برغم العرض الجيد للفريق الأحمر طوال شوطي ذهاب نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا، قلص هدف الترجي الذي سكن شباك شريف إكرامي الكثير من قيمة فوز الأهلي. فالضيف التونسي لن يظهر بالمستوى الهجومي الضعيف الذي قدمه في الذهاب، حين يلعب على أرضه ووسط جماهيره، ووقتها قد يدفع الأهلي ثمن الهدف الذي سجله أسامة دراجي. الترجي لعب بتشكيل غلب عليه الطابع الدفاعي، وجلس بجوار المدرب فوزي البنزرتي العديد من الأوراق الهجومية الجيدة، التي بالتأكيد ستشارك في الإياب وتزيد حياة الأهلي صعوبة. وصحيح أن إكرامي وراء هدف الترجي عمليا، لكن كذلك على حسام البدري المدير الفني للأهلي إدراك أن هناك مشكلة تركيز تمنع فريقه من إنهاء مباراة دون أن تهتز شباكه. الأهلي خاض سبع مباريات في دوري أبطال إفريقيا، ولم يحقق فوزا واحدا من دون أن تهتز شباك شريف إكرامي، وبالتأكيد هذا ليس من قبيل الصدفة. لذلك حتى يتأهل الأهلي إلى النهائي ويعبر حاجز تونس، على البدري التعامل مع ثلاثة أسئلة تتعلق بالتركيز وبمشاكل توليفة الفريق هجوميا، وأخيرا ماذا تتوقع من الترجي في العودة؟ تركيز الأهلي الهدف لم يأت لأن الترجي كان الأفضل وقتها، ولكن لأن الأهلي فقد تركيزه لفترة، بدليل حصول الفريق التونسي على أكثر من ركلة حرة على حدود منطقة الجزاء المصرية وقتها. بداية، فقدان الأهلي لتركيزه فترة بسيطة تتراوح بين خمس إلى عشر دقائق منطقي لأنه بذل الكثير من الجهد في الشوط الأول، واعتمد على تشكيل هجومي جدا. لكن في الوقت نفسه، الفريق الكبير عليه كيفية التصرف حين يشعر بالإرهاق، حتى لا يترك خصمه ينعم بالكرة، ويستفيد منها مثلما حدث في لقاء الأهلي والترجي. حين تشعر بأنك مجهد، يجب عليك النزول بإيقاع اللعب، والتحكم فيه، مثلا يمكنك أن تطالب أفضل لاعبيك قدرة على التمرير السليم بالتراجع أكثر في الوسط، أو أن ترمي بالكرة إلى الجناحين بعيدا عن منطقة جزاء فريقك وهكذا. مثلا يدخل محمد بركات لعمق الملعب حتى يكون ظاهرا أكثر لرفاقه من المدافعين، ووقتها لا يفقد الأهلي كرته ويمنحها للترجي عن طيب خاطر كما حدث.
كذلك لو دخل بركات للعمق بجوار أبو تريكة، وحصل أحدهما على الكرة، سيكون باستطاعته الركض بها حتى الجناح، والحصول على أخطاء تعطل اللعب حتى يسترد الأهلي عافيته. أخيرا في هذا الشق، فإن أحد أسباب فقدان الأهلي لتركيزه هو مشاركة محمد شوقي بدلا من شهاب الدين أحمد، سواء حدث ذلك بفكر من البدري أو بسبب إجهاد أو أصابة الثاني. شوقي يبدو بعيدا تماما عن حالته، ليست البدنية فقط، ولكن الذهنية كذلك، وهذا ما ساهم في فقدان الأهلي سيطرته على وسط الملعب التي كانت أهم مميزاته في وجود شهاب. التوليفة الهجومية ظهور الأهلي بشكل مميز في مباراة الترجي يرجع للثنائيات التي اختارها البدري، فقد كانت موفقة بشكل كبير. فوجود شهاب الدين أحمد الذي يجيد التمرير والتقدم بكرته مع حسام عاشور جاء نموذجيا للأهلي، وأفضل طبعا من أن يشارك ثنائي دفاعي فقط مثل شوقي مع عاشور. كذلك وجود فرانسيس