائي يفتقد لمن يستطيع التمرير للأمام وفك شفرات دفاع الخصم ولعب كرات بينية تقتل تمركزه. وهذا فيديو من مباراة الاهلي واتحاد الشرطة توضح أن شوقي وعاشور لا يجيدان التمرير للأمام: مع عودة جوزيه كان الأهلي بطيئا في وجود شوقي مع عاشور، لكن مع إصابة الأول وعودة غالي للوسط استعاد الفريق حيويته لأن حسام منح الشياطين سلاح البينيات التي ضربت التكتلات الدفاعية للخصوم. وهذا فيديو لغالي من مباراة إنبي والتي كان بطلها حسام ببينياته المميزة: ووجود شوقي مع عاشور أمام الترجي، مضافا إليهما شهاب أحمد وصانع لعب بطيئ مثل أبو تريكة ومهاجم غير قوي بدنيا كمتعب قتل حظوظ الأهلي في تهديد مرمى الترجي ومنح أهل تونس فرصة الفوز. وهذه لقطة لعقم هجوم الأهلي أمام الترجي وتناقل للكرة دقيقتين دون عبور مدافع من الفريق التونسي: وأعلم أن القراء ليسوا بحاجة لمن يخبرهم بأن جوزيه بالغ في الحذر وأن جدو أهدر فرصة الفوز، أو حكيم يؤكد لهم أن المدرب البرتغالي عبقري لكن له أخطاء كأي بشري آخر. فقط ما يمكن إضافته عن المباراة أن الأهلي لم يجد قراءة خصمه، لم يراقب أسامة الدراجي ولم يستغل وجود جناح هجومي مثل صامويل أفوم في مركز الظهير الأيسر. ونتيجة ذلك أن الآية انعكست، وبدلا من أن يهدد الأهلي جبهة الترجي اليسرى، هدد الفريق التونسي أحمد فتحي طوال المباراة، في الوقت الذي تلاعب فيه الدراجي بالدفاع الأحمر، فخرج التونسيون منتصرون. إلا أني أعتقد أن الخطة في حد ذاتها جيدة، فقط توقيت استعمالها وأبطالها كانا السبب في خروجها مهترئة بهذا الشكل.. والمخضرمون منكم يعرف أن طريقة اللعب نفسها نجحت أمام الصفاقسي في النهائي الشهير. لذلك سأستغل استخدام جوزيه لبعض التيمات الخططية في مباراة الترجي، لتوضيحها وإبراز مميزاتها وما افتقده الأهلي منها ليفوز على مضيفه التونسي، عله لن يكرر تلك الأخطاء مجددا. وسنركز على أربعة محاور: متى تلعب بثلاثي ارتكاز، وكيف تستفد من براعة صانع لعب يعيبه الافتقار للسرعة مثل زيدان وتريكة، ومن هو المهاجم محطة اللعب، وأحمد السيد. متى يلعب فريق بثلاثي ارتكاز؟ أريجو ساكي المدرب الإيطالي الشهير قدم فكرة الاكتفاء بارتكاز وحيد ذو صبغة دفاعية حتى يضع ثنائي قلب وسط متقدم يضغط أكثر على الخصم فيما سمي بعد ذلك باسلوب الجوهرة 4-1-2-1-2، ومميزاتها: 1) حماية أكثر لعمق الدفاع هذه الحالة تنطبق أكثر على من يلعب بأربعة مدافعين إذ يصبح وجود ارتكاز دفاعي أول موجود حماية أكبر للعمق. وهذه الحالة لا تنطبق على الأهلي الذي يلعب بثلاثي دفاعي، إضافة إلى أن أحد أفكار جوزيه الحديثة هي عدم استخدام ليبرو صريح بل وضع أحمد السيد ووائل جمعة وحسام غالي على خط واحد. 2) استرجاع أسرع للكرة من الخصم أحد الحيل الذكية حين تواجه فريقا لا يجيد الاحتفاظ بالكرة في وسط الملعب أن تضع ثلاثي ارتكاز أحدهما يتكفل بالمهام الدفاعية والتغطية الطبيعية، والثنائي الآخر يقف متقدما لضغط الخصم أكثر في الوسط. وهذه الحيلة تنجح جدا في استرجاع الكرة بسرعة أكبر من الخصم وحرمانه من أن يبدأ هجماته، وهو ما صرح به مورينيو تفسيرا لاستخدامه هذه الخطة في مباراة ريال مدريد وإسبانيول العام الماضي. لكن هذه الفكرة لا تنطبق أيضا على مباراة الترجي كون الفريق التونسي يملك لاعبين يجيدون الحفاظ على الكرة تحت الضغط، كما أن شهاب كان بعيدا عن حالته وضغطه كان رديئا بطيئا على خصومه. 3) مراقبة جناح مهاري في مباراة إنتر ميلان وبرشلونة الشهيرة والتي فاز بها الفريق الإيطالي، استخدم مورينيو ثلاثي ارتكاز لغلق المساحات أمام ميسي الذي يتحرك من الجناح للعمق. فالجناح المهاري مثل ميسي يتسلم الكرة ويراوغ الظهير الذي يراقبه بدخوله للعمق ثم يمرر أو يسدد، لكن أمام إنتر كان يجد دوما تياجو موتا في وجهه يمنعه من التصرف السليم بالكرة. وهذه الحالة أيضا لا تنطبق على مباراة الترجي لأن الفريق التونسي اعتمد على صانع لعب صريح يتمركز في العمق هو أسامة الدراجي. 4) التحكم في إيقاع اللعب التحكم في إيقاع اللعب يحدث بأن تسيطر على الكرة فترة طويلة، وأحيانا يكون الفريق غير راغب في الهجوم، هو فقط يود لو منع خصمه من التمرير. ويحتاج الفريق للتحكم في إيقاع اللعب لنوعية معينة من اللاعبين في وسط الملعب يشكلون ثلاثي ارتكاز الوسط، وأفضل من يطبق هذا الاسلوب في العالم هو ميلان الإيطالي. جماهير ميلان لم يصدقوا في 2007 كيف نجح الفريق بكل عواجزيه في الفوز على مانشستر يونايتد الذي امتلك وقتها شبابا سريعة جدا مثل روني ورونالدو. الفضل في فوز ميلان عاد إلى وجود ثلاثي ارتكاز نجح بعدم فقدانه الكرة وتمريرها بشكل صحيح في إبطاء إيقاع اللعب وإجبار مانشستر على اللعب بدون سرعة، ففقد الإنجليز أهم مميزاتهم. ولتحقيق ذلك يجب أن يشكل ثلاثي الارتكاز لاعبون منهم من يجيد تسليم الكرة وتسلمها بشكل صحيح، وآخر يملك طاقة كبيرة تمكنه من أداء دورا دفاعيا، بالإضافة إلى قدرة على التمرير السليم أيضا. كلارنس سيدورف وأندريا بيرلو كانا أصحاب الفضل في احتفاظ ميلان بالكرة واكتمل المثلث بطاقة جينارو جاتوزو ففاز الروسونيري على مانشستر. أما في مباراة الترجي، فلا حسام عاشور ولا محمد شوقي يملكان القدرة على التمرير بشكل سليم تحت الضغط، وشهاب لم يملك الطاقة للتحرك بطول الملعب كون اللاعب بعيدا جدا عن لياقة المباريات. أيضا لو أراد فريق يستخدم ثلاثي ارتكاز أن يصنع فرصا تهديفية يجب أن يتواجد لاعب يجيد إرسال بينيات طولية قاتلة مثل بيرلو في ميلان وشابي ألونسو في ريال مدريد، وحسام غالي حين يشغل وسط الأهلي. لكن غياب غالي عن الوسط قلص كثيرا من قدرات الأهلي الهجومية. 