دو في خط الهجوم مع محمد فضل، ساهم في فتح مساحات كثيرة للأهلي في دفاع الترجي التونسي. لأن فرانسيس وإن كان غير فعال بعد، لكنه (دينامو) يتحرك كثيرا ويضغط خصمه دوما، ويفتح مساحات بتنقلاته بين الجناحين ومنطقة جزاء الترجي. وهنا تجدر الإشادة بالبدري في تحركات فرانسيس وراء الظهير الأيمن للترجي كثيرا، والذي ظهر كحلقة ضعيفة في الدفاع التونسي، ما منح محمد بركات حرية في التقدم. فقط ما يلام على البدري أنه لعب المباراة بلا لاعب أعسر يستطيع تسريع الهجمات من الجناح الأيسر مثل أحمد شكري، بدلا من أن يقف بركات أو شريف أو حتى فرانسيس ويقف أمام خصمه لعدل الكرة على يمينه، فيتفادى الدفاع التونسي العرضيات المباغة، ويتمركز في تلك الفترة بسهولة. السؤال الثالث هنا، هل يلعب البدري بالتوليفة ذاتها امام الترجي في تونس بعدما نجحت باستاد القاهرة؟ الإجابة بعد مشاهدة الترجي ربما تكون بنعم، بعدما ظهر الفريق التونسي مفكك هجوميا وبلا أنياب برغم قوة مايكل إينرامو وسرعة أسامة دراجي.
لقاء الإياب لكن في الحقيقة الترجي سيظهر أقوى كثيرا في الهجوم على ملعبه، ودفاعه برغم أنه لم يكن رائعا إلا أنه لم يرتكب هفوات كبيرة، وخرج في خمس مباريات بشباك نظيفة خلال البطولة. لن يستطيع الأهلي خوض المباراة بثنائي في خط المقدمة وبجناح وصانع لعب ويعتمد فقط على ارتكازين لتأمين كل هذه الأوراق الهجومية. لكن أيضا ليس ذكيا أن يخوض الأهلي الإياب بثلاثي ارتكاز إلا لو عاد سيد معوض للفريق الأحمر، لأنه وقتها مع شريف عبد الفضيل سيشكلان جبهتين قويتين هجوما. أما بخلاف ذلك، وفي غياب ظهير هجومي يجيد إرسال عرضيات قوية، فإن اسلوب ثلاثي الارتكاز ينفذ في ثلاث حالات، الأولى أن يكون خصمك مهاجما جدا، وهذا لن يحدث. الحالة الثانية ان يكون الأهلي متفوقا بفارق أكثر من هدف، وبالتالي يلجأ لدفاع مستميت مثلما فعل إنتر ميلان في مباراة الإياب بالموسم الماضي أمام برشلونة بدوري أبطال أوروبا. الحالة الثالثة أن يكون خط وسط منافسك ضعيف ولا يجيد الاحتفاظ بكرته تحت الضغط، وقتها لو شارك ثلاثي ارتكاز سيستخلص الكرة بسهولة ويحرم الفريق المنافس من السيطرة. وهذا أيضا غير متوافر لأن وسط الترجي فيه مهارات ويجيد الاحتفاظ بكرته بشكل جيد جدا. لذلك الأنسب لمباراة الإياب هو تقليل عدد المهاجمين وتكثيف وسط ملعب الأهلي ولكن بلاعب ذو قدرات هجومية، حتى ينخفض إيقاع اللعب ويصبح الدفاع الأحمر غير مطالب بالتقدم كثيرا للضغط أو خوض لقاء سريع. العيب فقط هنا أن الأهلي لا يملك المهاجم الذي يجيد اللعب وحيدا، وربما الحل هو استخدام محمد طلعت كمهاجم متأخر بحيث يمنح الفريق الأحمر التنوع الخططي دفاعا وهجوما. عموما هذه فقط مجرد خطوط عريضة فيما يخص مباراة الإياب، وإن شاء الله أقدم تحليلا خاصا بالترجي قبل اللقاء الذي سيحسم هوية المتأهل إلى نهائي دوري الأبطال. أخيرا، الإشادة يجب أن تكون نصيب وائل جمعة وأحمد فتحي وشريف عبد الفضيل وشهاب الدين أحمد عن عرضهم المتميز أمام الترجي، والمفاجأة: أحمد السيد.