5) منح حرية زيادة لظهيري الجنب هجوميا وجود ثلاثي ارتكاز يمنح ظهيري الجنب فرصة أكبر وحرية أفضل للتقدم هجوميا، لكن في مباراة الترجي لم يصنع سيد معوض هجمة يتيمة لا هو ولا أحمد فتحي فترة اجتماع عاشور وشوقي وشهاب في الوسط. ولفهم تلك الحالات أكثر: صانع ألعاب بطيء زين الدين زيدان لم يكن في أفضل حالاته قبل أشهر قليلة من مونديال 2006 وظهر مع ريال مدريد كأنه نسي الكرة وتأكد اللاعب والنادي الملكي أن وقت اعتزال اسطورة فرنسا الثانية قد حان. لكن اللاعب الرائع ظهر كأنه في ال25 من العمر مع حلول المونديال، والسبب أن منتخب فرنسا أمن له المتطلبات اللازمة لنجاح صانع لعب لم يعد رشيقا كما كان. يحتاج صانع اللعب غير السريع لأكثر من لاعب يتحرك بدون كرة حتى يفتحون له الفرصة لاستغلال قدراته في التمرير وحتى لا يصبح مجبرا على الركض بالكرة وهو مفتقد للرشاقة والسرعة في حركاته. أبو تريكة أمام الترجي كان مطالبا بأن يظهر رشيقا كأنه في العشرينات لأن متعب في أحضان دفاع الترجي وثلاثي الارتكاز لا يزيد هجوميا وبالتالي على القديس أن يركض بالكرة لأنه لن يجد من يمررها له للأمام. أما حين اشترك جدو فقد وجد أبو تريكة من يتحرك دون كرة وبالتالي بات هو في غير حاجة للركض، وبدأ يستخدم أهم أسلحته وهو التمرير الذكي والمتقن في عمق دفاعات الخصم. دائما على جوزيه أن يضع أبو تريكة في ظروف تلائم حالته البدنية، ويجب دوما أن يساعده جدو أو السيد حمدي بالإضافة إلى عماد متعب. محطة اللعب متعب ليس محطة لعب، بدليل أنه في مباراة الترجي لم يحفظ الكرة تحت قدميه من أقدام مدافعي الترجي التونسي لأكثر من ثانيتين. المهاجم محطة اللعب هو من يقف على الكرة حتى يمنح رفاقه فرصة التحول من وضع دفاعي إلى آخر هجومي، وأفضل من يقوم بهذه الأدوار المهاجمين الكلاسيكيين أصحاب القامات الفارعة والقوة الجسمانية. وكان الأهلي في أمس الحاجة للاعب مثل مايكل إينرامو او جوزيف نيانج يجيد الوقوف على الكرة ويملك من السرعة ما يتيح له الركض بالكرة بعيدا عن مراقبيه، حتى يصله الدعم من الوسط وتستمر الهجمة. أما متعب فمهاجم مهاري وذكي ويتحرك جيدا لكنه ليس محطة لعب قوية، وعلى النادي الأحمر التعاقد مع من يقوم بهذا الدور بدلا من إضافة مهاجمين ليسوا في الحقيقة مهاجمين مثلما حدث مع جدو والسيد حمدي. أحمد السيد من الحب ما قتل، وجوزيه يحب أحمد السيد والمعتز بالله إينو كما كان يحب أحمد أبو مسلم دون رضا كبير من جماهير الأهلي، والمباريات تثبت مع الوقت أن الجماهير الحمراء على حق في تعجبها من هذا الحب. شاهدوا أحمد السيد أمام إنبي وكل هجمات الفريق البترولي من خلف قلب دفاع الأهلي: أخيرا، وكما تحسب الإنجازات دوما لعبقرية المدرب البرتغالي للشياطين، فهذه المرة هو أكثر من يجب أن يتحمل اللوم في نتيجة الأهلي أمام الترجي لأن المباراة عنوانه الأبرز من وجهة نظري خسارة جوزيه.